المنازعات الدولية وطرق تسويتها:
تمهيد:
النزاع
الدولي هو خلاف حول نقطة قانونية أو واقعية أو تناقض وتعارض الآراء القانونية أو المنافع
بين دولتين، أما المنازعات بين أفراد من جنسيات مختلفة فلا تعد نزاعات دولية حيث يحكمها
القانون الدولي الخاص، وكذلك المنازعات بين دولة وفرد من جنسية أخرى من نطاق النزاعات
الدولية وتخضع لقواعد الحماية الدبلوماسية. ومن أهم أسباب النزاعات الدولية اختلاف
المصالح والسياسات، ومع تطور العلاقات الدولية كان من الضروري حل هذه المنازعات بطريقة
سلمية حتى تسير العلاقات الدولية سيراً طبيعياً ولتفادي ما من شأنه الإخلال بالسلم
والأمن الدوليين.
* وقد
أظهرت النزعة التنظيمية للمجتمع الدولي أن هناك إمكانيات وفيرة ومحسوسة في إيجاد الحلول
للأزمات الدولية من خلال الوسائل الريفية، بعد أن أصبح تحريم استخدام القوة أو التهديد
في العلاقات الدولية من أهم المبادئ القانونية المستحدثة في القانون الدولي وميثاق
الأمم المتحدة على وجه الإطلاق.
فلقد
كانت قواعد القانون الدولي التقليدي تقر مشروعية الحرب، بينما أصبح استعمال القوة محرماً
في نطاق ميثاق الأمم المتحدة حيث كانت هناك نصوص كثيرة تشير إلى أنه يجب حل النزاعات
الدولية بالطرق السلمية، وهذه الطرف أو الوسائل قد تكون قضائية وقد تكون غير قضائية،
ويلاحظ أن الوسائل الأولى هي الأنسب لحل المنازعات القانونية، أما الوسائل الثانية
فهي التي تلائم المنازعات السياسية.
* ولقد اختلف الفقه حول معيار التفرقة بين المنازعات القانونية
والسياسية إلى ثلاث اتجاهات:
الأولى:
يرى أن المنازعات القانونية هي تلك التي تتصل بمسائل ثانوية أو غير ذات أهمية ولا تمس
مصالح الدولة العليا، أما النزاع السياسي فهو الذي يمس مصالح الدولة العليا.
الثاني:
يرى أن المنازعات القانونية هي تلك التي يمكن تسويتها وفقاً لقواعد القانون الدولي
المقبولة من الدول، أما النزاع السياسي فهو الذي لا يمكن تسويته وفقاً لقواعد القانون
الدولي وعلى ذلك إذا تعذر تسوية نزاع ما وفقاً لقواعد القانون الدولي فإن هذا النزاع
يكون سياسياً وعلى العكس من ذلك إذا كان من الجائز تسوية نزاع ما من خلال تطبيق قواعد
القانون الدول يكون هذا النزاع قانونياً.
الثالث:
يرى أنصار هذا المذهب أن المنازعات القانوني هي التي تكون الخصومة فيها على وجود حقوق
معينة ولا يطلب أطراف النزاع تعديل المبدأ القانوني الذي ينطبق على النزاع القائم بينهم،
في حين أن النزاع السياسي يتصل بالمطالبة بتعديل القانون القائم ونظراً لصعوبة التفرقة
بين النزاع القانوني والنزاع السياسي نرى أن اتفاق الدول الأطراف في النزاع هو الذي
يحدد طبيعته قانوني أم سياسي.
* وأهمية
التفرقة بينهما ترجع إلى أن محكمة العدل الدولية لها سلطة الإفتاء وإصدار الآراء الاستشارية
في المسائل القانونية متى طلبت إليها هيئات دولية معينة ذلك ولا يجوز للمحكمة أن تصدر
آراء استشارة في المنازعات السياسية، وذلك على خلاف اختصاص المحكمة القضائي الذي تباشره
بصدد أي نزاع سواء أكان متعلقاً بمسألة قانونية أم سياسية.
* وتثور
مشكلة أخرى وهي التفرقة بين النزاع والموقف عند فرض الأمر على مجلس الأمن التابع للأمم
المتحدة، حيث يجب على الدولة التي تكون عضو في مجلس الأمن وتكون طرفاً في نزاع عن التصويت
“حق الفيتو” على القرارات التي قد تتخذ وفقاً لأحكام الفصل السادس والمادة 52 من الميثاق
بيد أنها لا تلزم بذلك الامتناع إذا كانت طرفاً في موقف يؤدي إلى احتكاك دولي.
الباب الأول : الوسائل السياسية لتسوية المنازعات الدولية
الفصل الأول : التسوية السياسية للمنازعات الدولية في إطار
القانون الدولي التقليدي
أولاً- المساعي الحميدة:
هي قيام
دولة بمحاولة التقريب في وجهات النظر بين دولتين متنازعتين، وحثهما على الدخول في مفاوضات
لحل النزاع القائم بينهما، ولا تشترك الدولة التي تقدم مساعيها الحميدة في المفاوضات
بأية وسيلة مباشرة، وإن كان يمكن أن تقدم العون لإنجاح المفاوضات بطريق غير مباشر.
ثانياً- الوساطة:
وهي
سعي دولة لإيجاد حل النزاع قائم بين دولتين عن طريق اشتراكهما مباشرة في مفاوضات تقوم
بها الدولتان المتنازعتان للتقريب بين وجهات النظر من أجل التوصل حل النزاع القائم
بينهما.
ثالثاً- التحقيق:
إذا
لم يكتب النجاح للمفاوضات الخاصة بحل النزاع القائم بين دولتين لأسباب ترجع إلى اختلافهما
حول تحديد وقائع النزاع، فيمكن للدولتين المتنازعتين الاتفاق على تعيين لجنة يوكل إليها
حصر الوقائع وتحديد أسباب النزاع وفحصها وتقديم تقرير عنها برأيها، ويكون تقرير لجنة
تحقيق غير ملزم لأطراف النزاع.
رابعاً- التوفيق:
هو حل
النزاع عن طريق إحالته إلى هيئة محايدة تتولى فحص الموضوع وتحديد الوقائع واقتراح التسوية
الملائمة على الأطراف المتنازعة، وتجد الإشارة إلى أن قرار هيئة التوفيق ير ملزم لأطراف
النزاع، وهذا ما يميزه عن قرار هيئة التحكيم الذي يلتزم أطراف النزاع بتنفيذه.
والطرق
السابقة التي أقرها القانون الدولي التقليدي ما هي إلا وسائل اختيارية تعتمد فعالتها
بالدرجة الأولى على إرادة الدول المتنازعة، فلها أن تلجأ إليها أو ترفضها فإذا اختارت
اللجوء فإنها تبقى حرة في قبول أو رفض اقتراحات الوسيط أو تقرير لجنة التحقيق أو قرار
هيئة التوفيق.
ولم
تفرض كل من اتفاقية لاهاي لسنة 1899 ولسنة 1907 الطرق السابقة كالتزام دولي واكتفتا
بالتصريح بأن الدول المتعاقدة لن تلجأ إلى الحرب قبل أن تلجأ إلى المساعي الحميدة أو
الوساطة، وذلك بقدر ما تسمح به الظروف.
الفصل الثاني: التسوية السياسية للمنازعات الدولية في إطار
الأمم المتحدة
تقضي
المحافظة على السلم والأمن الدوليين، ضرورة التزام الدول الأعضاء في الأمم المتحدة
بتسوية ما قد ينشأ بينهم من منازعات بالطرق السلمية، وبأتي التزام الدول الأعضاء بأن
يسلكوا سبل الحل السلمي نتيجة ضرورية لتحريم استخدام القوة أو التهديد بها في العلاقات
الدولية ولقد أشارت المادة 33 من ميثاق الأمم المتحدة إلى الوسائل السلمية لحل المنازعات
الدولية، بالمفاوضة والتحقيق والوساطة والتوفيق والتحكيم والتسوية القضائية ولأعضاء
الأمم المتحدة في سبيل التوصل لتسوية المنازعات التي قد تثور بينهم اللجوء إلى الوكالات
والتنظيمات الإقليمية طلباً للحل السلمي.
* والالتزام
الملقى على عاتق أطراف النزاع باللجوء إلى الوسائل السلمية يقتصر على المنازعات التي
يكون من شأن استمرارها تعريض السلم والأمن الدوليين للخطر حيث يعد حفظهما من أولويات
الميثاق وجاء ذلك في ديباجته.
* والسلم
الذي تهدف الهيئة إلى تدعيمه والمحافظة عليه هو السلم الدولي، أي أن يسود السلام العالم
وتمتنع الدول عن الحرب في علاقاتها المتبادلة، أما الأمن الذي يأتي يذكره بعد السلم،
فالمقصود به الأمن الجماعي بما يتضمنه من جانب وقائي وجانب علاجي، وبما يشتمل عليه
من تضامن لمواجهة العدوان وتجنب الحروب، كل ذلك في إطار من العمل الإيجابي المنظم للقضاء
على أسباب الاضطرابات الدولية، وتوفير الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية المناسبة،
بحيث تعيش الدول في حالة استقرار ويتوفر كل منها أسباب الأمن والطمأنينة على سلامتها.
* وفي سبيل تحقيق المحافظة على السلم والأمن الدوليين نصت المادة
الأولى من الميثاق على الوسائل التالية:
1- اتخاذ
التدابير المشتركة الفعالة لمنع الأسباب التي تؤدي إلى حدوث الاضطرابات الدولية التي
قد تهدد السلم وإزالتها متى قامت.
2- حل
المنازعات الدولية بالوسائل السلمية وفقاً لمبادئ العدل والقانون الدولي.
3- التضامن
في مواجهة الأعمال العدوانية وغيرها من وجوه الإخلال بالسلم إذا فشل الوسائل السلمية
في حل النزاع.
* وأخيراً
لا يمتد نطاق المادة الأولى إلى السلم الداخلي لمقتضيات سيادة كل دولة ولكن إذا امتدت
آثار الاضطرابات الداخلية إلى خارج الدولة وتعدت حدودها الإقليمية وأدت إلى تعكير السلم
والإخلال بالأمن الدوليين فإنه يكون من واجب الأمم المتحدة أن تمارس حقها المشروع في
التدخل من أجل إعادة السلم إلى نصابه وتوفير الأمن الدولي.
الباب الثاني : الوسائل القضائية لتسوية المنازعات الدولية
التسوية
القضائية تعني تولي شخص من غير أطراف النزاع سلطة الفصل فيه على أساس من قواعد القانون
وإصدار قرار ملزم بشأنه من الناحية القانونية.
وتتم
مباشرة الوظيفة القضائية في المجتمع الدولي بإحدى صورتين هما: التحكيم، أو القضاء.
الاستراتيجيات المختلفة لحل النزاعات الدولية.
قد تطرأ
على العلاقات بين الدول بعض المشاكل التي تتطور في بعض الاحيان لتصل الى نزاعات خطيرة
قد تمس بأمن دولة او أخرى مما يدعونا الى طرح التساؤل عن طبيعة النزاع الدولي وعن كيفيات
و آليات حل هذه النزاعات
هذا
ما سنحاول التطرق اليه من خلال هذه المداخلة المتواضعة .
مفهوم النزاع الدولي : عرفت محكمة العدل الدائمة النزاع الدولي
بأنه "خلاف حول نقطة قانونية او واقعة تناقض وتعارض وجهات النظر القانونية او
المصالح بين دولتين " ومن خلال ما سبق يتضح لنا ان النزاع الدولي يتلخص في ظهور
مصالح متضاربة بين شخصين دوليين او اكثر ادت
الى وقوعها واقعة معينة.
والجدير
بالذكر ان القانون الدولي اليوم بعد اعترافه للدول بالشخصية القانونية الدولية هاهو
يعترف بذلك للمنظمات الدولية و حركات التحرير الوطني .
اذن
فللنزاع الدولي خصائص يجب توفرها لاعتباره كذلك وهما 1- وجود خلاف او وجهات نظر متناقضة 2- ان يشترك في الخلاف اطراف من اشخاص القانون
الدولي 3- ان يخضع حلها للقانون الدولي .ومن امثلة النزاعات الدولية الخلاف بين الدول
في الاقاليم كالخلاف بين قطر و البحرين حول السيادة على جزيرة حوار .
اما
جهة الفصل في النزاعات الدولية حاليا فهي محكمة العدل الدولية .
قبل
البدء في الحديث عن حل النزاعات الدولية يجب التنويه الى ان هذا المصطلح كثيرا ما يتشابك
مع مصطلح اخر هو تسوية النزاعات الدولية فالتسوية لها مفهوم اخر من حيث انها انهاء
للنزاع استنادا الى مصالح مشتركة ولا تعكس التسوية بالضرورة الاحتياجات العادلة للاطراف
كما انها لا تتطرق الى الاعتراف المتبادل بين الاطراف المتنازعة فيكون بالتالي السلام
بينها باردا مهددا مهددا بالاشتعال مجددا في
اي وقت.ومثال على ذلك الاتفاق الموقع بين إيران و العراق عام 1975 بشان نزاعهما
الحدودي ونظرا لهشاشة ذلك الاتفاق تم خرقه لتشتعل واحدة من اكثر الحروب دمارا في المنطقة
.
اما
حل النزاعات فهو اوسع ويهدف الى انهاء النزاع نهاية تاريخية وذلك برفع النزاع الى هيئة
تحكيم او محكمة مؤقتة او خاصة لتصدر قرارها ثم تقوم اجهزة بمتابعة الحل الودي الى تجسيده
وبناء علاقات متميزة وعادية .
ان النزاع
الدولي قد يكون قانونيا وقد يكون سياسيا وموضوعنا هذا يركز على الجانب القانوني لحل
النزاعات الدولية رغم صعوبة التمييز بين النزاع القانوني و السياسي فوفقا للمادة
36 من ميثاق الامم المتحدة فان النزاعات القانونية الدولية هي التي تفع لمحكمة العدل
الدولية للفصل فيها وفق احكام القانون الدولي و ان تتعلق بالمسائل التالية تفسير معاهدة
,تحقيق واقعة من الوقائع التي اذا ثبتت كان خرقا لالتزام دولي ,نوع التعويض المترتب
على خرق التزام دولي ومدى هذا التعويض .
1 - المصالحة كوسيلة لحل النزاعات الدولية : تعني المصالحة في مفهومها الدولي قبول اطراف
النزاع بعرض هذا النزاع على لجنة توفيق لغرض حله وقد ظهرت اهمية المصالحة كالية لحل
النزاعات الدولية في النصف الثاني من القرن الماضي خاصة بعد التاسيس للوثائق التي تحمي
حقوق الانسان مثل الاعلان العالمي لحقوق الانسان 1948 والعهدين الدولين لحقوق الانسان
عام 1966 اين ازدادت الضغوط على الدول التي ارتكبت الابادات ولم تحترم حقوق الانسان
في معاملتها للشعوب الاخرى فكانت المصالحة مع الدول خير علاج لسنوات النزاع الكثيرة
.
وقد
تشكلت على الصعيد الدولي الكثير من لجان التوفيق في اتفاقيات ثنائية او متعددة الاطراف
من اجل حل النزاعات الدولية كما ان بعض الاتفاقيات تنص صراحة على هذا المبدأ في حالة
حصول نزاع بين الاطراف ومثال على ذلك ميثاق بوغوتا 1948 ومعاهدة بروكسل 17/03/1948
وبروتوكول انشاء لجنة للتوفيق و المساعي الحميدة الذي اعتمده المؤتمر العام لمنظمة
الامم المتحدة للتربية و العلم و الثقافة في 10/12/1968 فقد اناط بهذه اللجنة تسوية
اي خلافات قد تنشا بين الدول الاطراف في الاتفاقية الخاصة بمكافحة التمييز في مجال
التعليم و البحث عن حلول ودية لها .
ان هدف
المصالحة هو تغيير الواقع المعاش بما فيه من ظلم و استغلال الى واقع جديد يسوده التعاون
المشترك .
ومن
شروط المصالحة على الصعيد الدولي لاعتبارها وسيلة حل للنزاع الدولي 1- وجود نزاع ذو
طابع دولي 2- تشكيل لجنة مصالحة يتفق عليها اطراف النزاع فلا معنى للمصالحة اذا لم
يتفق الاطراف على لجنة يفترض ان تحل نزاع تاريخي بينهم . 3- وجود ارادة تضمن قبول المصالحة
من قبل اطراف النزاع .
2 - مبدأ الحل السلمي للنزاعات الدولية : المقصود بهذا المبدأ ان تقوم كل دولة بتسوية
منازعاتها الدولية بالوسائل السلمية وحدها على اساس تساويها في السيادة ووفقا لمبدأ
حرية الاختيار بين الوسائل ويتكامل هذا المبدا مع عدد من المبادئ الاساسية في القانون
الدولي اذ تلتجا الدولة وبارادتها الخاصة الى اسليب التفاوض او التحقيق او الوساطة
او التسوية القضائية كما ان هذا المبدا لا يتناقض مع مبدا تساوي الدول في السيادة بل
يتكامل معه نظرا لان الدولة هي من يحدد بكل حرية اي لجوء لتسوية مهما كان نوعها كما
يضمن المبدا ايضا عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول اطراف النزاع ويوفر اطارا جوهريا لعدم استخدام القوة من اجل
حرمان الشعوب من هويتها القومية خرقا لحقوقها .
وقد
طبق هذا المبدا في العلاقات الدولية عدة مرات لان العديد من المواثيق الدولية نصت عليه
كوسيلة لحل النزاعات الدولية منها معاهدات لاهاي لعام 1899 و عام 1907 وعهد عصبة الامم
و النظام الاساسي لمحكمة العدل الدولية الدائمة لعام 1920 و ميثاق التحكيم العام المعقود
في العام 1928 واخيرا في ميثاق الامم المتحدة فقد جاء في المادة 02 منه
"..... يفض جميع اعضاء الهيئة منازعاتهم الدولية بالوسائل السلمية على وجه لا
يجعل السلم و الامن والعدل الدولي عرضة للخطر ".
كما
وفر اعلان مانيلا بشان تسوية المنازعات الدولية بالوسائل السلمية المعتمدة بموجب قرار
الجمعية العامة للامم المتحدة 37/10 المؤرخ في 15/11/1982 اطارا جوهريا لمبدا التسوية
السلمية اذ اكد على المبدا القائل بان على جميع الدول ان تسوي منازعاتها الدولية بالطرق
السلمية على نحو لا يعرض للخطر السلم و الامن الدوليين و العدالة .
3 - كما عددت لجنة القانون الدولي
وسائل لحل النزاعات الدولية وهي :
المفاوضات,
الوساطة, التوفيق, التحقيق, التحكيم ,المساعي
الحميدة
المفاوضات :
وهي
" تبادل الرأي بين دولتين متنازعتين بقصد تسوية النزاع القائم بينهما " ويقوم
بها عادة وزراء الخارجية ، وقد تكون على اقليم احدى الدولتين أو في دولة محايدة ، وتعتبر
هاته الوسيلة الاكثر شيوعا والأقل تكليفا .
الوساطة :
وتعني
" اشتراك " الدولة في المفاوضات لتقريب وجهات النظر فقط ، واشارت اليها اتفاقية
لاهاي لعام 1907 ، مع ملاحظة ان دور الوسيط يقتصر على " تقريب وجهات النظر
" فلا يحق له تقديمات توصيات و لا حلول .
التوفيق:
وهي
عرض النزاع الدولي على لجنة أو فرد بقصد دراسته من جميع الاوجه مع امكانية التوصل الى
حلول مقنعة للطرفين " توصيات " ولهم الاخذ بالتوصيات من عدمه ، ويتبر التوفيق
" وسطا " بين الوساطة والتحكيم ، فهو أكثر من الوساطة كونه يقدم حلولا ،وأقل
من التحكيم كون أراؤه غير ملزمة .
التحقيق:
ظهر
عام 1904 نتيجة قصف سفينة حربية روسية لسفينة بريطانية ، ولقي رواجا في عهد "
بريان كيلوج " حيث اجري في عهده 33 تحقيقا ، وأسفر عن ابرام 22 معاهدة ،ويعتبر
حاليا من أهم الوسائل لحل المنازعات الدولية التي عمدت اليه الامم المتحدة ، ومثال
ذلك " لجنة التفتيش عن اسلحة الدمار الشامل في العراق "
التحكيم :
ظهر
الى العمل الدولي بعد قضية " الاباما " ، والفرق بين التحكيم والقضاء الدولي
من حيث
-ان
تشكيلها وانشاء ها متوقف على ارادة الخصوم " عكس " القضاء الدولي الذي يحدد
التشكيلة مسبقا ، وتتشابهان من حيث " الزامية احكامهما " على القبول المسبق
بأحكام المحكمة . والظاهر أن التحكيم اكثر انتشارا من اللجوء الى القضاء الدولي .
المساعي الحميدة:
تكون
بعد فشل المفاوضات مع خشية ان يؤدي النزاع وتطوره الى قطع العلاقات أو حتى نشوب الحرب
وتعرف على انها " عمل ودي تقوم به دولة ثالثة أوشخصية مرموقة على المستوى الدولي
ويسعى هذا الطرف الى اقناع الطرفين بالجلوس الى طاولة المفاوضات "
فاذا
بدأت المفاوضات انتهى دور الساعي" فلا يحق له المشاركة في المفاوضات " ،
وللاطراف المتنازعة قبول المساعي او رفضها ومن غير المعقول مشاركة الساعي في المفاوضات
والا اعتبر " وسيط أو موفق "
وأشهر
مثال لذلك " معاهدة السلام الاردنية الاسرائيلية " حيث كانت امريكا تقوم
بدور الساعي.
هذا
ونشير الى ان تطور القانون الدولي جعل من العنف
طريقة غير مسموح بها لحل النزاعات ولكن قد تضطر هيئة الامم المتحدة الى اللجوء
الى التدخل العسكري في حالة الضرورة القصوى
والتي تهدد الامن و السلم الدوليين .ولكن يلاحظ على ارض الواقع الكيل بمكيالين من جانب
الهيئة الدولية في هذا المجال اذ في كثير من النزاعات كان الاعمال بالبند السابع من
الميثاق واجبا لدفع العدوان عن بعض الشعوب المستضعفة لكن لا حياة لمن تنادي
حل المنازعات الدولية في إطار مجلس الأمن والجمعية العامة
أهمية الموضوع:
تعتبر
المنظمات الدولية بحد ذاتها وسيلة لتحقيق غاية أساسية وهي حفظ الأمن والسلم الدوليين
حيث انه ليست الغاية هي مجرد إنشاء منظمات دولية، وقد اقترن لفظ المنظمات الدولية منذ
نشوء فكرتها بلفظ – حفظ الأمن والسلم الدوليين – حيث أن هذه المنظمات قد أخذت على عاتقها
مهمة حفظ الأمن والسلم الدولي، واعتبرت نفسها وصية في هذا الصدد ولعل أهم وأخطر ما
يهدد الأمن والسلم الدولي هو المنازعات الدولية وبالتالي لا بد من إجراء تسوية لهذه
المنازعات الدولية وتفعيل دور المنظمات الدولية بهذا الشأن فكان ظهور المنظمات أساسيا
وله دور في حفظ الأمن والسلم الدولي.
وتلعب
المنظمات الدولية دورا أساسيا في حل المنازعات الدولية قد يجعلها اكثر نجاحا من الدول
أطراف النزاع ذاتها او الدول الأخرى وذلك من عدة جوانب:
نجد
أن المنظمات الدولية تشكل تنظيم خاص بكل الدول في المجتمع الدولي حيث يتم جمع هذه الدول
جميعا تحت راية واحدة وتوجيهها لتحقيق الأهداف السلمية وبالتالي يجعل المنظمة الدولية
اكثر فاعلية وجدية في معالجة المشكلات الدولية وحل المنازعات الدولية حيث ان هذا من
أهم وظائفها التي قامت من أجله.
من جهة
أخرى نجد أن الدول غالبا ما تنشغل عن منازعات الدول الأخرى بشؤونها الداخلية او الخارجية
كما يجعلها لا تهتم بالمشاكل والمنازعات المتعلقة بالدول الأخرى هذا على خلاف المنظمات
الدولية التي تتفرغ للقيام بهذا العمل.
ان فكرة
تدخل دولة أخرى في حل نزاع بين دولتين سواء أكان ذلك بمحاولة توفيق او مساع حميدة او
غيرها قد لايكون مقبول لدى الدول أطراف النزاع على اعتبار ان الدول تتحسس من تدخل الدول
بشؤونها لما تعتبر هذا الأمر له صلة بسيادتها واستقلالها، ويكون هذا التحسس أقل بكثير
إن لم يكن معدوما إذا تم الحل من خلال منظمة دولية على اعتبار ان هذه المنظمة تمثل
الدول ككل وأنها تتمتع بشخصية اعتبارية مستقلة عن الدول المنظمة لها.
من جهة
أخرى تملك المنظمات الدولية صلاحيات واسعة لتسوية النزاعات الدولية قد تصل في بعض الأحيان
الى استعمال القوة حسب ما ورد في الفصل السابع من الميثاق ولكن هذا الأمر لا نجده متوفرا
في حالة قيام دولة أو دول في التوسط لحل النزاعات مما يجعل قيام المنظمة بذلك اكثر
فاعلية وإنتاجية لتسوية النزاعات.
* لذلك
كله نجد أهمية ودور المنظمات الدولية في حل النزاعات الدولية باعتبارها اشد الأمور
خطورة وتهديدا للأمن والسلم الدوليين وكان لا بد أن يرد في ميثاق الأمم المتحدة باعتبارها
المنظمة الدولية الحالية الموكول لها مهمة حفظ السلم والأمن الدوليين، نصوص تبين الأطر
العامة التي تقوم من خلاله منظمة الأمم المتحدة في حل االنزاعات الدولية حلا سليما
من خلال اجهزتها المختلفة المتمثلة بمجلس الأمن والجمعية العامة كجهازين رئيسيين.
وسوف
يكون موضوع هذا البحث أن يبين دور كل من مجلس الأمن والجمعية العامة كأجهزة في الأمم
المتحدة في حل النزاعات الدولية حلا سلميا، وهذ يتطلب منا في البداية ان نحدد المقصود
بالمنازعات الدولية طالما انها موضع العرض هذا ولابد ان نحدد ما هي المنازعات الدولية
ومتى تعتبر هذه المنازعة دولية بحيث يكون للمنظمة الدولية أن تقوم بتسويتها تسوية سلمية
لأن هذه النقطة أساسية في اخراج العديد من المنازعات من إطار المنظمات الدولية.
المبحث الأول "
تعريف النزاع "
نجد
أن ميثاق الأمم المتحدة لم يضع تعريفا للنزاع يمكن اللجوء إليه لحسم هذا الأمر وبالتالي
لا بد ان نتعرض للآراء الفقهية في هذا الشأن للوصول الى تحديد المقصود بالنزاع فقد
أورد الاستاذ الدكتور جابر الراوي في كتابة "المنازعات الدولية" تعريف للنزاع
فقال: "مصطلح النزاع يشبه كثيرا من المصطلحات الأخرى التي تتميز بعدم الوضوح ويمكن
ان يفسر على أساسين معينين:
معنى
واسع: الذي يعني عدم الاتفاق في القانون الدولي أو في الواقع كنزاع من وجهة النظر القانونية.معنى
ضيق: إن أحد أطراف النزاع يتقدم بإدعاء خاص يقوم على أساس خرق القانون في الوقت الذي
يرفض الطرف الآخر هذا الادعاء"
ولا
أذهب مع الدكتور جابر فيما ذهب إليه فيما يتعلق بالمعنى الواسع الذي ينظر الى النزاع
بإعتباره عدم اتفاق في القانون الدولي لأن النزاع يتطلب توافر طرفين ووجود تعارض في
وجهات النظر لدى كل من الطرفين ولا يكفي مجرد خلاف حول القانون الدولي ذاته، ومن جهة
أخرى إن ما ورد في المعنى الضيق من ان النزاع إدعاء على أساس خرق القانون نجد أن الكاتب
قصر ذلك على أساس – خرق القانون – اي نزاع قانوني رغم أن الإدعاء قد يكون على أساس
من المصالح وليس دائما على اساس من القانون.
لذلك
لا أستطيع أن أقبل التعريف الوارد للنزاع من قبل الدكتور جابر الراوي وهناك من يعرض
للنزاع، عن الحديث عن التفرقة بين النزاع والموقف ولكن في حقيقة الأمر لا يعرض تعريف
محدد للنزاع ويقتصر الأمر عن الحديث عن مسألة التصويت كفرق بين النزاع والموقف
مما
يجعل الأمر يصعب في تحديد المقصود بالمنازعة، ولكن مع ذلك أجد أنه لا مانع من أخذ التعريف
الوارد للمنازعة من القانون الداخلي حيث أن مضمون المنازعة واحدة.
فالمنازعة
هي خلاف حول حق أو مصلحة أو مسألة قانونية لدولة معينة أو شخص من أشخاص القانون الدولي
بحيث يتمسك بها شخص وينكرها وينازع بها شخص آخر
ومن
هنا نجد ان المنازعة قد تتعلق بحق من الحقوق التي للدول او اشخاص القانون العام.
او قد
تتعلق بمصالح هذه الدول حيث ان الدولة قد لا تكون صاحبة وانما تكون صاحبة مصلحة وهنا
عادة ما يتم حسم هذه المنازعات على اساس الملائمة بين المصالح المختلفة.
او قد
يكون الخلاف حول مسألة قانونية معينة وتكون هذه المسألة واردة ضمن قواعد القانون الدولي
العام بإعتباره القانون الذي يحكم المنازعات بين الدول.
ومن
خلال تعريف محكمة العدل الدولية يمكن تعريف المنازعة : خلاف على مسألة من القانون او
الواقع اي تعارض بين وجهات نظر قانونية او مصلحية بين شخصين)
إذا
نخلص من ذلك أن تحديد النزاع أمر ضروري من أجل البت في النقاط التي تستطيع المنظمات
الدولية ان تقوم بحسمها وتتدخل لحلها سلميا حيث اذا لم يوجد منازعة فأنه لا يكون هناك
أي مجال لتدخل المنظمة الدولية حيث يكون التصدي غير مجدي، إضافة الى ضرورة وجود المنازعة
لا بد أن تكون هذه المنازعة منازعة دولية ولعل المقصود بالدولية هنا ان تكون المنازعة
ما بين دول بإعتبارها من أشخاص القانون الدولي وبالتالي حيثما يقوم هذا النزاع بين
الدول فهنا تستطيع المنظمة الدولية ان تتصدى لحل هذه المنازعات.
أن المنازعات
التي تدخل ضمن القضاء الداخلي للدولة لا تختص الأمم المتحدة بنظرها او غيرها من المنظمات
الدولية لأن هذه، مسألة تتعلق بالسيادة وبالتالي تخضع للقضاء الداخلي وهذا ما أكدته
المادة (2) و (7) من الميثاق الذي جاء فيه:
"ليس
في هذا الميثاق ما يسوغ للأمم المتحدة ان تتدخل في الشؤون التي تكون من صميم السلطان
الداخلي لدولة ما، وليس فيه ما يقتضي الاعضاء ان يعرضوا مثل هذه المسائل لأن تحل بحكم
هذا الميثاق على ان هذا المبدأ لا يخل بتطبيق تدابير القمع الواردة في الفصل السابع".
ونستطيع
القول أنه يعود للمنظمة الدولية أن تحدد ضمن القضاء الداخلي في حال تعرضت أحد الدول
لمنازعة معينة، فإذا إعتبرت أحد أجهزة الأمم المتحدة انها منازعة دولية في حين تتمسك
الدولة المقابلة بأنها منازعة داخلية لا علاقة للمنظمة الدولية بها، فهنا نجد أن هذه
المسألة هي مسألة تكييف تعود للجهة المعروض أمامها النزاع، فهناك العديد من المسائل
التي كانت تنظر إليها كمسائل داخلية خاصة بها ولكن المنظمات الدولية اعطتها صفة الدوليةعموما.
ورأت أنها تهدد أمن الدول وسلامتها كما هو الحال في مسألة الانقلابات والاستعمار حيث
أن الدول كانت تنظر إليها كمنازعات داخلية متعلقة بسيادتها لكنها في حقيقة الأمر اعطيت
الصفة الدولية
وما
يؤيد ذلك ان المادة الأولى من الميثاق تتحدث عن السلم والأمن الدوليين فقط بمعنى انها
تعني بتحقيقهما في علاقات الدول بعضها ببعض وعليه فإن المنازعات والحروب الداخلية لا
يشملها اختصاص الأمم المتحدة ولا تتناولها. بالتالي احكام الميثاق على اعتبار ان نص
المادة (2/7) يحرم على الأمم المتحدة التعرض للأمور الداخلية
ومن
هنا نخلص الى القول ان أهمية تحديد ان المنازعة دولية او داخلية امر في غاية الأهمية
وذلك لأن الأمر يتعلق بمسألة اختصاص وان المادة الثانية الفقرة السابعة قد سلبت من
الأمم المتحدة صلاحية التدخل في الشؤون الداخلية للدول لما في ذلك من مساس في سيادتها
وشؤونها.
المبحث الثاني " دور الأمم المتحدة في حفظ السلم والأمن الدوليين
"
إن من
أهم الأهداف التي قامت المنظمات الدولية عموما والأمم المتحدة خصوصا لتحقيقها هو هدف
حفظ الأمن والسلم الدوليين حيث أن ما عانته الدول من جراء الحروب، جعلها تفكر جديا
بمدى أهمية الحفاظ على السلم والأمن الدوليين فجاء في المادة الأولى من الميثاق"
ضمن أهداف الأمم المتحدة مهمة حفظ الأمن والسلم الدوليين".
ولقد
تصدر هذا المقصد ديباجة الميثاق ومادته الأولى فالديباجة تقرر أن شعوب الأمم المتحدة
قد آلت على نفسها "أن تنقذ الأجيال القادمة من ويلات الحروب التي في خلال جيل
واحد جلبت على الانسانية احزانا يعجز عنها الوصف".
ونجد
أن الفقرة 1 من المادة الأولى تتحدث عن السلم والأمن الدوليين، ليس كهدف من أهداف الأمم
المتحدة دائما يجعل من الحفاظ على الأمن الدولي مقصدا من مقاصد الأمم المتحدة المذكورة
ولا بد ان يكون نشأة الأمم المتحدة مصحوبة بشعور عام بوجود سلم مستقر لكي تستطيع الشعوب
ان تعيش في أمان وطمأنينة بعيدا عن الخوف من نشوب الحروب
وإذا
كانت المنازعات من أخطر الأمور التي تهدد الأمن والسلم الدوليين لما قد تؤدي إليه من
أضرار فهنا لا بد ان تقوم المنظمة الدولية -وفي اطار حديثنا هنا- بحل المنازعات التي
تثور بين الدول.
وبما
أن المنظمة الدولية تتكون من اجهزة وهيئات تمكنها من القيام بوظائفها فهنا نجد ان ميثاق
الأمم المتحدة قد حدد الأجهزة الرئيسية للأمم المتحدة وحدد لكل هيئة او جهاز المهام
الموكول إليه القيام بها حيث أن كل هيئة حدد صلاحياتها والإجراءات المتبعة أمامها لتحقيق
هذا الهدف وهو حفظ الأمن والسلم الدوليين وبالتالي سوف نعرض الى حل المنازعات الدولية
في إطار أجهزة الأمم المتحدة وخصوصا مجلس الأمن والجمعية العامة وذلك من خلال التعرض
للإاختصاص الوارد لمجلس الأمن أولا وطريقة حله للنزاع ثم للجمعية العامة.
تسوية المنازعات في إطار الجمعية العامة.
حل المنازعات الدولية في إطار
مجلس الأمن
نظم
الفصل السادس والسابع من ميثاق الأمم المتحدة الصلاحيات الممنوحة لمجلس الأمن من أجل
حل المنازعات حلا سلميا حيث جاء في صدر الفصل السادس من الميثاق – في حل المنازعات
حلا سلميا – وجاء الفصل السابع في الوسائل التي تتضمن قمع أعمال العدوان وما يهمنا
في هذا الصدد هو دراسة الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة المتضمن صلاحيات مجلس الأمن
في حل المنازعات الدولية حل سلمي.
أهمية مجلس الأمن:
يعتبر
مجلس الأمن من أهم الأجهزة وأكثرها فاعلية في الأمم المتحدة حيث أسند إليه الميثاق
المسؤولية الأساسية في حفظ السلم والأمن الدوليين فقد() جاء في المادة (24/2) من الميثاق:
"رغبة
في أن يكون العمل الذي تقوم به الأمم المتحدة سريعا وفعالا يعهد اعضاء تلك الهيئة الى
مجلس الأمن بالتبعات الرئيسية في أمر حفظ السلم والأمن الدوليين ويوافقون على ان هذا
المجلس يعمل نائبا عنهم في قيامه بواجباته التي تفرضها عليه هذه التبعات".
وطالما
ان الميثاق في المادة (24) ألقى على عاتق مجلس الأمن التبعة الرئيسية لحفظ الأمن والسلم
الدوليين واعتبره نائب عن الدول في ذلك، فكان لا بد من إعطائه صلاحيات وتنظيم الاجراءات
التي يتبعها المجلس من اجل حفظ السلم والأمن الدوليين فكان الفصل السادس من الميثاق
الذي نظم كيف يقوم المجلس بحل النزاعات حل سلمي وهو موضوع دراستنا في هذا المبحث وكان
الفصل السابع حول قيام مجلس الأمن بقمع أعمال العدوان وهو ليس موضع الدراسة في هذا
الصدد.
نجد
أن النصوص الواردة في الفصل السادس والسابع ربطت بين حفظ السلم والأمن في العالم وبين
حل المنازعات الدولية بالطرق السلمية وذلك انطلاقا من ان مصدر معظم الحروب منازعات
او مواقف يرفض اطرافها او بعضهم حلها سلميا او يعجز عن ذلك، فيلجأ كلاهما او أحدهما
الى استعمال القوة، لذلك جاء في المادة (33) من الميثاق على الدول ان يلتمسوا حل اي
نزاع بادىء ذي بدء بطريق المفاوضة والتحقيق وغيرها من الطرق السلمية وعرضها على المنظمات
الدولية اذا كان استمراره يهدد الأمن والسلم الدوليين().
المبحث الأول
تحليل المادة 33 من الميثاق
نجد
أن النصوص الواردة ضمن الفصل السادس من الميثاق أستهلت في المادة 33 من الميثاق التي
تشكل الإطار العام في رأيي الذي يخول المنظمات الدولية ومن ضمنها الأمم المتحدة وخصوصا
مجلس الأمن التصدي لحل المنازعات حل سلمي عندما يكون من شأن هذه المنازعات أن تعرض
الأمن والسلم الدوليين للخطر.
فقد
نصت المادة (33) من الميثاق "يجب على أطراف أي نزاع من شأن استمراره أن يعرض حفظ
السلم والأمن الدوليين للخطر ان يلتمسوا حله بادىء ذي بدء بطرق المفاوضة والتحقق والوساطة
والتوفيق والتحكيم والتسوية القضائية أو ان يلجأوا الى الوكالات والتنظيمات الإقليمية
او غيرها من الوسائل السلمية التي يقع عليها اختيارهم".
من خلال
تحليل المادة 33 نصل الى مجموعة من النتائج والملاحظات.
إن نص
المادة استخدم لفظ – على أطراف أي نزاع – دون أن يشترط أن يكون عضوا أو غير عضو وهذا
ما يتمشى مع الفقرة (6) من المادة (2) التي تقضي بأن تسير الدول غير الأعضاء في الأمم
المتحدة على مبادىء الميثاق بقدر ما تقتضيه ضرورة حفظ السلم والأمن الدوليين.
وهنا
نلاحظ ان هذا الأمر ذاته أكدته المادة (35) على إعطاء الدول غير الأعضاء صلاحية وحق
اللجوء الى مجلس الأمن لحل نزاعاتهم ضمن شروط و سوف نأتي على ذكرها فيما بعد وبما أن
المادة (33) من الميثاق تشكل الهيكل العام فكان لا بد أن يأتي النص بها عاما يشمل الدول
الأعضاء وغير الأعضاء.
ماذا
تعني عبارة بادىء ذي بدء المنصوص عليها في المادة (33)(). هل تعني أنه قبل اللجوء الى
مجلس الأمن، أن يلجأ أطراف النزاع إلى الوسائل المنصوص عليها في المادة (33)، وسوف
نتعرض للمناقشات التي دارت في مؤتمر سان فرانسيسكو حول هذه العباره: حيث طلب مندوب
اثيوبيا حذف عبارة (First Of All)
وفسر هذا الطلب بحيث يتمكن مجلس الأمن من التدخل بالنزاع حتى قبل اللجوء الى هذه الوسائل
او اذا ظهر أن هذه الوسائل ليس من شأنها أن توجد حل سلمي للنزاع.
ولكن
مندوب الولايات المتحدة الأمريكية جاء بتفسير آخر قال فيه: "أنه لمن المرغوب فيه
جدا أن يحاول أطراف أي نزاع أن يحسموه بالطرق المعتادة للتسوية السلمية ومع ذلك فإن
لم تكن هذه الوسائل ناجحة أو لايؤمل لها النجاح ثم حدث أي تهديد للسلم أو عمل من أعمال
العدوان فليس لمجلس الأمن أن يتأخر ولكن عليه أن يتخذ التدابير اللازمة، وعلى المجلس
أن يتدخل في أي نزاع يهدد السلم والأمن الدوليين ولكن ليس له أن يمتلك هذه الصلاحيات
فيما يختص بكافة المنازعات ،إلا في حالة الضرورة ".
وأكد
مندوب الولايات المتحدة أن لمجلس الأمن أن يتدخل إذا نشب موقف خطير حتى دون الحاجة
الى انتظار إكمال الإجراءات التمهيدية.
ولكن
نلاحظ في رأي مندوب الولايات المتحدة الأمريكية أنه يؤكد رأي مندوب اثيوبيا حيث لا
بد من اعطاء مجلس الأمن صلاحية التدخل في المنازعات التي تهدد الأمن والسلم الدوليين
للخطر دون انتظار استنفاذ الطرق السلمية المنصوص عليها في المادة (33)، وأنا أؤيد وجهة
نظر مندوب اثيوبيا بحذف عبارة (First Of All)
حيث أن التفسير الذي يعطى للمادة (33) بوجود هذه العبارة يؤدي حتما الى القول بوجوب
استنفاذ الطرق السلمية قبل اللجوء الى مجلس الأمن او المنظمات الدولية حيث ان هذا إلتزام
ملقى على عاتق أطراف النزاع.
ونجد
أنه في كثير من الأحيان ان ظروف النزاع لا تسمح لأطرافه بإستنفاذ الطرق السلمية بحيث
لا بد من الإسراع لحل هذا النزاع ولعل ما يؤيد ذلك المادة (34) التي اعطت لمجلس الأمن
من تلقاء نفسه ان يفحص اي نزاع او موقف ويضع يده على النزاع و سنأتي الى تفصيلها فيما
بعد.
ومن
تحليل هذا الشق نجد أن بتفسير المادة (33) على ما هي عليه دون ربطها بالنصوص الأخرى
للميثاق أن على أطراف النزاع اللجوء الى الوسائل السلمية أولا المنصوص عليها في المادة
فإن فشلت يعرض الأمر على مجلس الأمن وهذا ما أبدته المادة (37) ف(1) التي سوف نأتي
على ذكرها لاحقا.
ولكن
إذا نظرنا الى النصوص الواردة في الفصل السادس ككل فلا نجد فيها ما يحرم مجلس الأمن
من التصدي للنزاع حتى ولو قبل اللجوء الى الوسائل السلمية مما يجعل عبارة بادىء ذي
بدء الواردة في المادة (33) معطلة عندما لا يكون هناك إمكان لعرض النزاع وحله بالوسائل
السلمية.
- هل
هناك إلتزام بإستنفاذ كل الطرق المنصوص عليها في المادة المذكورة() ؟ عددت المادة
(33) من الميثاق الوسائل التي تلجأ إليها الدول لحل النزاع سلميا فهل تلتزم الدول قبل
عرض النزاع على مجلس الأمن أن تستنفذ هذه الطرق جميعا؟
مما
لاشك فيه أن المنطق لا يقبل إستنفاذ الطرق جميعا حيث يكفي أن يلجأ أطراف النزاع الى
وسيلة من الوسائل بحيث اذا فشلت هذه الوسائل فإنها تعرض الأمر على مجلس الأمن، وقد
أورد الدكتور العبادي عدة نقاط تؤيد ذلك:
ان الوسيلة
التي تعالج المنازعات هي محض اختيار الأطراف ولا يجمع بين الاختيار والاجبار على استنفاذ
هذه الطرق.
ان هناك
طرق متشابهة كالتوفيق والتحقيق مثلا فلا يتصورعقلا الجمع فيها حول ذات النزاع.
ان هناك
منازعات قد يكون استمرارها فيه تهديد للأمن والسلم الدوليين حيث لو طلبنا استنفاذ هذه
الطرق لتعرض الأمن والسلم الدوليين للخطر.
وما أورده أنا يؤيد هذا الأمر وذلك للنقاط التالية:
ان الوسائل
التي ورد ذكرها في المادة (33) هي ذكر على سبيل المثال وليس على سبيل الحصر وبالتالي
نجد أن هذه الوسائل لا حصر لها بدليل نص المادة (33) التي جاء فيها:
"
...او غيرها من الوسائل السلمية التي وقع عليها اختيارهم ..." وطالما ان هذه الوسائل
لا حصر لها فكيف نطلب استنفاذ الدول اطراف النزاع لها قبل اللجوء الى مجلس الأمن.
من ناحية
أخرى أن هناك العديد من المنازعات التي تأبى طبيعتها ان تحل حسب نوع الوسائل السلمية
المذكورة في المادة (33) مثل المنازعات السياسية التي تأبى طبيعتها ان تحل بواسطة القضاء
والتحكيم مثلا. أو بعض الطرق تتطلب موافقة أطراف النزاع للجوء إليها كالقضاء مثلا وقد
لا يتوافر ذلك.
ومن
هنا نخلص الى انه يكفي ان تلجأ أطراف النزاع الى طريقة من الطرق الواردة في المادة
(33) حتى يستطيعوا عرض الأمر على مجلس الأمن.
المبحث الثاني
" النزاعات "
المطلب الأول: وصف النزاع
هل يكفي
في النزاع ان يكون دوليا حتى يتصدى له مجلس الأمن؟ مما لا خلاف فيه ان المنازعات التي
تنظرها المنظمات الدولية عموما والأمم المتحدة خصوصا لا بد أن يكون نزاع دولي كما ذكرنا
سابقا في التمهيد ولكن السؤال الذي يثور – هل يكفي ان يكون النزاع دوليا حتى ينظر فيه
مجلس الأمن...؟
نجد
أن المادة (33) أوردت ".... اي نزاع من شأن استمراره أن يعرض حفظ السلم والأمن
الدوليين للخطر ....".
ومن
هنا نجد ان النزاع لا بد ان يكون من شأنه تعريض السلم والأمن الدوليين للخطر بجانب
كونه نزاعا دوليا لأن هناك منازعات قد تثور وتعرض الأمن والسلم الدولي للخطر ومع ذلك
لا يستطيع مجلس الأمن أن يتصدى لها وذلك في الحالات التي تتعلق بصميم الاختصاص الداخلي
لأحد أطراف النزاع وهذا ما اكدته الفقرة (7) مادة (2) التي ذكرناها سابقا.
ولكن
السؤال الذي يثور هنا هو من الذي يقرر أن النزاع من شأن إستمراره أن يعرض الأمن والسلم
الدوليين للخطر؟
فهناك
من يرى أن الأمر يعود للأطراف أنفسهم أي عن طريق الاتفاق وإذا تعذر الاتفاق فإنه يتعذر
تطبيق المادة (33)().
ولا
أذهب مع هذا الرأي لأنه في كثير من الأحيان لا يصل الأطراف الى اتفاق حول طبيعة المنازعة
وطالما ان المنازعات الدولية على درجة كبيرة من الشهرة عادة فإني أرى ان يترك لمجلس
الأمن ذاته تحديد هذا الأمر وما يؤيد وجهة نظري ان المادة (35) ذاتها اعطته صلاحية
فحص اي نزاع او موقف قد يؤدي الى تهديد الأمن والسلم الدوليين.
وفي
الحالة التي يدعي فيها أحد الأطراف أن النزاع يهدد الأمن والسلم الدوليين ولكن ينكر
الطرف الآخر ذلك فيرى البعض ان ذلك يكفي حتى يتصدى مجلس الأمن لذلك النزاع ومع ذلك
فأنا لا أذهب مع هذا الإتجاه حيث ان ادعاء احد الأطراف لا يكفي لإسباغ هذه الصفة ،
بل لا بد ان نترك لمجلس الأمن ذاته ان يتحقق من هذه المسألة ويقرر اذا ما كان من شأن
النزاع أن يعرض السلم والأمن الدوليين للخطر ثم يقرر النظر فيه واقتراح الحلول له.
ومن
هنا نخلص ان مجلس الأمن يتصدى للمنازعات الدولية التي يكون من شأن استمرارها تعرض الأمن
والسلم الدوليين للخطر وقد حددنا المقصود بالنزاع سابقا وصفته الدولية وعرضنا في هذا
الصدد أيضا المقصود بتهديد الأمن والسلم الدوليين للخطر حتى يتمكن مجلس الأمن من النظر
في النزاع.
المطلب الثاني المواقف:
إضافة
الى المنازعات يتولى مجلس الأمن النظر في المواقف الدولية ونجد أن النزاع يختلف عن
الموقف ونجد أن الميثاق أورد لفظ الموقف دون وضع تعريف محدد له ولكن نستطيع القول أنه
في المواقف تستطيع الدول الأطراف فيه ان تشترك في التصويت بينما في النزاعات لا تستطيع
أطراف النزاع الاشتراك في التصويت().
وعادة
ما يكون الموقف متعدد الأوجه والأصعدة إضافة إلى أنه قد يؤدي استمراره الى استعمال
القوة من جهة أخرى وأطرافه أكثر من النزاع مما يتطلب حله عن طريق مؤتمر عام().
وفي التفريق بين النزاع والموقف:
من المقرر
ان ادعاء دولة ما لأمر على دولة انكرته يجعلها طرف في النزاع، فالنزاع يحمل معنى الخصومة،
في حين ان الموقف هو عبارة عن حالة عامة تنطوي على مشكلات سياسية تتصل بعموم المجتمع
الدولي أكثر من اتصالها بأطراف معينة بالذات، وقد حاولت الجمعية الصغرى ان تسهم في
حل المشكلة وتقدمت للجمعية العامة لإعتبار النزاع متوافرا في هذه الحالات:
الاتفاق
بين أطراف معينة على وجود نزاع.
ادعاء
دولة بأن دولة او دولا اخرى خرقت التزاماتها الدولية او اتت عملا يهدد السلم او الأمن
الدولي.
انكار
الدولة او الدول المشكو في حقها هذا الادعاء وادعاء دولة بأن دولة اخرى اخلت بحقوق
دولة ثالثة واقرت الدولة الأخيرة ذلك
وبالتالي
يستطيع مجلس الأمن ان يضع يده مباشرة على المواقف لأن استمرارها من شأنه ان يعرض السلم
والأمن الدوليين للخطر، ونلاحظ من نصوص الميثاق وخاصة المادة (33) التي وردت بشأن النزاع
المهدد للسلم والأمن الدوليين وتطلبت بادىء ذي بدء حله بالوسائل السلمية لم تذكر بشأن
المواقف، وبالتالي نستطيع القول أننا إذا كنا بصدد موقف فهنا مجلس الأمن يتولى مباشرة
النظر فيه دون أن يثور الجدل الذي عالجته في المادة (33) بشأن النزاع، وذلك لأن الموقف
بحد ذاته يعرض السلم والأمن الدوليين للخطر.
ومن
ذلك نخلص الى ان مجلس الأمن يتولى النظر في المنازعات التي تعرض الأمن والسلم الدوليين
للخطر ويتولى النظر ايضا في المواقف ويعود للمجلس ذاته ان يقرر متى يعتبر الأمر نزاع
ومتى يعتبره موقف وبعد ذلك تثور مسألة كيف يضع مجلس الأمن يده على النزاع او الموقف
وهو ما سنعالجه فيما بعد.
المبحث الثالث
كيف يضع مجلس الأمن يده على النزاع أو الموقف
نظمت
المادتين (34)، (35) من الميثاق الطرق التي يتمكن من خلالها مجلس الأمن وضع يده على
النزاع او الموقف الذي يهدد الأمن والسلم الدوليين:
فنصت
المادة (34) من الميثاق على "لمجلس الأمن ان يفحص أي نزاع أو موقف يؤدي إلى إحتكاك
دولي أو قد يثير نزاعا لكي يقرر ما إذا كان إستمرار هذا النزاع أو الموقف من شأنه أن
يعرض للخطر السلم والأمن الدوليين".
أما المادة (35):
لكل
عضو من الأمم المتحدة أن ينبه مجلس الأمن والجمعية العامة إلى أي نزاع أو موقف من النوع
المشار إليه في المادة الرابعة.
لكل
دولة ليست عضوا في الأمم المتحدة أن تنبه مجلس الأمن أو الجمعية العامة الى نزاع تكون
طرفا فيه إذا كانت تقبل مقدما في خصوص هذا النزاع التزامات الحل السلمي المنصوص عليها
في هذا الميثاق.
من خلال
قراءة نصي المادتين الواردتين في الميثاق نجد أن الميثاق أعطى لأكثر من جهة الحق في
أن تعرض الأمر على مجلس الأمن وذلك تأكيد من الميثاق على الواجب الملقى على عاتق الدول
جميعا بحفظ الأمن والسلم الدوليين:
أولا: الدول أطراف النزاع أنفسهم:
ورغم
أن المادة (35) لم تنص على ذلك صراحة حيث أن ما ورد في المادة (35) ورد بشأن الدول
الأعضاء وغير الأعضاء دون ذكر اطراف النزاع ولكن نستطيع ان نستخلص ذلك من خلال نص المادة
(37) من الميثاق الذي أوجبت على أطراف النزاع عند فشلهم في حله حسب المادة (33) ان
يعرضوه على مجلس الأمن وهذا أمر غير مجادل فيه لأن أولى الأشخاص في عرض النزاع هم أطراف
النزاع أنفسهم لأنهم أعلم الأشخاص بتفاصيله من جهة ومدى حاجة مصالحهم لهذا الحل الجذري
للنزاع.
وهنا
نستطيع القول أن أطراف النزاع لهم عرض الأمر على مجلس الأمن سواء أكانوا أعضاء في الأمم
المتحدة أم لا وهذا واضح من نصوص الميثاق حيث أن المادة (35) أعطت صراحة الدول الأعضاء
وإن لم تكن طرف في النزاع أن تنبه مجلس الأمن له فمن باب أولى أن تنبه إذا كانت طرف
فيه.
ومن
جهة أخرى إذا لم تكن فإن المادة ذاتها في الفقرة (2) أعطت للدولة غير العضو والتي هي
طرف في النزاع أن تعرض الأمر على مجلس الأمن وبذلك نجد أن الدول أطراف النزاع أعطيت
الحق في ذلك سواء أكانت أعضاء أم لا.
وأرى
في هذا الصدد أنه حبذا لو أن الميثاق عندما أورد المادة (35) ذكر صراحة أطراف النزاع
ضمن بند خاص بذلك على إعتبارهم من أهم الجهات التي يحق لها عرض النزاع عليه وعدم ترك
هذا الأمر الخطير للاستنتاج من نص المادة (37) من الميثاق.
ثانيا: الدول الأعضاء في الأمم المتحدة():
وبمقتضى
المادة (35) أعطي الحق لكل عضو في الأمم المتحدة أن ينبه مجلس الأمن الى نزاع أو موقف
حتى ولو لم تكن الدولة العضو طرف في النزاع أو الموقف.
ونلاحظ
هنا أن تنبيه الدولة العضو في الأمم المتحدة لمجلس الأمن الى نزاع معين هو مجرد رخصة
منحها الميثاق للدول الأعضاء لها أن تستعملها أو أن تهملها حسب الأحوال حيث أن النص
جاء بلفظ
–لكل-
وليس بلفظ يجب ولكن في الحالة التي يكون فيها الدولة العضو طرف في النزاع وتفشل في
حله سلميا أوجب عليهما في المادة (37) أن تعرض الأمر على مجلس الأمن فهنا الأمر إلزامي().
ونجد
أن الدولة العضو هي وحدها التي تقدر هل تنبه مجلس الأمن أم لا لأن الدولة لا سلطان
عليها.
وهناك
من يرى انه لا يشترط أن تكون للدولة الاستقلال حتى ترفع النزاع الى الأمم المتحدة().
ولا أذهب مع الكاتب فيما ذهب إليه لأن الأعضاء في الأمم المتحدة هم دول كاملة السيادة
والاستقلال.
وتستطيع
الدول عندما تنبه مجلس الأمن الى النزاع ان تتقدم بإقتراح معين لحله كذلك، وذلك من
أجل مساعدة مجلس الأمن في ايجاد حل للنزاع الدولي، فهنا الدول الأعضاء هي صاحبة مصلحة
لأن هذا النزاع من شأنه أن يهدد الأمن والسلم الدوليين ككل.
ثالثا: الدول غير الأعضاء في الأمم المتحدة:
أعطت
الفقرة الثانية من المادة (35) للدول غير الأعضاء في الأمم المتحدة الحق أن تنبه مجلس
الأمن للنزاع الذي يهدد الأمن والسلم الدوليين ولكن نجد ان الميثاق بالنسبة للدول غير
الأعضاء وضع شروط حتى يقبل أن تنبه مجلس الأمن من قبلها():
لا بد
أن تكون الدولة غير العضو طرف في النزاع وهذا أمر منطقي من الميثاق عندما فرق ما بين
الدول الأعضاء وغير الأعضاء حيث أن الدولة غير العضو لا يقبل منها أن تنبه مجلس الأمن
لنزاع ليست طرف فيه لأنها لم ترضي أصلا ان تمثلها تلك المنظمة في حفظ السلم فليس لها
أن يوكل لها ذلك.
لا بد
أن تقبل الدولة مقدما الحل السلمي الذي يصدره مجلس الأمن وذلك حسب اعتقادي من أجل ضمان
جدية الأمر المعروض على مجلس الأمن وتوسيع صلاحياته بحيث ينظر ويحسم نزاعات لدول ليست
أعضاء في الأمم المتحدة.
رابعا: الجمعية العامة:
نصت
المادة (11)الفقرة الثالثة "للجمعية العامة ان تسترعي نظر المجلس الى الأحوال
التي يحتمل ان تعرض السلم والأمن الدولي للخطر".
فحسب
هذه الفقرة يكون للجمعية العامة ان تلفت نظر المجلس الى الحالات التي تعرض السلم والأمن
الدولي للخطر وهو ما يقابل لفظ التنبيه، والأفضل لو أن الميثاق استخدم ذات الألفاظ
للدلالة على ذات المعنى حيث أنه استخدم في الفصل السادس لفظ التنبيه، حيث أنه بموجب
الفقرة الثالثة من المادة (11) أن الجمعية العامة في هذه الحالة لا يشترط أن يعرض عليها
نزاع لأن ذلك يدخل في الفقرة (2) من ذات المادة(). حيث أن هذه الحالة تفترض ملاحظة
الجمعية العامة لمنازعة ما أو موقف حسب رأيي تعرّض السلم والأمن الدوليين للخطر فتنبه
مجلس الأمن لها شأنها في ذلك شأن الدول الأعضاء أو الدول غير الأعضاء أطراف النزاع.
خامسا الأمين العام:
نصت
المادة (99) "للأمين العام أن ينبه مجلس الأمن الى أية مسألة يرى أنها قد تهدد
حفظ السلم والأمن الدوليين".
ونجد
أن قيام الأمين العام بهذا الأمر يعتبر من قبيل المبادرة الشخصية من قبله وليس بطلب
من أجهزة الأمم المتحدة حيث ينبه الأمين العام مجلس الأمن إلى المسائل التي تهدد الأمن
والسلم الدوليين، ونجد أن نص المادة استخدم لفظ مسألة وبالتالي هذا يعطي الأمين العام
الحق في تنبيه حتى ولو لم تتضمن المسألة منازعة أو موقف.
وأنا
أجد أن لفظ المسألة هي المنازعة والموقف لأن هذين الأمرين هما اللذين من شأنها تهديد
الأمن والسلم الدوليين والذي نحن بصدده الآن فمجرد المسائل التي لا تتضمن منازعات أو
مواقف وهي محل الفصل السادس من الميثاق فأجد أن الأمين العام لا يملك أن ينبه مجلس
الأمن بشأنها، وطالما أن هذا الأمر من ضمن الأمور الشخصية العائدة للأمين العام فنجد
أنه قد يتدخل الأمين العام في تنبيه مجلس الأمن لمثل هذه المسائل لأنه عادة ما تكون
الدول أو أطراف النزاع ذاتها أسبق الى هذا الأمر.
ونجد أن هذه المادة لم تطبق في العمل إلا مرتين:
عام
1950 عندما نبه تريجفي لي مجلس الأمن الى نشوب الحرب في كوريا.
عام
1960 عندما نبه ودعا همرشولد مجلس الأمن الى بحث الأزمة الكونجولية.
والسبب
في ذلك لعله أنه يعود الى أنه عادة ما تقوم الدول أطراف النزاع وصاحبة العلاقة تنبيه
مجلس الأمن للأمر().
سادسا:
التدخل من قبل مجلس الأمن ذاته:
في كثير
من الحالات يصعب أو يدق عرض النزاع من قبل أطراف النزاع أو من قبل عضو من الأعضاء اما
لأمور تتعلق بمصالح الدول مثلا أو عدم الوصول الى اتفاق فيما بينها من اجل إحالة الأمر
لمجلس الأمن من جهة أخرى، أو تمسك الدول بسيادتها وحصانتها من جهة أخرى.
نعني
هذه الحالات وغيرها، ليس من المنطق ان يترك الميثاق استمرار النزاع او الموقف الذي
يعرض السلم والأمن الدوليين للخطر فهنا أعطي لمجلس الأمن الحق في أن يتصدى للموقف أو
النزاع من تلقاء نفسه حتى ولو لم يطلب منه أحد ذلك.
فنصت
المادة (34) من الميثاق "لمجلس الأمن أن يفحص أي نزاع أو موقف يؤدي إلى احتكاك
دولي أو قد يثير نزاعا لكي يقرر ما إذا كان استمرار هذا النزاع أو الموقف من شأنه أن
يعرض للخطر حفظ السلم والأمن الدوليين".
وقد
عرضنا أهمية التمييز والفرق بين النزاع والموقف سابقا فلا مجال لإعادتها منعا للتكرار
ولكن الذي يهمنا في هذا الصدد أن مجلس الأمن يهدف بصورة أساسية من فحص النزاع أو الموقف
هو التأكد من مدى تعريضه للسلم والأمن الدوليين للخطر حيث أنه هو الشرط الأساسي في
النزاع حتى ينظره مجلس الأمن(). ونجد أن الأمر يعود إلى تقدير مجلس الأمن نفسه في ضوء
المعطيات التي يحصل عليها حيث انه يستطيع ان يقوم بكافة الإجراءات التي يراها مناسبة
من أجل فحص النزاع او الموقف واذا انتهى بعد ذلك ان هذا النزاع او الموقف يهدد الأمن
والسلم الدوليين فهنا يستطيع ان يضع يده عليه ويعمد الى حله حسب ما اعطي له في المواد
الأخرى من الفصل السادس التي سنأتي على ذكرها.
المبحث الرابع
الطرق التي يتبعها المجلس بعد وضع يده على النزاع في حله
عالجت
المادة (36) وما بعدها الطرق التي يستطيع من خلالها مجلس الأمن ان يحل النزاع المهدد
للأمن والسلم الدوليين:
* المطلب
الأول: المادة (36) من الميثاق:
الفرع الأول: الطريقة المنصوص عليها في المادة (36):
نصت
المادة (36) من ميثاق الأمم المتحدة:
"لمجلس
الأمن في أية مرحلة من مراحل النزاع من النوع المشار إليه في المادة (33) أو موقف شبيه
به أن يوصي بما يراه ملائما من الإجراءات وطرق التسوية.
على
مجلس الأمن أن يراعي ما إتخذه المتنازعون من إجراءات سابقة لحل النزاع القائم بينهم.
على
مجلس الأمن وهو يقدم توصياته وفقا لهذه المادة أن يراعي أيضا أن المنازعات القانونية
يجب على أطراف النزاع – بصفة عامة – أن يعرضوها على محكمة العدل الدولية وفقا للنظام
الأساسي لهذه المحكمة".
وأن
التصدي الى تحليل هذه المادة نجد العديد من النقاط التي يمكن اثارتها، حيث أن الفقرة
الأولى من المادة أعطت لمجلس الأمن إذا وجد نزاع يهدد الأمن والسلم الدوليين إصدار
توصيات أيا كانت المرحلة التي وصل إليها النزاع وهذا حذا للبعض بالقول أن لمجلس الأمن
ذلك حتى ولو كانت الدول بصدد وسيلة من الوسائل المنصوص عليها في المادة (33)
ولكن
أستطيع القول في هذا الصدد أنه في حالة النزاع الذي تقوم فيه أطراف النزاع بإتباع طرق
التسوية التي أوردها الميثاق وكان يظهر ذلك لسوف يؤدي الى حسم الأمر فإن إحترام إرادة
وسيادة الدول يقضي أن لا يصدر مجلس الأمن توصياته في هذه الحالة وإنما عليه أن ينتظر
نتيجة هذه الطرق أو إذا لاحظ أن هذه الطرق التي تتبعها الدول لن تؤدي الى حسم النزاع
وان استمراره يهدد الأمن والسلم الدوليين فله التدخل في هذه الحالة.
من جهة
أخرى نجد أن المادة (36) لم تحدد ما هي الإجراءات التي يستطيع مجلس الأمن اتخاذها وبالتالي
نستطيع القول أن الأمر متروك له فإنه يستطيع أن يوصي بإتباع هذه الوسائل المنصوص عليها
في المادة (33) مثلا أو من جهة أخرى أي وسيلة أخرى يراها مناسبة لأن ما ورد في المادة
(33) من الميثاق إنما ورد على سبيل المثال وليس على سبيل الحصر.
ومن
الأمثلة على ذلك ما فعله في الحرب بين الباكستان والهند عندما كلف الأمين العام للأمم
المتحدة بإرسال مندوبه لدى كل من مصر وإسرائيل للمساعدة على حل مشكلة الشرق الأوسط
ومن
الأمثلة على ذلك أنه في قضية ميناء كورنو بين بريطانيا والبانيا وبعد عرض الأمر على
مجلس الأمن ، أوصى مجلس الأمن بعرضه على محكمة العدل الدولية وكان ذلك في 9 إبريل عام
1947م ومن هنا نجد أن مجلس الأمن رأى أن الوسيلة المناسبة هي إحالة الأمر الى محكمة
العدل الدولية من أجل هذا النزاع.
* القيد المفروض على المجلس:
نجد
أن المادة (36) عندما أعطت لمجلس الأمن صلاحية ان يصدر التوصيات التي يراها مناسبة
في أي مرحلة من مراحل النزاع فإنها لم تطلق له العنان دائما وإنما وضعت عليه قيود بشأن
النزاع لم ترد بشأن الموقف وبالتالي اذا تعرض الأمر بموقف وليس بنزاع لمجلس الأمن كامل
الصلاحية أن يصدر التوصيات التي يراها ملائمة دون قيد او شرط نظراً لمدى خطورة الموقف
أما هذه القيود فهي:
لا بد
أن يراعي مجلس الأمن الإجراءات السابقة التي اتخذتها الدول حيث أنه ليس من المقبول
ان يصدر توصية للدول بإتباع طرق المفاوضة عندما تكون الدول لجأت إليه ولم تنجح أو يقترح
عليهم اللجوء الى القضاء في الوقت الذي يتعلق فيه الأمر بمنازعة سياسية، وذلك لأن المجلس
هنا هو الذي يقترح الوسيلة هذا على خلاف ما ورد في المادة (33) حيث أنه يترك لإرادة
الأطراف أنفسهم اختيار الوسيلة المناسبة حسب رغباتهم.
ان المنازعات
القانونية دائما تدخل ضمن اختصاص محكمة العدل الدولية ولا يكون لمجلس الأمن أن يتصدى
لها بأي حال من الأحوال إنما يوصي بإحالتها الى المحكمة وهذا من قبيل احترام الاختصاص
بين أجهزة الأمم المتحدة.
من هنا
نخلص إلى أنه في هذه الحالة يقرر مجلس الأمن الوسيلة الملائمة ويوصي بإتخاذها فهنا
نجد أن صفة ما يصدر عن المجلس هو عبارة عن توصية وهذا يقودنا الى معرفة المقصود بالتوصية
وتمييزها عن القرار.
الفرع الثاني التوصية السلطة التي يملكها المجلس
ان العبارة
الواردة في المادة (36) تشير الى صلاحية مجلس الأمن بإصدار توصيات، والتوصية عبارة
عن اقتراح صادر عن منظمة دولية بغرض القيام بعمل او الامتناع عنه
وبالتالي
ما يملكه مجلس الأمن اذا استخدم المادة (36) هو اصدار توصيات وهنا الدول حرة في قبولها
او رفضها ولكن عادةً عندما ترفض الدول التوصيات فإنما تورد مبررات وأسانيد قانونية
لرفضها لأن الرفض المجرد يسبب لها إحراج سياسي.
ولكن
السؤال الذي يثور هنا؛ هل يستطيع مجلس الأمن أن يصدر قرارات في هذا الصدد وليس مجرد
توصية؟
وهناك
من يرى ان صلاحيات مجلس الأمن في الفصل السادس يقتصر الأمر على إصدار توصيات دوناً
عن القرارات حيث أن القرارات قاصرة على ما ورد في الفصل السابع من الميثاق
وقبل
الإجابة على هذا السؤال تجدر الإشارة أنه في القرارات هي عبارة عن عمل صادر ضمن منظمة
دولية ويرتب آثارا قانونية ملزمة.
وهنا
نجد أمام هذا الخلاف الفقهي حول صلاحية أو عدم صلاحية مجلس الأمن إصدار قرارات في إطار
الفصل السادس أجابت محكمة العدل الدولية في قضية بناميبيا عام 1971. قررت فيه أن مجلس
الأمن قادر على أن يخلع الصفة الملزمة على اية تصرف صادر منه يتعلق بحفظ السلم والأمن
الدوليين بقطع النظر عن التسمية التي أطلقها على الميثاق
وسندا
لذلك نستطيع القول أن لمجلس الأمن إصدار قرارات بشأن حالة المادة (36) في أي مرحلة
من مراحل النزاع طالما أن مجلس الأمن ذاته هو الذي يقرر مدى الحاجة الى اصدار قرار
او توصية، بالتالي لا بد من اصدار قرارات عندما تكون هناك حاجة لذلك وإن لم يكن فيصدر
توصية. ومع ذلك لا يوجد أية سابقة في هذا الصدد.
* المطلب الثاني: الطريقة المنصوص عليها في المادة (37):
نصت المادة (37) من ميثاق الأمم المتحدة:
اذا
أخفقت الدول التي يقوم بينها نزاع من النوع المشار إليه في المادة الثالثة والثلاثين
في حله بالوسائل المبينة في تلك المادة وجب عليها أن تعرضه على مجلس الأمن.
اذا
رأى مجلس الأمن أن استمرار هذا النزاع من شأنه في الواقع أن يعرض للخطر حفظ السلم والأمن
الدولي قرر ما اذا كان يقوم بعمل وفقا للمادة السادسة والثلاثين أو يوصي بما يراه ملائما
من شروط حل النزاع".
من خلال
الرجوع الى نص المادة اعلاه نجد انها تلقي واجب على عاتق الدول أطراف النزاع بلزوم
عرضه على مجلس الأمن، واذا لاحظنا في المواد السابقة ان للدول وحدها الحرية ان تقرر
عرض النزاع من عدمه على مجلس الأمن عدا الحالات التي يضع فيها مجلس الأمن يده من تلقاء
نفسه على النزاع، فهذه الحالة تتضمن إلتزام على الدول أطراف النزاع بوجوب عرضه على
مجلس الأمن.
ومن
خلال تحليل النص السابق أستطيع القول:
ان الإلتزام
الوارد في المادة ملقى على أطراف النزاع فقط بينما نجد أن المادة (35) السابقة أعطت
لأطراف مختلفة غير أطراف النزاع عرض الأمر على مجلس الأمن وطالما أن هذا الأمر، أمر
وجوبي نجد ان الميثاق قصره على أطراف النزاع فقط.
لا بد
أن يتأكد المجلس ان الطرفين استنفذا جميع الطرق السلمية المبينة في المادة (33) او
تبين له ان احدهما رفض الدخول في مفاوضات او يتهرب من استئنافها()، وأجد في هذا الصدد
أنه لا يشترط أن الأطراف إستخدموا كل الطرق المنصوص عليها في المادة (33) كما ذكرنا
عند معالجة المادة (32) حيث يكفي حسب اعتقادي – ولتحقيق الانسجام بين نصوص الميثاق
– ان تستنفذ الدولة أو الدول أطراف النزاع احدى الطرق المنصوص عليها في المادة حيث
كما ذكرنا في مكانه انه في كثير من الأحيان يصعب استنفاذ جميع الطرق، فيكفي ان تفشل
الطريقة التي لجأت إليها الدول أطراف النزاع حتى تلزم بعرضه على مجلس الأمن، حيث يستطيع
مجلس الأمن أن يرفض التصرف وفق المادة (37) الفقرة(2) في حالة اذا ما عرض عليه النزاع
بموجب المادة 37/1 قبل ان يحاول الأطراف أنفسهم حل النزاع بالطرق المبينة في المادة
(33) هذا إلا إذا استخدم مجلس الأمن صلاحياته سندا لنص المادة (34) وليس (37) الفقرة
(2)
وبعد
أن يتم رفع الأمر لمجلس الأمن من قبل أطراف النزاع ويصبح الأمر تحت يده ففي هذه الحالة
نجد أن الالتزام الأول الملقى على عاتق مجلس الأمن هو أن يفحص النزاع ليرى اذا كان
استمراره يهدد الأمن والسلم الدولي فإذا انتهى الى ذلك فماذا بإمكانه ان يتخذ:
أن يعمد
الى استخدام المادة (36) وبموجبها يوصي الدول كما ذكرنا بلزوم اتخاذ احدى الطرق السلمية
لحل النزاع والاجراءات التي يراها ملائمة بحسب الأحوال بحيث يقدر مدى خطورة النزاع
ويتخذ بشأنه ما يراه مناسبا. ونجد هنا أن صلاحية مجلس الأمن تقتصر على اصدار توصية
كما ورد في المادة (36) وكما عالجناها، ولكن استطيع القول ان احتمال اصدار مجلس الأمن
لقرار في مثل هذه الحالة يكون أكثر ورودا، والسبب في ذلك ان هذه المادة تفترض ان الدول
فشلت في حل النزاع سلميا ولزم عليها عرض الأمر على مجلس الأمن وطالما ان النزاع يهدد
السلم والأمن الدولي بالتالي يستطيع مجلس الأمن ان يصدر قرار وليس توصية لأن الأمر
اشد خطورة مما هو وارد في المادة (36) حسب ما تم تفسيره في قرار محكمة العدل الدولية.
الأمر
الثاني أن المجلس يتخذ ما يراه ملائما من شروط لحل النزاع وهذا ايضا من خلال توصية
ونجد ان الميثاق لم يحدد ما هي هذه الشروط وهذه الطريقة وبالتالي يترك لمجلس الأمن
ذاته ان يتخذ ما يراه ملائما.
المطلب الثالث نص المادة (38) من الميثاق:
نصت المادة (38) من الميثاق:
"لمجلس
الأمن اذا طلب إليه جميع المتنازعين ذلك ان يقدم توصياته بقصد حل النزاع حلاً سلميا
وذلك بدون اخلال بأحكام المواد من (33) الى (37)".
ونجد
أن المادة (38) يمكن اللجوء إليها إذا لم تتوفر حالات المادة (36) و (38) وذلك حسب
التوضيح التالي:
أن المادة
(36) تفترض أن يقوم مجلس الأمن بذاته في أي مرحلة من مراحل النزاع بالتصدي له والايصاء
بما يراه مناسبا من الحلول حسب الأحوال وضمن القيود التي أشرنا إليها بينما في المادة
(38) نجد أن مجلس الأمن لا يقوم بذلك من تلقاء نفسه وانما يقوم به بناء على طلب من
الدول أطراف النزاع بذلك ونجد أن المادة (38) تحدثت عن النزاع فقط دوناً عن الموقف
وهذا أمر منطقي حيث انه في الموقف والذي تضمنته المادة (36) يتدخل مجلس الأمن من نفسه.
ومن
جهة اخرى ان المادة (37) تفترض ان الدول فشلت في الحلول السلمية وان النزاع يهدد السلم
والأمن الدوليين فيما نجد ان المادة (38) لم تشترط ان تكون الدول مسبقا قد لجأت الى
الحلول السلمية حسب المادة (33) وانما قد لا تكون لجأت لذلك ومع هذا تعرض الأمر على
مجلس الأمن طالبة حل النزاع على ابعد من ذلك لم يرد في المادة (38) ان الأمر او النزاع
يكون مهدد للأمن والسلم الدوليين حيث أرى انه للدول أطراف النزاع ذلك حتى ولو لم يكن
الأمر مهدد للأمن والسلم الدوليين لأنه لو كان كذلك لوجب عليه التدخل من تلقاء نفسه.
السلطة التي يملكها مجلس الأمن
مما
لا شك فيه أن ما يملكه مجلس الأمن هو اصدار توصيات غير ملزمة للدول أطراف النزاع لأن
صلاحياته تقتصر على اصدار في هذا الصدد بصريح نص المادة.
وأرى
أنه في هذه الحالة قد لا يكون بإمكان مجلس الأمن اصدار قرار اذا لم تتوافر حالات المادتين
(36) و (37) لأن الأمر بإرادة الدول ذاتها ويكون الأمر أقل خطورة مما هو عليه في المادتين
السابقتين.
وهناك
من يرى بأن مجلس الأمن يقوم بالحل بغض النظر عن إحقاق الحق او تأمين العدالة طالما
ان الهدف الأساسي استتباب الأمن والسلم الدوليين
ونجد
أن ما يصدره مجلس الأمن هو عبارة عن توصية غير ملزمة ولكن كما قلنا بصدد المادة
(36)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق