مصطلح مشتق من اسم جندي فرنسي هو نيـكولاس
شوفان ، والذي كان معروفا بولائه المتعصب لنابليون، ومن ثم فإن المصطلح استخدم في الأصل
بمعنى ضيق، فكان المقصود به التبعية المطلقة لنابليون على وجه التحديد، ولكنه في مرحلة
لاحقة أصبح يطلق على أي متعصب أعمى متطرف للزعيم أو الوطن، وعادة ما يطلق المفكرون
السياسيون صفه الشوفينية على تعصب الفرد لوطنه عندما يكون هذا التعصب مصحوبا في ذات
الوقت بكراهية شديدة للدول الأخرى، وبرفض تام لمواطني أي دولة أخرى متواجدين في وطنه،
يعتبرهم أغراب تماما وكأنهم ينتمون إلى كوكب آخر !
يؤكد علماء النفس السياسي أن «الشوفينية»
هي نوع من التكتيك الدفاعي يلجأ إليه الفرد غير المؤهل نفسيا لأن يقيم علاقات سوية
متكافئة مع الآخرين بصفة عامة، أو مع جماعة محددة منهم، ومن ثم فهو يخفي عدم قدرته
على التفاعل والإندماج وراء ادعاءات بالكراهية للآخرين بشكل عام، أو لأعضاء جماعة محددة،
وذلك حتى يحمي عجزه من الافتضاح، فهو يقنع نفسه أن العالم بناء قائم ومؤسس على علاقات
غير متساوية لا يمكن تجاهلها أو تغييرها، وبذلك يخدر قلقه وخوفه من التعامل مع الآخرين
عبر التأكيد الدائم لنفسه أنه لا يعاني من أي نقص، ولكن العلاقات المتكافأة هي شيئ
مستحيل بالطبيعة.
من ثم يرى كثير من المنظرين السياسيين أن
العديد من الأشكال العنصرية هي أيضا أشكال للشوفينية، ويؤكد هؤلاء على وجهة نظرهم قائلين
ان «الشوفينية» عادة ما توجد بين طبقات المجتمع التي يمثل الأجانب تهديدا آنيا لمصالحها،
فيكون صراع المصالح هو السبب المباشر في ظهور مشاعر الشوفينية بين المواطنين، وضد غيرهم،
وأبرز مثال يسوقونه على ذلك هو كراهية الطبقة العاملة، في مجتمع يتسم بندرة الموارد
ومن ثم بندرة فرص العمل، لمجموعات المهاجرين الذين يمثلون منافسون خطرون على فرص العمل
النادرة، ومن ثم تصل هذه الكراهية للأجانب إلى حد العنف لنجد أنفسنا أمام ظاهرة الشوفينية،
وبالتالي فإن مشاعر الشوفينية عادة ما تنعدم في المجتمع نفسه بين الطبقات التي لا يمثل
لها الأجانب تهديداُ آنياً لمصالحها.
ولقد اتسعت دائرة استخدام هذا المصطلح أخيراً
لينتقل من ميدان السياسة إلى ميدان علم الاجتماع، فأصبح يستخدم للدلالة على أي توجه
تعصبي يتغنى بفضائل جماعة معينة و يحط من قدر جماعة أخرى، وأبرز مثال على هذا اطلاق
الحركات النسائية تهمة «الشوفينية» على الرجال الذين لا يؤمنون بالمساواة بين الرجل
والمرأة.
لاشك أننا تيقنا جميعآ بعد أحداث الربيع
العربي الفاضح أن الشوفينيه تعني الفكرة المتطرفة أوالغير معقولة وتعني أيضآ التحزب
باسم المجموعة التي ينتمي اليها الفرد، وخاصة عندما يتضمن الحزب حقد وكراهية تجاه أي
فريق أخر منافس له !
اي الشوفينيه تعني التنافس ... الولاء
.. التعصب
الشوفينية كقومية :
يمكن أن نعتبر الشوفينية نتاجا طبيعيا للقومية.
ترى القومية أن هناك مهمة للأمة تتمثل في نشر نور الأمة لباقي الأمم المجاورة الأقل
شأنا، والذين سقطوا من التاريخ لأن أممهم ليس لها مهمة قومية! بالطبع يؤدي هذا الشعور
بالفخر القومي إلى الاستعلاء والنظرة الدونية لباقي الشعوب وبالتالي الشوفينية أو التعصب
للوطن. وغالبا ما تؤدي الشوفينية في نهاية المطاف إلى تبني المفاهيم العنصرية والتمييز
العنصري.
الشوفينية الكارثية:
تؤدي الشوفينية إلى زرع بذور الفرقة والخصام
بين الشعوب لتأجج مشاعر التعصب، وكثيرا ما تؤدي الشوفينية إلى اندلاع الحروب بين الدول،
والحروب الأهلية بين أبناء الدولة الواحدة إذا كانوا ينتمون إلى جماعات عرقية مختلفة.
مثلا أدت سياسة "هتلر" المتعصبة للجنس الآري إلى اندلاع الحرب العالمية الثانية
عام 1939. وفي أيام الإمبراطورية العثمانية، أدت شوفينية المواطنين الأتراك إلى حثّ
الشعوب الأخرى في الإمبراطورية على البحث بدورها عن جذورها القومية والتمسك بلغاتها
وثقافاتها، ومن ثم بدء حركات الانفصال.
خواص الشوفينية:
تظهر الشوفينية عادة في الأمم التي تسود
فيها الحركات القومية، والتي ترى نفسها كأمة ذات رسالة خالدة وأهداف سامية لا تتوفر
في الشعوب الأخرى. من النادر أن تظهر الشوفينية في الأمم المقهورة أو المحتلة أو التي
تناضل من أجل الاستقلال.
من عادة الشوفينيين أنهم يتعمقون في دراسة
تاريخ بلادهم وشعوبهم وبالتالي فإن تغنيهم بسيادة أمتهم أو رسالتها الخالدة أو كونها
أمة مختارة من قبل الله وما إلى ذلك من الأفكار يكون قائما على الاستناد إلى مجموعة
من التفسيرات والشواهد التاريخية أو الثقافية. كما أنهم يدرسون تاريخ وثقافة الأمم
الأخرى التي يقللون من شأنها للبحث عن أسانيد تاريخية وثقافية تدعم توجهاتهم الشوفينية.
الشوفينية الجنسية:
لا تقتصر الشوفينية على حب الأوطان والتعصب
لها، بل هناك نوع من الشوفينية يتعصب فيه المرء لبني جنسه ضد بني الجنس الآخر، فالشوفينية
الذكرية ترى أن الذكور جنس أرقى من الإناث، بينما ترى الشوفينية الأنثوية أن الإناث
جنس أرقى من الذكور.
ظهر مصطلح الشوفينية الذكورية في الستينيات
على يد الحركة النسوية والتي استخدمته لمحاربة الرجال الذين يضطهدون النساء على أساس
أنهن أقل مرتبة من الذكور، خاصة الآباء الذين يعتبرون البنات الصغار أطفالا من الدرجة
الثانية، وأن إنجاب البنات يجلب العار، وهي الأفكار التي مازالت سائدة في الكثير من
الأماكن الريفية.
أما مصطلح الشوفينية الأنثوية فقد أطلقه
المعادون للنسوية والذين يرون أنها تحولت من حركة مناصرة لحقوق المرأة إلى نوع من الشوفينية
ينتصر للمرأة على الرجل.
ويرى الكثيرون أن الولايات المتحدة الأمريكية
–وبسبب الحركة النسوية - قد تحولت إلى دولة شوفينية أنثوية، بسبب المزايا والحقوق الهائلة
التي تحصل عليها المرأة هناك !
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق