تأثير الذكاء الاصطناعي على الدبلوماسية
الذكاء الاصطناعي اليوم أصبح مفهوما متداولا جدا وقد دخل على جميع
المجالات العلمية التقنية منها وحتى العلوم الإنسانية. الهواتف الذكية بين ايدينا
وأجهزة التلفاز المتواصلة في بيوتنا خير دليل على ذلك. أصبح من الطبيعي اليوم
اقتناء أجهزة ذكية والتعامل ببرامج معلوماتية ذكية. علم الذكاء الآلي في حد ذاته
ليس بعلم جديد في العالم الأكاديمي ولا حتى التجاري لكن دمقرطته اليوم سمحت
بتداوله كمفهوم جديد، زاد من ذلك انتشار الأجهزة الرقمية المتصلة وظاهرة البيانات
الضخمة حيث أصبح المرء وان لم يكن متخصصا في المعلوماتية يتحدث عن الذكاء
الاصطناعي ويربطه عادة بالأجهزة التكنولوجية المبتكرة مع انه ليس كل شيء مبتكر
مرتبط حتما بالقدرة على التفكير الذاتي. الذكاء الاصطناعي تقنيا وليد مجالين
علميين: علم السلوكيات والعصبيات وعلم الإعلام الآلي أو كما يسمى حديثا بعلم
المعلوماتية (للتفرقة الصحيحة بين المجالين بالنسبة للمتخصصين في علم
الأوتوماتيكيات والعلوم الدقيقة). من حيث التعريف هو العلم الذي يضم كل
الخوارزميات والطرق النظرية منها والتطبيقية التي تعنى بأتمتة عملية أخذ القرارات
مكان الإنسان سواء كان ذلك بطريقة كاملة أو جزئية بمعية الإنسان، مع القدرة على
التأقلم أو الاقتباس أو التنبؤ. عادة، يكون البرنامج ذكيا إذا قام تلقائيا بسلوك
غير مبرمج مسبقا حيث يستطيع من نفسه اخذ قرارات جديدة للتكيف مع حالته وحالة محيطه
عبر الزمن. إن خصائص الذكاء الاصطناعي من التصرفات التلقائية والتطور الذاتي
والتعلم الآلي التلقائي توحي بفكرة حرية الآلة المطلقة في أخذ القرارات في
المستقبل القريب ومنه التخوفات المتصاعدة حاليا على الساحتين الإعلامية
والأكاديمية. لكن الواقع التقني والعوائق الأخلاقية والتكنولوجية تقول غير ذلك
وهذا ما سنحاول إثباته من خلال مقالتنا هذه. إشكالية أخلاقية البرامج المعلوماتية
والآلات الذكية ليست بجديدة وهي مطروحة منذ البداية وتستمر في مرافقة التطور
التكنولوجي بل إنها خلقت فرعا جديدا في علم المعلوماتية والحقوق يتخصص في هذا
المجال. في هذا المقال، سنحاول إعطاء أسس الذكاء الاصطناعي وخصائصه والبعض من نماذجه
الحية دون الدخول في تفاصيله التقنية كي نسلط الضوء على واقع تطوراته وطموحاته بين
ما وصل اليه فعلا وما يأمل للوصول اليه. هدفنا في هذه الدراسة كمختصين هو رسم صورة
أفق التكنولوجيات الذكية المتنامية بشكل واضح في الوسط الأكاديمي كي يتسنى لهؤلاء
متابعة دراسات دقيقة حول الموضوع.
الذكاء الاصطناعيّ
يُعنى الذكاء الاصطناعيّ (بالإنجليزية: Artificial intelligence) في التحكّم بالروبوت أو
الجهاز الرقمي باستخدام جهاز كمبيوتر، ويعتمد على تقليد ومحاكاة العمليات
الحركيَّة والذهنيَّة التي تمارسها الكائنات المتطورة كالإنسان، وقد أخذ الذكاء
الاصطناعيّ بالتطوّر والدخول في مجالات الحياة بصورة أكثر انتشاراً وتأثيراً منذ
أن تم تطوير جهاز الحاسوب في أربعينيات القرن العشرين لأداء العمليَّات البشريَّة
التي تتطلب قدرات تحليليَّة واستنتاجيَّة معقدة؛ مثل: محاكاة لعبة الشطرنج بصورة
متقنة، وإثبات النظريات الرياضية.
ما هو الذكاء الاصطناعي؟
بأبسط العبارات، يشير مصطلح الذكاء الاصطناعي (AI) إلى الأنظمة أو الأجهزة
التي تحاكي الذكاء البشري لأداء المهام والتي يمكنها أن تحسن من نفسها استنادًا
إلى المعلومات التي تجمعها. يتجلى الذكاء الاصطناعي في عدد من الأشكال. بعض هذه
الأمثلة:
تستخدم روبوتات المحادثة الذكاء الاصطناعي لفهم مشكلات العملاء بشكل
أسرع وتقديم إجابات أكثر كفاءة
القائمون على الذكاء الاصطناعي يستخدمونه لتحليل المعلومات الهامة من
مجموعة كبيرة من البيانات النصية لتحسين الجدولة
يمكن لمحركات التوصية تقديم توصيات مؤتمتة للبرامج التلفزيونية
استنادًا إلى عادات المشاهدة للمستخدمين
إن الذكاء الاصطناعي يتعلق بالقدرة على التفكير الفائق وتحليل
البيانات أكثر من تعلقه بشكل معين أو وظيفة معينة. وعلى الرغم من أن الذكاء
الاصطناعي يقدم صورًا عن الروبوتات عالية الأداء الشبيهة بالإنسان التي تسيطر على
العالم، إلا أنه لا يهدف إلى أن يحل محل البشر. إنه يهدف إلى تعزيز القدرات
والمساهمات البشرية بشكل كبير. مما يجعله أصلاً ذات قيمة كبيرة من أصول الأعمال.
يشير الخبراء إلى الاهتمام
الكبير والاستثمارات في مجال الذكاء الاصطناعي على مدى السنوات القليلة المقبلة
تقدر Deloitte أن يتم إنفاق 57.6 مليار دولار أمريكي على
الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي بحلول عام 2021، أي خمسة أضعاف ما عليه الأمر في
عام 2017
يشير معهد McKinsey Global إلى إمكانية إنفاق من 3.5 إلى 5.8 تريليونات
دولار أمريكي في القيمة التجارية المحتملة المعتمدة على الذكاء الاصطناعي عبر 19
مجالاً
فلسفة الذكاء الاصطناعي
روبوت هوندا أسيمو: إنّ
الذكاء الاصطناعي يشكل إلهاماً وتحدياً لعلم الفلسفة؛ لأنّه يملك القدرة على إعادة
خلق قدرات العقل الإنساني. قانون تورنغ (آلات الحساب والذكاء): نحكم على ذكاء
الآلة بالاعتماد على أدائها؛ حيث إنّ كان الجهاز يعمل بذكاء يضاهى الإنسان إذاً
فذكاءه يماثل ذكاء الإنسان. أطروحة دارتموث: يعتبر كلّ جانب من عملية التعلم من
مظاهرالذكاء الذي يمكن الإنسان من تصميم آلة تحاكيه. مبرهنة عدم الاكتمال لصاحبها
غودل: لا يمكن لأي نظام منطقي إثبات كافة الجمل الصحيحة، ورأى روجر بينروز وآخرون
أنّ هذه النظرية لم تضع حدوداً لما يستطيع أن يفعله الإنسان إنّما وضعت حدوداً لما
تستطيع أن تفعله الآلات. فرضية نظام نويل وسيمون للرموز المادية: تعتبر جوهر
الذكاء يكمن في القدرة على معالجة الرموز. فرضية المخ الاصطناعي: تحدث راي كرزويل
وهانز مورفيك وآخرون بأنّه من الممكن نسخ الدماغ مباشرة في البرمجيات والمعدات من
الناحية التقنية. فرضية سيرل حول الذكاء الاصطناعي القوي: تعرف باسم الغرفة
الصينية، وهي تتمحور حول إمكانية أن يملك الحاسوب عقلاً يماثل عقل الإنسان في حال
تمت برمجته بشكل ملائم بالمدخلات والمخرجات الصحيحة.
خصائص الذكاء الاصطناعي
يمتلك الذكاء الاصطناعي خصائص كثيرة جعلت منه
استثماراً ذا فعالية في كثيرٍ من المجالات تطبيق الذكاء الاصطناعي على الأجهزة
والآلات تمكّنها من التخطيط و تحليل المشكلات باستخدام المنطق. يتعرّف على الأصوات
والكلام، والقدرة على تحريك الأشياء. تستطيع الأجهزة المتبنّية للذكاء الاصطناعي
فهم المدخلات وتحليلها جيّداً لتقديم مخرجات تلبي احتياجات المستخدم بكفاءةٍ
عالية. يمكّن من التعلّم المستمر، حيث تكون عملية التعلّم آليةً وذاتية دون خضوعه
للمراقبة والإشراف. يقدر على معالجة الكم الهائل من المعلومات التي يتعرّض لها.
يستطيع ملاحظة الأنماط المتشابهة في البيانات وتحليلها بفعاليةٍ أكثر من الأدمغة
البشرية. يستطيع إيجاد الحلول للمشاكل غير المألوفة باستخدام قدراته المعرفية.
الذكاء الاصطناعي
هو محاكاة الدماغ البشري في القيام ببعض وظائفه المعقّدة من اكتسابٍ
للمعلومات من المحيط وربطها للتوصّل لاستنتاجات محددة متعلقة بأمرٍ معيّن، حيث تتم
عملية المحاكاة باستخدام أجهزة الكمبيوتر والآلات المتنوعة، حيث يعتبر فرعاً من
فروع علم الحاسوب التي تُعنى بخلق آلاتٍ وأجهزةٍ ذكيّة.
مفهوم الذكاء الاصطناعي
بكل بساطةٍ يشير الذكاء الاصطناعي إلى محاكاة الذكاء البشري من خلال
إنشاء أجهزةٍ مبرمجةٍ لها القدرة على التفكير مثل الإنسان وتقليد أفعاله، كما يتم
اطلاق هذا المصطلح على أيّة آلةٍ تمتلك سمةً مرتبطةً بالعقل البشري مثل القدرة على
التعلم وحل المشكلات.
تكمن أهمية هذا العلم بأنّه قد أدخل هذه الأجهزة إلى جميع أشكال
الحياة مما جعلها توفّر على الإنسان الكثير من الجهد والكثير من الوقت كذلك الأمر،
وفيما يلي سوف نتحدث عن مجموعةٍ من مجالات الذكاء الاصطناعي؛ هذا العلم الذي أصبح
أساسيًا في حياتنا اليوم، وما هي الغاية من كلٍّ منها.
الذكاء الاصطناعي واستراتيجيات المملكة العربية السعودية
تقنيات
"الذكاء الاصطناعي" تضيف إلى اقتصاد المملكة 215 مليار دولار بحلول عام .2035
نحن نعيش في زمن الابتكارات العلمية والتقنية غير المسبوقة، وآفاق
النمو غير المحدودة، ويمكن لهذه التقنيات الجديدة مثل الذكاء الاصطناعي وإنترنت
الأشياء، في حال تم استخدامها على النحو الأمثل، أن تجلب للعالم فوائد ضخمة، وفي
الوقت ذاته فقد ينتج عن هذه الابتكارات تحديات جديدة مثل تغير أنماط العمل
والمهارات اللازمة للتأقلم مع مستقبل العمل، وكذلك زيادة مخاطر الأمن السيبراني
وتدفق المعلومات، مما يستوجب معالجة هذه التحديات في أقرب وقت؛ لتفادي تحولها إلى
أزمات اقتصادية واجتماعية".
تلك الكلمات كانت في قمة مجموعة العشرين في "أوساكا"
باليابان، والتي ألقاها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، اليوم تترجم تلك الكلمات
أمام العالم بإنشاء الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي، فالعالم الآن في
شتّى بقاع الأرض يشهد الكثير من التطوّر في المجال الصناعي لا سيّما "الذكاء
الصناعي".
وبهذا فإنّ الأهمية التي أحاطت بالذكاء الاصطناعي والصناعات الذكية،
هي ما دفعت المملكة لكي تستحدث هيئة البيانات والذكاء الاصطناعي، والتي ترتبط
ارتباطاً مباشراً بنائب رئيس مجلس الوزراء؛ لتهتم بكل هذه المجالات التكنولوجية،
وهذا ما يُضفي عليها طابع الأهمية.
هيئة البيانات والذكاء الاصطناعي، التي جاء الأمر الملكي بإنشائها هي
واحدة من أهداف رؤية 2030؛ للارتقاء بالمملكة إلى مصافي الاقتصادات القائمة على
هذه المنظومة التكنولوجية المتقدمة، وذلك ضمن ثورة عالمية في هذا المجال تسعى من
خلالها الحكومة إلى أن تكون البيانات هي الاقتصاد المساند للاقتصاد الرئيس.
وجاء إطلاق القيمة الكاملة للبيانات باعتبارها ثروة وطنية لتحقيق
طموحات رؤية 2030، من خلال تحديد التوجه الاستراتيجي للبيانات والذكاء الاصطناعي.
وتسعى الهيئة الجديدة للاستفادة من أقصى قدر ممكن من تحول البيانات
لنفط القرن الـ21 بقيمة تقدر بتريليون دولار عالمياً في عام 2020.
وبحسب دراسات حديثة، فإن تقنيات الذكاء الاصطناعي تضيف إلى اقتصاد
المملكة العربية السعودية 215 مليار دولار بحلول عام 2035، وذلك استناداً إلى شركة
"أكسنتشر" المدرجة في بورصة نيويورك.
ورصدت تأثير تقنيات الذكاء الاصطناعي في 13 قطاعاً في المملكة العربية
السعودية ؛ لتحديد التأثير المحتمل لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في اقتصادات الشرق
الأوسط؛ حيث توقع التقرير أن المملكة ستشعر بتأثيرات الذكاء الاصطناعي بزيادة في
القيمة المضافة بقيمة 215 مليار دولار.
وسيظهر التأثير الأكبر في قطاعات الصناعة والخدمات العامة والاحترافية
في المملكة العربية السعودية ، وستحقق هذه التقنيات زيادات تصل إلى 37 مليار
دولار، و67 مليار دولار، و26 ملياراً على التوالي، في عائدات القيمة المضافة
الإجمالية السنوية.
ويأتي إنشاء الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي، وربطها
بنائب رئيس مجلس الوزراء، تأكيداً على أهمية البيانات كأولوية وطنية من خلال
الإشراف المباشر للقيادة العليا.
ومن شأن إدارة البيانات الوطنية استثمارها كأصول وطنية، من خلال إدارة
البيانات الرقمية وتنميتها وتمكينها وتعزيز قدرات المملكة في تطوير سياسات وضوابط،
وتشريعات لإدارة البيانات.
وتعمل المملكة حالياً على تأسيس كل مشاريعها المستقبلية ومدنها كذلك
بناء على تقنيات الذكاء الاصطناعي، وهو ما يفسر اهتمامها بتطوير قدراتها في مجال
الذكاء الاصطناعي واكتساب المعرفة والتكنولوجيات المتعلقة به، من خلال شراكاتها مع
الولايات المتحدة، كما تهدف المملكة إلى الاستثمار في هذا المجال الواعد والمليء
بالفرص التي تدر أرباحاً عالية، شأنها في ذلك شأن الدول الكبرى في العالم مثل
الصين التي أشارت تقارير إلى أنها استقطبت نحو 28 مليار دولار من الاستثمارات في
صناعة الذكاء الاصطناعي خلال عام 2017، كما أنشأت 28 مؤسسة جديدة للذكاء الاصطناعي
في العام نفسه، إضافة لـ128 مؤسسة كانت قد أنشأتها في عام 2016.
الذكاء الاصطناعي أساس مشروع "نيوم"
ويمثل مشروع "نيوم" واحداً من المشروعات السعودية التي يجري
تأسيسها بالكامل وفق تقنيات الذكاء الاصطناعي، فالتصميمات الإنشائية
لـ"نيوم" مبنية على جعله مدينة ذكية في البنية التحتية والطرق ووسائل
المواصلات والاتصالات التي ستتوفر بجودة عالية، وإتمام المعاملات عن طريق
"المترجم الآلي" الذي يغني عن المترجمين، بما يحقق "رؤية المملكة
2030" التي تهدف ضمن بنودها إلى الانتقال إلى عالم الإبداع والابتكار عبر
التطور التكنولوجي.
إن السياحة هي أكبر هدف لمشروع "نيوم" وتعد أهم الأهداف
والمشاريع التي ستجعل المملكة في مقدمة دول العالم"، مبينا أن المبالغ التي
تقدر بنصف تريليون ريال بحاجة إلى توفير آلاف المتخصصين والفنيين حول برامج
"الذكاء الاصطناعي".
وأن "مشاريع "الذكاء الاصطناعي" مربحة وحققت نجاحات
كبيرة، عبر تقديم التقنيات الحديثة على المستويين المحلي والدولي، ويقدم الحس
الذكي لـ "رؤية 2030"، التي من أهدافها الانتقال إلى عالم الإبداع
والابتكار، عبر تطوير التكنولوجيا، والروبوتات". وأن "الذكاء
الاصطناعي" يشمل عدة تقنيات، وهي ستساعد مشروع "نيوم" بجعلها مدينة
ذكية، وتتضمن مستشفيات ذكية، مدارس ذكية، ومنازل ذكية، مبينا أن أهم عوامل
"الذكاء الاصطناعي" هي البنية التحتية التي تخدم التمديدات الذكية،
والطرق الذكية، والكهرباء الذكية، والمياه الذكية.
وأن وسائل المواصلات، والطائرات تتبع تقنية عالية في المدينة، حيث
لدينا مؤشر بمسمى "5" أي دون تدخل بشري، وهي تتبع الطرق الذكية
للمواصفات العالمية الأولى، مبينا أن مشروع "نيوم" وتحديدا في هدف
"الذكاء الاصطناعي" سيوفر في المدينة اتصالات عالية الجودة، باستخدام
آخر ما توصلت إليه البشرية.
وأن استخدام التقنية المستقبلية لـ "الذكاء الاصطناعي"
تندرج تحته جميع الإجراءات لوصول المعلومات وإتمام المعاملات عن طريق
"المترجم الآلي"، حيث إنها تغني عن استخدام المترجمين وجعلها الأكثر
كفاءة حول العالم.
وأن مشروع "نيوم" وخدماته سيوفر ويخدم معايير الاستدامة
العالمية، حيث إن مجال الأبحاث الطبية، هو ثاني أكبر مستخدم يساعد في "الذكاء
الاصطناعي"، و"الطيار الآلي" هو أول مثال يستخدم في "الذكاء
الصناعي"، وأن المملكة بطرحها مشروعا عالميا مثل "نيوم" ستواكب
التطور العالمي لحظة بلحظة.
الاستثمار في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي.. بات هدف للمملكة العربية
السعودية خلال الفترة الحالية ضمن مبادرة "رؤية المملكة 2030"، من أجل
التحول إلى التكنولوجيا الرقمية في كل المجالات، وهو ما يسهم في تقدم تكنولوجي
يساعد على التطور الاقتصادي".
وتخطّط المملكة العربية السعودية لدخول عالم المدن الذكية والتحول
لتقديم الخدمات الحكومية الإلكترونية، حيث يعد مشروع "نيوم" الذي يتبناه
ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، خير مثال على ذلك والذي يتيح المباني الذكية
وانتشار السيارات الذاتية القيادة والخدمات المتنقلة الجديدة التي تحسّن حياة
السعوديين، من خلال المساعدين الرقميين، والمحادثة، والتعلم الآلي وغيرها.
ووقعت المملكة العربية السعودية اتفاقية مع شركة ميدلاب ميديا غروب
"MMG"، وهي شركة إسبانية تعمل في مجال التكنولوجيا، وتُركِّز على
دعم وتعزيز الممارسة التكنولوجية اليومية في اتخاذ القرارات الصحيحة، من أجل توفير
نظام اتصالات مشفر لبيئة الرعاية الصحية، ومحرك بحث تم تطويره حديثاً للاستخدام
الطبي على أساس الذكاء الاصطناعي، وبطاقة رقمية للمهنيين الطبيين، من أجل تسهيل
نقل البيانات الطبية الآمنة وكذلك تمكين نقل المعرفة بين الأطباء والخبراء
الطبيين، من خلال الوصول الفوري إلى المعلومات بغض النظر عن موقعهم الجغرافي.
كما تهدف المملكة العربية السعودية إلى استغلال الذكاء الاصطناعي
والتقنيات المرتبطة به، من أجل إيجاد فرص متعددة لتحسين كفاءة القطاع العام،
وتقليص الاعتماد كثيراً على العمال المغتربين وتحسين نوعية حياة مواطنيها.
وتتسلح المملكة العربية السعودية بعدة مزايا مهمة من أجل التقدم في
مجال الذكاء الاصطناعي على رأسها توافر رأس المال، والاستقرار السياسي، والبنية
التحتية القوية، مع طرح أولى شبكات للهاتف المحمول من الجيل الخامس 5G، وتوفير عرض النطاق
الترددي، والمواصفات الأخرى اللازمة لشبكات أجهزة الاستشعار المتصلة.
كشفت دراسة حديثة أعدتها شركة الأبحاث «جارتنر» أن الذكاء الاصطناعي
سيوفر 2.3 مليون وظيفة حول العالم العام القادم 2020م.
ويشير الخبراء إلى أنه من المتوقع أن يحقق الشرق الأوسط نسبة 2% من
إجمالي فوائد التحول العالمي نحو الذكاء الاصطناعي والتقنيات التكنولوجية المتقدمة
بحلول عام 2030 وهذا ما يعادل بنحو 320 مليار دولار، كما توقعوا أن يساهم الذكاء
الاصطناعي في النمو الاقتصادي السنوي بنحو 34-20% في منطقة الشرق الأوسط تتقدمهم
المملكة العربية السعودية والإمارات، الأمر الذى سيضع كل من البلدين ضمن أفضل 50 دولة
في العالم على مؤشر الابتكار العالمي من حيث القدرة على الابتكار ومخرجات
ابتكاراتهم.
الذكاء الاصطناعي مساعد في إتخاذ القرارات
أصبح البيروقراطيون والسياسيون إلى جانب الباحثين في الصين يفكرون في
الذكاء الاصطناعي كمساعد في إتخاذ القرارات اليومية, حيث تم تدريب الذكاء
الاصطناعى على البيانات المتعلقة بالسياسة الدولية والسياسة المحلية والقضايا
الأخرى ذات الصلة. وبالتالي، يمكن تدريب نظام الذكاء الاصطناعى على الإقتراحات
والتوصيات المتعلقة بالسياسة في غضون ثوانٍ, وقد دفع الرئيس الصيني شي جين بينغ
جدول أعمال الذكاء الاصطناعى في السياسة الخارجية ودعا إلى بذل جهود لفتح آفاق
جديدة في الدبلوماسية إعتمادا على الذكاء الاصطناعى, حيث إن البرنامج الذي أنشأته
الحكومة الصينية يأخذ كم هائل من البيانات التي تحتوي على معلومات تتراوح من ثرثرة
حفلات الكوكتيل إلى الصور التي التقطتها أقمار التجسس .
الاصطناعى وعملية صنع السياسات
حيث بدء الذكاء الاصطناعى يلعب دورا محوريا في عملية صنع السياسات
والقرارات والعلاقات بين الدول وصنع القرار مع تغير اسلوب العمل الدبلوماسى وفقًا
لمجموعة من المحددات السياسية والتفاعلات المؤسسية داخل النظام السياسي, على سبيل
المثال التنبؤ المبكر بالمخاطر، ومستويات أكثر تعددية وأعمق من المعرفة، وإمكانيات
بناء نماذج مختلفة وبدائل للقرارات والسياسات, حيث من المحتمل أن يكون للأنظمة
اللوجستية المستقلة آثار غير مباشرة مهمة على السياسة الدولية وأن يتغير الأداء
اليومي للنظام الدولي بشكل ملحوظ إذا تم استبدال سائقي الشاحنات أو أطقم السفن أو
الطيارين بنظام الذكاء الاصطناعى، ولكن من المرجح أن يتسبب الاستبدال الواسع
النطاق للعمل البشري الحالي في هذه القدرات في انتشار اقتصادي واسع النطاق مع ظهور
إضطراب سياسي على المدى القصير إلى المتوسط, بالتالى سيؤدي صعود الذكاء الاصطناعي
إلى تعديل آليات وتوازنات تلك القوى الفاعلة، حيث يعتمد سباق القوة فى عالم
العلاقات الدولية على وفرة المعلومات وحسن استخدامها بالإضافة إلى عنصر السرعة .
يمكن أن يكون لكيفية نَشِرَ الذكاء الاصطناعي من جانب الحكومات عواقب
وخيمة في العلاقات الدولية، خاصةً إذا كانت لدى حكومة ما قُدْرات غير عادية في
مجال الذكاء الاصطناعي مثل أمريكا والصين حيث يمكن أن يؤدي الوصول إلى الأسلحة
المستقلة واستخدامها إلى تغيير ميزان القوى العالمي. قد تحدث التحديات التي تواجه
ميزان القوى في المنطقة مع تحرك بعض الدول للاستفادة من تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي
لعكس المساوئ العسكرية التاريخية تجاه جيرانها. إن الحكومات التي تختار تبني
الذكاء الاصطناعي بطريقة مسؤولة تحكمها ضوابط أخلاقية وضمان بقاء البشر هم
المتحكمون النهائيون في قرارات صعبة مرتبطة بالحياة، ولكنها قد تضع نفسها في وضع
إستراتيجي غير جيد من خلال القيام بذلك. إن تبَنَّى الذكاء الاصطناعي في ساحة
المعارك العسكرية فى نطاق الضوابط الاخلاقية شئ لايمكن تحقيقة ولا تستطيع سوى
القليل من الدول تحمله وتنفيذة.
بالإضافة إلى ذلك، هناك خطر كبير من أن الأنظمة العسكرية المدعومة من
الذكاء الاصطناعى وصنع القرارات التي يقودها الجيوش التى ستقوض في نهاية المطاف
الأساليب الدبلوماسية الحالية لإحتواء تلك الصراعات, حيث لم يكن الغرض من المؤسسات
والمعاهدات الدولية لمعالجة السياسة الخارجية فى تحديد الأسلحة وعدم الانتشار أن
تنطبق على نظام عالمي يتمتع بهذة التقنيات الذكية. ربما يأتي التهديد الأكبر من
أسلحة التى تعتمد على الذكاء الاصطناعى في نهاية المطاف من الجهات الفاعلة
الارهابية من غير الدول. إن تكلفة نشر سلاح ذكى مثل نشر الطائرات بدون
طيارالمنخفضة التكاليف يكفي لتقع في نطاق الإرهابيين، مما يعني درجة متزايدة من
التماثل بين الجيوش الوطنية والجهات الفاعلة غير الحكومية التي تمضي قدماً في بعض
جوانب الحرب .
في المستقبل القريب، قد تتضمن حرب البيانات ساحات قتال إفتراضية بين
أشكال الذكاء الاصطناعي التي تسعى إلى تعطيل بعضها البعض، وتصيب أنظمة القيادة
والتحكم تلقائيًا بالتضليل والتعليمات البرمجية الضارة. قد يشمل ذلك تزويرًا
إعلاميًا متطورًا تم تطويره بواسطة الذكاء الاصطناعى، وهو مصمم لحث السكان
المعارضين على الاعتماد على الأكاذيب أو التصرف بما يتعارض مع مصالحهم بأقصى قدر
من الكفاءة والتأثير .
وهذا يضع إستراتيجيات الحد من التسلح وعدم الإنتشار في ضوء جديد
تمامًا، ويعني الحاجة إلى مواءمة السياسات الخارجية المشتركة بين الحلفاء من أجل
ردع مثل هذه الأعمال من قبل الدول المعادية والجهات الفاعلة غير الحكومية. هناك
قدر ضئيل للغاية من الفهم داخل الحكومات وبين الدبلوماسيين حول كيفية عمل هذه
تقنيات الذكاء الاصطناعى، وما هي الخيارات المتاحة لمواجهتها. بدأت الحكومات في
التخطيط والاستثمار لمستقبل الذكاء الاصطناعى، لكن لم يقم أي منها بعد بوضع وتوضيح
خطوط وضوابط حمراء قابلة للتنفيذ حول كيفية استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي وفقًا
لمعايير القانون الدولي الحالي أو في سياق حقوق الإنسان .
يطرح ظهور تقنيات الذكاء الاصطناعي تحديات خطيرة لفكرة تقوية المؤسسات
الديمقراطية وحماية المساواة الاجتماعية، نظرًا لأن ممارسات المراقبة المعززة
للذكاء الاصطناعى يمكن أن تقيد الحقوق والحريات المدنية، ويمكن أن يتفاقم الصراع
الاجتماعي والثقافي من خلال إدامة التحيز الاجتماعي والتمييز المتأصل في الذكاء
الاصطناعي والخوارزميات, لا يمكن أن تتمثل مهمة السياسة الخارجية في تصميم وتنفيذ
الضوابط والتوازنات بشأن ممارسات المراقبة التي تتبعها الأجهزة الأمنية، لكن من
ضمن مجال الدبلوماسية الدولية إيصال هذه السياسات إلى بقية العالم
أظهر ظهور عصر الإنترنت التوتر القائم بين الاعتبارات الأمنية
والحريات الضمنية عبر الاتصال مثل حرية التعبير, لقد فاقم الذكاء الاصطناعى هذا
التوتر بالفعل مع وصول قدرات المراقبة والرقابة الحكومية المعززة إلى مستويات
جديدة من التطفل، لا سيما باسم الأمن القومي, حيث يتمثل التحدي الذي تواجهه
السياسة الخارجية في عصر الذكاء الاصطناعى في تعزيز أجندة مستنيرة حيث تستمر قدرات
المراقبة والقدرة التنافسية المفرطة في الارتفاع .
وفي ضوء ما سبق، لن تكون السياسات الخارجية التي تستفيد من أدوات
الدبلوماسية الحالية تشجع على التكيف المسؤول والمدروس والمنهجي للذكاء الاصطناعى
مقبولةً على نطاق واسع وأقل مقاومة فحسب، ولكنها ستحظى بفرصة أكبر لتحقيق الأهداف
الوطنية, ويمكن الاستفادة من الذكاء الاصطناعى لتغيير العلاقات الدولية والسياسة
الخارجية وتحويلها بالكامل ولكن سيكون هناك بعض المتطلبات التي يصعب الحصول عليها،
لذلك يجب التعامل معها بحكمة على السعي لتحقيق كرامة الإنسان باعتبارها سيد جديد
للإنسانية المتناقصة .
ويجب أن تكون حافزا لمزيد من التضامن العالمي وليس مصفوفة طاغية من
الانقسامات السياسية أو الجيوسياسية الجديدة, وعلى الدبلوماسية أخذ مجموعة من
الاعتبارات أولها كيف يمكن أن يحول الذكاء الاصطناعي البيئة التي تمارس فيها
الدبلوماسية حيث اصبح الذكاء الاصطناعى أداة للممارسة الدبلوماسية, ويجب العمل على
تطبيقات ذكاء اصطناعى تدعم عمل الدبلوماسيين حيث هناك أمثلة مثيرة للاهتمام في
مجال معالجة اللغة الطبيعية يمكن أن تساعد الدبلوماسيين على الاستعداد بشكل أفضل
للمفاوضات التى لها تأثيرًا كبيرًا على حياتنا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية
مثل التجارة، وحقوق الإنسان، والحريات وغيرها .
وهنا لابد أن تعي الدبلوماسية أنها بحاجة إلى أن يكون لديها وعي جيد
بالذكاء الاصطناعي وادواتة وكيف يؤثرعلى ادارة شئون العلاقات الخارجية, وأخيراً
يجب على وزارات الخارجية في إعادة بناء القدرات بحيث يكون لدى كل شخص فهم أساسي
للذكاء الاصطناعى. الذكاء الاصطناعي يوفر للدبلوماسية قدرة كبيرة على توقُّع
مسارات الأحداث على المستويات الداخلية والإقليمية والدولية مما يساعد على اتخاذ
القرار السليم على أساس معرفة دقيقة، سواء في مجال السياسة الداخلية، أو الخارجية
.
فهد بن ناصر
الدرسوني
طالب الدكتوراه في الفلسفة السياسية
المراجع
§
أحمد أبوالمجد، الصين.. الذكاء الاصطناعي يخطو إلى عالم الدبلوماسية، العين
الاخبارية، 2018م.
§
إميل أمين، محرم 1441 هـ - 05 سبتمبر 2019 مـ
الشرق الاوسط رقم العدد 14891
§
كريس بارانيوك، ما هي حقيقة قصة الذكاء
الصناعي ،عربي نيوز، 2017م، https://www.bbc.com/arabic
§
روبوت" الذكاء الاصطناعي ، www.infoplease.com ،2017.
§
جوناثان ديسينج، ما هي الذكاء
الاصطناعي؟" ، www.lifewire.com 2017.
§
عماد الحكمي، لماذا أنشأت السعودية هيئة
للبيانات والذكاء الاصطناعي؟ ، العربية.نت - 2 محرم 1441 هـ - 01 سبتمبر 2019
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق