قبل عامين أعلنت وزارة الخارجية
الفرنسية عن مشروعها الجديد للاستفادة من الدبلوماسية الرياضية في دعم توجهاتها
وسياساتها الخارجية فذكرت ما نصه "الرياضة هي أداة من أدوات إشعاعنا الدولي
وقدرتنا على التنافس واستحداث فرص العمل. وعلى هذا الأساس، تحتل الرياضة موقعا
مهما في دبلوماسيتنا الاقتصادية ودبلوماسية التأثير، وتستنفر جميع دوائر الدولة
طاقاتها من أجل تعزيزها". بل إن الوزارة الفرنسية ذهبت لأبعد من ذلك لتستحدث
منصب سفير للرياضة في وزارة الخارجية يضطلع بعدة مهام تتمحور حول دعم الحضور
والتأثير الفرنسي في المجال الرياضي عالميا. يتحقق ذلك من خلال مساندة المؤسسات
الفرنسية في الاتحادات القارية والدولية والمنظمات التي تعنى بالرياضة كاليونيسكو
والمجلس الأوروبي، ودعم ترشح فرنسا لاستضافة المناسبات الرياضية الكبرى، وأخيرا
مساندة الشركات الفرنسية للفوز بمناقصات البطولات الرياضية الدولية.وزارة الخارجية
الأسترالية أيضا بدأت بعمل استراتيجي
لدعم دبلوماسيتها الرياضية من خلال
وضع خطة عمل لأربع سنوات بدأت مطلع العام الماضي وتم تشكيل فريق عمل مشترك من
وزارتي الخارجية والرياضة لتنفيذها.
تهدف هذه الخطة إلى الاستفادة من
الدبلوماسية الرياضية في تحسين صورة الدولة خارجيا وتقديمها كدولة صديقة بالإضافة
إلى بناء علاقات متينة مع الدول الأخرى بكافة شرائحها. ولعل الدبلوماسية الرياضية
الأسترالية ترتكز في مرحلتها الأولى على دعم تقاربها وحضورها مع دول المحيط الهادي
والهندي من خلال التأكيد على سفاراتها وممثليها في هذه الدول على الاستفادة القصوى
من الرياضة ودعم المبادرات الرياضية التي يطلقها فريق العمل المشكل. من هذه
المبادرات برامج رياضية من أجل التنمية والاندماج الاجتماعي في الدول النامية.
بالإضافة إلى التقارب مع الجهات الرياضية والمسؤولين في الدول الأخرى لدعم تبادل
الخبرات والكفاءات.
الدبلوماسية الرياضية باتت اليوم تشكل
أحد أوضح وأنجح الأدوات لما يسمى بالقوة الناعمة المصطلح الذي أطلقه جوزيف ناي عام
١٩٩٠ واصفا به القدرة على التأثير على الرأي العام دون حاجة لاستخدام القوة
والإكراه وعده كأحد أهم وسائل النجاح في السياسة الدولية في هذا العصر.
لعبة كرة الطاولة التي استخدمها
الصينيون على مدى عقود من الزمن في دبلوماسيتهم كانت السبب الرئيس الذي مهد الطريق
إلى التحاور العلني وإنهاء القطيعة وأفضى إلى التقارب في العلاقات الأمريكية -
الصينية في مطلع السبعينات الميلادية من خلال دعوة الفريق القومي الأمريكي لكرة
الطاولة إلى بكين. هذه الخطوة كشفت عن رغبة صينية حقيقية في تحسين علاقتها
بالولايات المتحدة الأمريكية وعليه لحقتها زيارة الرئيس الأمريكي نيكسون للصين
الشعبية ونمو علاقة البلدين.
الأمثلة على الدور الإيجابي الذي من
الممكن أن تلعبه الدبلوماسية الرياضية في دعم سياسات الدول الخارجية كثيرة
ومتعددة. أحد هذه الأمثلة يكمن في تغيير الصورة النمطية عن الدولة لدى شعوب الدول
الأخرى. يتحقق ذلك من خلال استضافة المسابقات الرياضية. كما أن من شأن دعم
الكفاءات الوطنية في مواقع قيادية في الاتحادات الرياضية الدولية أن يثمر بطريقة
غير مباشرة في تعزيز مصالح الدولة السياسية والاقتصادية فضلا عن تسويق صورة لائقة
عنها. ولنا أن نشير للدور الكبير الذي لعبته الخارجية البريطانية العام المنصرم في
فوز اللورد سيباستيان كو بمنصب رئيس الاتحاد الدولي لألعاب القوى حيث كان للخطابات
التي وجهتها الخارجية البريطانية لسفاراتها وممثلياتها طلبا في استمالة وإقناع
الدول لاختيار مرشحها عظيم الأثر في فوزه بالمنصب.
الدور الحيوي والكبير الذي باتت
تنتهجه وزارة الخارجية السعودية يحفز لاستنهاض كافة الجهود والإمكانيات لاستغلال
جميع السبل المتاحة لتحقيق الأهداف الاستراتيجية المنشودة. وفي ظل مواجهة المملكة
العربية السعودية لتحديات إقليمية ساهم الوضع المتردي أمنيا في بعض دول المنطقة في
تناميها فإن من شأن استخدام وسائل الدبلوماسية الرياضية وخلق استراتيجيات طويلة
المدى أن يعزز من سياساتها الخارجية ويساهم في دعم حضورها في المجتمع الدولي بما يخدم
رؤيتها المستقبلية.
*خاص
بالعربية.نت - رياضة
أحمد
العصيمي
الخميس
20 ذو الحجة 1437هـ - 22 سبتمبر 2016م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق