نشأته وتطوره وأشخاصه
ومصادره
1-
الإرهاصات
الأولى لنشوء قواعد القانون الدولي العام.
الإرهاصات الأولى هي الحروب والسفراء
للتفاوض أو لعقد الهدنة أو لتبادل الأسرى، التجارة وقواعد التحكيم، ثم ظهور المعاهدات
بين المجتمعات القديمة.
2- أثر الشريعة الإسلامية ودور الفقهاء المسلمين في نشوء
وتطور قواعد القانون الدولي العام.
اهتم الفقهاء بالسير أو الجهاد والسير هي طرق التعامل مع غير المسلمين
وبيان ما لهم وما عليهم في السلم والحرب – أي بيان أسس العلاقات الدولية بين
المسلمين وغيرهم.
وقد قسم الفقهاء البلاد إلى دار سلم، وهي التي تطبق فيها الشريعة وخاصة
بالمسلمين باعتبارهم امة واحدة، ودار حرب وهي لا تطبق فيها أحكام الشريعة. وقد وضع الإسلام قواعد دولية عديدة فحرم العدوان، ولم يجز استعماله إلا
بقيود وضمانات، وقرر الإنذار المسبق للعدو قبل الحرب، كما قرر حماية الإنسان
والعيان المدنية خلال المنازعات الدولية وحقوق الإنسان، فقرر عدم الظلم وإمكانية
تسليم المجرمين بشروط واحترام حقوق الإنسان.
3- القانون الدولي
التقليدي:
نشأ مع ظهور عوامل الضعف والانحلال في الامبراطورية الرومانية الجرمانية
المقدسة. وتعد معاهدة وستفاليا التي انهت حرب الثلاثين سنة بين الدول الأوروبية
نقطة انطلاق في تاريخ قواعد القانون الدولي التقليدي لأنها أكدت هزيمة البابا والإمبراطور
وأرست الشرعية الدولية للدول الأوروبية الحديثة، كما أنها أرست نظاما سياسيا
للقارة الأوروبية يقوم على التعايش بين كل المذاهب المسيحية. وقد اتسم القانون
الدولي التقليدي بعدة سمات:
- التركيز على:
أ-
مبدأ سيادة
الدولة،
ب- التمسك بمبدأ المساواة بين الدول،
ت- الاحتفاظ بحق الدولة المطلق في شن الحروب والعدوان لأنه مظهر من مظاهر
سيادتها المطلقة،
ث- قلة عدد الدول الأعضاء في المجتمع الدولي.
4-القانون الدولي
المعاصر:
تعد الحرب العالمية الأولى نقطة تحول بارزة في تاريخ القانون الدولي
ومسار العلاقات الدولية بسبب الخسائر الفادحة المادية والبشرية لتلك الحروب حيث
بدأت الدعوة لمراجعة الأفكار والقيم السائدة مثل السيادة الكاملة للدول علي الصعيد
الدولي دون قيد وحق الدولة المطلق في شن الحروب والعدوان، مما أدى إلى وجود قواعد
جديدة مثل الحد من سيادة الدولة علي الصعيد الدولي وتقيد سيادتها بحدود القانون.
وكذلك تعديل كثير من قواعد القانون الدولي التقليدية مثل حق الدولة المطلق
في شن الحروب حيث بات الأصل حظر استخدام القوة في العلاقات الدولية
والاستثناء هو استخدامها مثل حالة الدفاع الشرعي مع تقييده بالعديد من القيود.
كما نسخت قاعدة شرعية الاستعمار فقضي بعدم شرعيته وحكم بتصفيته وإلغائه، ومراعاة
الأبعاد الإنسانية والاجتماعية في أحكام القانون الدولي، وكذلك الاهتمام بالإنسان
حيث وجدت الجرائم ضد الإنسانية ومنع التمييز العنصري وخطف الطائرات وحماية التراث
المشترك للانسانية وشرعية حركات التحرر الوطني وحق تقرير المصير، كما زاد المجتمع
الدولي عددا حيث 213 دولة، وظهرت المنظمات الدولية والشركات متعددة الجنسيات
وحركات التحرر الوطني.
ماهية القانون الدولي وطبيعته: يعتبر من أهم فروع القانون العام، فهو
القانون العام الخارجي وتعريفه غير مستقر.
5- تعريف القانون الدولي العام:
تعددت تعريفاته نظرا للتطورات العديدة التي طرأت عليه سواء من حيث
الموضوعات أو الأشخاص، ويعرف بأنه "مجموعة
القواعد القانونية التي تحكم العلاقات بين أشخاص القانون الدولي".
القانون الدولي العام والقانون الدولي الخاص:
رغم أن أنهما يشتركان في صفة الدولية إلا أنهما يختلفان، بحيث أن القانون الدولي
العام فرع من فروع القانون العام (الخارجي) تضع أحكامه الإرادة الدولية، أما الخاص
فهو من فروع القانون الخاص يضعه المشرع الوطني.
يختلفان من حيث الموضوع: فالقانون الدولي العام موضوعه العلاقات الدولية وأشخاصه
الدول والأشخاص الدولية الأخرى، أما القانون الخاص، فموضوعه العلاقات بين الأشخاص
الطبيعيين أو الاعتباريين الخاضعين للقانون الخاص ويكون أحد عناصره أجنبي مما يؤدي
إلى تنازع القوانين. والقانون الخاص هو "مجموعة
القواعد الوطنية التي تحدد جنسية الأشخاص التابعين للدولة ومركز الأجانب فيها
والحلول الواجبة التطبيق في حالة تنازع الاختصاص القضائي أو تنازع
القوانين".
6- طبيعة القاعدة القانونية وأساس الالتزام فيها:
قيل إنها تفتقر الصفة القانونية لأن هذه الصفة تحتاج إلى سلطة تشريعية تضع
القانون, وقيل إنها قاعدة قانون كاملة لأن القاعدة القانونية في معناها العام تنظيم
لسلوك المخاطبين بأحكامها وإدراكهم لأهمية هذا التنظيم ويضفي عليه احتراما بسبب
شعور المخاطبين بالقوة الملزمة لهذه القاعدة ولا يشترط لها الكتابة، كما أنها ليست
دائما معبرة عن إرادة المشرع، حيث قد يكون موضوعها العرف الداخلي أو الدولي.
7-
أساس الالزام في القاعدة الدولية:
مذهب شخصي، أي إرادة الدول، وموضوعي أي حاجة الدول إلى التنظيم.
8- القواعد الآمرة في القانون الدولي:
يري البعض أن قواعد القانون الدولي قواعد رضائية فلا يمكن أن تستمر إلا
برضاء الدول، فهي لا تعلو على إرادة الدول، والواقع أن هناك خلط بين تكوين القاعدة
وطبيعة القاعدة ودرجة الالزام فيها. فتكوين ومصدر القاعدة لا يكون إلا برضاء الدول،
أما بعد تكوينها فتكون ملزمة وفقا للدرجة التي تحددها ذات الإرادة التي كونتها.
9- معيار القواعد الآمرة :
معيار لفظي أو معيار الصياغة كما لو نصت الاتفاقية مثلا على أن قاعدة معينة
هي قاعدة آمرة، وبجانب هذا المعيار يوجد المعيار الموضوعي وبحسبه تعتبر القاعدة
الدولية آمرة إذا كانت تتعلق بالنظام العام الدولي أو من إجل مصلحة الجماعة
الدولية كقاعدة تحريم الرق وحرية أعالي البحار ومبدأ المساواة بين الدول.
وإلى جانب القواعد الآمرة، توجد القواعد المكملة وهي التي تترك مجالا لحرية
الأفراد في اتباعها، كرسم الحدود البحرية في حالة الشواطئ المقابلة واستحالة
استيفاء الحد المسموح به دوليا، فيكون بالاتفاق وعند الاختلاف يكون خط الوسط هو
الخط الفاصل.كما هو الحال فيما يخص دول البحر الأحمر. والمرجع عند الاختلاف في
تحديد القاعدة القانونية هو القاضي الدولي.
10- مصادر القانون الدولي:
أشارت إليها المادة 38 من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية وهي:
أ-
الاتفاقات
الدولية العامة والخاصة التي تضع قواعد معترف بها صراحة من جانب الدول المتنازعة.
ب- الأعراف والعادات الدولية المرعية.
ت- مبادئ القانون التي أقرتها الأمم المتحدة.
ث- 4-أحكام المحاكم ومذاهب كبار المؤلفين في القانون الدولي العام (كمصدر
احتياطي).
11-
المبادئ العامة للقانون:
هي المبادئ التي أقرتها الدولة المتمدنة أو المبادئ التي تقرها وتعترف بها
معظم الأنظمة القانون لمختلف الأمم. ويشترط لها أن تعترف بها الأمم المتمدنة كما
لو أقرتها صراحة في قانونها الوطني أو تبنتها محاكمها الوطنية. وكلمة المتمدنة لم
يعد لها أهمية ولذا يجب أن يعبر عنه بالمدنيات الكبرى والنظم الرئيسية في العالم
المشاركة في ميثاق الأمم المتحدة.
12- أشخاص القانون الدولي العام:
وهم المخاطبون بالقواعد القانونية الدولية. وفي ظل القانون الدولي التقليدي
اعتبرت الدولة هي الشخص الدولي الوحيد, وفي ظل القانون الدولي المعاصر لا تزال
الدولة هي أهم أشخاص القانون الدولي العام على الرغم من ظهور المنظمات الدولية
وزيادة الاهتمام بالفرد.
- الدولة: هي أهم أشخاص القانون الدولي العام، ويمكن تعريف الدولة بأنها "مجموعة من الأفراد يقيمون بصفة دائمة على
إقليم معين ثابت وتحكمهم سلطة ذات سيادة"، ولها عناصر ثلاثة، الشعب والإقليم
والسلطة ذات السيادة، كما يعرفها فقهاء الإسلام بأنها ما دخل من البلاد في نطاق
سلطة الإسلام ونفذت فيه أحكامه وأقيمت فيه شرائعه.
وأهم عامل يقوم عليه التجمع البشري (الدولة) هو التعايش على وجه الاستقرار
لرغبة في ذلك بين أفراده.
- أركان الدولة أربعة: الشعب والإقليم والسلطة ذات السادة (الفعلية برأي
بعض الفقهاء)، ويضيف إليها البعض الاعتراف.
أولا: الشعب: وهو العنصر الأساس والأهم في الدولة، إذ لا يتصور وجودها بدون
مواطنين يرتبطون معها برابطة الجنسية وما يترتب على ذلك من حقوق وواجبات
للمواطنين. الحقوق: كالحماية الدبلوماسية، وحق تولي الوظائف العامة، وحق الترشيح
والانتخاب، أما الواجبات، فكالولاء والمساهمة في الأعباء العامة في الدولة. ولا
يشترط في عنصر الشعب عدد معين سواء كان بالآلاف أو الملايين أو المليارات.
الشعب والأمة: يختلف في المفهوم: فالشعب يقوم على أساس توافر رابطة سياسية
وهي الجنسية في حين أن الأمة تقوم علي رابطة معنوية أساسها اشتراك أفرادها في
عناصر كثيرة أهمها الأصل أو العرق أو اللغة والدين أو كلها.
ثانيا: الإقليم: وهو مساحة الأرض التي يعيش عليها الشعب وما يتبعها من فضاء
جوي ومياه البحر (البحر الإقليمي) أو الحيز الجغرافي الذي يحيا عليه الشعب وتمارس
فيه الدولة مظاهر سيادتها. ولا يشترط أن يكون متصل الأجزاء فقد يتكون من عدة أجزء
أو أجزاء متباعدة كاليابان وأندونيسيا، كما لا يهم مساحة الإقليم ولكن يجب أن تكون
محددة وثابتة، وهو عنصر أساس في الدولة، إذ لا يتصور سكان بدون إقليم ولا أي كيان
سياسي مستقل بدون إقليم.
وعلاقة الدولة بالإقليم هي علاقة وظيفية، فحق الدولة على إقليمها هو حق
وظيفي يخولها مباشرة جميع الاختصاصات والتصرفات للمحافظة على كيان الدولة
واستمرارها وهو سبب وجودها.
الاعتراف: وهو عنصر يضيفه بعض الفقه لأركان الدولة: وهو إعلان تقبل
الدولة بموجبه دولة أخرى في المجموعة الدولية وتقر لها بالحقوق والامتيازات
اللصيقة بالسيادة.
الطبيعة القانونية للاعتراف: اختلف الفقه حوله إلى نظريتين:
1-
نظرية
الاعتراف المنشئ أو التأسيسي: وتعني أن الدولة لا تصبح شخصا دوليا إلا بعد
الاعتراف، بها فهذا الاعتراف هو الذي يخلق شخصية الدولة وينشئها ويدخلها في حظيرة
المجتمع الدولي. ويعاب على هذه النظرية أنها تربط وجود الدولة بإرادة الدول الأخرى،
والواقع خلاف ذلك لأن معظم الدول وجدت دون شكلية الاعتراف كما أن الدول متساوية.
2- نظرية الاعتراف الكاشف أو الإعلاني: وتعني أن
الاعتراف لا يخلق الدولة وإنما يكشف فقط عن وجودها لأنها موجودة بالفعل فهو إقرار
بحقائق ثابتة وعدم الاعتراف لا ينال من وجود الدولة ولا يمنعها من ممارسة حقوقها.
ووظيفة الاعتراف هو تسهيل ممارسة الدولة لمظاهر السيادة خارج الإقليم. ويعاب على
هذه النظرية أن تهمل إرادة الدول ورضاها بقيام ووجود دولة أخرى في المحيط الدولي.
فهي تهمل طابع الرضائية في تكوين القانون الدولي.
والواقع أن الاعتراف ذو طبيعة سياسية أكثر منه قانونية، ولذا فهو يتعلق
أكثر بالواقع لا بالقانون لأن وجود الدولة مستقل عن الاعتراف بها وسابق عليه، فلا
يمكن طلب الاعتراف إلا إذا وجدت الدولة.
أشكال الاعتراف أو صوره نوعان:
1- صريح ويعني إعلان الدولة اعترافها بقيام دولة أخرى وعادة ما يتم في شكل
مذكرة رسمية تبلغ إلى الدول المعترف بها.
2- ضمني: وهو تصرف يعني الاعتراف دون مذكرات رسمية كتبادل العلاقات
التجارية أو الزيارات.
وقد يكون الاعتراف بنوعيه فرديا من دولة واحدة وقد يكون جماعيا من عدة دول
في مؤتمر أو اجتماع.
الاعتراف بالدولة والحكومة: الاعتراف بالدولة مستقل عن الاعتراف بالحكومة،
وعدم الاعتراف بالدولة يعني عدم الاعتراف بالحكومة أما عدم الاعتراف بالحكومة فلا أثر
له على شخصية الدولة وإنما يعني عدم الاعتراف بالنظام السياسي السائد وعدم التعامل
معه.
13- الأشخاص الدولية الأخرى:
الدولة ليست الشخص الوحيد المخاطب بالقاعدة القانونية الدولية، فهناك
المنظمات الدولية والفرد.
- المنظمات الدولية: تنقسم المنظمات الدولية إلى نوعين:
- النوع الأول: منظمات خاصة تنشأ بين هيئات وهي جماعات خاصة تنتمي إلي
جنسيات مختلفة وقد يكون لها تأثير على العلاقات الدولية بالتعاون مع الأمم المتحدة،
ومن أمثلة هذه المنظمات الاتحادات الدولية ومعهد القانون الدولي واللجنة الدولية
للصليب الأحمر. ورغم أن هذه المنظمات تمارس نشاطها على نطاق دولي، إلا أنها لا
تعتبر من أشخاص القانون الدولي وإنما تخضع للقانون الداخلي للدول.
- النوع الثاني: المنظمات الحكومية وهي التي تنشئها مجموعة من الدول على
سبيل الدوام بهدف الاضطلاع بشأن دولي، وتقوم على أساس اتفاقي بين الدول بموجب
وثيقة تأسيسية تتمثل في الغالب في معاهدة دولية يطلق عليها الميثاق أو العهد أو
النظام الأساسي. ويمكن أن تكون المنظمات الحكومية نتيجة قرار صادر من مؤتمر دولي
أو من منظمة دولية كما هو الشأن بالنسبة لمنظمة الأمم المتحدة للإنماء الصناعي
التي أنشئت بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة. ونشاط المنظمات الدولية قد
يكون دوليا عاما أم إقليميا، ومن أهم المنظمات العالمية الأمم المتحدة.
وقد أنكر بعض الفقهاء على المنظمات الدولية الشخصية الدولية واعتبروا
الدولة الشخص الدولي الوحيد، إلا أن هذا الموقف لم يستمر طويلا، إذ تغيرت النظرة
بداية القرن التاسع عشر واعترف للمنظمات الدولية بالشخصية الدولية. وقد أكدت ذلك
الأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية. وتتمتع الأمم المتحدة بكيان خاص مستقل عن
الدول الأعضاء فيها.
بالإضافة إلى المنظمات العالمية، هناك منظمات غير عالمية أو إقليمية وهي
التي تضم في عضويتها مجموعة من الدول على أساس جغرافي أو سياسي كجامعة الدول
العربية أو منظمة المؤتمر الإسلامي والاتحاد الأفريقي ومجلس التعاون الخليجي
واتحاد المغرب العربي.
- الفرد في القانون الدولي:
أثار اكتساب الفرد للشخصية الدولية وخضوعه لخطاب القاعدة الدولية الجدل:
فيرى البعض أن الفرد لا يوجه إليه خطاب القاعدة الدولية وبالتالي لا يكتسب الشخصية
الدولية، ويرى البعض الآخر أن الفرد يتمتع بالشخصية الدولية لأن القانون الدولي
يحكم علاقات الأفراد في منظمة سياسية تسمى الدولة والقانون هو لصالح الإنسان أي
الفرد.
والواقع أنه على الرغم من اهتمام القانون الدولي بالفرد، حيث يقرر له
الحماية بالعديد من القواعد، كمنع الرق والمخدرات وحماية الملكية الفكرية وحماية
الأقليات، كما يفرض عليه بعض الواجبات كتحريم القرصنة وخطف الطائرات وهو ما عرف
بالإرهاب الدولي، وأن الفرد يمكن له أن يدخل في علاقات دولية حماية لحقوقه مثل ما
تعطيه الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان من حق الفرد في مقاضاة الدولة أمام
الهيئات القضائية الدولية، إلا أن ذلك لا يضع الفرد في مستوى الدولة ولا يكتسب
الشخصية الدولية. فالدولة هي الفاعل الأول في العلاقات الدولية ثم تأتي المنظمات
الدولية بقدر أقل.
- الكيانات الأخرى في القانون الدولي:
هناك كيانات أخرى غير الدولة والمنظمات الدولية يمكن أن تدخل في علاقات
دولية، مثل بابا الفاتيكان وبعض الكيانات الدينية والسياسية في روسيا وأوروبا، مثل
سان مارين وليشتنستاين وموناكو واندرو وحركات التحرر الوطني والحكومات المؤقتة .
-بالنسبة للبابا له شخصية قانونية خاصة تمتعه من أداء رسالته الدينية
- وبالنسبة للكيانات الدينية والسياسية في روسيا وأوروبا فقد اعترف للكثير
منها بالشخصية الدولية على الرغم من وجود بعض الخلاف.
- وبالنسبة لحركات التحرر الوطني والحكومات المؤقتة فهذه الكيانات لا تتمتع
بشخصية قانونية مساوية للدول، وإنما لها وضع قانوني دولي يمكنها من التحرك دوليا
لتحقيق أهدافها.
14- المسؤولية الدولية:
الدولة كالأفراد قد تأتي أفعال مخالفة للقانون يترتب عنها مسؤولية دولية. وقد
أنكر البعض مسؤولية الدولة على أساس أن المسؤولية والسيادة لا يتفقان، إلا انه أصبح
من المسلم به عدم وجود السيادة المطلقة وأنه لابد أن يكون الشخص الدولي مسؤولا عن
تصرفاته.
- تعريف المسؤولية الدولية وأساسها:
تعرف المسؤولية الدولية بتعريفات كثيرة منها أنها " النظام القانوني
الذي تلتزم بمقتضاه الدولة التي صدر عنها عمل غير مشروع طبقا للقانون الدولي العام
بتعويض الدولة المتضررة". وتدور كل التعريفات حول وجود ضرر يلحق دولة من جراء
عمل غير مشروع من قبل دولة أخرى.
إلا أن القانون الدولي المعاصر لم يعد يتطلب أو يشترط لقيام المسؤولية
الدولية وجود ضرر يلحق دولة معينة وإنما يكفي أن تكون هناك مخالفة لأحكام القانون
الدولي تضر بالإنسانية كما هو الحال عند تلويث البيئة أو البحار العالمية، كما لم
يعد يشترط أن يكون الفعل غير مشروع وإنما قد يقوم مسؤولية الدولة عن عمل مشروع كما
هو الحال عند استخدام التجارب النووية في أعالي البحار.
- أنواع المسؤولية: يجب أولا استبعاد المسؤولية الجنائية على الرغم من أنه
كانت هناك محاولات عديدة لإقرار هذا النوع من المسؤولية في حق الدول إلا أن الأمر
انتهى إلى نسبة الجرائم التي ترتكب في المجال الدولي إلى الأفراد الذين يرتكبونها
دون أن تنسب إلى الدول، مثل الجرائم ضد الإنسانية وجرائم إبادة الجنس البشري وجرائم
الحرب. وقد أنشأت محكمة العدل الدولية لمحاكمة المتورطين في مثل هذه الجرائم كما
أنشأت المحكمة الجنائية الدولية لمحاكمة الأشخاص المتورطين في هذه الجرائم.
- ثانيا: يمكن أن تتنوع المسؤولية الدولية إلى عدة أنواع من عدة زوايا:
-من حيث الإلزام: تتنوع إلى مسؤولية قانونية (ملزمة) تترتب على إخلال
الدولة بأحكام القانون الدولي, وإلى مسؤولية أدبية (غير ملزمة) تترتب على إخلال
الدولة بواجب أخلاقي.
- من حيث العلاقة بين الفعل والضرر: تتنوع إلى مسؤولية مباشرة وهي التي
تنسب فيها التصرفات إلى الأجهزة التي تمثل الدولة (السلطات) والى غير مباشرة وهي
التي تنسب فيها المسؤولية إلى الأفراد المنتمون إلى الدولة (وهذا التقسيم محل
خلاف).
- من ناحية سبب الالتزام: تتنوع إلى مسؤولية عقدية وتقصيرية (ومن الصعب وضع
حد فاصل بين النوعين) ويمكن القول بأن المسؤولية الدولية مسؤولية تقصيرية، أي
نتيجة الإخلال بالتزام قانوني وليس بالتزام عقدي.
- أساس المسؤولية الدولية وأركانها: قامت المسؤولية الدولية عند نشأتها على
أساس نظرية الخطأ والتي تقوم على أركان ثلاثة الخطأ والضرر وعلاقة السببية بينهما،
إلا أن التطور الذي عرفه القانون الدولي أدى إلى تطور هذا الأساس حيث أصبح الخطأ
مفترضا في بعض الأنشطة التي تأتيها الدولة مثل إنتاج الأسلحة الخطيرة وتخزينها
واستخدام الطاقة الذرية للأغراض غير سلمية.
- ثانيا: شروط المسؤولية الدولية: الفعل غير المشروع والضرر ونسبة الفعل
غير المشروع إلى شخص قانوني دولي.
15-
القانون الدولي لحقوق الإنسان:
يعرف قانون حقوق الإنسان بالشرعية الدولية لحقوق الإنسان وهو مكون من الإعلان
العالمي لحقوق الإنسان (1948) والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي الخاص
بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية (1966) والبروتكولان
الملحقان. وهناك خلط شائع ما بين الشرعية الدولية
لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني والذي يتكون من اتفاقيات جيتف الاربع
الخاصة بالحروب .(1949)
وقد تبنت دول
العالم على مدى العقود الأخيرة العديد من المعاهدات والبيانات والأجهزة الدولية
لحماية حقوق الانسان. وجاءت هذه المعاهدات تعبيراً عن اتفاق الدول على التزامها
بالمحافظة وضمان مبادىء حقوق الانسان. فقد أنشأت أمريكا وأوروبا وأفريقيا نظماً إقليمية
منفصلة لحماية وتعزيز حقوق الانسان، وفي هذا الاطار تم صياغة بيانات ومعاهدات ووضغت
آليات للتطبيق.
وجاء في
الإعلان العالمي لحقوق الانسان أن الناس ولدوا أحراراً ومتساوون في الحقوق، ويتوجب
عدم التمييز بينهم. كما أعلن كذلك عن حق في الحياة والحرية والأمن الشخصي، ومنعت
العبودية والاستعباد والتعذيب والمعاملة أو العقاب القاسي والمهين أو غير الانساني
والاعتقال التعسفي. وطبقاً للإعلان العالمي، يحق للجميع أن يكونوا معرفين كأشخاص أمام
القانون ومتساوين أمامه وأن يحصلوا على محاكمة عادلة في جلسة عامة وبمحكمة غير
منحازة وأن يقيموا عائلة بدون فرض قيود بسبب العرق أو الجنس أو الديانة، وضمان حرية
الضمير والفكر والدين. كما أعلن عن حق كل إنسان في الأمن الاجتماعي والعمل في ظروف
عادلة ومستوى معيشة كاف له ولعائلته.
هذا وكد مصيغي
المعاهدات الدولية من عام 1966 على واجب والتزام الدول بالنهوض بحقوق الإنسان، وأضافوا
حقين جماعيين: حق الشعوب في تقرير المصير وحقهم في استخدام مواردهم الطبيعية
بحرية، بالإضافة إلى تحديد ما هي هذه الحقوق.
ومن بين
معاهدات حقوق الانسان الأخرى هناك المعاهدة الدولية للتخلص من جميع أشكال التفرقة
العنصرية لسنة 1965 ومعاهدة إلغاء جميع أشكال التمييز ضد النساء لسنة 1979، واتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة
أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة لسنة 1984، واتفاقية حقوق الطفل لسنة 1989.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق