الاثنين، 18 أبريل 2016

الجيوبوليتيك - الآيروكراتيا - التالاسوكراتيا - التيلوروكراتيا

مصطلحات مركزية في الجيوبوليتيكا

الجيوبوليتيك - الآيروكراتيا   -  التالاسوكراتيا   -   التيلوروكراتيا

 الجيوبوليتيك:
   لا شك أن ثمة علاقة وثيقة بين قوة الدولة وجغرافيتها، فالعامل الجغرافي يسهم إسهاما قويا في بناء الدولة وزيادة أسباب ومصادر قوتها، مما ينعكس على طريقة التفكير والتخطيط الاستراتيجيين للدولة، فضلا عن أدائها وسلوكها الحركي.
   ويقصد بالعامل الجغرافي هنا، الحيز المكاني الذي تشغله الدولة وتتواجد فيه ضمن رقعة من الأرض، ويشمل مواردها الطبيعية وطبيعة هذه الموارد وحجم إقليمها من حيث ضيقه أو اتساعه وكذلك موقعها وعدد السكان فيها، هذه المكونات هي ذات صفة تكاملية وخاصة ترابطية بمعنى أن عامل الوهن الذي يصيب أيًا منها ينعكس بنتائجه النهائية على قوة الدولة بشكل سلبي، فهذه العلاقة بين الموقع الجغرافي وقوة الدولة وسياستها، اصطلح عليها بالجيوبوليتيكس/ الجيوبوليتيكيا.
   إن التركيب اللغوي للجيوبوليتيكس ينطوي على مفهومين Géo بمعنى الأرض و Politics وتعني السياسة، وعلى هذا فإن المقصود بمصطلح الجيوبوليتيكس هو علم سياسة الأرض، أي ما يمكن أن يفرضه الواقع الأرضي أو المكاني بكل عناصره من متغيرات قد تؤدي إلى انكماش في سياسة الدولة أو إلى توسعها وتطويرها.
ويعد رودولف كلين أو "تشيلن" أول من استخدم مصطلح الجيوبوليتيكا وقد عرفها بأنها: "علم الدولة كجسد جغرافي متجسد في مكان".
   وبأنها: " تفاعل البيئة الطبيعية للدولة والسلوك السياسي" وفي حين عرفها كارل هاوسهوفر بأنها: "دراسة علاقات الأرض ذات المغزى السياسي إذ ترسم المظاهر الطبيعية لسطح الأرض الإطار للجيوبوليتيكا الذي تتحرك فيه الأحداث السياسية."
أما أ.مول -O.Maull- فيعرف الجيوبوليتيكا عام 1936 بأنها: "تهتم بدراسة الدولة من الوجهة السياسية ولكنها لا تنظر للدولة كمفهوم إستاتيكي بل ككائن حي دينامي".
أما مارتن فيعرفها بأنها عبارة عن: "فكر معين يظهر ويسود في منطقة ليحاول تعظيم منافعها ومكاسبها القومية… وتبحث الجيوبوليتيكا عن القوة لتحقيق أهدافها… فهي عبارة عن دراسة للعمليات السياسية الدينامية التي تعمل على مستوى أوسع من الدولة وذات منظور عالمي".
   ويعرف التطور الجيوبوليتيكي الحديث بأنه: "قدرة الدولة على أن تجبر الأخرى على أن تعمل شيئا ترغب فيه".
   فجوهر الجيوبوليتيكا إذن، هو تحليل العلاقات السياسية الدولية على ضوء الأوضاع والتركيب الجغرافي، ولهذا فإن الآراء الجيوبوليتيكية يجب أن تختلف مع اختلاف الأوضاع الجغرافية التي تتغير بتغير تكنولوجية الإنسان وما ينطوي عليه ذلك من مفاهيم وقوى جديدة لذات الأرض، وفي هذا قال ماكيندر: "لكل قرن جيوبوليتيكا"، ومن هذا نتساءل عن غرض وهدف التحليل الجيوبوليتيكي.
   يرى بعض الباحثين أن التنظير الجيوبوليتيكي قد يخدم أغراض البحث التأملي أو أغراض تخطيط السياسة والدعاية أو غير ذلك من الأغراض السياسية العالمية.
وما يؤكد الفكرة الأخيرة أن هذا العلم نمى في ظروف عسكرية وارتبط بالحرب ارتباطا وثيقا، إذ لعبت الظروف الحربية في فترة ما بين الحربين العالميتين الأولى والثانية دورا في ميلاد هذا العلم، وبقيام الحرب العالمية الثانية، صعدت الجيوبوليتيكا إلى مصاف العلوم الرفيعة، لأنها كانت ترسم الطريق لتحقيق المصالح القومية للدولة بطريقة ذاتية، وتساعد رجال السياسة وضباط الجيش في اتخاذ القرارات السياسية والإستراتيجية.
   وتعتبر الجيوبوليتيكا أوسع وأشمل من الإستراتيجيا، لأنها تدرس أي موقف من المواقف مفسرة إيّاهُ في ضوء البنية الجغرافية، تم تضع الأهداف له، "وهذه هي الإستراتيجية"، توصي بالوسائل التي يجب إتباعها لتحقيق أهداف هذا الموقف "وهذا هو التكتيك"، وترسم صورة لمجرى الأحداث في المستقبل، وهي تؤمن بأنّ الغاية تبرر الوسيلة، ومن ثم تحاول أن تجد مبررات للسلوك السياسي للدولة، فكأن الجيوبوليتيكا هي الضمير الجغرافي للدولة يضل يذكر السَاسَة بما يجب أن يفعلوه لصالح دولتهم.

الآيروكراتيا : 

    كلمة يونانية وتعني "السلطة عن طريق الجو"، وتقوم على الإستراتيجية المعتمدة على تطويع المدى الجوي واستخدامه في أهداف التوسع الجيوبوليتيكي.

ويربط أصحاب هذا المصطلح بين السيطرة على الجو وتحقيق السيطرة العالمية، حيث توقع هؤلاء أن القوة الجوية بإمكانها تحقيق السيطرة على منطقة القلب، وعلى الجزيرة العالمية، وسواحل الجزيرة العالمية على البحار بالإضافة إلى الجزر الواقعة عبر البحار وبالتالي تحقيق السيطرة العالمية، لذلك فعلى القوى الراغبة في بسط السيطرة العالمية أن تعمل على تطوير قواتها الجوية لاسيما سلاح الطيران.

أما سلطة الفضاء أو الآثيروكراتيا وهي كذلك كلمة يونانية تعني: "السلطة عن طريق الطبقات ما فوق الأثير".

   لقد كان غزو المدى الجوي أمرا حيويا، جعل الباحثين يتعاملون مع جيوبوليتيكا من نوع خاص، تسمى جيوبوليتيكا الفضاء، حيث ساوى غزو الفضاء إلى حد مابين اليابسة والبحر، لأن الفارق بين هذين المجالين ليس كبيرا بالنسبة للطائرات والصواريخ، التي جعلت الأرض "أصغر حجما"، وكان نقل الأسلحة إلى المدار الأرضي والغزو الاستراتيجي للفضاء الخارجي المرحلة الأخيرة في تقليص الكوكب الأرضي، مما يعني أن العالم يصبح قبضة سهلة في يد القوة التي تملك السيطرة على الفضاء.
*** 
التالاسوكراتيا:

    كلمة يونانية تعني "السلطة عن طرق البحر" أو "القوة البحرية"وهي من الخصائص الجيوبوليتيكية الأساسية للدول أو الأمم التي هيمنت على الملاحة البحرية.

ويرى أنصار هذا المفهوم أن للقوى البحرية أفضلية تمكنها من السيطرة العالمية، وأقدم هؤلاء الجيوبوليتيكيون هو الأميرال ألفرد ماهان وحينما يكتب ماهان عن القوة البحرية فإنه يعني القوة العسكرية التي يمكن نقلها بالبحر إلى المكان المطلوب، دون أن يعني مجرد الأسطول البحري، ومن ثم فإن التحكم في البحار يعني لديه التحكم في القواعد البرية التي تتميز بالمواقع الإستراتيجية المتحكمة في النقل البحري، والقواعد البحرية التي تحميها أشكال السواحل من جهة، وعمق خلفيتها الأرضية من جهة ثانية.

لقد تزايد الاهتمام بالقوة البحرية بعد أن تحولت البحار من الغموض والظلمات -التي خيمت فوقها لعصور طويلة- إلى طرق ومسالك معروفة ومألوفة في الشرق والغرب، وأصبحت الحركة في البحار تحكم كثيرا من الاعتبارات السياسية والاقتصادية، وأضافت أبعادا كثيرة لبعض القوى البحرية التي تغيرت بسبب معرفتها بالبحار أو قدرتها على الحركة فيها، فغيرت أبعاد البناء السياسي لهذه القوى.

   لقد كانت بريطانيا المثال التاريخي الأبرز في هذا الإطار، حيث مكنها موقعها الجغرافي من السيطرة على خطوط الملاحة من وإلى شمال أوروبا، وقد كان لها أسطول حربي ضخم يتعذر على الدول القارية في أوروبا أن تنشئ مثله، ذلك مكنها في الوقت نفسه من حصار موانئ القارة الأوروبية وقت الضرورة ولكي تدافع به عن الجزر البريطانية، كما أن أي دولة في أوروبا كانت غير قادرة على إعداد جيش بحري للدفاع عن أراضيها بسبب موقعها البري، ولذلك نالت إنجلترا أوسع فرصة، فكونت إمبراطورية لا تغيب عنها الشمس فيما وراء البحار بسبب قوتها البحرية. وقد أصبحت الو.م.أ الوريث الشرعي للقوة البريطانية بعد أفول هذه الأخيرة.

   وفي مرحلة الحرب الباردة وما بعدها أصبحت التلاسوكراتيا مرادفا لمصطلح الأطلسية.

   وقد صارت تعبر عن مصطلح جيوبوليتيكي معقد، يجمع في داخله تاريخيا القطاع الغربي من الحضارة الإنسانية، أما استراتيجيا فيعبر عن إتحاد البلدان الغربية التي تسيطر فيها الإيديولوجية الليبرالية –الديمقراطية- وعسكريا يعبر عن الدول المشاركة في حلف الناتو، أما اجتماعا فيشير إلى التوجه نحو النظام التجاري وقيم السوق أي أن نموذج الو.م.أ المناوئ للأوراسية.


التيلوروكراتيا:
 
   كلمة يونانية تعني "السيطرة عن طريق البر" أو "القوة البرية" ويعتبر خاصية أساسية من خصائص الدول الكبرى ذات التوجه الجيوبوليتيكي على اليابسة.

   ويعتقد أصحاب هذا المصطلح أن للأرض "اليابسة" علاقة قوية بقوة ومكانة الدولة، فالمساحة الكبيرة والموارد التي تتيحها المساحة تلعب دورا هاما في نشأة وتدعيم القوى السياسية، ومثل هذه المساحات الكبيرة لا توجد إلا في الدول القارية ذات الامتدادات الضخمة.

   بناءا على ذلك يعتقد هؤلاء أن السيطرة على البر كفيل ببسط السيطرة العالمية، حيث يدلنا التاريخ على أن معظم الإمبراطوريات التي عرفتها البشرية في الماضي كانت إمبراطوريات برية، قد نشأت وتطورت وارتقت لمجرد سيطرتها على مساحات كبيرة من سطح الأرض -في اليابس- من أمثلة هذه الإمبراطوريات الإمبراطورية الرومانية والصينية والروسية.

   إلا أن مصطلح التيلوكراتيا مرتبط حديثا بمصطلح الأوراسية، حيث أصبح يعبر تاريخيا عن القطاع الشرقي من الحضارة الإنسانية، واستراتيجيا عن الحلف الفاعل أو الحلف المحتمل للدولة والأمم التي ترفض الإيديولوجية الليبرالية –الديمقراطية- واجتماعيا يعبر عن السير على هدى "الإديوكراتيا أي سلطة الأفكار، المثل والمبادئ" الدولة الاجتماعية والبناء الاقتصادي غير الرأسمالي.


ليست هناك تعليقات:

الترويكا بين المفهوم والمصطلح

  الترويكا بين المفهوم والمصطلح     الترويكا ثالوث الرأي السياسي، والمفهوم     الدال على اجماع الرأي الواحد، وفي وقتنا الحاضر، لم تع...