السبت، 9 نوفمبر 2019

البراديغمات و السيبرنيطيقا




البراديغمات و السيبرنيطيقا

 

كلمة البراديغما تعود في أصلها الى اللغة اليونانية وتعني قالب أو موديل أو وجهة نظر مثالي إلا أن إستخدام كلمة البراديغما في الحياة اليومية تختلف عن تعريفنا الذي اعطيناه وحتى أحياناً تكون معانيها مختلفة لاتتمم بعضها البعض .
تعريف البارادايم
هو مجموع ما لدى الإنسان من خبرات ومعلومات ومعتقدات وأنظمة مهمتها رسم الحدود التي يسير داخلها الإنسان وتحديد تصرفه في المواقف المختلفة ويمكن تعريف البارادايم بأنه نظارة العقل .. أو هو نظام التفكير عند الإنسان والعدسات التي يرى من خلالها الحياة .. والبارادايم حاكم للتغيير في كل مراحله وقد يجعل الإنسان يرى الأمور بغير حقيقتها وهذا من أهم أسباب اختلاف البشر ..
وعندما يتحدث الانسان عن البراديغما فإنهم يقصدون وجهة نظر محددة أو بعض التصرفات القريبة من وجهة النظر هذه وإذا أردنا ان نوضح أكثر فإن البراديغما في حقيقتها تعني كيف يفهم الفرد او المجموعات أو حتى الشعوب شيئاً ما وماهي وجهة نظرهم حولها،وتوضح مقاييس القبول والرفض لدى فرد ما او جماعة او شعب ويمكننا ان نقول بتعبير أكثر بساطة هي وجهة نظرالانسان الى الحوادث والاشياء، عندما يقوم الانسان بتقييم شيء ما فإنه مطلقاً يضيف شيئا من عنده ويقييّمها وفق ذاته،
يُعرف اولاش بوجاقجي البراديغما كما يلي: البراديغما هي نظام الفكر،المبني على استيعاب وتحليل عالم الانسان الداخلي والخارجي وترتيب جميع المؤثرات خلال كل هذه المراحل .البروفيسور والعالم النفساني دوغان جويجاأوغلو فيقول معبراً عن البراديغما لدى السؤال منه ماهي البراديغما ، فأخرج نظارته وقال هذه هي البراديغما، بمعنى انها المِنظار الذي تنظر به او من خلاله الى العالم.
البراديغم: يمكننا بشكل عام أن نُرجع مصطلح برادايم من حيث الاشتقاق إلى العصر اليوناني، وهو كلمة يونانية قديمة يقصد بها الطريقة التي نرى بها العالم وفق ما تشكلنا وتعلمنا وتصرفنا سواء من خلال البيئة أو المدرسة أو الشارع أو المنزل، هذه الظروف التي شكلت لنا معتقدات وقناعات في العقل الباطن نتحرك من خلالها للحكم على الأمور وهى أشبه بالقالب الذي يقود تفكيرنا أو الحاجز الحديدي الذي يوضع على جانب عيني الحصان لكي لا يرى إلا المقدمة أو النظارة التي نرى من خلالها العالم، هذه الظروف أنشأت لدينا حديدتين كحديدتي الحصان تجبرنا على النظر للأمور فقط من جانب واحد فكيف نستطيع أن نكسر هذا البرادايم أو القالب حتى نتميز بحكمنا الواقعي على الأمور؛ ويمكننا أن نترجم مصطلح برادايم بأنه: النموذج الفكري أو النموذج الإدراكي. وقد ظهرت هذه الكلمة منذ أواخر الستينات من القرن العشرين في اللغة الإنجليزية بمفهوم جديد ليشير إلى أي نمط تفكير ضمن أي تخصص علمي أو موضوع متصل بنظرية المعرفة أو الإبستيمولوجيا؛ وقد كانت الكلمة في أول الأمر قاصرة على قواعد اللغة، حيث كان تعريف قاموس " ميريام ويبستر " للكلمة من ناحية الاستخدام المتخصص لها في قواعد اللغة أو الكتابة الإنشائية كحكاية. وفي علوم اللغة أيضا استخدم فرديناند دو سوسور (Ferdinand de Saussure ) كلمة برادايم لتشير إلى طائفة من العناصر ذات الجوانب المتشابهة.
ولم يكن كُوْن أول من استخدم مفهوم البراديغم ، بل يعود ظهوره إلى أواسط القرن الثامن عشر على يد أستاذ الفلسفة الطبيعية ليختنبرج الذي قام بتحليل شبكة التفسيرات في العلوم الفيزيائية بوصفها بناءً قائماً حول أنماط ونماذج، أو برادايمات. ويظهر المفهوم بصورة اشمل وأُوضح عند فيلسوف العلم فتغنشتاين، بمعنى الموديلات أو الأنماط الفلسفية بوصفها قوالب تساعد على صياغة أفكارنا وتوحيدها بأطر مسبقة.
      إن «البراديغم» أو«النموذج الإرشادي» هو مجموع النظريات المعتمدة عند مجموعة من العلماء والباحثين في فترة زمنية معينة أو في عصر معين، كتلك الاكتشافات العلمية التي يجمع عليها العلماء، والمناهج وطرق البحث والحلول المقترحة للمشاكل العلمية الخاصة بفترة معينة. بمعنى آخر، أن «البراديغم» هو العلم الذي يمارسه العلماء في فترة ما. ويتميز «البراديغم» بطابعه الجمعي لأن العمل الفردي عند كوهن لاقيمة له في مجال العلم. وهذا المفهوم مرتبط بمفهوم آخر هو «العلم السوي»، الذي يتطلب «براديغما»، بمعنى أنه يتطلب إجماع العلماء على معايير معينة من أجل إعطاء الشرعية العلمية لتوجه معين في مجال العلم. وقد عرف تاريخ مختلف العلوم نماذج مختلفة ومتعددة، كما أن تصور أي علم من العلوم متوقف على الانتقال من نموذج إرشادي إلى آخر، وهذا هو مايميز الثورات أو الانقلابات العلمية. إن الثورة العلمية معناها بداية جديدة وتشكيل صورة مختلفة للعالم، فما كان بديهيا في الفترة السابقة لم يعد كذلك، حيث تتغير القواعد والمصطلحات والمفاهيم وتتشكل البنيات الفكرية للمجتمعات العلمية. هذا هو جوهر مفهوم «البراديغم» الذي استعاره آلان تورين ووظفه بنجاح في المجال السوسيولوجي. ويبدو أن نتائج هذا التوظيف ستكون مهمة جدا على مستوى تحليل الوضع العالمي الراهن في بداية الألفية الثالثة.
إن «البراديغم» الثقافي هو الكفيل اليوم بنقلنا إلى مرحلة جديدة من خلالها يمكن وضع تصورات جديدة حول المشهد العالمي المعاصر. وأن نحدد المصطلحات الملائمة لصياغة هذا «البراديغم» الجديد الذي نلمس جدته في كل جوانب الحياة الجماعية والشخصية.

البراديغم السيبرنطيقي
ببساطة : يعرف مصطلح ( بارادايم ) بأنه ( النموذج الفكري ) أو النموذج الإدراكي .
وخلال هذه الفترة كان البراديغم السيبرنطيقي أبرز البراديغمات توجيها وتحكما في بحوث الإعلام والاتصال.
السيبرنيطيقاً "
كلمة يونانية معناها موجه الدفة وقائدها وتُعرف علمياً بأنها علم الترابط بين الإنسان والآلة ، وموضوع السيبرنيطيقا هو دراسة السيطرة والترابط والاتصال في الإنسان والآلة. ومنها عرفنا الإنترنت والكمبيوتر والرادار والآلات الحاسبة .
غيرت السيبرنيطيقيا ووجهت العلم والعالم وقضت علي المنطق التحليلي واصبح تضافر العلوم وتكاملها جميعاً من فيزياء وكيمياء وعلم الأحياء وعلم النفس...الخ
وهي كلها عبارة عن أنظمة يمكن ترجمتها إلى لغة الرياضيات وبالتالي يمكن محاكاتها آليا، ويمكن تعريف نظام سيبرنيطيقي بأنه مجموع العناصر المتفاعلة، يقوم تفاعل العناصر على تبادل للمادة أو الطاقة أو المعلومات، ويمكن تعريف ماهية الفكر سيبرنيطيقيا بوصفه تبادل خفي للكلام، وأن الكلام بدوره تبادل للمعنى، والمعنى تبادل للاستعارات داخل نظام اللغة، والاستعارة هي تبادل للون والصوت، يبقى علينا تفسير ماهية " التبادل " حتى تكتسب الفرضية كل ضماناتها: ولقد عرّف " مارتن هيدغر " ماهية التبادل بوصفه انها " قفزة " .
السّيِبَرْنِيَّات (السيبرنطيقا) هو علم التحكم الآلي .. علم عمليات التواصل والتحكم الآلي في الحيوانات والآلات، حيث يقوم بدراسة نظم التحكم، مثل الجهاز العصبي، في الكائنات الحية ووضع نظم مماثلة لها في الأجهزة الإلكترونية والميكانيكية. وهو علم قد لا يكون مألوفا لدى العديد من القراء اليوم، إلا إذا كان جزءاً من كلمات مثل "الفضاء الخيالي الواقعي.
وهذا المصطلح اخترعه عالم الرياضيات نوربرت فينر في كتابه عن التحكم والاتصالات في الحيوانات والآلات. وجذور التعبير أتى من اليونانية، بمعنى رجل الدفة أو المتحكم.
السيبرنطيقا تعمل مقارنات بين أوجه الشبه والاختلاف بين نظم الحية والنظم غير الحية سواء كانت تلك النظم تضم أفراد أو جماعات أو مجتمعات، ويستند إلى نظريات الاتصال والسيطرة التي يمكن تطبيقها على احدهما او كلاهما.
ما السيبرنطيقا؟
إنها علم الاتصال والتحكم معا. فأنا عندما أتصل بشخص فإنني أبعث إليه برسالة. وعندما يرد علي برسالة فانه يضمنها معلومة من عنده وتكون مجهولة عندي. وعندما أتحكم في أفعال شخص فإنني أبعث إليه برسالة هي عبارة عن أمر, وأتسلم منه رسالة تنم عن فهمه لهذا الأمر وخضوعه له. وتأسيسا علي ذلك فان المجتمع برمته لن يكون إلا جملة رسائل, وهذه الرسائل تقوم بين الانسان والآلات, وبين الآلات والانسان, وبين الآلة والآلة. ونحن في هذا الاتصال وهذا التحكم نقاوم الطبيعة في ميلها إلي التدهور وإلي تدمير كل ما له معني, أي في ميلها إلي إحداث نتوء. والعلوم كلها سواء طبيعية أو انسانية مشاركة في التقليل من هذا النتوء. ومعني ذلك أن علم السيبرنطيقا شاهد علي إمكان تحقيق وحدة المعرفة, بل إن هذا العلم قد أفضي إلي رؤية جديدة لهذه الوحدة. فبفضله تمت صناعة الكمبيوتر.
السيبرنطيقا والعلوم الاجتماعية
ما هي السيبرنطيقا ؟ وماهي استخداماتها في حقل العلوم الاجتماعية ؟ وما موقع وسائل الإعلام والاتصال في المفهوم السيبرنطيقي؟
إن ظهور السيبرنطيقا يعود للحرب العالمية الثانية ، حيث ظهرت الحاجة لجهاز قادر على حل المشاكل العسكرية بأكبر سرعة ممكنة ، على رأس هده المشاكل كيفية إسقاط الطائرات التي كانت تقذف القنابل والتي كانت تراوغ بسرعة كبيرة مما يجعل مهمة تحديد موقعها في مدة 02 إلى 03 ثواني أمرا مستحيلا .
وهدا ما طرح الحاجة إلى آلة تستطيع حل المشكلة في أقل وقت ممكن ، وتم إسناد مهمة تطوير المدفعية المضادة للطائرات إلى العالم الأمريكي نوربرت فيينر بمساعدة فريق عمل مكون من باحثين من مختلف التخصصات طب ،رياضيات ، اتصالات ، تكنولوجيا ، علم الاجتماع ، علم النفس …
وكان المنطلق هو كيف يمكن توقع موقع الطائرة اللاحق من أجل تحديد سرعة واتجاه القذيفة ، أو بمعنى آخر فإن نوربرت فيينر الذي ينسب إليه علم السيبرنطيقا  كان يهدف إلى تحديد السبل العلمية الدقيقة التي يستطيع من خلالها مدفع أرضي أن يصيب هدفا متحركا يسير بسرعة فائقة .
وتمكن نوربرت فيينر في الأخير من تصميم جهاز إلكتروميكانيكي مكون من آلة حاسبة  تستطيع حل المعادلات الرياضية ،وهده الآلة الحاسبة متصلة بمدفع .
من خلال تزويد هدا الجهاز بالمعلومات حول موقع وسرعة الطائرة يستطيع التنبؤ بالموقع اللاحق وبالتالي القدرة على إسقاطها، وهدا ما يعرف بالتغذية المرتدة.
بمعنى أن حل المشكل كان من خلال دراسة رد فعل الطائرة ،وهده الفكرة كانت بسيطة في بدايتها إلا أنها حققت نجاحا كبيرا في مختلف ميادين العلم .
ففي مجال العلوم التطبيقية فتحت مجال البحوث للوصول إلى آلات ذكية وظهر ما يعرف بالذكاء الاصطناعي الذي يتمثل في الروبوتات ، وأجهزة الكمبيوتر وغيرها من الآلات التي أصبحت تنافس الإنسان إلى حد ما .
فاستخدام  التغذية المرتدة   أو   رد الفعل  سيمكن من التنبؤ بالظواهر أو السلوكات المستقبلية سواء كانت تخص كائن حي أو آلة ، مما يسمح بمراقبة وتوجيه تلك الظواهر والسلوكات والتحكم فيها ،وبالتالي فإن كل نتيجة تؤثر بشكل إرجاعي في سبب وجودها .
وقد تداخلت السيبرنطيقا مع العديد من العلوم فظهرت مثلا السيبرنطيقا العصبية، السيبرنطيقا الحيوية .
كما تدخلت في الوصول إلى الآلات ذاتية الحركة كألعاب الفيديو ، وفي هدا الصدد يرى فيينر Norbert Weiner أن العلوم التي تبدو منفصلة هي في الحقيقة تتلاقى وتتشابه في نتائجها مما يجعل في الإمكان إعادة توحيدها ، ويرى فيينر Norbert Weiner أن الأمر يستدعي وجود فريق من العلماء المتخصصين في فروعهم العلمية ، ولكنهم في نفس الوقت يعرفون لغة وأفكار العلوم الأخرى ، وهكذا أنشأ نوعا جديدا من العلماء المتخصصين في الطب والرياضيات في نفس الوقت ،وهؤولاء هم علماء السيبرنطيقا .
رغم أن السيبرنطيقا لا تزال عبارة عن مفهوم يشوبه الغموض إلا أنه يوجد اتفاق مبدئي على أن السيبرنطيقا تعني التحكم ،وهدا استنادا على المعنى اللغوي للمصطلح ،فقد أطلق أفلاطون مصطلح kubernetike  على موجه السفينة .
وينطوي مفهوم التحكم على الثلاث عمليات التالية أو كلها:
الحساب الدقيق للنتائج أو العواقب المترتبة عن سلسلة من الأحداث سواء كانت طبيعية أو اجتماعية أو آلية .
تحريك الأحداث أو المعطيات الموجودة حسب خطة أو مسار محدد.
التنبؤ بالأحداث التي يمكن أن تقع عن طريق القيام بعمليات ذهنية أو حسابية.
كما يشمل هدا المفهوم ثلاث عناصر رئيسية وهي :
الاتصال communication : ونجاح العملية الاتصالية يستوجب نجاح
العملية الاتصالية وجود اتفاق بين المرسل والمتلقي على المعنى الذي تتضمنه الرسالة ، فإذا حدث خلل في الإتفاق على المعنى ،حدث سوء الاتصال.    
كذلك فإن المرسل والمستقبل يتبادلان الأدوار معنى أن المستقبل يغدو مرسل والعكس.
والتحكم في المفهوم السيبرنطيقي يستوجب أن تكون الرسالة محددة و مضبوطة ويكون الرد كذلك عبارة عن رسالة محددة ومضبوطة ، فكلما أرسل»  س « الرسالة » أ « فإن »  ع « يرد بـ »  ب «دائما ،وهدا ما يطلق عليه بالبرمجة  في أبسط معانيها.        
ولتوضيح المعنى أكثر يمكن أن نقدم مثال حول مبدأ عمل الثلاجة التي هي عبارة عن نظام سيبرنطيقي من الجيل الأول .
لنفترض أننا أردنا أن نرفع درجة البرودة في الثلاجة ، وبالتالي سنستخدم زر تعديل البرودة ، الذي يقوم بدوره بإصدار أمر للمحرك الذي يبدأ في العمل ،وعند بلوغ درجة البرودة المطلوبة سيتنبأ جهاز قياس الحرارة بدلك وسيصدر أمر إلى المحرك بالتوقف.
وعند ما تقل درجة البرودة عن الدرجة المرغوبة ، فإن جهاز قياس البرودة سيتنبأ بدلك ويصدر أمر للمحرك ، وهدا الأخير سيبدأ في العمل مجددا .               
فالثلاجة هي عبارة عن تطبيق للمفهوم السيبرنطيقي من الجيل الأول ، الذي يشمل الآلات التي تكون لها استجابات آلية .
أما الجيل الثاني فيشمل الآلات التي تعرف بالآلات الذكية ،كالروبوتات وأجهزة الكمبيوتر ،والتي تكون لها استجابات متعددة .
التغذية الراجعة feed back: وتعني الرد الذي يصدر بناءا على منبه ما ،ولقد تمت الإشارة إلى أن الرسالة الجواب هي نوع من التغذية الراجعة ،كذلك بالنسبة لمبدأ عمل الثلاجة،فجهاز قياس درجة البرودة thermostat،يقوم آليا بفتح الدارة الكهربائية عندما ترتفع درجة الحرارة .
وبالتالي يمكن القول أن التغذية الراجعة هي عبارة عن معلومات صادرة بناءا على معلومات سابقة.
ويمكن التمييز بين نوعين من التغذية الراجعة :
أولا : تغذية راجعة سلبية
وهي الرد بشكل خطي liniear كما هو الحال بالنسبة لـ thermostat، بمعنى أن التغذية الراجعة السلبية هي عبارة عن استجابة آلية لمنبه ما ،وهدا النوع من الاستجابة موجود في الجيل الأول من الأنظمة السيبرنيطيقية
ثانيا :التغذية الراجعة الإيجابية
وهي النوع الغير خطي nolinear  ويقصد بدلك أنه يمكن أن يكون الرد متنوعا ،فهو رد دكي يتبدل حسب إمكانات متعددة .
فمثلا إدا كان المدفع مضاد للطائرات يعمل بتغذية راجعة سلبية فإنه سيقوم بإطلاق النار على أي جسم طائر يدخل في نطاق أنشطته ،إما إدا كانت تغذيته موجبة فإنه سيطلق النار على أجسام طائرة محددة دون أخرى .
وقد سمحت التغذية الراجعة الموجبة بالوصول إلى آلات تستطيع التمييز بين الفروق كالسيارة التي تعمل أبوابها آليا، لكنها لا تفتح إلا لصاحبها، أو المنشار الآلي الذي يقطع الخشب والحديد لكنه لا يتوقف عندما يمد صاحبه ذراعه.
المنظومة system : يمكن تعريف المنظومة على أنها مجموعة العناصر المرتبطة مع بعضها أو مجموعة المتغيراتvariables المرتبطة مع بعضها ،وتعمل بانتظام لتحقيق هدف محدد.
ومن هدا التعريف نجد أن المنظومة تقوم على توفر عاملين وهما الأشياء والعلاقة التي تربط بين تلك الأشياء
وأول شكل من أشكال المنظومة هو الصندوق الأسود الذي يسمح للباحث بتحديد المدخلات input  والمخرجات output انطلاقا من معرفته المسبقة بالعلاقة التي تربط بينها.
وعليه يتضح جليا أن المنظومة هي عنصر مهم في المفهوم السيبرنطيقي لأن تحديد العناصر المكونة للمنظومة وتحديد العلاقة التي تربط بين تلك العناصر سيسمح بالتحكم والتوجيه والتنبؤ بالمراحل اللاحقة.

إن دراسة تطبيق السيبرنطيقا في الميدان الاجتماعي تدفعنا إلى التعرض لزاويتين مختلفتين ،فالزاوية الأولى تتمثل في النتائج المترتبة عن السيبرنطيقا كفكرة علمية تقنية والتي فتحت المجال لتطوير الآلة ، وأفرزت ما يعرف بالذكاء الاصطناعي ،الذي تمثل في أجهزة الحاسوب ، والرجل الآلي وغيرها من الوسائل وتكنولوجيا المعلومات .
وقد فرضت هده الأجهزة والتكنولوجيا نفسها على المجتمع وأصبحت تعرف بالثورة السيبرنطيقية ، cybernétization of society وهو مفهوم استخدم لوصف الانتشار الواسع للأنظمة السيبرنطيقية في المجتمع.

فهناك من يرى أن السيبرنطيقا تمكن الإنسان من تنظيم عالمه و بيئته تنظيما محكما ،كالاعتماد على الحاسوب الإلكتروني الذي يستطيع أن يقوم بأفعال وعمليات عقلية بصورة سريعة ومدهشة من خلال استخدام المعلومات بطريقة يعجز عنها العقل البشري.

فالسيبرنطيقا ستتيح للإنسان قدرة هائلة على مواجهة مشكلاته وإمكانية إيجاد الحلول بناءا على تراكم المعلومات من جهة وعلى التحكم بالبيئة الفيزيقية والاجتماعية من جهة أخرى .

أما الموقف المعارض فيرى أن انتشار السيبرنطيقا على نطاق واسع يؤدي إلى الحد من حرية الإنسان من خلال نمدجة مساراته العقلية حسب أهداف محددة .

كما يوجد تنبؤ بحصول ضعف عقلي عند الإنسان العادي بسبب الإفراط في استخدام الآلات.

أما الزاوية الثانية فتتمتل في استخدام المبادئ السيبرنطيقية في الدراسات الاجتماعية ،بمعنى أن الظواهر والسلوكيات الاجتماعية يتم التعبير عنها بطريقة رياضية تقنية قصد توجيهها والتحكم فيها ،وهدا ما أطلق عليه بالمقاربة السوسيوسيبرنطيقية.
ويعتبر نوربرت فيينر Norbert Weiner أو من حاول نقل السيبرنطيقا إلى دراسة الإنسان.



         فهد بن ناصر الدرسوني
      طالب الدكتوراه في الفلسفة السياسية
المراجع
§السيبرنيطيقا على موقع treccani.it". treccani.it. ، يونيو 2017.
§د.خيرالله عصام .مدخل للسيبرنطيقا الإجتماعية .ديوان المطبوعات الجامعية.
§د.فضيل دليو.مقدمة في وسائل الإتصال الجماهيري.ديوان المطبوعات الجامعية.
§معلومات عن سيبرنيطيقا على موقع snl.no". snl.no. ، مايو 2019.
§فايز محمود .السيبرنطيقا استيعاب وحدة المعرفة .(midouza.net.10.01.2010).
§د.سعيد بنكراد.مجلة واتا للترجمةواللغات.(watajournal.com.15.12.2009).
§د.سليمان جار الله .سلسلة الكتاب الإلكتروني لشبكة العلوم النفسية .(arabpsynet.com.13.12.2009)
§د.أروى عيسى الياسري .ثقافة المعلومات العلمية في وسائل الإعلام . (arabcin.net.19.02.2010)
§فاطمة الفقيه .التلفزيون أداة الضبط والتحكم الإجتماعي.(alwatan.com.19.02.2010).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الترويكا بين المفهوم والمصطلح

  الترويكا بين المفهوم والمصطلح     الترويكا ثالوث الرأي السياسي، والمفهوم     الدال على اجماع الرأي الواحد، وفي وقتنا الحاضر، لم تع...