ملخص:
تتناول هذه الدراسة موضوعا محوريا في العلاقات الدولية،فالسياسة الخارجية لا تخرج عن إطار سلوكيات الدولة وأنشطتها الخارجية_مجموع سياسيات خارجية تشكل العلاقات الدولية_ التي تسعى إلى تحقيق أهداف مسطرة سواء كانت أهدافا قريبة أم بعيدة المدى. من خلا التطرق الى مفهوم السياسة الخارجية،بدءا من تحديد تعريفا للسياسة الخارجية والتفريق بينها وبين بعض المفاهيم المتعلقة بها،انتهاء بالتطرق لعملية صنع السياسة الخارجية.
كما تتناول هذه الدراسة في هذا الموضوع ، التوجهات في الأدوار التي تطبع السياسة الخارجية للدول ،وذلك حسب نوع الأهداف المسطرة في أجندة السياسة الخارجية للدولة، وكذلك حسب موقع الدولة المادي والمعنوي.فقد تتوجه الدولة توجها إقليميا أو دوليا وذلك وفقا لمجالها الجغرافي والحيوي،حيث تبحث لنفسها عن دور إقليمي أو دولي يسمح لها تحقيق أهدافها الاستراتيجية.وقد تتوجه إلى محاولة إقرار أو تغيير الوضع الراهن للعلاقات الدولية وذلك بما يتلاءم مع استراتيجياتها ومصلحتها القومية.
كلمات مفتاحية:
السياسة الخارجية ،السياسة الدولية ،النظام الدولي/النسق الدولي ، التدخلي ،اللاتدخلي، المحددات الجغرافية الاقتصادية، النخبة.
مقدمة:
تعتبر السياسة الخارجية من أهم مجالات البحث في العلاقات الدولية،لأن من خلالها تتبلور العلاقات بين الدول، ولفهم هذه العلاقات يجب فهم السياسة الخارجية.وهذه الأخيرة لم تستقل عن مجال العلاقات الدولية إلا بعد الثورة السلوكية.وفي بداية الستينات من القرن الماضي تطورت ظاهرة السياسة الخارجية تطورا واضحا وذلك لتعدد قضاياها وتزايد الوحدات الدولية وتنوعها في النظام الدولي،مما اكسب دراستها أهمية بالغة.
تتجلى اهمية دراسة السياسة الخارجية في فهم التوجهات الخارجية للدول في علاقاتها فيما بينها وتفسير اسباب تبلور السياسة الدولية في انماط مختلفة في النسق الدولي ،كما ان دراسة السياسة الخارجية تمكننا من كشف وفهم الاستراتيجيات القومية للدول تجاه بيئاتها الخارجية، سواءا كانت هذه الدول كبرى او اقليمية ومدى نفوذها وحجم ادوارها الخارجية ، كما تمكننا كذلك من معرفة اسباب ضعف ادوار دول اخرى .
تهدف هذه الدراسة الى كشف الغموض عن مفهوم السياسية الخارجية ، من خلال التطرق لمختلف تعريفاتها للانتهاء بتعريف اجرائي لها ،وكذلك التعرف على اهم خصائصها وتوجهاتها انتهاءا بتحديد محدداتها .
تاتي هذه الدراسة في شكل بحث نظري لكشف الغموض عن مفهوم السياسة الخارجية بشكل عام مجيبة عن السؤال المركزي التالي : ماهي توجهات ومحددات السياسة الخارجية ؟
ومن هذه الاشكالية العامة تتفرع الاسئلة الفرعية التالية :
- مامفهوم السياسة الخارجية ؟
- ماهي خصائص السياسة الخارجية ؟
- ما توجهات السياسة الخارجية؟
- ماهي اهم محددات السياسة الخارجية ؟
وحتى نجيب عن هذه الاسئلة نختبر الفرضيات التالية :
- كلما كان مفهوم السياسة الخارجية ادق، كان تفسيره لواقع السياسة الدولية اشمل .
- السياسة الخارجية للدول لا تقبل عدة توجهات .
- قوة السياسة الخارجية للدول تخضع لطبيعة محدداتها
ومن اجل اختبار الفرضيات السابقة اتبعنا مقاربة منهجية مركبة حيث اعتدمنا كل من المنهج الوصفي والمنهج المقاربة بالاضافة الى الاستعانة بكل من النظرية الواقعية والمثالية في العلاقات الدولية .
جاءت هذه الدراسة من ثلاث محاور وفقا للخطة التالية:
المحور الأول :مفهوم السياسة الخارجية
- 1_ تعريف السياسة الخارجية
- 2_الفرق بين السياسة الخارجية وبعض المفاهيم المتعلقة بها.
- 3_ صنع السياسة الخارجية
المحور الثاني :خصائص وتوجهات السياسة الخارجية
- أ_ خصائص السياسة الخارجية
- ب- توجهات السياسة الخارجية :
المحور الثالث:أهداف ومحددات السياسة الخارجية
- 1-أهداف السياسة الخارجية
- 2- محددات السياسة الخارجية
المحور الاول:مفهوم السياسة الخارجية
يتناول هذا المحور مفهوم السياسة الخارجية،بدءا من تحديد تعريف للسياسة الخارجية والتفريق بينها وبين بعض المفاهيم المتعلقة بها،انتهاء بالتطرق لعملية صنع السياسة الخارجية.
1_ تعريف السياسة الخارجية
اختلف الكثير من المفكرين في تحديد مفهوم السياسة الخارجية بشكل دقيق،وذالك لاختلاف منطلقات كل منهم في تعريفه لها.ويمكن عرض بعض تعريفاتها في ثلاث اتجاهات.
الاتجاه الأول:يعرف السياسة الخارجية على أنها مجموعة برامج.
من أهم رواد هذا الاتجاه،الدكتور”محمد السيد سليم” إذ عرف السياسة الخارجية بأنها”برنامج العمل العلني الذي يختاره الممثلون الرسميون للوحدة الدولية من بين مجموعة من البدائل البرنامجية المتاحة من اجل تحقيق أهداف محددة في المحيط الخارجي “([1]).
يعقب الدكتور احمد النعيمي على هذا التعريف على انه تعريف دقيق ،ينطوي على الأبعاد التالية:الواحدية والرسمية والعلنية والاختيارية والهدفية والخارجية والبرنامجية([2]).
هذه الخصائص بالفعل تميز السياسة الخارجية،إلا أن هذا التعريف حدد السياسة الخارجية على أنها مجرد برنامج مسطر ومحدد الأهداف وعزلها عن تأثير البيئتين الداخلية والخارجية ، وهو ما قد يشيب الفهم الصحيح للسياسة الخارجية لأنها ليست فقط مجرد برنامج أو تحديد لأهداف معينة وإنما هي كذالك مزيج من سلوكيات عديدة لصانع القرار في الدولة وتفاعلها مع البيئتين الداخلية والخارجية .
كما يؤخذ على تعريف الدكتور “محمد السيد سليم”عدم تحديده لطبيعة الوحدة الدولية التي قصدها في تعريفه،فالوحدات الدولية في النظام الدولي متعددة فقد تكون دول أو منظمات دولية …الخ .
الاتجاه الثاني: يعرف السياسة الخارجية على أنها سلوك صانع القرار.
من أهم رواد هذا الاتجاه “تشارلز هيرمان”الذي عرف السياسة الخارجية بقوله “تتألف السياسة الخارجية من تلك السلوكيات الرسمية المتميزة التي يتبعها صانعوا القرار الرسميون في الحكومة أو من يمثلونهم والتي يقصد بها التأثير في سلوك الدولة الخارجية “.([3])
كما يعرف “مازن الرمضاني “السياسة الخارجية بأنها “السلوك السياسي الخارجي الهادف والمؤثر لصانع القرار”.([4])
ويؤيدهما في هذا الطرح المفكر “ريتشارد سنايدر” باهتمامه في دراسته للسياسة الخارجية بالبعد الإدراكي لصانع القرار،فيرى”أن الدولة تحدد بأشخاص صانعي قراراتها الرسمين ،ومن ثم فان سلوك الدولة هو سلوك الذين يعملون باسمها .وان السياسة الخارجية عبارة عن محصلة القرارات من خلال أشخاص يتبوؤون المناصب الرسمية في الدولة “.([5])
لقد انطلقت هذه التعريفات من الدمج بين السياسة الخارجية وسلوكيات صانع القرار فحصروا السياسة الخارجية في إدراك صانع القرار وسلوكه و في هذه الحال لم يتم التمييز بين السياسة الخارجية وعملية صنع القرار. فالسياسة الخارجية اشمل من عملية صنع القرار واشمل كذالك من أن تكون مجرد سلوك لصانع القرار.إلا أن سلوك صانع القرار يمكن أن يساهم في توجيه السياسة الخارجية. لكن السياسة الخارجية هي نشاط موجه للبيئة الخارجية هي في هذه الحال تتميز عن سلوك صانع القرار.
إذا يمكن القول أن سلوك صانع القرار هو بداية العمل في السياسة الخارجية و أن النشاط وتحقيق الأهداف هما جوهر السياسة الخارجية.
الاتجاه الثالث:يعرف السياسة الخارجية على أنها نشاط.
انطلاقا من حصر الاتجاه السابق السياسة الخارجية في سلوك صانعي القرار،رأى اتجاه ثالث أن السياسة الخارجية لا يمكن أن تنطبق فقط على سلوكيات صانعي القرار في الدولة وإنما تنصرف إلى النشاط الخارجي والحركة الخارجية للدول.
وفي هذا الإطار قدم “حامد ربيع” تعريفا للسياسة الخارجية على أنها “جميع صور النشاط الخارجي حتى ولو لم تصدر عن الدولة كحقيقة نظامية، أي نشاط الجماعة كوجود حضري،أو التعبيرات الذاتية كصورة فردية للحركة الخارجية تنطوي وتندرج تحت الباب الواسع الذي نطلق عليه السياسة الخارجية” .([6])
كما عرف ” موديلسكي” السياسة الخارجية في نفس اتجاه حامد ربيع حيث قال :السياسة الخارجية هي :”نظام الأنشطة الذي تطوره المجتمعات لتغير سلوكيات الدول الأخرى ولإقامة طبقا للبيئة الدولية وفي هذا الإطار هناك نمطين من الأنشطة : المدخلات و المخرجات”.([7])
ويعرفها كذالك “مارسيل ميرل” بأنها “ذالك الجزء من النشاط الحكومي الموجه نحو الخارج،أي الذي يعالج بنقيض السياسة الداخلية ،مشاكل تطرح ما وراء الحدود“”.([8])
إن هذه التعريفات طابقت السياسة الخارجية بالأنشطة الخارجية لدولة ما،حيث تهدف هذه الأنشطة إلى تغيير سلوكيات الدول الأخرى أو أقلمت أنشطتها.إلا أن الأنشطة الخارجية للدول لا تهدف في مجملها إلى تغيير سلوكيات الدول الأخرى ،فقد تهدف إلى الحفاظ على الوضع القائم .كما أن السياسة الخارجية لدول ليست موجهة فقط للدول فقط و إنما هي موجهة لجميع فواعل النسق الدولي*.
بالإضافة إلى ذالك فالسياسة الخارجية ليست دوما عبارة عن نشاط .فالدول التي تنتهج سياسة الحياد أو الجمود والانغلاق على البيئة الخارجية لا تقوم بنشاط تجاه تلك البيئة،وهذا ما يؤكد أن السياسة الخارجية ليست دائما تعبر عن نشاط تقوم به الدولة.
تعريف إجرائي:
من خلال التدقيق في التعريفات المختلفة للسياسة الخارجية،يمكن تقديم تعريفا شاملا لها،على أنها :مجموع نشاطات الدولة الناتجة عن اتصالاتها الرسمية مع مختلف فواعل النظام الدولي ،وفقا لبرنامج محكم التخطيط ومحدد الأهداف ،و التي تهدف إلى تغيير سلوكيات الدول الأخرى أو المحافظة على الوضع الراهن في العلاقات الدولية.كما أنها تتأثر بالبيئتين الداخلية والخارجية .
2_الفرق بين السياسة الخارجية وبعض المفاهيم المتعلقة بها:
أ_السياسة الخارجية والعلاقات الدولية:يرى الدكتور أبو عامر أن مفهوم السياسة الخارجية أقل شمولا من مفهوم العلاقات الدولية. فالسياسة الخارجية هي مجمل التوجهات العامة التي يتم إعدادها في بداية تاريخية معينة، أو بعبارة أكثر بساطة أنها هي التوجهات العامة التي يتم إعدادها عند مجيء حكومة جديدة للسلطة.والسياسة الخارجية هي تلك العملية التي تقوم أي دولة بتنفيذها من اجل الدفاع عن مصالحها الوطنية من اجل بلوغ هدف محدد سلفا.([9])
فالسياسةالخارجية تصنع داخل الدولة وهي انعكاس لسياستها الداخلية.أماالعلاقات الدولية فهي كما عرفها “مارسيل ميرل”:”كل التدفقات التي تعبر الحدود أو حتى تتطلع نحو عبورها،هي تدفقات يمكن وصفها بالعلاقات الدولية.وتشمل هذه التدفقات بالطبع على العلاقات بين حكومات هذه الدول ولكن أيضا على العلاقات بين الأفراد والمجموعات العامة أو الخاصة،التي تقع على جانبي الحدود_كما تشمل_جميع الأنشطة التقليدية للحكومات:الدبلوماسية، المفاوضات،الحرب…الخ ولكنها تشمل أيضا في الوقت نفسه على تدفقات من طبيعة أخرى_اقتصادية،إيديولوجية،سكانية، رياضية ،ثقافية،سياحية…الخ”.([10])
فالسياسة الخارجية لمجموعة من الدول تشكل جزء من العلاقات الدولية،لأن فواعل العلاقات الدولية اشمل من الدول،فهي تحتوي المنظمات الدولية والشركات المتعددة الجنسيات …الخ.
إذا العلاقات الدولية أكثر شمولا ،فهي حصيلة التفاعل الأشمل والأوسع بين قوى متعددة في النسق الدولي.
ب_السياسة الخارجية والسياسة الدولية:يعرف الدكتور “حامد ربيع ” السياسة الدولية بأنها”التفاعل الذي لا بد أن يحدث الصدام والتشابك المتوقع والضروري نتيجة لاختلاف الأهداف والقرارات التي تصدر من أكثر من وحدة سياسية واحدة”.([11])
رغم وضوح هذا التعريف وإقراره بان السياسة الدولية هي مجموع التفاعلات الصادرة عن أكثر من دولة والتي يمكن أن يطلق عليها تفاعل مجموع السياسات الخارجية للدول.إلا أن هذا التعريف أعطى لهذه التفاعلات صفة التصادم، وهذا ما لا يميز السياسة الدولية دائما فالسياسة الدولية يمكن أن تتضمن تفاعلات منسجمة وتعاونية بين الدول.
وأهم الفروق بين السياسة الخارجية والسياسة الدولية، هي أن عناصر السياسة الخارجية هي الأفراد والمؤسسات والأحزاب وهي تختلف عن عناصر السياسة الدولية والمتمثلة في الدول والمنظمات الدولية والجماعات النشطة. وهكذا فأن عنصر التحليل في السياسة الخارجية يختلف عن عنصر التحليل في السياسة الدولية.([12])
أما السياسة الدولية هي تفاعل مجموع السياسات الخارجية للدول بمعزل عن الفواعل الدولية الأخرى .وهي أشمل من السياسة الخارجية.ومجموع السياسات الدولية تشكل العلاقات الدولية.
ج_السياسة الخارجية والدبلوماسية: تختلف الدبلوماسية عن السياسة الخارجية ،فالسياسة الخارجية لدولة ما هي تدبير نشاط الدولة في علاقاتها مع الدول الأخرى،أو المنهج الذي تسير بمقتضاه الدولة في علاقاتها في الشؤون السياسية والتجارية والاقتصادية والمالية مع الدول الأخرى أما الدبلوماسية فهي أداة تنفيذ السياسة الخارجية ([13]).
و يعرف الكاتب الروسي “تونكين” الدبلوماسية بأنها” النشاط (بما في ذالك مضمون،وإجراءات وأساليب هذا النشاط الذي تمارسه الدولة،العامة أو الخاصة القائمة على العلاقات الخارجية)الذي يمارسه رؤساء الدول ،والحكومات،وإدارة الشؤون الخارجية،والوفود والبعثات الخاصة ،و الممثليات الدبلوماسية،ويحقق بوسائل سلمية أهداف شؤون السياسة الخارجية للدولة”([14]). إضافة إلى ذالك فالدبلوماسية تتسم بخاصية السلمية وتستعمل وسائل سلمية.أما السياسة الخارجية فيمكن أن تكون سلمية أو عكس ذالك لأنها تتسم بعدم الثبات على حال واحدة وفقا لمعيار المصلحة الوطنية.
3_ صنع السياسة الخارجية:
يتطلب صنع السياسة الخارجية الفهم والدراسة الدقيقة لمختلف العوامل والمحددات المؤثرة بشكل مباشر أو غير مباشر في صنع هذه السياسة،و أول ما يواجه صانع القرار هو مدى الإدراك السليم للموقف الذي هو بصدده،كالأزمة الدولية المفاجئة،واستحضاره لمجموعة بدائل حيال هذا الموقف،وبالتالي يكون القرار هنا اختيار لبديل من البدائل بناءا على توافر معلومات معينة تتعلق بالبديل ثم يتخذ القرار الذي يفترض أنه يحقق أكبر قدر من المزايا وأقل قدر ممكن من الخسائر وتساهم وسائل الإعلام المتطورة في توفير للمعلومات المرتبطة بشكل اساسي بالتفاعل بين البيئتين الداخلية والخارجية ([15])،وتساهم أيضا إلى حد كبير في دراسة وتقدير البدائل المتعلقة بالقرارات كما أنها تساعد في إقناع الجماهير بقرارات السياسة الخارجية أي تفاعلهم مع النظام القائم وتأثيرهم فيه كما تعمل على نقل مواقف الجماهير إلى صانعي القرارات.
وتمر عملية صنع واتخاذ وتنفيذ القرارات بمراحل متعددة، بدءا بالمرحلة التحضيرية والتي تتضمن تحديد المعيار الرئيسي وتحديد المتغيرات المرتبطة بالموضوع( تحديد البدائل وجمع المعلومات) وقياس المتغيرات بالمعيار الرئيسي ثم اختيار الهدف ورسم إستراتيجية تحقيق الهدف ، ثم تأتي مرحلة اتخاذ القرار باختيار احد البدائل وتنفيذه، أي ترجمة القرار إلى الواقع العملي من خلال أفعال ونشاطات وبرامج عمل ملموسة سواء كان هذا القرار في إطار الفعل أو رد الفعل وتأتي بعدها مرحلة ردود الأفعال والتقييم واستخلاص النتائج([16]).
وتتولى عملية صنع القرار مجموعة من الأجهزة الرسمية وغير الرسمية ،تأتي في مقدمتها السلطتان التشريعية والتنفيذية ،ويتفاوت ذالك حسب طبيعة الأنظمة السياسية،فتسيطر السلطة التشريعية على عملية صنع القرار في الأنظمة البرلمانية ،بينما تسيطر السلطة التنفيذية عليها في الأنظمة الرئاسية([17]).وفي ميدان الشؤون الخارجية تلعب السلطة التنفيذية الدور البارز في بلورة السياسة الخارجية وشرحها.
أما الأجهزة غير الرسمية فتشمل الأحزاب السياسية وجماعات المصالح والرأي العام،إلا أن هذه الأجهزة تؤثر بالفعل في توجيه سلوكيات السياسة الخارجية،إلا أن الأجهزة الرسمية في الدولة هي المسؤولة في النهاية عن صنع السياسة الخارجية .
المحور الثاني:خصائص وتوجهات السياسة الخارجية
تتميز السياسة الخارجية بشكل عام بنفس الخصائص مهما كانت طبيعة الدولة ، الا ان توجهاتها تختلف من دولة الى اخرى حسب تطلعاتها وطبيعة نظامها السياسي.
أ_ خصائص السياسة الخارجية :
تتميز السياسة الخارجية بخصائص يمكن حصرها في([18]):
1-الطابع الخارجي:”بمعنى أن السياسة الخارجية موجهة للبيئة الخارجية.فبالرغم من أن السياسة الخارجية تصنع داخل أجهزة الدولة _البيئة الداخلية_إلا أن تنفيذها ومسار سلوكها يكون في إطار البيئة الخارجية أي البيئة الدولية”.فالبيئة الخارجية هي الإطار الذي تختبر فيه هذه السلوكيات،وهو الذي تحقق فيه الأهداف المسطرة للسياسة الخارجية.
2-الطابع الرسمي:والمقصود بالرسمية هو” أن السياسة الخارجية تتخذ من قبل جهة رسمية في الدولة .أي انه لا يمكن لأي جهاز غير رسمي في الدولة أن يكون له الفصل النهائي في توجيه السياسة الخارجية “.
بالرغم من أن الأفراد والشخصيات والمؤسسات غير الرسمية لها تصورات وأراء حول أهداف وتفاعلات السياسة الخارجية ولهم كذالك معلومات وحقائق تساهم في بلورة هذه الأهداف ،إلا أنها لا تتسم بطابع الرسمية التي من خلالها يتم رد الفعل الرسمي للدولة إزاء القضايا الخارجية.
وأهم جهاز في الدولة يعطي للسياسة الخارجية الطابع الرسمي هو جهاز السلطة التنفيذية والذي يمثله في غالب الأحيان رئيس الدولة ،ورئيس الحكومة ووزير الخارجية ووزير الدفاع،وغيرهم من الأشخاص الذين يمثلون الأجهزة الرسمية في الدولة.
كما أن السياسة الخارجية لا توجه فقط إلى الدول كوحدات دولية تقليدية فيمكن أن توجه إلى وحدات دولية حديثة كالمنظمات الدولية ،أو أحزاب سياسية ذات وزن إقليمي.مثلا السياسة الخارجية لإيران في دعمها لحزب الله اللبناني،والسياسة الخارجية لسوريا في دعمها لحركة حماس الفلسطينية ضد الكيان الصهيوني.
3- الطابع الاختياري:يعني أن” برامج وقرارات السياسة الخارجية مختارة من عدة بدائل مقترحة .فأي موقف دولي لا يوجب بالضرورة رد فعل وحيد وحتمي لدى الدولة المعنية به، وأن تلك الدولة تمتلك مجموعة من الخيارات والبدائل الممكنة، فهي تختار أحدها حسب أهدافها ومصلحتها القومية” .
ويرى الدكتور السيد سليم أن المقصود بالاختيار ،أن السياسة الخارجية يختارها من يدعون صنعها من بين سياسات بديلة ممكنة.وهذا الاختيار يشمل ثلاث أبعاد :
– الصياغة الحقيقية للسياسة الخارجية تتم من طرف من هم منوطون بمهمة رسم السياسة الخارجية .أي الجهة الرسمية في الدولة والتي تتمثل غالبا في السلطة التنفيذية .أما الفواعل الأخرى في النظام السياسي فليس لها الاختيار بشكل نهائي في رسم الصيغة النهائية للسياسة الخارجية.
– في رسم السياسة الخارجية تتوفر مجموعة من السياسات البديلة لصانع السياسة الخارجية وعليه أن يختار من بينها.
– إن السياسة الخارجية المختارة من طرف صانع القرار تتسم بالمرونة،وذالك لقدرة صانع القرار على تغيير السياسة الخارجية متى تغيرت الظروف والمعطيات المتعلقة بموقف معين ،ذالك عندما يرى انه وجب عليه استبدال السياسة التي وقع عليها الاختيار قبل تبلور هذه الظروف بسياسة ملائمة لها.
4-الطابع الواحدي:يعني أن “السياسة الخارجية تتمثل في تلك البرامج التي تعتمدها وحدة دولية واحدة إزاء وحدات دولية أخرى.وهذا البعد هو ما يميز السياسة الخارجية عن العلاقات الدولية .فالعلاقات الدولية تفترض التفاعل، أي الفعل ورد الفعل بين الوحدات الدولية،أما السياسة الخارجية فتعني تلك السياسة الموجهة من وحدة دولية واحدة تجاه وحدات دولية أخرى”.كما أن الصفة(الواحدية) تعني أن قرار الدولة إزاء موقف دولي معين يكون موقف وحيد ولا يمكن أن يتعدد إلى عدة مواقف متناقضة .مثلا موقف الجزائر من قضية الصحراء الغربية هو موقف وحيد وثابت والمؤيد لاستقلال الصحراء الغربية.
5- الطابع الهادفي: إن أي “سياسة خارجية لابد أن تكون موجهة لتحقيق أهداف تم التخطيط لها من قبل صانع القرار،ويتم تعبئة كل الموارد المتاحة لتحقيق تلك الأهداف“.ومن هذا المنطلق لا يمكن اعتبار أن السياسة الخارجية مجرد رد فعل إلي تجاه البيئة الخارجية، إنما هي عملية واعية ومقصودة تسعى إلى التأثير على البيئة الخارجية لتمكين الدولة من أن تكون فاعل أساسي في النظام الدولي أو تحقيق والمحافظة على المصالح الوطنية لها على اقل تقدير.
ب- توجهات السياسة الخارجية :
تتبع الدولة توجها معينا في سياستها الخارجية، يطبعها لمدة زمنية قد تطول أو تقصر، وذلك حسب تلاؤم مصالحها الوطنية مع ذالك التوجه وفقا للظروف الداخلية للدولة والواقع الدولي المحيط بها.كما تتنوع توجهات الدولة في سياستها الخارجية حسب موقعها الاستراتيجي ومدى أهميته بالنسبة للدول الأخرى وأهمية الدولة في حد ذاتها ومدى فعاليتها سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي.
1_ التوجه الإقليمي –العالمي:
ينصرف التوجه الإقليمي إلى توجيه السياسة الخارجية للدولة وفقا لمجالها الجغرافي .فهناك دول توجه سياستها الخارجية نحو مجالها الإقليمي ولا تعطي أي اهتمام للقضايا البعيدة عن إقليمها.([19])
من أهم أمثلة الدول التي تنتهج هذا التوجه،جمهورية مصر العربية ،فالمجال الرئيسي لسياستها الخارجية هو الشرق الأوسط،كذالك السياسة الخارجية للبرازيل تجاه أمريكا اللاتينية .والسياسة الخارجية التركية في فترة تسعينيات القرن الماضي تجاه دول أسيا الوسطى والقوقاز .
وهذا التوجه تصاحبه صورة هامة للدور الوطني الذي تقدمه الدولة لذاتها،وهو دور الزعيم الإقليمي ،بحيث تقوم به الدول التي تمتلك إمكانيات كبيرة ومتنوعة مقارنة بالدول الأخرى في منطقتها مما يجعل منها قوة إقليمية ذات مسؤوليات خاصة تستثمر الدولة هذه الإمكانيات للقيام بدور نشط على الصعيد الإقليمي([20]).من أهم الدول التي تلعب هذا الدور وتبحث عنه كل من تركيا وإيران ،فكل منهما تسعى إلى التأثير في قضايا الشرق الأوسط.
يقابل التوجه الإقليمي ،التوجه العالمي ،بحيث توجه الدولة في هذه الحال سياستها الخارجية نحو وحدات دولية خارج إقليمها ،فاهتمامات هذه الدول موزعة على شتى دول العالم ،كما أنها تشمل أقاليم العالم.([21])ومن أمثلة الدول ذات هذا التوجه،الولايات المتحدة الأمريكية خاصة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية ،فهي توجه سياستها الخارجية تجاه مناطق عدة من العالم ،فسياستها نشطة في الشرق الأوسط وإفريقيا واسيا وارويا.
يصاحب هذا التوجه (العالمي) صورة هامة للدور الوطني الذي تقدمه الدول في سياستها الخارجية وهو دور زعيم تيار أو اتجاه دولي عام.حيث أن لهذه الدول دورا قياديا خاصة على الصعيد الدولي وعادة ما يعكس ذالك وجود عقيدة معية لدى الدولة وإمكانيات كبيرة تسمح لها بتحقيق هذا الدور.([22])كما هو الحال بالنسبة لسياسة الولايات المتحدة الأمريكية ضد الإرهاب.بالإضافة إلى سياسة نشرها للقيم الغربية كالديمقراطية والتي من خلالها تشن عدة حروب باسمها لإسقاط أنظمة تراها تهدد مصالحها القومية،كاحتلالها للعراق وتدخلها في السودان والصومال .
2_ توجه إقرار أو تغيير العلاقات الدولية الراهنة :
يميز هذا التصنيف بين توجه سياسة خارجية يسعى لإقرار النمط الراهن للعلاقات الدولية وبين توجه سياسة خارجية يسعى إلى تغيير النمط الراهن للعلاقات الدولية إلى نمط مثالي متصور.وتوجه الإقرار أو التغيير في العلاقات الدولية الراهنة لا ينصرف فقط إلى القضايا الإقليمية، بل يشمل كل القضايا الدولية في شتى أنحاء المعمورة. ([23]).ونتيجة لأتساع إنتشار هذا التوجه(الإقرار/التغيير )تتغير بعض معطيات الواقع الدولي ،كنمط التحالفات الدولية ،وهيكل التعامل الاقتصادي الدولي ،وعلاقات القوى الدولية
من أهم السياسات التي تساهم في تحقيق إقرار الوضع القائم إلى حد ما،سياستي الحياد وعدم الانحياز.وهتين السياستين اعتمدتهما الدول المستقلة عن القطبين المتصارعين أثناء الحرب الباردة.وهما تكسبان الدول دور المستقل النشط،حيث تكتسب الدولة المحايدة وغير المنحازة مصداقية عند الجميع ،وبالتالي تستطيع أن توظف ذالك في خدمة السلام والاستقرار الدوليين وابرز مثال على هذا التوجه مملكة النمسا([24]).
أما السياسات التي تسعى إلى تغيير الوضع الراهن في العلاقات الدولية هي سياسة الأحلاف والتكتلات الدولية .بحيث كل حلف يسعى إلى احتواء اكبر عدد من الدول لتأييده للسيطرة على المواقع الحيوية([25])،وبالتالي يمنع الحلف الضد من تقوية دفاعاته ،مما يسهل السيطرة عليه وإلغائه،هذا ما حصل بالفعل خلال الحرب الباردة بين حلف الناتو ووارسو ،حيث زال الأخير بسقوط الاتحاد السوفياتي .
3- التوجه التدخلي واللا تدخلي : إذا كان التوجهين السابقين صنفا وفقا لأهداف الدولة من خلال سياستها الخارجية ،فان هذا التوجه يصنف السياسة الخارجية من خلال الأدوات التي تتبعها الدولة في تنفيذ سياستها.بمعنى إلى أي حد توظف الوحدة الدولية أدوات تدخلية للتأثير في الوحدات الدولية الأخرى.
يذهب التوجه التدخلي إلى سعي الوحدة الدولية للتأثير في سياسات الوحدات الدولية الأخرى وتوجيهها بالتأثير في تركيب السلطة السياسية القائمة فيها.([26])
وهذا التوجه تعتمده في غالب الأحيان الدول الكبرى والدول الاقليمية ،والتي تبحث دوما عن النفوذ وتسعى للمحافظة على مصالحها القومية خارج إقليمها.ومن ابرز الدول التي تنتهج هذا التوجه الولايات المتحدة الأمريكية تجاه أمريكا اللاتينية ،وفرنسا في دول البحيرات الكبرى،وروسيا كقوى كبرى و ايران وتركيا في في الازمة السورية منذ 2011 كقوى اقليمية .
أما بالنسبة للدول العربية فمن ابرز الدول التي انتهجت التوجه التدخلي نجد سوريا تجاه لبنان ،بحيث بلغ تدخلها ذروته في الفترة السابقة لاغتيال رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق رفيق الحريري عام 2005، وكذلك التدخل العربي(الامرات قطر ،السعودية ……) بقيادة السعودية في في البحرين و اليمن.
أما التوجه اللا تدخلي،فإنه قد يحاول أيضا التأثير في سياسات الوحدات الدولية الأخرى ولكن بدون تدخل في تركيب السلطة السياسية.وهذا التوجه تنتهجه في غالب الأحيان دول ذات سياسة خارجية متوازنة ،حيث تسعى إلى تحقيق الحد الأدنى من مصالحها دون اللجوء إلى التدخل،وهذه الدول تعتمد على الاتفاقيات الرسمية([27]).
ومن أبرز الدول التي تنتهج التوجه اللا تدخلي،سياسة الجزائر تجاه ازمات دول الحراك العربي منذ 2011 ،والسياسة التركية تجاه الشرق الأوسط في العقد السابق (2000-2010).
إن الحديث عن هذه التوجهات الثلاثة للسياسة الخارجية كل على حدا،لا يعني أن انتهاج الدولة لأحدها يمنعها من انتهاج الأخر،فمن الممكن تصور تداخل الأنماط الثلاثة لتوجهات السياسة الخارجية للوحدة الدولية في توجه عالمي قوامه إقرار الوضع الراهن بشكل تدخلي.
المحور الثالث:محددات السياسة الخارجية.
يقصد بمحددات السياسة الخارجية تلك العوامل المتعددة التي تؤثر بشكل أو أخر في توجيه وتبلور السياسة الخارجية لأي دولة كما تعني أيضا دراسة السياسة الخارجية كمتغير تابع أمام مجموعة من المتغيرات المستقلة التي تفرضها معطيات البيئتين الداخلية والخارجية([28])،وتتعدد محددات السياسة الخارجية وفقا لمحددات داخلية و أخرى خارجية.
أ-المحددات الداخلية:وهي المحددات التي تقع داخل إطار إقليم الدولة وهي مرتبطة بالتكوين الذاتي والبنيوي لها والتي من خلالها يمكن للدولة أن ترسم وتحدد أهداف وتوجهات سياستها الخارجية .
تضم المحددات الداخلية كلا من المحددات الجغرافية،المحددات البشرية،والمحددات الشخصية،والمحددات المجتمعية،المحددات السياسية،والمحددات العسكرية.
1_المحددات الجغرافية :تشمل الموقع الجغرافي والمساحة والتضاريس والمناخ وهي العناصر الأساسية في تكوين الجغرافيا السياسية للدولة ،والتي تؤثر بشكل مباشر على حركية سياستها الخارجية،وهذا التأثير يكون من خلال تحديد قدرة الدولة على تنفيذ سياستها الخارجية ومن ثم تحديد مركزها الدولي.أما تأثيرها غير المباشر فيكون في تحديد نوعية ومدى الخيارات المتاحة للدولة عند توجيه وبلورة سياسة الخارجية. فالموقع الجغرافي مثلا يحدد مدى أهمية الدولة من الناحية الإستراتيجية،ويمكنها من لعب دور إقليمي أو حتى دولي كما يمكنه ان يساهم في بناء قوة الدولة ([29]).
فالموقع الجغرافي لتركيا على سبيل المثال جعلها دولة ذات أهمية بالغة ،وسمح لها من تقلد دور إقليمي مهم بحيث أنها تتوسط عدة دوائر إقليمية كالشرق الأوسط ،القوقاز ،الاتحاد الأوروبي،آسيا الوسطى .وفي المقابل نجد دول مغلقة جغرافيا فموقعها هذا لا يسمح لها بتقلد دور فاعل في سياستها الخارجية .
و يحمل الموقع الجغرافي أهمية كبيرة في الإستراتيجية الدولية، فالعامل الجغرافي يؤثر على السياسة الخارجية للدولة بشكل مباشر أو غير مباشر،ويكمن تأثيره غير المباشر في تحديده لعناصر قوة الدولة والتي تحدد بدورها قدرة الدولة على تنفيذ سياستها الخارجية([30]).وتجدر الإشارة إلى أن الموقع الجغرافي الاستراتيجي ليس كاف لوحده في تحديد دور فاعل للسياسة الخارجية لدولة ما، دون توافر المحددات الأخرى.
2_الموارد الطبيعية:توفر الدولة على موارد طبيعية هامة كمصادر الطاقة من بترول،غاز ،ومعادن كالحديد والنحاس والذهب ،ومواد غذائية كالقمح والذرة ،توفر هذه الموارد لدى الدولة ولو بنسب متفاوتة يساهم في استقلاليتها الاقتصادية ويمكنها من لعب دور فاعل في محيطها الإقليمي والدولي كقوة اقتصادية وتتمكن من التأثير على السياسات الخارجية للدول الأخرى،كما يمكنها من اتخاذ مواقف دولية تتواءم مع توجهات سياستها الخارجية .
أبرز مثال في هذا الصدد ألمانيا الاتحادية فهي تمثل قوة اقتصادية عظمى فتمكنت في التأثير سياسة دول الاتحاد الأوروبي سواء الداخلية أو الخارجية،كما ساهمت في قدرتها على اتخاذ مواقف تتناقض مع مواقف قوى كبره نظيرة لها كالولايات المتحدة الأمريكية وابرز موقف لها هو معارضتها للحرب الأمريكية على العراق عام2003،هذه القوة بلغتها ألمانيا بفضل استغلالها لمواردها الطبيعية الاستغلال الأمثل.
3_ المحددات البشرية:يؤثر العامل البشري في تحديد السياسة الخارجية باعتباره عنصرا مهما لبناء قوة عسكرية قادرة على أهداف سياستها الخارجية إثناء السلم والحرب ،كما يلعب عاملا مهما في توفير اليد العاملة سواء داخل الدولة أو إرسالها كيد عاملة خارج الدولة،مثلما هو الحال في الصين ،إلا أن هذه ليس مقياسا ثابتا لقوة الدولة عسكريا أو اقتصاديا،فهناك دولا ذات تعداد كبير من السكان مثل الهند واندونيسيا ولكن قد لا يعد أساسا للقوة العسكرية أمام التطور التكنولوجي.فإسرائيل تملك جيشا يمثل حوالي 10%من مجموع سكانها،كما أن عدد سكان إسرائيل اقل بكثير من الهند ،ولكنها تمتلك أحد أعلى معدلات التعبئة العسكرية في العالم، كذالك يعتبر جيشها من أقوى الجيوش من حيث التطور التكنولوجي .
من ناحية أخرى،فإن الإنفجار السكاني بدوره يشكل عبئا على الدولة ويعطل مسار التنمية الاقتصادية ،خاصة عندما يكون معدل النمو السكاني أكثر بكثير من معدل النمو الاقتصادي،مما يحتم عليها الاعتماد على المديونية الخارجية ما يجعلها في ارتباطات دولية تأثر على سياستها الخارجية .
4_المحددات الشخصية:من أهم العوامل المؤثرة في تحديد السياسة الخارجية للدول، المحددات الشخصية لصانع القرار في السياسة الخارجية.لأن غالبا ما تنعكس سلوكيات صانعوا القرار على السياسة الخارجية ،وبالتالي يجب التركيز على شخصياتهم،لان العامل القيادي يلعب دورا مهما في عملية صنع القرار الخارجي،خاصة في دول العالم الثالث ،بحيث أن الرئيس في هذه الدول يمثل العامل الحاسم في عملية صناعة القرار،وبما أن القرارات الصادرة عن الدولة في النهاية هي من صنع شخص أو مجموعة أشخاص،كان للسمات الشخصية لدى هؤلاء الأشخاص التأثير الكبير على تحديد السياسة الخارجية.ونعني بالسمات الشخصية هي مجموعة الخصائص المرتبطة بالتكوين المعرفي والسلوكي.
وقد سعى الباحثون إلى تحديد السمات الشخصية وتصنيفها .ومن أهم نماذج السمات الشخصية التي قدمتها الدراسات المختلفة والتي لها علاقة مباشرة بتوجيه سلوكيات السياسة الخارجية للدول،نموذج الشخصية التسلطية لـ”ادر ونو”،ونموذج الشخصية المتفتحة والمنغلقة عقليا لـ “روكيتس”،نموذج تحقيق الذات لـ”ماسلو”([31]).
حدد “ادورنو”وزملائه سمات الشخصية التسلطية في اليمينين المتطرفين وأضاف كل من “كريستي” و “جاحود”أن هذه السمات تتواجد كذالك في اليساريين المتطرفين والمؤيدين للشيوعية.ومن أهم سمات ذوي الشخصية التسلطية،النزوع إلى السيطرة على المرؤوسين ،والإذعان لمن هم أعلى منهم مقاما ،والحساسية لعلاقات القوة والحاجة إلى تصور العالم في إطار منظم.والاستعمال المفرط لنماذج النمطية في تصوير الأحداث والأشخاص والتمسك بالقيم التقليدية.وينزع التسلطيون كذالك إلى التعصب الوطني والعنصرية.كما تنزع إلى الدخول في حرب وتأييد العدوان([32]).ومن أبرز الأمثلة على الشخصية التسلطية “هتلر” و”موسليني” قبل الحرب العالمية الثانية،وكذالك مؤسس الجمهورية التركية “مصطفى كمال أتاتورك” الذي عرف بالعنصرية ضد القومية العربية .وكذالك الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش حيث اتسمت سياسته بالحروب.
أما الشخصية المنغلقة عقليا فقد ميزها “روكيتش” بأنها تتميز بقدر كبير من القلق،و تولي إهتماما أكبر بمصدر المعلومات الجديدة بدلا من مضمونها،وعدم القدرة على إستيعاب المعلومات التي تتعارض مع نسقها العقدي،وتنعكس هذه الصفات بالسلب على إنتقاء الخيار الأمثل من بين عدة بدائل.ويزداد احتمال تصور أصحاب الشخصية المنغلقة عقليا للمؤامرات .وهذا يميز معظم قادة العالم الثالث وبالأخص قادة الدول العربية ،حيث أنهم في حاله أزمة داخلية يسارعون إلى تحميل المسؤولية لأطراف خارجية تتآمر عليهم من اجل زعزعة استقرار بلدانهم([33])،وهذا ما يشكل انعكاسا سلبيا للسياسة الخارجية للدول المتهمة ما يجعلها تقوم برد فعل غير مناسب وقد يؤدي إلى حالة أزمة بينهم.
أما نمط تحقيق الذات الذي أتى به”ماسلو” هو من سمات الشخصية التي تؤثر ايجابيا على السياسة الخارجية،ويجب أن تتوفر بعض الشروط في شخصية صانع القرار لتحقيق هذا النمط.وتشمل هذه الشروط توافر الحاجات الفيزيولوجية،والأمن الداخلي والطمأنينة والعاطفة والانتماء،واحترام الذات ويؤدي إشباع هذه الحاجات إلى خلق شعور بالثقة لدى الفرد([34])،و من أبرز الامثلة على هذه ،شخصية رئيس الجمهورية التركي”عبد الله غول”،ورئيس وزرائه “رجب طيب اردوغان” وذلك من خلال ثقتهما بنفسيهما واحترامهما لذاتهما،ما أكسبهما قبول شعبي عالي على المستويين الداخلي و الدولي،وجعلهما ينتهجان سياسة خارجية فاعلة.
5-المحددات المجتمعية:تتضمن المحددات المجتمعية عدة عناصر أهمها:
أ_ خصائص الشخصية القومية :والمقصود بها الصفات العامة التي يشترك فيها كل سكان الدولة،والتي تميزهم عن غيرهم ،وهذه الصفات تتشكل بشكل كبير من الاجتماعية التي تتم عن طريق الأسرة والمدرسة ،فمقومات الشخصية الوطنية تؤثر في توجيه السياسة الخارجية،لأن صانعي القرار أنفسهم يحملون تلك القيم والصفات،وهم أشخاص يتأثرون بالبيئة التي يعيشون فيها مما ينعكس ذالك على خياراتهم في السياسة الخارجية.
كما أن طبيعة الشخصية تحدد أنواع السلوك الخارجي ([35]).فخصائص الشخصية القومية المشتركة توجه سلوك السياسة الخارجية،وابرز مثال في هذا الصدد،الرؤساء القوميون العرب كجمال عبد الناصر،فالأخير كان متأثرا بالصفات القومية العربية، وداعما للحركات العربية التحررية.كذالك توجه السياسيون الأتراك إلى احتواء الجمهوريات التركية* بعد انهيار الاتحاد السوفياتي.
ب_الرأي العام:ويعني موقف جماهير من الناس تجاه قضية او موقف معين،وقد استعمل “غابريال الموند” اصطلاح مزاج السياسة الخارجية للدلالة على الاتجاهات أو الميول العامة التي تبديها الفئات الواسعة من الناس في دولة من الدول تجاه سياسة خارجية معينة في وقت من الأوقات([36]).ففي المجتمعات الغربية يكون للرأي العام دور فعال في توجيه السياسة الخارجية،إما الأنظمة التسلطية فلا يؤثر الرأي العام على سلوك سياستها الخارجية بشكل كبير، بسبب انفرادية السلطة لدى الفرد أو الجماعة الحاكمة،وغياب الحريات الجماعية كحرية التعبير والمظاهرات.
وترى المدرسة الواقعية بان الرأي العام يتميز بصفات أهمها عدم الاهتمام والتبسيط والتقلب الشديد ،وعدم توفره على المعلومات الكافية في مجال السياسة الخارجية ،ويؤثر صانع القرار على الرأي العام أكثر من تأثير الأخير على الأول،فالرأي العام يلتف حول صانع القرار(الرئيس) خاصة في الأزمات ويؤيده بشكل مطلق([37]).وتأثير الرأي العام في توجيه السياسة الخارجية مرتبط بالعوامل المؤثرة فيه توجيه الرأي العام في حد ذاته واهم هذه العوامل وسائل الإعلام ودور الأحزاب كجماعات المصالح ووسائل الاعلام.إذا تأثيرالرأي العام في تحديد توجه السياسة الخارجية هو محصلة تعبئة الرأي العام من طرف وسائل الإعلام وغيرها.ولا يخفى أن وسائل الإعلام قد تكون مؤيدة للنظام وبالتالي تقوم بتعبئة الرأي العام لإعطاء الشرعية لمواقف النظام السياسي الداخلية أو الخارجية.
ج_المجتمع المدني:والمقصود به ذلك النسق الذي يشمل الأحزاب السياسية وجماعات المصالح من نقابات وجمعيات ومندوبيات .وتعتبر الأحزاب من المحددات الأساسية للسياسة الخارجية .ففي الأنظمة التسلطية يلعب الحزب الواحد دورا يعكس بشكل كبير سياسة الحكومة سواء الداخلية،كما يعوضها في النشاط الخارجي باعتباره الناطق الرسمي والوحيد بإسمها.أما في الأنظمة الديمقراطية فإن تأثير الأحزاب السياسية في السياسة الخارجية للدولة يبدو واضحا ويزداد بتزايد تمثيلها (الأحزاب) في البرلمان .ويختلف مستوى تأثير الأحزاب في النظم الديمقراطية حسب تنوع النظم الحزبية في هذه الأنظمة.
فتأثير الأحزاب في السياسة الخارجية في نظام تعدد الأحزاب يكون محدودا بسبب تغير الائتلافات([38])،هذا من جهة.ومن جهة أخرى فان رئيس الوزراء دوما يتبنى أفكار ومواقف وتوجهات حزبه في صياغة التوجهات الكبرى للسياسة الخارجية لبلده ،وأبرز مثال على ذلك ،الأحزاب العلمانية في قيادتها للحكومات التركية كانت تتجه في سياساتها الخارجية نحو الغرب وتضمر العداء للعرب.عكس الأحزاب ذات التوجهات الإسلامية فإنها كانت تنتهج سياسات متوازنة وتعاونية مع العرب.
6_المحددات السياسية :تتمثل أساسا في طبيعة النظام السياسي للدولة،والذي يلعب دورا مؤثرا في السياسة الخارجية.فالنظم الديمقراطية عادة ما تعكس سياسات خارجية سلمية وهي نظم تتسم بالتعددية وارتفاع نسب المشاركة السياسية .أما النظم التسلطية فهي تعكس سياسات عدوانية توسعية([39]).لكن ما يلاحظ في الواقع أن الأنظمة الديمقراطية تسعى لتحقيق القوة وتتنافس على مجالات حيوية للنفوذ،وتعتمد لتحقيق ذالك على القوة والعنف مبررة ذالك بنشر الديمقراطية وحماية حقوق الإنسان والأقليات،وأبرز مثال على ذالك الحرب الأمريكية على العراق.
ويلعب الاستقرار السياسي دورا فاعلا في تبلور السياسة الخارجية للدولة،بحيث يعمل هذا الاستقرار على تفرغ الدولة لصياغة سياسة خارجية تحقق أهدافها.كما ان هذا الاستقرار يعطي للدولة صورة حسنة في الخارج مما يساعد على انفتاح الدول الأخرى عليها ما يساهم في حركية السياسة الخارجية لها.وحالة الجزائر في فترة التسعينيات اصدق مثال على ذالك، فعدم الإستقرار في الجزائر ،حولها إلى دولة منبوذة مما ادخلها في عزلة عن العالم لأكثر من عشر سنوات ولازالت أثاره باقية إلى حد ألان.
7_المحددات العسكرية :يعتبر العامل العسكري المؤشر الرئيسي لقوة الدولة والأداة الفعالة لتحقيق أهدافها الخارجية.فتوفر الدولة على ترسانة عسكرية ضخمة وعلى قيادات عسكرية ذات كفاءة عالية ،بالإضافة إلى امتلاكها تكنولوجيا عسكرية متطورة يمكنها من الحصول على مختلف الأسلحة الذكية والمدمرة، مع توفر عقيدة عسكرية فعالة([40])،كل هذا يعطي للدولة وزن وهيبة دوليين ويساعدها على تحقيق أهداف سياستها الخارجية سواء عن طريق الترهيب أو شن الحروب .
ب-المحددات الخارجية :يعتبر النسق الدولي او الإقليمي من أهم محددات السياسة الخارجية للدول. فنمط توزيع القوى ضمن نسق دولي يتسم باستقطاب حاد يصعب على دولة ما تبني سياسة العزلة.فإذا كان النظام الدولي يقوم على أساس تكتلات ومحاور سياسية وعسكرية ،فان ذالك يدفع واضعي السياسة في الدول الصغرى إلى الدخول في بعض التحالفات لحماية أمنهم القومي ،بغض النظر عن ما قد ينطوي عليه من تعارض مع توجهاتهم السياسية العامة،أو الخروج عن بعض المبادئ العامة في السياسات التقليدية لهذه الدول([41]).كما أن هذه التكتلات تساعد الدول الكبرى المنشئة لها في تنفيذ سياساتها الخارجية وفرضها على ارض الواقع،وإرغام الدول الأخرى على تقبلها.
يشمل النظام الدولي أبعاد أساسية وهي:
1-الوحدات :إن عدد الوحدات الدولية في النسق الدولي له دور مؤثر في تبلور السياسة الخارجية لهذه الوحدات.فحسب “دويتش” و”سنجر” فأن تزايد عدد الوحدات الدولية يزيد من استقرار النسق الدولي،بحيث يتشتت حجم الانتباه الذي يوجهه أي فاعل دولي لبقية الفواعل الأخرى .بينما يرى “والتز” انه كلما قل عدد الفاعلين الدوليين في النسق الدولي قل احتمال وقوع الحرب وزادت درجة استقرار النسق الدولي.([42])
يمكن أن يؤدي تزايد عدد الوحدات الدولية إلى توازن استقرار النسق الدولي،وذلك بسبب تشابك وتداخل مصالح الدول إلى درجة التعقيد وعدم قدرة الدولة على الانحلال من هذا التشابك مما يدفعها إلى انتهاج سياسة خارجية ليست بالعدوانية وذالك حفاظا على مصالحها التي قد تتضرر في حالة انتهاجها لسياسة عدوانية.إذا تزايد عدد الوحدات الدولية يوسع من قاعدة الاعتماد المتبادل مما يقلل من وقوع الحروب ذات النطاق الواسع.
أما الاختلاف الجوهري بين “دويتش” و”سينجر” من جهة و”وولتز”من جهة أخرى أنهم لم يفصلوا في الفرق بين تزايد الوحدات الدولية بشكل عام وتزايد الفواعل الحقيقية المؤثرة في النسق الدولي.إذ أن تزايد الوحدات الدولية يحقق استقرار النسق الدولي،لكن تزايد عدد الدول الفاعلة بشكل مباشر والتي لها تأثير واضح في النسق الدولي خاصة في حال تضارب مصالحها يؤدي إلى اختلال استقرار النسق الدولي.
المؤسسات الدولية:تؤثر المؤسسات الدولية في السياسة الخارجية للدول بشكل كبير،وتأخذ المؤسسات الدولية شكلا تنظيميا للدول ،وتنظم العلاقات الخارجية للدول فيما بينها، كما تؤثر المؤسسات القانونية الدولية على السياسات الخارجية للدول،لأنها تخلق قيودا على بعض التصرفات الخارجية للدول.ولا ينحصر دور المؤسسات الدولية على تنسيق التعاون بين الدول فقط وإنما تعمل على حل النزاعات بين الدول وفقا للقانون الدولي([43]).
إلا أن المؤسسات والمنظمات الدولية تتسم بازدواجية المعايير بحيث تستعملها الدول الكبرى لتحقيق مصالحها حتى وان عارض ذالك مبادئ المؤسسات الدولية في حد ذاتها.
العمليات السياسية الدولية:وتعني الجانب الديناميكي للنسق الدولي والناتج عن مختلف التفاعلات التي تحدث بين الوحدات الدولية وفقا لمبدأ الفعل ورد الفعل،والمعاملة بالمثل ،والتي ينتج عنها طابع تعوني أو صراعي بين الدول.وذالك حسب موقع المصلحة الوطنية للدولة في الموقف المتخذ اثر الفعل ورد الفعل،ووفقا لموقع الدولة من توازنات القوى ضمن نظام توازن القوى الذي هو عصب النظام الدولي الحديث ([44]).
وتعكس العمليات السياسية تأثر السياسة الخارجية للدولة بالبيئة الخارجية لها.فرغم أن السياسة الخارجية هي انعكاس للسياسة الداخلية ،إلا أنها لا يمكنها أن تكون بمعزل عن البيئة الخارجية ،خارج التوازنات الاقليمية والدولية ،وذالك لتعقد وتشابك المصالح في النسق الدولي .
البنيان الدولي:ويقصد بالبنيان الدولي ،ترتيب الوحدات الدولية حسب قوتها ودورها الإقليمي والدولي .ويؤثر البنيان الدولي بشكل كبير في السياسة الخارجية للدول.أما قابلية الوحدات الدولية للتأثر بالبنيان الدولي تتفاوت بتفاوت طبيعة هذا البنيان ،حيث انه كلما كان البنيان الدولي متعدد الأقطاب كان للوحدات الدولية الفرصة للتأثير فيه من خلال انضمامها إلى احد الأقطاب ،مما يجعل الدول الأقطاب في حالة تنافس مستمر لاستقطاب اكبر عدد من الدول الأخرى.
الخاتمة
رغم تعدد تعاريف السياسة الخارجية إلا أنها لا تخرج عن إطار سلوكيات الدولة وأنشطتها الخارجية التي تسعى إلى تحقيق أهداف مسطرة سواء كانت أهدافا قريبة أم بعيدة الأمد ،وتتميز السياسة الخارجية بالطابع الرسمي والو احدي الذي يحدد من يقوم بوضع هذه السياسة كما أنها تتميز بالطابع الخارجي والذي يحدد الجهة التي توجه إليها السياسة الخارجية والتي دوما تكون خارج حدود الدولة وتتنوع هذه الجهات وفقا لتنوع الفواعل في العلاقات الدولية .
كما تصبغ السياسة الخارجية للدولة عدة توجهات وذالك حسب نوع الأهداف المسطرة في أجندة السياسة الخارجية للدولة وكذالك حسب موقع الدولة المادي والمعنوي.فقد تتوجه الدولة توجها إقليميا أو دوليا وذالك وفقا لمجالها الجغرافي والحيوي بحث تبحث لنفسا عن دور إقليمي أو دولي يسمح لها تحقيق أهدافها الإستراتيجية.وقد تتوجه إلى محاولة إقرار أو تغيير الوضع الراهن للعلاقات الدولية وذالك بما يتلاءم مع استراتيجياتها ومصلحتها القومية .وقد تتوجه توجها تدخليا أو لا تدخلي لتغيير التركيبة السياسة للدول التي ترى أن من مصلحتها القومية أن تتغير فيها النخب الحاكمة،وتختلف الوسائل المستخدمة في ذالك.
إلا أن توجهات السياسة الخارجية تحكمها عدة محددات ،تنقسم إلى محددات داخلية وأخرى خارجية .فالمحددات الداخلية تتعلق بالبيئة الداخلية للدولة،وتتنوع هذه المحددات بدءا من الجغرافيا ودور الموقع الجغرافي في تحديد أهمية الدولة،إلى تنوع الموارد الطبيعية وتوفرا الذي يعطي للدولة قوة اقتصادية في حال استخدامها بشكل جيد،يعطيها القوة والثقة في النفس .ما يجنبها المساومات التي تواجهها في حال الضعف.كما تلعب المحددات الشخصية والمجتمعية والسياسة الدور الهام في توجيه السياسة الخارجية وفقا لأطر فكرية أو إيديولوجية وحتى ثقافية وحضارية وتاريخية.أما المحددات الخارجية فهي في الأساس تتمحور حول النسق الدولي من خلال تعدد الوحدات الدولية والذي من شانه أن يربط هذه الوحدات ببعضها البعض أكثر، كلما زاد عدد هذه الوحدات .كما أن تفاعل البنيان الدولي وترابط الوحدات الدولية من خلال المؤسسات الدولية وما ينتج عنها من التزامات قانونية وأدبية ،كل ذالك يساهم في توجيه السياسة الخارجية للدول.
قائمة المراجع:
- أبو عامر علاء ،الوظيفة الدبلوماسية.عمان:دار الشروق للنشر والتوزيع،2001
- بالمر جيلين ،كليفتون مورجان،نظرية السياسة الخارجية .(تر:عبد السلام علي النوير ).الرياض:النشر العلمي والمطابع _جامعة الملك سعود،،2011
- جونسن لويد ،تفسير السياسة الخارجية .(تر:محمد بن احمد مفتي،محمد السيد سليم).الرياض:عمادة شئوون المكتبات جامعة الملك سعود..1989
- حقي توفيق سعد ،مبادئ العلاقات الدولية .عمان:دار وائل للنشر،2006. ط3
- السيد سليم محمد ،تحليل السياسة الخارجية.القاهرة:مكتبة النهضة المصرية، 1997. ط2
- عبيد الله مصباح زايد ، السياسة الخارجية .طرابلس:دار التالة ،1999.ط2
- فرانكل جوزيف ،العلاقات الدلية .(تر:غازي عبد الرحمان العتيبي.جدة :مطبوعات تهامة، 1984.ط2
- ليتل ريتشارد ،توازن القوى في العلاقات الدولية:الاستعارات والاساطير والنماذج.(تر:هاني تابري).بيروت:دار الكتاب العربي،2007
- محمد فهمي عبد القادر.المدخل الى الاستراتيجية .عمان :دار مجدلاوي،2006
- مصباح عامر ،الاتجاهات النظرية في تحليل العلاقات الدولية.الجزائر:ديوان المطبوعات الجامعية،2006
- ــــــــــــــــــــــــ.ـــــــــــــــــــــــــــ ،المقاربات النظرية في تحليل السياسة الخارجية.الجزائر:ديوان المطبوعات الجامعية،2008
- النعيمي احمد ،السياسة الخارجية .عمان:دار زهران للنشر والتوزيع،2009
- يوسف حتي ناصيف ،النظرية في العلاقات الدولية.بيروت:دار الكتاب العربي،1985
[3]) ) _محمد السيد سليم،تحليل السياسة الخارجية.القاهرة:مكتبة النهضة المصرية، 1997. ط2 ،ص07
[4]) ) _ محمد السيد سليم، المرجع نفسه،ص37
[6]) ) _محمد السيد سليم،مرجع سابق،ص36
[8]) )_ سعد حقي توفيق،مبادئ العلاقات الدولية .عمان:دار وائل للنشر،2006. ط3 ،ص15
[10]) ) _ سعد حقي توفيق،مرجع سابق،ص ص12،13
[12]) )__ سعد حقي توفيق،مرجع سابق،ص20
[14]) ) احمد النعيمي، المرجع نفسه،ص45
[15]) ) _ جوزيف فرانكل ،العلاقات الدلية .(تر:غازي عبد الرحمان العتيبي.جدة :مطبوعات تهامة، 1984.ط2،ص41
([16] ) عامر مصباح ،الاتجاهات النظرية في تحليل العلاقات الدولية.بن عكنون:ديوان المطبوعات الجامعية،2006،ص354
[17]) ) _سعد حقي توفيق،مرجع سابق،ص16
[19]) ) _ محمد سيد سليم، المرجع السابق ،ص37
[21]) ) _محمد السيد سليم ،مرجع سابق،ص38
[22]) )_ ناصيف يوسف حتي،مرجع سابق،ص174
([23] ) _جيلين بالمر،كليفتون مورجان،نظرية السياسة الخارجية .(تر:عبد السلام علي النوير ).الرياض:النشر العلمي والمطابع _جامعة الملك سعود،2011.ص20
[24]) )_ ناصيف يوسف حتي،مرجع سابق،ص174
[25]) ) _جيلين بالمر،كليفتون مورجان، مرجع سابق ،ص21
[27]) ) _ محمد سيد سليم ،المرجع نفسه،ص39
[28]))_ زايد عبيد الله مصباح ، السياسة الخارجية .طرابلس:دار التالة ،1999.ط2،ص129
[30]) ) عبد القادر محمد فهمي ، المرجع نفسه،ص10
[31]) ) _لويد جونسن ،تفسير السياسة الخارجية .(تر:محمد بن احمد مفتي،محمد السيد سليم).الرياض:عمادة شئوون المكتبات جامعة الملك سعود،1989،صص26
([32]) _عامر مصباح،المقاربات النظرية في تحليل السياسة الخارجية.بن عكنون:ديوان المطبوعات الجامعية،2008،ص215
[33]) ) _ لويد جونسن،مرجع سابق،ص27
[34]) ) لويد جونسن، المرجع نفسه،ص28
[36]) ) _ لويد جونسن ،مرجع سابق،ص167
* الجمهوريات التركية: آذربيجان ،كازخستان ،قيرغيزستان، مولدافيا، طاجكستان ،تركمانستان
وأوزبكستان
[39]) ) زايد عبيد الله مصباح،مرجع سابق ،ص257
[40]) ) _عبد القادر محمد فهمي ، مرجع سابق ،ص41
[41]) ) _ ناصيف يوسف حتي،مرجع سابق،ص160
[42]) ) _ ناصيف يوسف حتي،ا لمرجع نفسه،نفس الصفحة
[43]) ) _ لويد جونسن ،مرجع سابق،ص198
(([44]__ريتشارد ليتل ،توازن القوى في العلاقات الدولية:الاستعارات والاساطير والنماذج.(تر:هاني تابري).بيروت:دار الكتاب العربي،2007 ،ص131
اعداد الباحث : أ.عربي لادمي محمد – استاذ بقسم العلوم السياسية ،
- المركز الديمقراطي العربي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق