الـمـــقـدمــة
تكمن أهمية الوساطة أهمية الوساطة كوسيلة بديلة لحل المنازعات الدولية بالطرق السلمية بكونها الفكرة البديلة عن الإكراه والعنف الذي ينشأ بين الدول المتنازعة ، وتعتبر الوسيلة البديلة حتى عن القضاء والمتجاوزة عن تعقيداته وإجراءاته المعقدة التي تهدف إلى حل النزاعات الدولية بين أشخاص القانون الدولي بعيدا عن المحاكم الولية المختصة وساحاتها، وبعيدا عن المشاحنات التي تظهر عند إقامة الدعوى أمام القضاء الدولي .
فالوساطة تعد طريقا سهلا وسلسا وأقل مشقة من الطرق الاعتيادية التي اعتاد الأطراف اللجوء إليها لتسوية نزاعاتهم، وإضافة إلى ذلك فأن الوساطة تعتبر من الطرق البديلة التي تعمل على توفير الوقت والجهد على المتخاصمين مقارنة بالوسائل الأخرى .
ومما لاشك فيه إن حل المنازعات عن طريق الوساطة يعتبر من الوسائل والمظاهر الحضارية لحل النزاعات الدولية عن طريق الحوار الهادف البناء ، الذي توفره الوساطة للأطراف يدل على حضارية فكرة الوساطة وحضارية الأطراف بقبول الحوار وجعله مفيدا وبناءا .
ولذلك فإنني أطمح عن طريق هذا البحت المتواضع تسليط الضوء على أهمية الوساطة ، وأهمية تطويرها في نفس الوقت،أملا بالمساهمة في توضيح الوساطة كحل بديل وسلمي في تسوية النزاعات الدولية .
مشكلة الدراسة:
الإشكاليات الرئيسية للدراسة ليست إيجاد تعريفا للوساطة كونها آلية سلمية لحل المنازعات الدولية أو تطورها وبيان خصائصها وأنواعها وإنما….
1- هل للوساطة دور في حل المنازعات الدولية ؟
2- وهل كانت هذه الوسيلة تقوم بها الدول فقط دون أي شخص أخر من أشخاص القانون الدولي ؟
تساؤلات الدراسة :
1- ما هو تعريف الوساطة؟
2-تطور فكرة الوساطة في إطار القانون الدولي وما هي خصائص وأنواع الوساطة ؟
3- هل للوساطة دور في حل النزعات الدولية ؟
4- هل كل الدول تستخدم الوساطة لحل المنازعات وهل تصلح الوساطة لحل كل أشكال المنازعات ؟
5- ماهو درو الوساطة في أزمة لوكربي؟
فرضية الدراسة :
فرضيات البحث :
تسعي الدراسة إلي اختبار مدي صحة الفرضيات الآتية:-
1- إلى حد ما تعتبر الوساطة أفضل الوسائل السلمية وأجدرها على الأقل وهذا ما يثبت أن لها دور في حل المنازعات الدولية.
2- الوساطة تقوم بها الدول والمنظمات الدولية بأنواعها ، ولكن يعتبر تطبيقاها من قبل المنظمات أفضل وأسرع من تطبيقاها من قبل الدول.
3-وساطة تستخدم لحل المنازعات وهي الية سلمية لحل المنازعات و هذه الوسيلة تقوم بها الدول فقط دون أي شخص أخر من أشخاص القانون الدولي ؟
أهمية البحث :
تكمن أهمية هذه البحث في دراسة الوساطة كفكرة بديلة عن القضاء لحل المنازعات ومالها من أهمية كونها فكرة حضارية ومتقدمة لتسوية النزاعات إلي جانب ذلك التعرف على كيفية تطبيق المنظمات الدولية والإقليمية لهذه الفكرة.
أهداف البحث:
تهدف الدراسة إلى بيان مدي نجاح الوساطة في حل المنازعات الدولية. مع بيان دور الوسيط في خلق جو ملائم لفض النزاع .
منهج البحث :
سنعتمد في دراستنا لموضوع هذا البحث على المنهج الوصفي الذي سنستخدمه في التعريف بالوساطة كآلية دولية لفض المنازعات الدولية ، بالطرق السلمية، وذلك من خلال أبراز مضمونها في إطار القانون الدولي وبيان أهم أنواعها.
وأما المنهج الثاني الذي سنعتمد عليه أيضا هو المنهج التاريخي التحليلي الذي سنستخدمه في إلقاء نظرة تقييميه على تطبيق هذه الآلية السلمية في بعض المنظمات الدولية والإقليمية وكيف عالجتها النزاعات هذا المنظمات.
تقسيمات البحث :
سنقوم بدراسة الموضوع في فصلين نخصص الأول منهما للتعريف بالوساطة ، أما الثاني فسنعرض فيه دور الوساطة الدولية في حل المنازعات "قضية لوكربي" ، وستكون خطة دراستنا للموضوع على النحو التالي :
الفصل الأول : التعريف بالوساطة .
- المبحث الأول : تطور فكرة الوساطة في إطار القانون الدولي .
- المبحث الثاني : خصائص وأنواع الوساطة .
الفصل الثاني: دور الوساطة الدولية في قضية لوكربي
-المبحث الأول: أزمة "لوكربي" من التسوية السلمية إلى فرض العقوبات على ليبيا
-المبحث الثاني: دور الوساطة الدولية في التقريب بين المواقف المتباينة
الفصل الأول: التــعريف بالوســاطة
الوساطة هي أسلوب من الأساليب البديلة لفض النزاعات التي تقوم على توفير ملتقى للأطراف المتنازعة للاجتماع والحوار وتقريب وجهات النظر بمساعدة شخص محايد ، وذلك لمحاولة التوصل إلى حل ودي يقبله أطراف النزاع.
هي العملية التي يحاول الأطراف المتنازعة من خلالها أن يحلوا خلافاتهم بمساعدة طرف ثالث مقبول ويسمى (الوسيط) ومن صفاته أن يكون غير منحاز وحيادي ، ولا يملك السلطة لصنع قرار وذلك بهدف مساعدة الأطراف بطريقة تطوعية في الوصول لاتفاقية خاصة بهم ومقبولة عليهم .
أما تعريف فقهاء القانون الدولي :
فهي محاولة دول أوأكثر في فض نزاع قائم بين دولتين أو أكثر عن طريق التفاوض الذي تشترك فيه هي أيضا مهما تكون وساطة حسنة أم سيئة)
فالوساطة هنا أحد الوساطة التي استخدمت في القانون الدولي لحل المنازعات الدولية بطرق ودية
فيقصد منها النشاط الودي الذي تبدله دولة أو أكثر عن طريق الاتصال بين طرفي النزاع لتقريب وجهات النظر حول الموضوع المتنازع عليه ، والدولة التي تقوم بالوساطة إما أن تتدخل من تلقاء نفسها ، أو بناء على طلب أطراف النزاع.
كما يمكن تعريف الوساطة بأنها :أسلوب من أساليب الحلول البديلة لفض النزاعات الدولية التي تقوم على توفير ملتقى للأطراف المتنازعة للاجتماع والحوار وتقريب وجهات النظر بمساعدة شخص محايد وذلك لمحاولة التوصل الى حل ودي يقبله أطراف النزاع .وقد عرفها آخرون بأنها : ((إحدى الطرق الفعالة لفض المنازعات بعيدا عن التقاضي وذلك من خلال إجراءات سرية تكفل الخصوصية بين أطراف النزاع، من خلال استخدام وسائل وفنون مستحدثة في المفاوضات بغية لوصول إلى تسوية ودية مرضية لجميع الأطراف .
كان القضاء منذ القدم ولايزال الوسيلة الأساسية لحل النزاعات سواء كانت وطنية أم دولية ولكن مع تطور ظروف التجارة والاستثمار الداخلي والدولي ، أخذت تنشأ إلى جانب القضاء وسائل أخرى تحسم النزاعات .
وبذلك ظهر التحكيم وتطور مع تطور التجارة الدولية والى جانب التحكيم ظهرت (( الوساطة )) وهذا الشكل من العدالة قديم جدا وهو أقدم من عدالة الدولة ، وإذا كانت الوساطة تتم في السابق بشكل بسيط قائم على إصلاح ذات البين ، وتابعة مكن العادات والتقاليد السائدة في المجتمع ، فقد كانت مطبقة في العهد القديم في فرنسا حيث كانت بمفهوم المصالحة .
وكانت اتفاقية لاهاي (1907) الخاصة بتسوية المنازعات بالطرق السلمية قد وضعت القواعد المتعلقة بالوساطة ،وألزمت الدول المتعاقدة للجوء إلى وساطة الدول الصديقة ، وأيضا نصت العديد من المواثيق الدولية مثل (ميثاق الأمم المتحدة ) والإقليمية مثل ( ميثاق جامعة الدول العربية ) وميثاق الاتحاد الأفريقي .بشكل صريح على حل المنازعات الدولية بالطرق السلمية ونصت على إن الوساطة من بين هذه ه الطرق، وعمليا تعتبر هذه الوسيلة متميزة بتسهيل إجراءات الحوار خاصتا قي حالة تأزم الأوضاع بين الأطراف ، وتلوح في الأفق إمارات أو علامات الحرب ، وتكون مهمة الوسيط في هذه الحالة بدل جهد اكبر لوقف الحرب أو إطلاق النار إذا احدث .
ويقوم الوسيط في هذه الفترة بالاتصالات المباشرة بين الأطراف وتقديم المقترحات والبحث عن مجالات لطرق الأبواب بين الدول من اجل التقارب والوفاق والعمل على إيجاد الحل العادل بين الأطراف المتنازعة.
والملاحظ إن الدول في الوقت الراهن تميل إلى توسيع نطاق الوساطة والاعتماد على شخصيات مشهورة وذات مقدرة وكفاءة بدلا من الدول للقيام بالوساطة .
ففي العام 1938 اختارت ألمانيا وتشيكوسلوفاكيا سابقا وزير بريطانيا سابقا كوسيط لتسوية نزاعها الإقليمي حول مقاطعة (السوديت).
وفي عام (1948) عين مجلس الأمن الدولي (الكونت برنادورت ) وسيطا في فلسطين ، وبعداغتياله على ايدى العصابات الصهيونية في القدس عين المجلس ((رالف بالنش )) خلفا له .
المزايــا
تتميز الوساطة بمجموعة من المزايا أهمها:
• البساطة : عبر نظام أساسي (مثل نظام الوساطة الذي اعتمده المركز) يمتاز بالمرونة ويترك الحرية للأطراف والوسيط للالتزام بقواعد القانون.
• السرية : تضمن الوساطة سرية القضايا والنزاعات ،عبر مقتضيات نظامها الذي يقبل الأطراف الالتزام بها.
• السرعة : يحدد الأطراف آجال مسطرة الوساطة والتي لا يجب أن تتعدى 03 أشهر.
• كلفة محدودة: تتحدد أتعاب الوسطاء والرسوم وفقا للجدول (المرفق لنظام الوساطة) بشكل لا يعيق حل النزاع
ثانياً/ دور الوسيط :
1- يساهم في تخفيف الغضب من خلال توفير مناخ ملائم لعملية التفاوض.
2- يركز الوسيط على مصالح الأطراف أكثر من المواقف.
3- يساعد في فصل الأطراف عن المشكلة .
4- يستخدم تقنيات الاستماع الفعال (يجب أن يكون مستمع جيد) .
5- يجب أن يكون الوسيط عبارة عن نموذج يحتذي به فهو (جدير بالثقة) .
6- يجب أن يستخدم الوسيط كلمات متوازنة بهدف خلق جو مناسب للأطراف لسماع بعضهم البعض
7- يجب أن ينبه الأطراف إلى عواقب ونتائج عدم الوصول إلى اتفاق.
8- يعمل على تشجيع الأطراف على بذل جهود فاعلة لابتكار حلول مناسبة للقضية.
9- الوسيط شخص لا يتحدث عن الآخرين ولا يقوم بتقديم اقتراحات أو حلول وليس قاضياً يقرر من المصيب ومن المخطئ.
ثالثاُ/ مهارات الوساطة :
1- خلق إطار تعاوني وبناء التفاوض وذلك لإيجاد حل عادل يبني على فهم حاجات ومصالح بعضهم البعض .
2- الاستماع وإعادة الصياغة بهدف توفير جو إيجابي للتفاوض بعيداً عن التوتر والانفعال وذلك بحذف العبارات السلبية وإعادتها من قبل الوسيط بأسلوب بناء لتخفيف حدة المشاعر وللتركيز على جوهر الفكرة وصولاً إلى الاتفاق.
3- تحديد خيارات إستراتيجية لخلق مرونة وتشمل:
ا- المقابلة المنفصلة مع الأطراف
ب- منع ومقاطعة المجادلات الساخنة
ج- فحص الواقعية؛ بطريق فحص المكاسب التي سيجنيها الأطراف وكذلك المخاطر والخسارة من عدم الوصول إلى اتفاق.
د- توسيع أدراك رؤية المستقبل والعلاقات الإيجابية المطلوبة وذلك بالتركيز على المصالح المشتركة والعلاقات المستقبلية بعيدا عن اللوم والشكوى.
ه- صياغة الحل في عبارات مقبولة بحيث تكون واضحة تؤكد على المصالح بعيدا عن المواقف.
4- اقتراح خيارات لإثارة أفكار الطرفين ؛ ويشترط بان تكون الأفكار والخيارات ذات مزايا متساوية للطرفين وليست لطرف دون الآخر.
5- استثمار فترة الهدوء والراحة ؛ وذلك لإعطاء كل طرف الفرصة لتقييم المقترحات والبدائل والعواقب الناجمة عن عدم الوصول لاتفاق .
6- استخدام الفكاهة ورواية القصص والحكايات ؛ وذلك يهدف إلى الشعور بالاسترخاء والانفتاح نحو الاستمرار في التفاوض والوصول إلي الحلول المرضية للطرفين.
7- الاستعانة بشخص آخر ؛ قد يكون قبل الوساطة أو أثناء الوساطة للمساعدة في التأثير على الأطراف شريطة أن يكون هذا الشخص مقبولا على الطرفين مثل: شخصية هامة في العائلة أو المجتمع أو صديقا مشتركا للطرفين
8- الاستعانة بوسيط آخر ؛ وهذا يفيد في الحد من قضية التحيز ويعطي دعم اكبر للوسطاء إلى انه يفيد في تدريب عدد اكبر من الوسطاء مع احتفاظ شخص بقيادة عملية الوساطة ويكون الآخر مساعدا له وهذا يتم بين الوسطاء لحفظ النظام والهدوء أثناء عملية الوساطة .
رابعا/ مبادئ وأخلاقيات عملية الوساطة:
1- الوساطة عملية تطوعية بحيث أن للأطراف حرية الاختيار للمشاركة في عملية الوساطة.
2- الوسيط ينظم العملية والأطراف تنظم المحتوى وتمتلك النزاع .
3- يجب على الوسيط أن يساند الأطراف ويحترمهم .
4- يجب على الوسيط أن يحترم وجهات نظر الأطراف حتى ولم يتفق معهم .
5- على الوسيط أن يخبر الأطراف بأمانه ماذا يتوقع من الوساطة .
6- على الوسيط أن يكون واقعيا فيما يتعلق بإمكاناته كوسيط ولا يبالغ فيها.
7- على الوسيط ألا يستغل مركزه لتحقيق مكاسب شخصية.
8- عدالة الوسيط أثناء عملية الوساطة .
9- على الوسيط مراعاة موازين القوى بين الأطراف وبالتالي لا يكون أداة لتمرير قرار الطرف القوي.
خامسا/ شروط الوساطة الفعالة:
1- وجود مستوى حاد في النزاع .
2- وجود حوافز ضعيفة للوصول إلى اتفاق من خلال الاتصال المباشر .
3- عدم الالتزام بالاتفاق ..
4- ندرة المصادر
5- أطراف النزاع غير متساوية في القوة.
6- الاختلاف حول المبادئ الأساسية .
سادسا/ مراحل عملية الوساطة:
1- الأدوار والقواعد ( مراجعة الأدوار وتحديد القواعد واخذ الموافقة على التوسط ).
2- سماع القصة وجمع المعلومات ( السماح لكل طرف أن يحكي قصته ويعبر عن مشاعره)
3- فهم وجهات النظر ( مساعدة الأطراف لسماع وفهم مشاعر ووجهة نظر الطرف الأخر ).
4- إيجاد الحل ( عصر الدماغ وطرح الأفكار والمفاوضة حول حل عادل ).
5- كتابة الاتفاقية ( كتابة اتفاقية واضحة ومنصفة وتحية الأطراف وتقديرهم ).
سابعا/ الشروط الأساسية في اللجوء لاستخدام الوساطة:
1- تعريف وتحديد أطراف النزاع ؛ استقلالية الأطراف المتنازعة
2- امتلاك الأطراف المتنازعة للقدرات الشخصية والعقلية والعاطفية لتمثيل أنفسهم
3- التركيز على الاهتمامات المشتركة بين الأطراف المتنازعة
4- طرح البدائل والآراء المجمع عليها حول القضية المتنازع عليها
ثامنا/ العوائق التي تعرقل عملية الوساطة :
1- عوائق شخصية ( مثل المشاعر السلبية الحادة ؛ اختلال عملية الاتصال )
2- عوائق ثابتة ( عدم الاتفاق على القضايا المتنازع عليها ؛ التنافر غي الاهتمامات؛ الاختلافات في الحقائق والظروف )
3- عوائق إجرائية ( وجود مأزق أو طريق مسدود ؛ غياب الاجتماع للتفاوض ) (7)
ومن الملاحظ انه ليس هناك مدة زمنية محدودة لانجاز الوساطة إلا إذا تم الاتفاق بين الأطراف على غير ذلك ، ومقترحات الوسيط لا تتمتع بالقوة الإلزامية مالم توافق عليها الأطراف ، فالميزة الأساسية للوساطة هي إنها اختيارية من قبل الإطراف .
المبحث الثاني : خصائص وأنواع الوساطة
أولاً : الخصائص:
1- أن هذا التدخل اختياري ،ويتوقف على موافقة الأطراف المعنية ،لذا فهو يحترم سيادة الدول المعنية .
2- كما أنه يجوز أن يستدعي الطرفان المتنازعان وسيط في حال استفحال النزاع بينهما .
3- كما أن لدول أطراف النزاع الحق في قبول الوساطة أو رفضها وهي بدلك لا تكون مخالفة للقانون العام .
4- أن شخصية القائم بالوساطة تلعب دورا هاما في تحقيق الهدف المناط إليه تحقيقه ،وهكذا فان الطرف الثالث يمكن أن يكون ملكا أو رئيسا أو ما يعرف بلبابا.
أي إن شخصية القائم بالوساطة مهمة لتطبيق الية الوساطة.
ثانيا : أنواع الوساطة :
1- الوساطة الفردية :
المقصود بالوساطة الفردية هي قيام فرد واحد بالتوسيط بين الأطراف
المتنازعة سواء كان شخصا طبيعيا أو اعتباريا أو مجموعة من الأشخاص ، وهناك أمثلة
على الوساطة الفردية في القارة الأفريقية بشأن النزاعات الإقليمية والأهلية ،فعلى
صعيد النزاعات والحروب الأهلية فقد نجحت عمليات عديدة للوساطة، ومنها الوساطة التي
قامت بها المغرب بين السنغال وموريتانيا حول النزاع القائم بشأن نهر السنغال عام
2001م، وكذلك وساطة الزعيم لنسون مانديلا لعملية السلام لإنهاء الحرب الأهلية .
2- الوساطة الجماعية:
2- الوساطة الجماعية:
هي التي تقوم بها مجموعة من الشخصيات المرموقة كلجان الحكماء مثلا
أو دولتان أو أكثرفي إطار منظمة دولية أو إقليمية وعلى الزعيم من أن جهود الوساطة
الجماعية تتم في إطار مثل هذه المنظمات إلا أنها تساهم بشكل أو بأخر في تهدية
الصراع أو النزاعات بين الأطراف ،الأمر الذي يترتب عليه الدخول في مرحلة جديدة من
المفاوضات المباشرة ، وإذا عجزت الأطراف المتنازعة في أي نزاع دولي على التوصل إلى
اتفاق ينهي هذا النزاع خلال المفاوضات المباشرة فانه قد يسوغ لطرف دولي ثالث محايد
المبادرة إلى التدخل من أجل المساعدة على إيجاد تسوية سلمية للنزاع ، والحيلولة
قدر الإمكان دون تطور هذا النزاع.
3- الوساطة المزدوجة :
3- الوساطة المزدوجة :
حيث إنها صورة خاصة من الوساطة يلجأ إليها في حالة المنازعات
الخطيرة التي تهدد السلم ومؤداها أن تختار كل الدولتين المتنازعتين دولة أجنبية
تعهد إليها بأن تتولى المفاوضة بشأن النزاع القائم ، وتعمل الدولة المختارة أولا
على عدم قطع العلاقات السلمية بين طرفي النزاع ثم تقوم بالمفاوضة بينهما في أمر
تسوية على ألا تتعدى المدة التي تستغرقانها بهذه المهمة ثلاثين يوما ، يتمتع
أثنائها طرفي النزاع بالكلام والحوار بشان النزاع القائم بينهما .
فإذا لم تنجح المفاوضات رغم ذلك وتأزم الموقف بين الدولتين المتنازعتين وأدى إلى قطع العلاقات السلمية بينهما فيبقى على الدولة الوسيطة أن تترقب الفرصة المناسبة للعمل على إعادة السلم.
4-الوساطة القضائية
يمكن أن تكون الوساطة قضائية، وهذا معناه أن القضاء الذي يحيل على وسطاء معينين ضمن قائمة أسماء الوسطاء المعتمدين لدى المحاكم، وهم محامون قدماء متفرغون للوساطة أو قضاة متقاعدون، أو خبراء في أي ميدان، يعملون في غالب الأحيان في القطاع الخاص.
5-وساطة الاتفاقية:
الوساطة الاتفاقية هي التي يتفق عليها الطرفان من غير أن يكون هناك أي نزاع أمام المحكمة، وفيها يتوجه الطرفان مباشرة إلى الوسيط المتفق عليه، إما في عقد سابق أو في عقد لاحق بعد نشوب النزاع.
6-لوساطة القانونية:
قد تكون هناك وساطة تشريعية عندما يكون نص قانوني ينص على إحالة الطرفين على الوساطة قبل المرور إلى مرحلة المحاكم.
الفرق بين الوساطة والتحكيم:-
هناك فرق جوهري بين التحكيم و الوساطة، حيث أن هذه الأخيرة تهدف للتوصل لحل ودي يصيغه الأطراف بانفسهم، بفضل تدخل طرف ثالث محايد و هو الوسيط، على عكس التحكيم الذي يفصل في النزاع بإصدار حكم يفرض على أطراف النزاع.
لأي نوع من النزاع نحتاج الوساطة؟
يمكن اللجوء للوساطة في كل ما يجوز فيه الصلح كالنزاعات الاجتماعية والتجارية والعائلية وغيرها.
ما هي إيجابيات الوساطة؟
اللجوء إلى الوساطة أمر اختياري. لا يمكن القيام بأي إجراء دون موافقة أطراف النزاع، كما يمكنهم في أي وقتا لانسحاب من عملية الوساطة.
• تمكن الوساطة الأطراف من حل نزاعاتهم في وقت أقصر وبتكلفة أقل.
• يحدد الأطراف مدة مهمة الوسيط في أول الأمر دون أن تتجاوز أجل ثلاثة أشهر من التاريخ الذي قبل فيه الوسيط مهمته. غير أن للأطراف تمديد الأجل المذكور باتفاق يبرم وفق نفس الشروط المعتمدة لإبرام اتفاق الوساطة.“
• لا يفرض أي قرار على الأطراف، بل يجب على الأطراف أنفسهم إيجاد حلول مناسبة، وذلك بمساعدة الوسيط أو الوسيطة. تبقى كل الحوارات المجزاة في إطار الوساطة محاطة بالسرية.
• وفي حال فشل عملية الوساطة، لا يجوز لأحد الأطراف استعمال المعلومات المتبادلة أمام المحكمة
• ”يلزم الوسيط بوجوب كتمان السر المهني بالنسبة إلى الأخيار وفق المقتضيات وتحت طائلة العقوبات المنصوص عليها في القانون الجنائي المتعلقة بكتمان السر المهني. ولا يجوز أن تثار ملاحظات الوسيط والتصاريح التي يتلقاها أمام القاضي المعروض غليه النزاع إلا باتفاق الأطراف ولا يجوز استعمالها في دعوى أخرى.“
• تمكن الوساطة من حل النزاعات بطريقة خلاقة وبعيدا عن الإجراءات القانونية وغالبا ما يخرج الأطراف من عملية الوساطة بامتيازات لم يكونوا ليحصلوا عليها لو لجئوا للقضاء أو التحكيم.
• * يمكن للوسيط أن يساعد الأطراف على مناقشة مشاكلهم بطريقة عقلانية وفي سياق مشجع. ويحثا لوسيط الأطراف على التعاون، بطريقة يمكن معها حل النزاع دون تضرر أي منهم.
• * تحافظ الوساطة على العلاقة الإيجابية التي تربط الأطراف لأن الاتفاق المتفاوض بشأنه يكون دائما ملائما لمصالح جميع أطراف النزاع و ذلك دون شرط التقيد بالقاعدة القانونية.
الفصل الثاني: دورالوساطة الدولية في قضية لوكربي
-المبحث الأول:أزمة "لوكربي" من التسوية السلمية إلى فرض العقوبات على ليبيا
-المبحث الثاني: دور الوساطة الدولية في التقريب بين المواقف المتباينة
المبحث الأول:أزمة "لوكربي" من التسوية السلمية إلى فرض العقوبات على ليبيا
قضية لوكربي هي قضية جنائية ترتبت على سقوط طائرة ركاب أميركية تابع لشركة طيران بان أمريكان أثناء تحليقها فوق قرية لوكربي Lockerbie باسكتلندا سنة 1988
أحداث:-
في يوم الأربعاء 21 ديسمبر 1988 انفجرت الطائرة البوينغ 747، التابعة لشركة بان أمريكان أثناء تحليقها فوق قرية لوكربي، الواقعة في مدينة دمفريز وغالواي الأسكتلندية غربي إنجلترا.
وقد نجم عن الحادث مقتل 259 شخصاً هم جميع من كان على متن الطائرة و11 شخصاً من سكان القرية حيث وقعت.
بعد تحقيقات ليست معلنة، وبعد تكهنات من وسائل الإعلام، تم تدوير المسؤلية بين دول مختلفة، يجمع بينها رابط العداء لأمريكا، وحركات تحرير تضعها أميركا في خانة المنظمات الارهابية.
قامت عائلات ضحايا لوكربي بتأسيس مجموعة ضغط فعالة ذات صوت عال وتنادي بالقبض على مرتكبي الجريمة وبالعقوبات وبأي شيء من شأنه تطبيق عدالة ما.
وبعد سنوات من التحقيق تنقلت الاتهامات شرقاً وغرباً وفق مصالح الطرف القوي الولايات المتحدة، وقد ألقيت المسؤولية أولاً على منظمة فلسطينية، ثم على سوريا ،وبعدها على إيران، وأخيراً وقع الاختيار على ليبيا.
وبالتزامن صدر في الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا في 13 نوفمبر 1991 أمر بالقبض على مواطنين ليبيين اشتبه في مسؤليتهما عن تفجير الطائرة؛ كونهما يعملان بمكتب شركة الخطوط الجوية الليبية بمطار لوقا بمالطا وقيل أن بمعرفتهما تم شحن حقيبة تحتوي على متفجرات.
على الفور رفضت ليبيا الطلب وبدأ القضاء الليبي التحقيق في الاتهام، وأوقف المواطنان الليبيان، وطلب من الدولتين تقديم ما لديهما من أدلة ضدّهما.
أصرت الدولتان على طلبهما ورفضت ليبيا الاستجابة، لما رأته -حسب ما أعلنته- من اتهامات باطلة تثيرها الدولتان دون توفّر أية أدلة لديهما.
العقوبات
بدأت الدولتان باستغلال تأثيرهما في التحرك داخل مجلس الأمن حتّى تمكنتا من إصدار قرار في 31 مارس 1992 يحمل الرقم 748 بأغلبية 10 أصوات وامتناع 5 أعضاء عن التصويت من بينها المغرب، يوجب على ليبيا الاستجابة لطلب الدولتين، ويهدد بفرض عقوبات عليها من بينها حظر الطيران منها واليها، وقد رفضت ليبيا الاستجابة لهذا القرار وتم فعلاً توقيع العقوبات في الموعد المضروب كأجل نهائي وهو 15 أبريل 1992.
وتحت ضغط أمريكي بريطاني مشترك أصدر مجلس الأمن الدولي في 11 نوفمبر من نفس العام باستصدار قرار برقم 883 يطوّر من نوع العقوبات المفروضة ويوسّعها لإجبار ليبيا على الإذعان لمطالب الدولتين. فرض القرار عقوبات على ليبيا شملت حظر الطيران منها وإليها، ومنع تصدير الأسلحة، وتقليص العلاقات التجارية والدبلوماسية معها، ثم تزايدت العقوبات، واستمر الحصار على الجماهيرية تحت مظلة الأمم المتحدة، وأمينها العام آنذاك بطرس بطرس غالي، ورغم ما جره هذا الحصار من معاناة للشعب الليبي ظل العقيد القذافي يرفض الضغوط والتهديدات، متشبثاً بالسيادة الوطنية.
لم تستجب ليبيا لمطالب الدولتين التي اكتسبت طابع الدولية، وبدأت تحركاً دولياً واسعاً يستهدف إقناع العالم بالوقوف إلى جانبها على الاقل بالقبول بمحاكمة المشتبه فيهما في بلد ثالث إذا لم يكن بالإمكان تجاوز القرار الدولي، ولقد نجحت ليبيا في ذلك إلى حد بعيد، عندما حصلت على دعم الدول العربية ممثلة في جامعتها، التي شكلت لجنة سباعية دائمة لهذا الغرض، كما حصلت على دعم دول عدم الانحياز، ولعل أهم دعم حصلت عليه كان من الدول الأفريقية التي قررت في قمتها التي انعقدت في واغادوغو عاصمة بوركينا فاسو في 10 يونيو 1998 كسر الحظر المفروض على ليبيا بحلول شهر سبتمبر من نفس العام ما لم يستجاب إلى مطالبها.
صدر قرار محكمة العدل الدولية لصالح الاعتراض الليبي بأن القضية ليست من اختصاص مجلس الأمن، لأنها لم تنطو على ما يهدد السلام الدولي.
كما صدرت سلسلة قرارات لحركة عدم الانحياز، ومنظمة الوحدة الأفريقية التي تحدى العديد من رؤساء دولها الحظر الجوى المفروض على ليبيا.
ورغم أن فكرة تسليم المشتبه فيهما ليحاكما في بلد ثالث هي في الأصل فكرة ليبية، ظل الكثيرون يشككون بل يجزمون باستحالة تسليم المتهمين.
قدمت لطرابلس ضمانات بألا تتحول محاكمة المتهمين إلى محاكمة سياسية، وأنهما سيلقيان محاكمة جنائية عادلة، ويتبع تسليمهما فوراً البدء بإجراءات رفع العقوبات عن ليبيا.
المحكمة
عندما أحست الدولتان أن ثغرة قد فتحت في جدار العقوبات المتصدع، قبلتا في 24 اغسطس 1998 بمحاكمة الليبيين في بلد ثالث هو هولندا حيث وافقت ليبيا.
وبعد اجراءات استمرت فترة بدأت المحاكمة بهيئة مؤلفة من 3 قضاة، واستمرت لمدة 84 يوما من المرافعات القانونية. وفي 31 يناير 2001 أدانت المحكمة أحد المتهمين استنادا إلى قرائن ظرفية وبرأت الاخر.
حُكِمَ على المقرحي في 31 يناير (كانون الثاني) 2001 بالسجن المؤبد إثر إدانته بالتورط.
في نوفمبر (تشرين الثاني) 2003، قررت المحكمة العليا في اسكتلندا أن على المقرحي أن يمضي 27 عاما علي الأقل في السجن قبل أن يحظى بالإفراج المشروط، وقد قضى فترة سجن طويلة معتقلاً في سجن قرب جلاسكو إلى أن تم الافراج عنه لأسباب صحية فقط حيث أنه مصاب بمرض سرطان البروستاتا وتمت إعادته إلى ليبيا دون تبرئته.
وعلى خلفية هذا الحكم دخلت الدولتان في مفاوضات مع ليبيا أسفرت عن الوصول إلى تسوية تدفع بموجبها ليبيا تعويضات إلى أسر الضحايا وتعلن مسؤليتها عن أعمال موظفيها، وهو ما تم بالفعل. وعلاقة الدولتين وليبيا الآن على درجة من الوئام لم تعرف منذ زمن, وقد ترأس لجنة المفاوضات عن الجانب الليبي عبد العاطي إبراهيم العبيدي رئيس الوزراء ووزير الخارجية الأسبق والذي كان عند بداية القضية مندوب ليبيا في الجامعة العربية وسفير ليبيا في تونس.
ثغرات في حيثيات الحكم
ادعى المحققون الإنجليز والأمريكيون أن القنبلة التي استخدمت في التفجير كانت موضوعة في حقيبة بها ملابس داخلية، كما ادعت أن هذه الملابس لم تحترق في الانفجار، بل ظلت على ما هي عليه. وأنه بفحص هذه الملابس تبيّن أنها مشتراة من محل تجاري في مالطا. قام المحققون بزيارة المحل الذي تم شراء هذه الملابس منه، فالتقوا بصاحبه، وهو رجل عجوز. وقد ادعى هذا العجوز أن الذي اشترى هذه الملابـس هو شخص ليبي. وبعد التدقيق وعمل رسم تقريبي لهذا الشخـص، افترض المحققـون أن هذا الليبي هو ضابط أمن اسمه "عبد الباسط المقرحي". لكن كيف استطاع هذا الضابط أن ينقل القنبلة من ليبيا إلى مالطا ومن ثم إلى بريطانيا؟ وهنا افترض المحققون أن مدير مكتب الخطوط الجوية الليبية في مالطا واسمه الأمين خليل فحيمة، هو الذي ساعد المقرحي في نقل القنبلة من ليبيا إلى مالطا، كما أنه ساعده في تمرير الحقيبة ذات القنبلة في مطار (لوقا) بمالطا إلى مطار (هيثرو) بلندن. وافترض المحققون أن المقرحي سافر مع الحقيبة إلى لندن، وأنه استطاع أن يتخطى حواجز الأمن في المطار وأن يضع الحقيبة الملغومة في طائرة الـ"بان أمريكان" المتجهة إلى الولايات المتحدة. لم يغادر المقرحي مع الحقيبة الملغومة، بل عاد أدراجه إلى ليبيا.
أبرز البروفيسور روبرت بلاك (استاذ القانون الاسكوتلندي في جامعة إدنبرة)، الذي يعتبر «مهندس» فكرة محاكمة المقرحي ومواطنه الأمين خليفة فحيمة (الذي برأته المحكمة) في هولندا، هشاشة الأدلة التي قدمها الادعاء، وقال ان القضاة الاسكوتلنديين الثلاثة قبلوها على علاتها، وأوضح أن الادعاء لم يقدم أي دليل مصدره مالطا يؤيد طرحه بأن الحقيبة غير المصحوبة الحاوية للقنبلة التي دمرت طائرة الـ«بان آم» فوق لوكربي باسكوتلندا في 21 ديسمبر (كانون الأول) 1988 بدأت رحلتها من مالطا على متن طائرة مالطية متوجهة إلى مطار فرانكفورت.
وبالنسبة لفرانكفورت أشار بلاك إلى ان الدليل الوحيد كان سجل كومبيوتر يشير إلى أن حقيبة غير مصحوبة مرت بنظام الحقائب في المطار في وقت مقارب لوقت تفريغ حمولة الطائرة المالطية «ولكن مع ذلك اقتنع القضاة بأن الحقيبة جاءت من مالطا».
ومن نقاط الضعف الأخرى التي أبرزها بلاك في أدلة الادعاء ما يتعلق بشهادة أنتوني غوتشي، صاحب المتجر المالطي الذي زعم الادعاء أن المقرحي اشترى منه ملابس عثر على بقاياها ضمن بقايا الحقيبة الملغومة. وقال بلاك ان غوتشي قدم 17 افادة للمحققين قبل المحاكمة ولم يقل في أي منها أن المقرحي هو الرجل الذي اشترى منه الملابس بل قال إنه «يشبه ذلك الرجل». وأشار أيضا إلى الأوصاف التي قدمها غوتشي لذلك الرجل وقوله «عمره لا يقل عن 50 عاما وطوله ستة اقدام على الاقل»، مذكرا بأن المقرحي كان في ذلك اليوم في السادسة والثلاثين من العمر وطوله كان ولا يزال خمسة اقدام وثماني بوصات. واشار بلاك أيضا إلى ان غوتشي تعرف أيضا على شخصين آخرين باعتبارهما يشبهان الرجل الذي اشترى منه الملابس. واثار بلاك تساؤلات حول تأريخ زيارة المقرحي المزعومة للمحل المالطي، موضحا ان ما ورد في سياق المحاكمة وافادات غوتشي لا يثبت إطلاقا بأن المقرحي زار محله في 7 ديسمبر(كانون الأول) 1988 كما يزعم الادعاء.
وقال بلاك ان القضاة بدلا من أن يفترضوا حسن النية لدى المتهم حسب قاعدة «المتهم بريء حتى تثبت ادانته» فانه احسن الظن بالادعاء وأخذ مواقفه وطروحاته على علاتها.
وتابع ان الدفاع حصل على ادلة جديدة سيثيرها في مرحلة الاستئناف بما في ذلك ادلة من عملاء سابقين أو حاليين لوكالة الاستخبارات المركزية الاميركية (سي آي ايه) وادلة حول آلية تفجير القنبلة.
مستجدات القضية
كان أقارب بعض ضحايا كارثة لوكربي ومراقبون مستقلون قد أثاروا منذ فترة طويلة الشكوك بشأن إدانة المقرحي. وتركز هذه الشكوك على مصداقية شهود الادعاء وأدلة الطب الشرعي. وتتعلق شكوك اللجنة، خصوصاً، بما تردد بأن المقرحي اشترى ملابس من متجر في مالطا في السابع من ديسمبر (كانون الأول) 1988 ووضع بعضها داخل حقيبة تحتوي على قنبلة. وقالت اللجنة إنه لا يوجد «سبب معقول» للاستنتاج بأن هذه السلع تم شراؤها قبل السادس من ديسمبر بينما لا توجد أدلة على أن المقرحي كان في مالطا.
أن الإثبات الرئيسي الذي أدى إلى إدانة ليبيا في قضية لوكربي، والتي تتضمن صوراً لقطع مؤقت القنبلة التي ساهمت في إدانة الوكيل الليبي سابقاً، كانت ملفقة وغير حقيقية بل هي صوراً لمؤقت تم حرقه وتفحيمه تماماً في وقت سبق المحاكمة. وهذه المعلومات كشفها رجل أعمال سويسري كان يمتلك شركة تنتج هذه المؤقتات،
قال الشاهد الأساسي (المهندس السويسري المتقاعد أولريخ لومبيرت) للشرطة السويسرية إنه كذب في شهادته الأمر الذي يدفع بفرضية أشار إليها صحافيون وقضاة وعدد من عائلات ضحايا طائرة "بان أمريكان" التي تم تفجيرها: وهي أن ثمة "تلاعب" تم في التحقيق لتجريم ليبيا.ونقلت الصحيفة عن اولريش لومبرت (65عاما) المهندس في شركة "ميبو" التي تتخذ من زوريخ مقرا لها قوله للشرطة السويسرية "لقد كذبت في شهادتي حول اعتداء لوكربي".
وكان لومبرت اكد في المحاكمة التي جرت في 2001انه تعرف على قطعة من جهاز التوقيت الخاص بالتفجير.
وكانت تلك المعدات الإلكترونية انتجتها شركة "ميبو" باعت كميات منها إلى طرابلس. واوضح لومبرت ان القطعة التي تحدث عنها لم تكن من أجهزة التوقيت التي تسلمها الليبيون.
رجل الأعمال السويسري إدوين بوللير الذي أقام أعماله في مدينته في زيوريخ، أمضى 20 عاماً في محاولة لتبرئة اسمه واسم مؤسسته التي قامت بصناعة مؤقت الساعة التي يقال أنها استخدمت يوم التفجير. لم ينكر بولير الذي يبلغ من العمر الآن 70 عاماً أنه قام بإعمال تجارية مع ليبيا في السابق. إذ قال أنه وقبل عامين من قضية لوكربي كان قد باع 20 مؤقتاً من طراز إم إس تي – 13 للجيش الليبي. لكن وكلاء الشرطة الفدرالية الدولية والمحققون الاسكتلنديون قالوا أن أحد هذه المؤقتات استخدم في تفجير الطائرة. وأظهروا كإثبات صورة مشوشة غير واضحة أثناء المحاكمة. عندها كان الشاهد السويسري قد قال أنها تبدو وكأنها إحدى مؤقتات الساعات التي تصنعها شركته. لكنه لم يكن مرتاحاً للصورة التي رآها وطلب أن يرى بعينيه بقايا المؤقت المذكور. وسمحوا له أخيراً عام 1998 برؤية تلك البقايا. فسافر إلى دمفريز لمعاينة الإثبات.
في عام 2001 امضى بولليير خمسة أيام في قفص الشهود في محاكمة لوكربي في مخيم زيست في هولندا، حيث كان شاهد دفاع، لكن حسب قوله كانت المحاكمة مشوهة بشكل كبير من أجل إثبات تورط ليبي، إلى درجة أن شهادته وما قاله تم إهماله بشكل واضح.
وقال بوللير " أحضروا صورة بقايا ساعة التوقيت إلى المحكمة، فطلبت أن أعاين بقايا القطع ذاتها وليس الصورة. وعندما أحضروها لي كانت متفحمة تماماً ولا يظهر منها شيء. لقد عبثوا بها بعد أن رأيتها للمرة الأولى في دمفريز".
كما أن المفجر (إم. إس. تي. 13) الذي تصنعه الشركة السويسرية (ميبو) متوفر بكثرة. ولقد ثبت منذ وقت طويل بأن هذا النوع تم توريده أيضا لجهاز استخبارات ألمانيا الشرقية سابقا المعروفة بسام (شتازي) ولكن في الآونة الأخيرة تبين أنه منتشر بأكثر مما صوره الإدعاء.
وذكرت صحيفة "الفيغارو" الفرنسية الاثنين 27-8-2007 ان العنصر الجديد في القضية يدفع بفرضية التلاعب ضد ليبيا "في حين اشارت القرائن الأولى إلى مجموعة صغيرة موالية لسوريا",وأن القضاة الثلاثة خلال المحاكمة رفضوا فرضية تورط إيران وسوريا وفصيل فلسطيني هو الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين-القيادة العامة برئاسة أحمد جبريل ومقرها دمشق وذلك ردا على "تدمير عرضي لطائرة إيرانية بصاروخ أمريكي في يوليو/ تموز 1988".
وقالت الصحيفة الفرنسية ان لومبرت "سرق" ذاك الجهاز من مختبر ميبو وسلمه إلى شرطي اسكتلندي على علاقة بالتحقيق بدون أن يوضح دوافعه.
الشاهد توني غورتشي كان له دور حاسم في المحاكمة الأصلية حيث أدلى بـشهادة "يعتمد عليها" تفيد بأن المقرحي قد اشترى ملابس من متجره استعملت فيما بعد للفّ القنبلة. شهادة غوتشي اعتبرت منذ فترة كمثيرة للجدل وظهرت إدعاءات سابقة تقول بأنه استلم مكافآت ومزايا من قبل المحققين.
تقول مصادر مقربة من لجنة مراجعة القضايا الجنائية الاسكتلندية بأن الأموال دفعت لصاحب الحانوت المالطي توني غوتشي كمكافأة مباشرة عن دوره بشهادة حاسمة لصالح الإدعاء وأخرجت هذه الدفعة تحت ستار "التعويض. قامت اللجنة بجهد مكثف للتحقق من الإدعاءات وتبينت بأن غوتشي قد استلم فعلا مبلغا فلكيا من الولايات المتحدة الأمريكية، وتقول مصادر مقربة من هيئة الدفاع عن المقرحي بأن المبلغ يصل إلى أربعة ملايين دولار (أي مليوني جنيه استرليني تقريبا).
ـ المكافأة ـ تم تلبيسها على أساس أنها تعويض لما عاناه غوتشي من ضغوط كبير على حياته وعمله بسبب توريطه اللصيق بهذه القضية. ولكنه من الواضح أن الدفعة كانت مكافأة لأن الحكومة البريطانية والأمريكية كانتا في حاجة إلى إدانة في القضية وحقيقة أن الشاهد الرئيسي كوفيء مقابل شهادته فهذا من شأنه أن يثير الشكوك على قيمة شهادته، إنه من غير المقبول أن يدفع لشاهد حيث أن ذلك من شأنه أن يدفعه للتحمس في شهادته وبما يرضي من دفع له
وكشفت صحيفة «الأوبزيرفر» البريطانية أنه قد يتم إعادة فتح قضية لوكربي بعد ظهور مؤشرات تستبعد تورط ليبيا.
وقالت الصحيفة: المتهم الوحيد في هذه القضية أدين بناء على أدلة ضعيفة وأن هناك دليلاً جديداً يستبعد تورط ليبيا، مشيرة إلى وجود أطراف أخرى.
وأضافت الأوربزيرفر: إنه في حال نجاح المتهم الليبي عبد الباسط علي المقراحي في الاستئناف فإنه قد يتم إطلاق سراحه وإسقاط التهم عنه.
وأشارت الصحيفة إلى أن شخصيات قانونية ومسؤولين في جهاز الاستخبارات أكدوا أن اللجنة الاسكتلندية ستعيد النظر في القضية وستصدر تقريراً تؤكد من خلاله أن اتهام المقراحي وحده غير مطمئن وانه ربما كان ضحية اخفاق العدالة في الوصول إلى الجناة الحقيقيين.
الوثيقة السرية
حصل المقرحى على استئناف جديد من لجنة مراجعة القضايا الجنائية الاسكتلندية على أرضية وقوعه ضحية إساءة تطبيق أحكام العدالة، واكتشفت اللجنة لاحقاً وثيقة يُعتقد بأنها تحتوى على معلومات عن جهاز توقيت قنبلة لوكربى والتي اعتُبرت لاحقاً عنصراً محورياً في دعوى استئناف المقرحي. لكن الحكومة البريطانية رفضت تسليم الوثيقة ووثيقة أخرى لفريق الدفاع عن المقرحى لأسباب تتعلق بالأمن القومى للمملكة المتحدة والذي يسعى للحصول على مداخل إلى الوثيقتين لاستخدامهما كدليل أمام محكمة الاستئناف لتبرئته
طالب كبير قضاة اسكتلندا الحكومة البريطانية بإطلاعه على وثيقتين سريتين لهما صلة بتحطم طائرة ركاب أمريكية فوق بلدة لوكيربى الاسكتلندية عام 1988،التي حكم على أساسها بالسجن مدى الحياة بحق الليبى عبد الباسط المقرحى. فقد شدد اللورد هاملتون كبير قضاة محكمة الاستئناف الاسكتلندية واثنان آخران من قضاة المحكمة في أدنبرة على ضرورة أن يتقدم المحامى، الذي يمثل الحكومة البريطانية، بالوثائق المطلوبة خلال أسبوع وفق الإجراءات الأمنية المناسب
وقالت اللجنة القانونية الأسكتلندية المكلفة بالبت في القضايا التي يشوب أحكامها أخطاء جسيمة، في القرار الذي أصدرته حينذاك إن على المحكمة العليا الأسكتلندية أن تعيد النظر في أساس هذا الحكم.
وقررت اللجنة إحالة هذه القضية مرة أخرى إلى المحكمة العليا الأسكتلندية للنظر في الطعن المقدم من الرهينة السياسي لأن الحكم السابق تشوبه أخطاء قضائية.
وكشفت اللجنة عن وثيقة تحوي معلومات بشأن جهاز التوقيت في القنبلة، يعتقد أن لها أهمية في الاستئناف. ورفضت الحكومة البريطانية نشر هذه الوثيقة ووثيقة أخرى ذات صلة بالدفاع بدعوى أن لها علاقة بالأمن القومي البريطان
كشفت صحيفة "سكوتلند أو صندي" أن الوثيقة السرية التي تعد محور دعوى الاستئناف في قضية لوكربى وترفض الحكومة البريطانية تسليمها حتى الآن إلى فريق الدفاع تؤكد بشكل لا ريب فيه أن جهاز توقيت القنبلة التي فجّرت الطائرة الأميركية زوّد إلى دول لم تكن ليبيا بينه
قالت الصحيفة إن مصدراً قانونياً اطّلع على الوثيقة أكد أن هذا المستند "يقدم تفاصيل هامة عن أن استخدام قنبلة صغيرة مخفية داخل آلة تسجيل ارتبط بمنظمات" ارهابية " أخرى أكثر من الليبين وأن محتوياتها ستطرح أرضاً إدانة المقرحي"، مشيرة إلى أن المعلومات الواردة في الوثيقة السرية "تشكل أهمية قصوى في القضية بعد إصرار الإدعاء العام على أن جهاز التوقيت المستخدم في القنبلة زوّد إلى ليبيا فقط، وتؤكد أيضاً أن طريقة الهجوم كان الأسلوب النمطى لخلية إرهابية فلسطينية في ألمانيا".
واكد المصدر القانوني، بحسب الصحيفة، أن الوثيقة "تبدد أى شكوك بأن أجهزة التوقيت من طراز "إم إس تى ـ 13" زوّدت إلى جهات أخرى غير ليبيا، وأن طريقة إخفاء القنبلة داخل آلة تسجيل من طراز "توشيبا" لم تكن مرتبطة بالنشاطات الإرهابية الليبية بل بالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ـ القيادة العامة التي كانت أول المشتبه بهم بالوقوف وراء تفجير طائرة لوكربي"
أن جهاز التوقيت من طراز "إم إس تى ـ 13" الذي استُخدم في قنبلة لوكربى صنعته الشركة السويسرية "ميبو"، لكن مالكها المشترك إدوين بويلر "اوضح بأن شركته زوّدت هذه الأجهزة إلى جهات من بينها جهاز الأمن السرى الألمانى الشرقى السابق "ستاسي""، مشيرة إلى أن الأخير كان داهم في أكتوبر/تشرين الأول 1988 وقبل شهرين من وقوع تفجير لوكربى خلية للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ـ القيادة العامة بمدينة نيوس وعثر على أربعة من هذه الأجهزة بحوزتها وابلغ صانع القنبلة الأردنى وقتها مروان خريسات مسؤولى ستاسى بأن جهازاً خامساً نُقل من الشقة التي كان يعمل بها عن طريق زعيم الخلية حافظ دلقمونى قبل فترة وجيزة من عملية المداهمة". ولفتت الصحيفة إلى "أن جهاز التوقيت الخامس لم يتم العثور عليه، ويعتقد الكثير ومن بينهم خريسات نفسه بأنه هذا الجهاز هو الذى استُخدم في تفجير طائرة لوكربي".
المحاكمة سياسية وليست جنائية
كانت المحكمة تعلم منذ البداية، وكما هو واضح في أوراق الدعوى، أن هناك اتهاماً بحق هذين الليبيين لكن المحكمة التي ادعت أنها نزيهة وتطبّق العدالة، انتهت إلى إصدار حكم يقضي بإدانة عبد الباسط المقرحي وحكم عليه بالسجن المؤبّد. وتمت تبرئة الأمين فحيمة وأطلق سراحه، ولم يكن بوسع المحكمة أن تطبّق العدالة وأن تكون نزيهة، لأن ذلك كان سيدفعها إلى إطلاق سراح الاثنين لأنهما بريئان، وحكم البراءة هذا سيعني أن الاتهام الأمريكي والبريطاني بحق ليبيا كان ظالماً، وأن العقوبات الدولية التي فرضت على ليبيا كانت ظالمة. ولذلك ومن أجل حفظ ماء وجه بريطانيا والولايات المتحدة، جنحت المحكمة إلى إصدار حكمها وهي تعلم أنها ارتكبت خطأ كبيراً وشوّهت سمعة القضاء الإنجليـزي النزيه. وهكذا، فإن قضية لوكربي، قضية سياسية كانت تهدف منذ البداية إلى إدانة النظام في ليبيا، ذلك أن بريطانيا أرادت أن تنتقم من ليبيا لأنها كانت تدعم الجيش الجمهوري الأيرلندي بالمال والسلاح. وقد حققت هدفها من خلال اختلاق قضيـة لوكربي واتهام ليبيا بها. ولكن الولايات المتحدة الأمريكية لم تستجب
الأدلة الجديدة بعد ثورة 17 فبراير
ذكرت صحيفة إكسبريسين ديلي السويدية أن وزير العدل الليبي مصطفى محمد عبد الجليل (الذي استقال من منصبه يوم الاثنين 21/2/2011 م احتجاجا على العنف الذي مارسته السلطات الليبية ضد معارضيها أثناء اندلاع ثورة 17 فبراير) قال أنه يملك أدلة على أن معمر القذافي هو من "أعطى الأمر" بتفجير طائرة الركاب الأميركية "بان آم" فوق قرية لوكربي بأسكتلندا عام 1988 م والذي أودى بحياة 270 شخصا.
غير أن الصحيفة لم تذكر شيئا عن تلك الأدلة في المقابلة التي نشرتها على موقعها الإلكتروني يوم الأربعاء 23/2/2011 م. واكتفت الصحيفة بأنها نقلت عن عبد الجليل قوله أن معمر القذافي فعل كل ما في وسعه لإعادة "عميل المخابرات السري السابق عبد الباسط المقرحي إلى ليبيا، لإخفاء دوره في إصدار الأمر بالتفجير".
الافراج عن المقـرحي
أفرجت الحكومة الأسكتلندية يوم 20 أغسطس 2009 عن الليبي عبد الباسط المقرحي المدان في تفجير لوكربي العام 1988 لأسباب إنسانية ولقد تم استقبال المقرحي استقبال الأبطال عند وصوله لمطار طرابلس العالمي
المبحث الثاني: دور الوساطة الدولية في التقريب بين المواقف المتباينة
أمام وصول مشكل ضمانات المحاكمة إلى الباب المسدود نشطت الدبلوماسية الدولية بشكل مكثف في هذا الشأن فالأمين العام الأممي صرح في هذه الأثناء بأنه: " إذا لم تجد الأمم المتحدة حلا فإن العقوبات الاقتصادية ستفقد قانونيتها" ( ). وقد تحرك الأمين العام بشكل مكثف لتذليل صعوبات الأزمة حيث اجتمع بالقذافي وحصل على تعهد بالوساطة من الزعيم الإفريقي نيلسون مانديلا والأمير عبد الله ولي عهد المملكة العربية السعودية وممثليهما، وبالفعل فقد كان للوساطة السعودية والجنوب - إفريقية دور مهم ومحوري في تقريب مواقف الدول المعنية بالأزمة بخصوص مشكل الضمانات, حيث تم التوصل في الأخير إلى اتفاق بموجبه سيتم امتثال المتهمين أمام المحكمة الاسكتلندية في هولندا وتجميد العقوبات فور وصولهما إلى هناك وحضور ممثلين أمميين في هذه المحاكمة ..
1- نتائج وأبعاد تسليم المتهمين
بعد حوالي عشر سنوات من تفجير الطائرة الأمريكية وثماني سنوات من توجيه الاتهام إلى ليبيا, وزهاء سنة من الجهود الديبلوماسية المكثفة، تم التوصل إلى اتفاق, بموجبه تسلم ليبيا المتهمين إلى هولندا قصد المحاكمة أمام قضاة اسكتلنديين, بعد حصولها على ضمانات مطمئنة.
2-تسليم المتهمين, هل هو بداية سليمة لطي ملف الأزمة ؟
في صباح يوم الخامس من شهر أبريل 1999 أقدمت ليبيا على تسليم المتهمين في حـادث "لوكربي" إلى مساعد الأمين العام الأممي للشؤون القانونية, وذلك قبل نقلهما إلى هولندا, ورغم أن هذا التسليم جاء عقب ضمانات ارتضتها ليبيا, فإنه شكل في نفس الوقت مغامرة فقدت بها ليبيا آخر ورقة كانت تمتلكها وهي وجود المتهمين على أرضها، وتظل هناك مجموعة من المخاوف حاضرة لدى هذه الأخيرة خصوصا في ظل العداء الذي تكنه بريطانيا والولايات المتحدة لها، فهذه المحاكمة يمكن أن تطال النظام الليبي في أية لحظة بالنظر إلى سجل هذين البلدين في خرق القانون والعهود و الاتفاقيات الدولية ( ).
3- نتائج وأبعاد تسليم المتهمين
من النتائج المباشرة الرئيسية لتسليم المتهمين، هناك العقوبات المفروضة على ليبيا وإن كانت هذه الأخيرة تصر على رفعها كليا، كما شكل ذلك منطلقا لعودة الجماهيرية بقوة إلى الساحة الدولية حيث نشطت ديبلوماستها في تسوية مجموعة من الخلافات الدولية خاصة بكل من إفريقيا ( السودان, الكونغو الديموقراطية, سيراليون..) وآسيا ( خاصة مشكل الرهائن الغربيين في جنوب الفيليبين والأزمة الأفغانية..).
ومن جهة ثانية انطلقت محاكمة المتهمين بقاعدة "زايست " الهولندية التي استمرت زهاء 22 شهرا, وانتهت باتخاذ حكمها بالإجماع الذي يقضي بإدانة المقرحي لارتكابه جريمة القتل, والحكم عليه بالسجن المؤبد وببراءة المتهم الثاني الأمين خليفة فحيمة.
ويظهر أن القضاة لم يستطيعوا إثبات كل التهم التي تقدم بها الادعاء كما أن هذا الحكم صدر بناء على أدلة غير دامغة مما أثار ردود فعل دولية واسعة.
وعموما جاء الحكم مرضيا - إلى حد كبير - لجميع الأطراف, فهو لم يحمل الجهات الرسمية الليبية مسؤولية الحادث, وبرأ أحد المتهمين, كما أنه جنب الولايات المتحدة وبريطانيا ومجلس الأمن حرج فرض العقوبات على دولة بريئة من المسؤولية عن الحادث، ومعلوم أن دفاع المقرحي تقدم باستئناف الحكم, ويمكن أن ينتهي هذا الاستئناف إلى ثلاث نتائج: تأكيد الحكم وحصر على عاتق المسؤولية على المقرحي, أو رفع درجة المسؤولية إلى الدولة برمتها وتصعيد الأزمة, أو رفض الحكم ورفع التهمة عن المتهم وعن ليبيا، وهنا سنطرح مجموعة من الإشكاليات أهمها: من سيتحمل حينئذ مسؤولية تعويض ليبيا عن أضرار العقوبات التي فرضت عليها لسنوات عديدة؟ هل المجلس الذي فرض العقوبات أم الدول الغربية الثلاث التي افتعلت الأزمة؟
ومن ناحية أخرى نشير إلى أن موافقة الأطراف المعنية بالأزمة على إجراء محاكمة المتهمين في هولندا, كان وراءه مجموعة من الأبعاد والأهداف، فليبيا كانت في حاجة لتنشيط اقتصادها والانفتاح على السوق الغربية وإصلاح ما دمرته العقوبات خاصة في مجال الطيران والعودة إلى الساحة الدولية بقوة, أما الدول الغربية الثلاث وخاصة فرنسا وبريطانيا, فقد تحمست لهذا الحل طمعا في اختراق السوق الليبية المربحة لشركاتها.
وعموما فقد تميزت إدارة مجلس الأمن لأزمة "لوكيربي" بالسيطرة الأمريكية سواء على مستوى جمع المعلومات المتعلقة بها أو اختيار الآلية اللازمة لإدارتها أو على مستوى فرض العقوبات وتعليقها.
ورغم أن المجلس قد نجح إلى حد ما في منع تطور الأزمة إلى مواجهة عسكرية كانت ستضر حتما بليبيا, فان سيناريو الأحداث أبرز أن إجراءات المجلس تمت بإرادة أمريكية وعلى حساب الشرعية الدولية، فالمجلس ترامى على اختصاص محكمة العدل الدولية بالنظر إلى الطابع القانوني لهذه الأزمة, وتخاذل في اتخاذ تدابير ضرورية في العديد من الحالات الدولية والعربية المستوفية لشروطها القانونية.
النتائج:-
الخلاصة: الوساطة هي أحد البدائل وليست البديل الوحيد كما ونحث على حل جميع النزاعات عن طريق الوساطة حيث أن الحل يكون عادلا ومرضيا للأطراف لانه لا يوجد تغليب طرف على الآخر كما هو الحال في القضاء أو التحكيم
النتائج وهي كالآتي:
1. أن ممارسة الوساطة تحتاج إلى التدريب الخاص ؛ والذي يشمل الممارسة الحقيقية والتعامل مع أطراف حقيقية ؛ بالإضافة إلى المهارات والقدرات الشخصية الملائمة.
2.الوساطة مستمدة من المفاهيم السائدة في الدين الإسلامي وليست اختراع العولمة السائدة في هذا الزمن ؛ والوساطة ممكن أن تتم في قضايا عديدة منها :
3.الوساطة الأسرية والوساطة المدرسية والوساطة المجتمعية ووساطة المتنازعين حول المصادر وسلطة قضائية والوساطة المؤسساتية إضافة إلى وساطة شائعة وسائدة في زماننا هذا وهي الوساطة السياسية الدولية وآخرها الوساطة المصرية لتقريب الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي لحل وسط القضية الفلسطينية .
4.لا تعتبر الوساطة الحل الأمثل لجميع الصراعات والقضايا ؛ إضافة لذلك فان للمحكمة تحديد القضايا المحولة للوساطة .
5.ان الوساطة هي أحد الحلول البديلة للنظام القضائي وتعتبر ملحقا وتابعا للجهاز القضائي الذي لا يمكن أن نهمش دوره خاصة وانه أحد ركائز الدولة الثلاث .
.إن الوساطة أفضل الوسائل السلمية أفض النزاع وأجدرها على الأقل .
6-لجوء إلى السائل السلمية في حل النزاعات الدولية هي عملية مفيدة لطرفي النزاع فهي الأسرع من حيث الوقت ، بينما الدعوى القضائية تستمر لسنوات طويلة.
7-ا أنها الأوفر من حيث التكاليف بحيث لاتتطلب عقد مؤتمرات أو إرسال بعثات دبلوماسية متكررة مقارنة بالوسائل الأخرى التي تتطلب النفقات العالية ، أما الوساطة كوسيلة بديلة لحسم النزاعات الدولية تبدو خفيفة الظل .
8-ما إنها أسلم من حيث تحقيق الضرر الذي قد يلحق بالمتنازعين .
9-ما من حيث تطبيقها من قبل المنظمات الدولية تبدو أفضل من تطبيق الدول وأسرع .
10-ا المنظمات الإقليمية أقرب لحل المنازعات بين الدول من المنظمات الدولية ونسبة نجاحها أفضل .
11-دور الذي لعبته المملكة العربية السعودية في الوساطة بقضية لوكربي استطاعت بتوجيه من خادم الحرمين الشريفين في تحويل المستعصي إلى الممكن فقد قامت بدور مفصلي في معالجة أزمة الثقة بين طرفي المشكلة وفي تذليل العقبات وتقريب وجهات النظر بين الطرفين، وبالتالي أوجدت البيئة المناسبة لحل قضية لوكربي بشكل يرفع الظلم الواقع بحق الشعب الليبي، ويعيد إلى ليبيا موقعها العربي والإفريقي والدولي.
وحاولنا وضعه ولو بشكل بسيط يتناسب مع أهميته الفعالة لحل النزاع بطرق سلمية ، وتفادي شرك الوقوع في الحرب وويلاته ، مع التركيز عليه من خلال إعطاء فكرة عامة عن الوساطة وكذلك استقصاء التطبيقات العلمية للوساطة ومنها دور الوساطة الدولية في قضية لوكربي(دور الوساطة السعودية والجنوب إفريقية بزعامة نيلسون مانديلا) ،كما انه يكتسي أهمية بالغة على الصعيد النظري والتطبيقي .
12-استطاعت الدبلوماسية السعودية أن تحقق خمسة أهداف عربية ودولية وبشهادة الجامعة العربية والمجتمع الدولي.
1-عادة اللحمة للصف العربي الذي كادت أن تعصف به أزمة لوكريي.
2-ى المستوى القومي أعادت الوساطة السعودية تأهيل ليبيا عربياَ ودولياَ، وفي الوقت ذاته إعادة تأهيل دور جامعة الدول العربية ليس فقط على مستوى القطيعة ن وإنما بتفعيل حضورها واتصالها مع الأمم المتحدة بشأن تسوية النزاعات الإقليمية والدولية.
3-عميق العلاقات والمصير المشترك بين الدول العربية والأفريقية.
4-ادة صياغة العلاقات الدولية في إطار النظام العالمي الجديد .
5-م ماأسفرت عنه وحققته الوساطة السعودية الجنوب أفريقية انها طوت صفحة دامية من تاريخ الشعب الليبي وعملت على نزع فتيل التوتر الذي ظل يخيم على المنطقة اكثر من 7 سنوات.
المصادر
أولاً : الكتب :
1- د.أحمد أبو ناجي ، مدى فاعلية الوسائل البديلة لحل النزاعات الدولية وعلاقتها بالقضاء، ط1، القاهرة ،( دار النهضة الطبعة الاولي )، سنة 1997 .
2- د. أيمن السيد ، التدخل الاقليمي في الصراعات الداخلية الأفريقية ، مهد الدراسات الأفريقية (الطبعة الاولي) ، سنة 2003 ف .
3- د.صالح يحي الشاعري ، تسوية المنازعات الدولية سلمياً ، الطبعة1 ، القاهرة ، مكتبة مدبولي،(الطبعة الاولي) سنة 2006 .
4- علي صادق أبو هيف ، القانون الدولي العام ، الطبعة 5 ، منشورات الحلني (الطبعة الخامسة) سنة 2004 .
5- محمد المجدوب ، القانون الدولي العام ، الاسكندرية ادارة المطبوعات سنة 1984 ف .
6- مصطفى سلامة حسين ، العلاقات الدولية ، الطبعة12 ، سنة 1993 .
ثانياً :الرسائل الجامعية :
1-رضوان محمد ميلود ، آليات فض النزاعات الدولية بالطرق السلمية ، رسالة ماجستير أكاديمية الدراسات العليا ، طرابلس ، 1999 .
2-محمد فرج ،دور الجامعة العربية في تسوية النزاعات الأفريقية ، رسالة ماجستير ، أكاديمية الدراسات العليا ، طرابلس.
جرائد:
1-جريدة الشرق الأوسط بتاريخ 22/12/1998
2-جريدة الشرق الأوسط عدد 7436 بتاريخ 08/04/1999 ص 1
مقالات:
1-أحمد الصاوي: الأبعاد غير المعلنة للحملة الغربية ضد الجماهيرية, السياسة الليبية في إفريقيا نموذجا, المرجع: قضية لوكيربي ومستقبل النظام الدولي, مؤلف جماعي - سلسلة الدراسات السياسية والاستراتيجية - الطبعة الأولى شتاء 1992, مركز دراسات العالم الإسلامي (مالطا ) من ص 157 إلى ص 189
2-تقرير محكمة العدل الدولية, غشت 1997 يوليوز 1998 -الأمم المتحدة نيويورك 1998 ملحق رقم 4 (4 / A53 ) من ص 9 إلى ص 16.
3-مصطفى كركوتي: أزمة لوكربي في فصلها الأخير.., أوهكذا يبدو - جريدة الحياة ( لندن ) عدد 13155 بتاريخ 14 مارس 1999
4- محمد عبد الحكم دياب: تطورات قضية لوكربي واستحالة تسليم المتهمين - جريدة القدس العربي - عدد 2899 بتاريخ 5و6 شتنبر 1998 ص 17
مواقع اليكترونية:
http://pulpit.alwatanvoice.com/content-50371.html
http://www.google.ps/url?sa
http// w.w.w.ys.p.ory./tuleoflow/property/cont
http://www.google.ps/url?sa=t&source=web&cd=8&
http://www.google.ps/url?sa=t&source=web&cd=3&ved=0CCgQFjAC&url=http%3A%2F%2Fpulpit.alwatanvoice.com%2F
http://www.google.ps/url?sa=t&source=web&cd=1&ved=0CB8QFjAA&url=http%3A%2F%2Fwww.a
http://www.google.ps/url?sa=t&source=web&cd=2&ved
فإذا لم تنجح المفاوضات رغم ذلك وتأزم الموقف بين الدولتين المتنازعتين وأدى إلى قطع العلاقات السلمية بينهما فيبقى على الدولة الوسيطة أن تترقب الفرصة المناسبة للعمل على إعادة السلم.
4-الوساطة القضائية
يمكن أن تكون الوساطة قضائية، وهذا معناه أن القضاء الذي يحيل على وسطاء معينين ضمن قائمة أسماء الوسطاء المعتمدين لدى المحاكم، وهم محامون قدماء متفرغون للوساطة أو قضاة متقاعدون، أو خبراء في أي ميدان، يعملون في غالب الأحيان في القطاع الخاص.
5-وساطة الاتفاقية:
الوساطة الاتفاقية هي التي يتفق عليها الطرفان من غير أن يكون هناك أي نزاع أمام المحكمة، وفيها يتوجه الطرفان مباشرة إلى الوسيط المتفق عليه، إما في عقد سابق أو في عقد لاحق بعد نشوب النزاع.
6-لوساطة القانونية:
قد تكون هناك وساطة تشريعية عندما يكون نص قانوني ينص على إحالة الطرفين على الوساطة قبل المرور إلى مرحلة المحاكم.
الفرق بين الوساطة والتحكيم:-
هناك فرق جوهري بين التحكيم و الوساطة، حيث أن هذه الأخيرة تهدف للتوصل لحل ودي يصيغه الأطراف بانفسهم، بفضل تدخل طرف ثالث محايد و هو الوسيط، على عكس التحكيم الذي يفصل في النزاع بإصدار حكم يفرض على أطراف النزاع.
لأي نوع من النزاع نحتاج الوساطة؟
يمكن اللجوء للوساطة في كل ما يجوز فيه الصلح كالنزاعات الاجتماعية والتجارية والعائلية وغيرها.
ما هي إيجابيات الوساطة؟
اللجوء إلى الوساطة أمر اختياري. لا يمكن القيام بأي إجراء دون موافقة أطراف النزاع، كما يمكنهم في أي وقتا لانسحاب من عملية الوساطة.
• تمكن الوساطة الأطراف من حل نزاعاتهم في وقت أقصر وبتكلفة أقل.
• يحدد الأطراف مدة مهمة الوسيط في أول الأمر دون أن تتجاوز أجل ثلاثة أشهر من التاريخ الذي قبل فيه الوسيط مهمته. غير أن للأطراف تمديد الأجل المذكور باتفاق يبرم وفق نفس الشروط المعتمدة لإبرام اتفاق الوساطة.“
• لا يفرض أي قرار على الأطراف، بل يجب على الأطراف أنفسهم إيجاد حلول مناسبة، وذلك بمساعدة الوسيط أو الوسيطة. تبقى كل الحوارات المجزاة في إطار الوساطة محاطة بالسرية.
• وفي حال فشل عملية الوساطة، لا يجوز لأحد الأطراف استعمال المعلومات المتبادلة أمام المحكمة
• ”يلزم الوسيط بوجوب كتمان السر المهني بالنسبة إلى الأخيار وفق المقتضيات وتحت طائلة العقوبات المنصوص عليها في القانون الجنائي المتعلقة بكتمان السر المهني. ولا يجوز أن تثار ملاحظات الوسيط والتصاريح التي يتلقاها أمام القاضي المعروض غليه النزاع إلا باتفاق الأطراف ولا يجوز استعمالها في دعوى أخرى.“
• تمكن الوساطة من حل النزاعات بطريقة خلاقة وبعيدا عن الإجراءات القانونية وغالبا ما يخرج الأطراف من عملية الوساطة بامتيازات لم يكونوا ليحصلوا عليها لو لجئوا للقضاء أو التحكيم.
• * يمكن للوسيط أن يساعد الأطراف على مناقشة مشاكلهم بطريقة عقلانية وفي سياق مشجع. ويحثا لوسيط الأطراف على التعاون، بطريقة يمكن معها حل النزاع دون تضرر أي منهم.
• * تحافظ الوساطة على العلاقة الإيجابية التي تربط الأطراف لأن الاتفاق المتفاوض بشأنه يكون دائما ملائما لمصالح جميع أطراف النزاع و ذلك دون شرط التقيد بالقاعدة القانونية.
الفصل الثاني: دورالوساطة الدولية في قضية لوكربي
-المبحث الأول:أزمة "لوكربي" من التسوية السلمية إلى فرض العقوبات على ليبيا
-المبحث الثاني: دور الوساطة الدولية في التقريب بين المواقف المتباينة
المبحث الأول:أزمة "لوكربي" من التسوية السلمية إلى فرض العقوبات على ليبيا
قضية لوكربي هي قضية جنائية ترتبت على سقوط طائرة ركاب أميركية تابع لشركة طيران بان أمريكان أثناء تحليقها فوق قرية لوكربي Lockerbie باسكتلندا سنة 1988
أحداث:-
في يوم الأربعاء 21 ديسمبر 1988 انفجرت الطائرة البوينغ 747، التابعة لشركة بان أمريكان أثناء تحليقها فوق قرية لوكربي، الواقعة في مدينة دمفريز وغالواي الأسكتلندية غربي إنجلترا.
وقد نجم عن الحادث مقتل 259 شخصاً هم جميع من كان على متن الطائرة و11 شخصاً من سكان القرية حيث وقعت.
بعد تحقيقات ليست معلنة، وبعد تكهنات من وسائل الإعلام، تم تدوير المسؤلية بين دول مختلفة، يجمع بينها رابط العداء لأمريكا، وحركات تحرير تضعها أميركا في خانة المنظمات الارهابية.
قامت عائلات ضحايا لوكربي بتأسيس مجموعة ضغط فعالة ذات صوت عال وتنادي بالقبض على مرتكبي الجريمة وبالعقوبات وبأي شيء من شأنه تطبيق عدالة ما.
وبعد سنوات من التحقيق تنقلت الاتهامات شرقاً وغرباً وفق مصالح الطرف القوي الولايات المتحدة، وقد ألقيت المسؤولية أولاً على منظمة فلسطينية، ثم على سوريا ،وبعدها على إيران، وأخيراً وقع الاختيار على ليبيا.
وبالتزامن صدر في الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا في 13 نوفمبر 1991 أمر بالقبض على مواطنين ليبيين اشتبه في مسؤليتهما عن تفجير الطائرة؛ كونهما يعملان بمكتب شركة الخطوط الجوية الليبية بمطار لوقا بمالطا وقيل أن بمعرفتهما تم شحن حقيبة تحتوي على متفجرات.
على الفور رفضت ليبيا الطلب وبدأ القضاء الليبي التحقيق في الاتهام، وأوقف المواطنان الليبيان، وطلب من الدولتين تقديم ما لديهما من أدلة ضدّهما.
أصرت الدولتان على طلبهما ورفضت ليبيا الاستجابة، لما رأته -حسب ما أعلنته- من اتهامات باطلة تثيرها الدولتان دون توفّر أية أدلة لديهما.
العقوبات
بدأت الدولتان باستغلال تأثيرهما في التحرك داخل مجلس الأمن حتّى تمكنتا من إصدار قرار في 31 مارس 1992 يحمل الرقم 748 بأغلبية 10 أصوات وامتناع 5 أعضاء عن التصويت من بينها المغرب، يوجب على ليبيا الاستجابة لطلب الدولتين، ويهدد بفرض عقوبات عليها من بينها حظر الطيران منها واليها، وقد رفضت ليبيا الاستجابة لهذا القرار وتم فعلاً توقيع العقوبات في الموعد المضروب كأجل نهائي وهو 15 أبريل 1992.
وتحت ضغط أمريكي بريطاني مشترك أصدر مجلس الأمن الدولي في 11 نوفمبر من نفس العام باستصدار قرار برقم 883 يطوّر من نوع العقوبات المفروضة ويوسّعها لإجبار ليبيا على الإذعان لمطالب الدولتين. فرض القرار عقوبات على ليبيا شملت حظر الطيران منها وإليها، ومنع تصدير الأسلحة، وتقليص العلاقات التجارية والدبلوماسية معها، ثم تزايدت العقوبات، واستمر الحصار على الجماهيرية تحت مظلة الأمم المتحدة، وأمينها العام آنذاك بطرس بطرس غالي، ورغم ما جره هذا الحصار من معاناة للشعب الليبي ظل العقيد القذافي يرفض الضغوط والتهديدات، متشبثاً بالسيادة الوطنية.
لم تستجب ليبيا لمطالب الدولتين التي اكتسبت طابع الدولية، وبدأت تحركاً دولياً واسعاً يستهدف إقناع العالم بالوقوف إلى جانبها على الاقل بالقبول بمحاكمة المشتبه فيهما في بلد ثالث إذا لم يكن بالإمكان تجاوز القرار الدولي، ولقد نجحت ليبيا في ذلك إلى حد بعيد، عندما حصلت على دعم الدول العربية ممثلة في جامعتها، التي شكلت لجنة سباعية دائمة لهذا الغرض، كما حصلت على دعم دول عدم الانحياز، ولعل أهم دعم حصلت عليه كان من الدول الأفريقية التي قررت في قمتها التي انعقدت في واغادوغو عاصمة بوركينا فاسو في 10 يونيو 1998 كسر الحظر المفروض على ليبيا بحلول شهر سبتمبر من نفس العام ما لم يستجاب إلى مطالبها.
صدر قرار محكمة العدل الدولية لصالح الاعتراض الليبي بأن القضية ليست من اختصاص مجلس الأمن، لأنها لم تنطو على ما يهدد السلام الدولي.
كما صدرت سلسلة قرارات لحركة عدم الانحياز، ومنظمة الوحدة الأفريقية التي تحدى العديد من رؤساء دولها الحظر الجوى المفروض على ليبيا.
ورغم أن فكرة تسليم المشتبه فيهما ليحاكما في بلد ثالث هي في الأصل فكرة ليبية، ظل الكثيرون يشككون بل يجزمون باستحالة تسليم المتهمين.
قدمت لطرابلس ضمانات بألا تتحول محاكمة المتهمين إلى محاكمة سياسية، وأنهما سيلقيان محاكمة جنائية عادلة، ويتبع تسليمهما فوراً البدء بإجراءات رفع العقوبات عن ليبيا.
المحكمة
عندما أحست الدولتان أن ثغرة قد فتحت في جدار العقوبات المتصدع، قبلتا في 24 اغسطس 1998 بمحاكمة الليبيين في بلد ثالث هو هولندا حيث وافقت ليبيا.
وبعد اجراءات استمرت فترة بدأت المحاكمة بهيئة مؤلفة من 3 قضاة، واستمرت لمدة 84 يوما من المرافعات القانونية. وفي 31 يناير 2001 أدانت المحكمة أحد المتهمين استنادا إلى قرائن ظرفية وبرأت الاخر.
حُكِمَ على المقرحي في 31 يناير (كانون الثاني) 2001 بالسجن المؤبد إثر إدانته بالتورط.
في نوفمبر (تشرين الثاني) 2003، قررت المحكمة العليا في اسكتلندا أن على المقرحي أن يمضي 27 عاما علي الأقل في السجن قبل أن يحظى بالإفراج المشروط، وقد قضى فترة سجن طويلة معتقلاً في سجن قرب جلاسكو إلى أن تم الافراج عنه لأسباب صحية فقط حيث أنه مصاب بمرض سرطان البروستاتا وتمت إعادته إلى ليبيا دون تبرئته.
وعلى خلفية هذا الحكم دخلت الدولتان في مفاوضات مع ليبيا أسفرت عن الوصول إلى تسوية تدفع بموجبها ليبيا تعويضات إلى أسر الضحايا وتعلن مسؤليتها عن أعمال موظفيها، وهو ما تم بالفعل. وعلاقة الدولتين وليبيا الآن على درجة من الوئام لم تعرف منذ زمن, وقد ترأس لجنة المفاوضات عن الجانب الليبي عبد العاطي إبراهيم العبيدي رئيس الوزراء ووزير الخارجية الأسبق والذي كان عند بداية القضية مندوب ليبيا في الجامعة العربية وسفير ليبيا في تونس.
ثغرات في حيثيات الحكم
ادعى المحققون الإنجليز والأمريكيون أن القنبلة التي استخدمت في التفجير كانت موضوعة في حقيبة بها ملابس داخلية، كما ادعت أن هذه الملابس لم تحترق في الانفجار، بل ظلت على ما هي عليه. وأنه بفحص هذه الملابس تبيّن أنها مشتراة من محل تجاري في مالطا. قام المحققون بزيارة المحل الذي تم شراء هذه الملابس منه، فالتقوا بصاحبه، وهو رجل عجوز. وقد ادعى هذا العجوز أن الذي اشترى هذه الملابـس هو شخص ليبي. وبعد التدقيق وعمل رسم تقريبي لهذا الشخـص، افترض المحققـون أن هذا الليبي هو ضابط أمن اسمه "عبد الباسط المقرحي". لكن كيف استطاع هذا الضابط أن ينقل القنبلة من ليبيا إلى مالطا ومن ثم إلى بريطانيا؟ وهنا افترض المحققون أن مدير مكتب الخطوط الجوية الليبية في مالطا واسمه الأمين خليل فحيمة، هو الذي ساعد المقرحي في نقل القنبلة من ليبيا إلى مالطا، كما أنه ساعده في تمرير الحقيبة ذات القنبلة في مطار (لوقا) بمالطا إلى مطار (هيثرو) بلندن. وافترض المحققون أن المقرحي سافر مع الحقيبة إلى لندن، وأنه استطاع أن يتخطى حواجز الأمن في المطار وأن يضع الحقيبة الملغومة في طائرة الـ"بان أمريكان" المتجهة إلى الولايات المتحدة. لم يغادر المقرحي مع الحقيبة الملغومة، بل عاد أدراجه إلى ليبيا.
أبرز البروفيسور روبرت بلاك (استاذ القانون الاسكوتلندي في جامعة إدنبرة)، الذي يعتبر «مهندس» فكرة محاكمة المقرحي ومواطنه الأمين خليفة فحيمة (الذي برأته المحكمة) في هولندا، هشاشة الأدلة التي قدمها الادعاء، وقال ان القضاة الاسكوتلنديين الثلاثة قبلوها على علاتها، وأوضح أن الادعاء لم يقدم أي دليل مصدره مالطا يؤيد طرحه بأن الحقيبة غير المصحوبة الحاوية للقنبلة التي دمرت طائرة الـ«بان آم» فوق لوكربي باسكوتلندا في 21 ديسمبر (كانون الأول) 1988 بدأت رحلتها من مالطا على متن طائرة مالطية متوجهة إلى مطار فرانكفورت.
وبالنسبة لفرانكفورت أشار بلاك إلى ان الدليل الوحيد كان سجل كومبيوتر يشير إلى أن حقيبة غير مصحوبة مرت بنظام الحقائب في المطار في وقت مقارب لوقت تفريغ حمولة الطائرة المالطية «ولكن مع ذلك اقتنع القضاة بأن الحقيبة جاءت من مالطا».
ومن نقاط الضعف الأخرى التي أبرزها بلاك في أدلة الادعاء ما يتعلق بشهادة أنتوني غوتشي، صاحب المتجر المالطي الذي زعم الادعاء أن المقرحي اشترى منه ملابس عثر على بقاياها ضمن بقايا الحقيبة الملغومة. وقال بلاك ان غوتشي قدم 17 افادة للمحققين قبل المحاكمة ولم يقل في أي منها أن المقرحي هو الرجل الذي اشترى منه الملابس بل قال إنه «يشبه ذلك الرجل». وأشار أيضا إلى الأوصاف التي قدمها غوتشي لذلك الرجل وقوله «عمره لا يقل عن 50 عاما وطوله ستة اقدام على الاقل»، مذكرا بأن المقرحي كان في ذلك اليوم في السادسة والثلاثين من العمر وطوله كان ولا يزال خمسة اقدام وثماني بوصات. واشار بلاك أيضا إلى ان غوتشي تعرف أيضا على شخصين آخرين باعتبارهما يشبهان الرجل الذي اشترى منه الملابس. واثار بلاك تساؤلات حول تأريخ زيارة المقرحي المزعومة للمحل المالطي، موضحا ان ما ورد في سياق المحاكمة وافادات غوتشي لا يثبت إطلاقا بأن المقرحي زار محله في 7 ديسمبر(كانون الأول) 1988 كما يزعم الادعاء.
وقال بلاك ان القضاة بدلا من أن يفترضوا حسن النية لدى المتهم حسب قاعدة «المتهم بريء حتى تثبت ادانته» فانه احسن الظن بالادعاء وأخذ مواقفه وطروحاته على علاتها.
وتابع ان الدفاع حصل على ادلة جديدة سيثيرها في مرحلة الاستئناف بما في ذلك ادلة من عملاء سابقين أو حاليين لوكالة الاستخبارات المركزية الاميركية (سي آي ايه) وادلة حول آلية تفجير القنبلة.
مستجدات القضية
كان أقارب بعض ضحايا كارثة لوكربي ومراقبون مستقلون قد أثاروا منذ فترة طويلة الشكوك بشأن إدانة المقرحي. وتركز هذه الشكوك على مصداقية شهود الادعاء وأدلة الطب الشرعي. وتتعلق شكوك اللجنة، خصوصاً، بما تردد بأن المقرحي اشترى ملابس من متجر في مالطا في السابع من ديسمبر (كانون الأول) 1988 ووضع بعضها داخل حقيبة تحتوي على قنبلة. وقالت اللجنة إنه لا يوجد «سبب معقول» للاستنتاج بأن هذه السلع تم شراؤها قبل السادس من ديسمبر بينما لا توجد أدلة على أن المقرحي كان في مالطا.
أن الإثبات الرئيسي الذي أدى إلى إدانة ليبيا في قضية لوكربي، والتي تتضمن صوراً لقطع مؤقت القنبلة التي ساهمت في إدانة الوكيل الليبي سابقاً، كانت ملفقة وغير حقيقية بل هي صوراً لمؤقت تم حرقه وتفحيمه تماماً في وقت سبق المحاكمة. وهذه المعلومات كشفها رجل أعمال سويسري كان يمتلك شركة تنتج هذه المؤقتات،
قال الشاهد الأساسي (المهندس السويسري المتقاعد أولريخ لومبيرت) للشرطة السويسرية إنه كذب في شهادته الأمر الذي يدفع بفرضية أشار إليها صحافيون وقضاة وعدد من عائلات ضحايا طائرة "بان أمريكان" التي تم تفجيرها: وهي أن ثمة "تلاعب" تم في التحقيق لتجريم ليبيا.ونقلت الصحيفة عن اولريش لومبرت (65عاما) المهندس في شركة "ميبو" التي تتخذ من زوريخ مقرا لها قوله للشرطة السويسرية "لقد كذبت في شهادتي حول اعتداء لوكربي".
وكان لومبرت اكد في المحاكمة التي جرت في 2001انه تعرف على قطعة من جهاز التوقيت الخاص بالتفجير.
وكانت تلك المعدات الإلكترونية انتجتها شركة "ميبو" باعت كميات منها إلى طرابلس. واوضح لومبرت ان القطعة التي تحدث عنها لم تكن من أجهزة التوقيت التي تسلمها الليبيون.
رجل الأعمال السويسري إدوين بوللير الذي أقام أعماله في مدينته في زيوريخ، أمضى 20 عاماً في محاولة لتبرئة اسمه واسم مؤسسته التي قامت بصناعة مؤقت الساعة التي يقال أنها استخدمت يوم التفجير. لم ينكر بولير الذي يبلغ من العمر الآن 70 عاماً أنه قام بإعمال تجارية مع ليبيا في السابق. إذ قال أنه وقبل عامين من قضية لوكربي كان قد باع 20 مؤقتاً من طراز إم إس تي – 13 للجيش الليبي. لكن وكلاء الشرطة الفدرالية الدولية والمحققون الاسكتلنديون قالوا أن أحد هذه المؤقتات استخدم في تفجير الطائرة. وأظهروا كإثبات صورة مشوشة غير واضحة أثناء المحاكمة. عندها كان الشاهد السويسري قد قال أنها تبدو وكأنها إحدى مؤقتات الساعات التي تصنعها شركته. لكنه لم يكن مرتاحاً للصورة التي رآها وطلب أن يرى بعينيه بقايا المؤقت المذكور. وسمحوا له أخيراً عام 1998 برؤية تلك البقايا. فسافر إلى دمفريز لمعاينة الإثبات.
في عام 2001 امضى بولليير خمسة أيام في قفص الشهود في محاكمة لوكربي في مخيم زيست في هولندا، حيث كان شاهد دفاع، لكن حسب قوله كانت المحاكمة مشوهة بشكل كبير من أجل إثبات تورط ليبي، إلى درجة أن شهادته وما قاله تم إهماله بشكل واضح.
وقال بوللير " أحضروا صورة بقايا ساعة التوقيت إلى المحكمة، فطلبت أن أعاين بقايا القطع ذاتها وليس الصورة. وعندما أحضروها لي كانت متفحمة تماماً ولا يظهر منها شيء. لقد عبثوا بها بعد أن رأيتها للمرة الأولى في دمفريز".
كما أن المفجر (إم. إس. تي. 13) الذي تصنعه الشركة السويسرية (ميبو) متوفر بكثرة. ولقد ثبت منذ وقت طويل بأن هذا النوع تم توريده أيضا لجهاز استخبارات ألمانيا الشرقية سابقا المعروفة بسام (شتازي) ولكن في الآونة الأخيرة تبين أنه منتشر بأكثر مما صوره الإدعاء.
وذكرت صحيفة "الفيغارو" الفرنسية الاثنين 27-8-2007 ان العنصر الجديد في القضية يدفع بفرضية التلاعب ضد ليبيا "في حين اشارت القرائن الأولى إلى مجموعة صغيرة موالية لسوريا",وأن القضاة الثلاثة خلال المحاكمة رفضوا فرضية تورط إيران وسوريا وفصيل فلسطيني هو الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين-القيادة العامة برئاسة أحمد جبريل ومقرها دمشق وذلك ردا على "تدمير عرضي لطائرة إيرانية بصاروخ أمريكي في يوليو/ تموز 1988".
وقالت الصحيفة الفرنسية ان لومبرت "سرق" ذاك الجهاز من مختبر ميبو وسلمه إلى شرطي اسكتلندي على علاقة بالتحقيق بدون أن يوضح دوافعه.
الشاهد توني غورتشي كان له دور حاسم في المحاكمة الأصلية حيث أدلى بـشهادة "يعتمد عليها" تفيد بأن المقرحي قد اشترى ملابس من متجره استعملت فيما بعد للفّ القنبلة. شهادة غوتشي اعتبرت منذ فترة كمثيرة للجدل وظهرت إدعاءات سابقة تقول بأنه استلم مكافآت ومزايا من قبل المحققين.
تقول مصادر مقربة من لجنة مراجعة القضايا الجنائية الاسكتلندية بأن الأموال دفعت لصاحب الحانوت المالطي توني غوتشي كمكافأة مباشرة عن دوره بشهادة حاسمة لصالح الإدعاء وأخرجت هذه الدفعة تحت ستار "التعويض. قامت اللجنة بجهد مكثف للتحقق من الإدعاءات وتبينت بأن غوتشي قد استلم فعلا مبلغا فلكيا من الولايات المتحدة الأمريكية، وتقول مصادر مقربة من هيئة الدفاع عن المقرحي بأن المبلغ يصل إلى أربعة ملايين دولار (أي مليوني جنيه استرليني تقريبا).
ـ المكافأة ـ تم تلبيسها على أساس أنها تعويض لما عاناه غوتشي من ضغوط كبير على حياته وعمله بسبب توريطه اللصيق بهذه القضية. ولكنه من الواضح أن الدفعة كانت مكافأة لأن الحكومة البريطانية والأمريكية كانتا في حاجة إلى إدانة في القضية وحقيقة أن الشاهد الرئيسي كوفيء مقابل شهادته فهذا من شأنه أن يثير الشكوك على قيمة شهادته، إنه من غير المقبول أن يدفع لشاهد حيث أن ذلك من شأنه أن يدفعه للتحمس في شهادته وبما يرضي من دفع له
وكشفت صحيفة «الأوبزيرفر» البريطانية أنه قد يتم إعادة فتح قضية لوكربي بعد ظهور مؤشرات تستبعد تورط ليبيا.
وقالت الصحيفة: المتهم الوحيد في هذه القضية أدين بناء على أدلة ضعيفة وأن هناك دليلاً جديداً يستبعد تورط ليبيا، مشيرة إلى وجود أطراف أخرى.
وأضافت الأوربزيرفر: إنه في حال نجاح المتهم الليبي عبد الباسط علي المقراحي في الاستئناف فإنه قد يتم إطلاق سراحه وإسقاط التهم عنه.
وأشارت الصحيفة إلى أن شخصيات قانونية ومسؤولين في جهاز الاستخبارات أكدوا أن اللجنة الاسكتلندية ستعيد النظر في القضية وستصدر تقريراً تؤكد من خلاله أن اتهام المقراحي وحده غير مطمئن وانه ربما كان ضحية اخفاق العدالة في الوصول إلى الجناة الحقيقيين.
الوثيقة السرية
حصل المقرحى على استئناف جديد من لجنة مراجعة القضايا الجنائية الاسكتلندية على أرضية وقوعه ضحية إساءة تطبيق أحكام العدالة، واكتشفت اللجنة لاحقاً وثيقة يُعتقد بأنها تحتوى على معلومات عن جهاز توقيت قنبلة لوكربى والتي اعتُبرت لاحقاً عنصراً محورياً في دعوى استئناف المقرحي. لكن الحكومة البريطانية رفضت تسليم الوثيقة ووثيقة أخرى لفريق الدفاع عن المقرحى لأسباب تتعلق بالأمن القومى للمملكة المتحدة والذي يسعى للحصول على مداخل إلى الوثيقتين لاستخدامهما كدليل أمام محكمة الاستئناف لتبرئته
طالب كبير قضاة اسكتلندا الحكومة البريطانية بإطلاعه على وثيقتين سريتين لهما صلة بتحطم طائرة ركاب أمريكية فوق بلدة لوكيربى الاسكتلندية عام 1988،التي حكم على أساسها بالسجن مدى الحياة بحق الليبى عبد الباسط المقرحى. فقد شدد اللورد هاملتون كبير قضاة محكمة الاستئناف الاسكتلندية واثنان آخران من قضاة المحكمة في أدنبرة على ضرورة أن يتقدم المحامى، الذي يمثل الحكومة البريطانية، بالوثائق المطلوبة خلال أسبوع وفق الإجراءات الأمنية المناسب
وقالت اللجنة القانونية الأسكتلندية المكلفة بالبت في القضايا التي يشوب أحكامها أخطاء جسيمة، في القرار الذي أصدرته حينذاك إن على المحكمة العليا الأسكتلندية أن تعيد النظر في أساس هذا الحكم.
وقررت اللجنة إحالة هذه القضية مرة أخرى إلى المحكمة العليا الأسكتلندية للنظر في الطعن المقدم من الرهينة السياسي لأن الحكم السابق تشوبه أخطاء قضائية.
وكشفت اللجنة عن وثيقة تحوي معلومات بشأن جهاز التوقيت في القنبلة، يعتقد أن لها أهمية في الاستئناف. ورفضت الحكومة البريطانية نشر هذه الوثيقة ووثيقة أخرى ذات صلة بالدفاع بدعوى أن لها علاقة بالأمن القومي البريطان
كشفت صحيفة "سكوتلند أو صندي" أن الوثيقة السرية التي تعد محور دعوى الاستئناف في قضية لوكربى وترفض الحكومة البريطانية تسليمها حتى الآن إلى فريق الدفاع تؤكد بشكل لا ريب فيه أن جهاز توقيت القنبلة التي فجّرت الطائرة الأميركية زوّد إلى دول لم تكن ليبيا بينه
قالت الصحيفة إن مصدراً قانونياً اطّلع على الوثيقة أكد أن هذا المستند "يقدم تفاصيل هامة عن أن استخدام قنبلة صغيرة مخفية داخل آلة تسجيل ارتبط بمنظمات" ارهابية " أخرى أكثر من الليبين وأن محتوياتها ستطرح أرضاً إدانة المقرحي"، مشيرة إلى أن المعلومات الواردة في الوثيقة السرية "تشكل أهمية قصوى في القضية بعد إصرار الإدعاء العام على أن جهاز التوقيت المستخدم في القنبلة زوّد إلى ليبيا فقط، وتؤكد أيضاً أن طريقة الهجوم كان الأسلوب النمطى لخلية إرهابية فلسطينية في ألمانيا".
واكد المصدر القانوني، بحسب الصحيفة، أن الوثيقة "تبدد أى شكوك بأن أجهزة التوقيت من طراز "إم إس تى ـ 13" زوّدت إلى جهات أخرى غير ليبيا، وأن طريقة إخفاء القنبلة داخل آلة تسجيل من طراز "توشيبا" لم تكن مرتبطة بالنشاطات الإرهابية الليبية بل بالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ـ القيادة العامة التي كانت أول المشتبه بهم بالوقوف وراء تفجير طائرة لوكربي"
أن جهاز التوقيت من طراز "إم إس تى ـ 13" الذي استُخدم في قنبلة لوكربى صنعته الشركة السويسرية "ميبو"، لكن مالكها المشترك إدوين بويلر "اوضح بأن شركته زوّدت هذه الأجهزة إلى جهات من بينها جهاز الأمن السرى الألمانى الشرقى السابق "ستاسي""، مشيرة إلى أن الأخير كان داهم في أكتوبر/تشرين الأول 1988 وقبل شهرين من وقوع تفجير لوكربى خلية للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ـ القيادة العامة بمدينة نيوس وعثر على أربعة من هذه الأجهزة بحوزتها وابلغ صانع القنبلة الأردنى وقتها مروان خريسات مسؤولى ستاسى بأن جهازاً خامساً نُقل من الشقة التي كان يعمل بها عن طريق زعيم الخلية حافظ دلقمونى قبل فترة وجيزة من عملية المداهمة". ولفتت الصحيفة إلى "أن جهاز التوقيت الخامس لم يتم العثور عليه، ويعتقد الكثير ومن بينهم خريسات نفسه بأنه هذا الجهاز هو الذى استُخدم في تفجير طائرة لوكربي".
المحاكمة سياسية وليست جنائية
كانت المحكمة تعلم منذ البداية، وكما هو واضح في أوراق الدعوى، أن هناك اتهاماً بحق هذين الليبيين لكن المحكمة التي ادعت أنها نزيهة وتطبّق العدالة، انتهت إلى إصدار حكم يقضي بإدانة عبد الباسط المقرحي وحكم عليه بالسجن المؤبّد. وتمت تبرئة الأمين فحيمة وأطلق سراحه، ولم يكن بوسع المحكمة أن تطبّق العدالة وأن تكون نزيهة، لأن ذلك كان سيدفعها إلى إطلاق سراح الاثنين لأنهما بريئان، وحكم البراءة هذا سيعني أن الاتهام الأمريكي والبريطاني بحق ليبيا كان ظالماً، وأن العقوبات الدولية التي فرضت على ليبيا كانت ظالمة. ولذلك ومن أجل حفظ ماء وجه بريطانيا والولايات المتحدة، جنحت المحكمة إلى إصدار حكمها وهي تعلم أنها ارتكبت خطأ كبيراً وشوّهت سمعة القضاء الإنجليـزي النزيه. وهكذا، فإن قضية لوكربي، قضية سياسية كانت تهدف منذ البداية إلى إدانة النظام في ليبيا، ذلك أن بريطانيا أرادت أن تنتقم من ليبيا لأنها كانت تدعم الجيش الجمهوري الأيرلندي بالمال والسلاح. وقد حققت هدفها من خلال اختلاق قضيـة لوكربي واتهام ليبيا بها. ولكن الولايات المتحدة الأمريكية لم تستجب
الأدلة الجديدة بعد ثورة 17 فبراير
ذكرت صحيفة إكسبريسين ديلي السويدية أن وزير العدل الليبي مصطفى محمد عبد الجليل (الذي استقال من منصبه يوم الاثنين 21/2/2011 م احتجاجا على العنف الذي مارسته السلطات الليبية ضد معارضيها أثناء اندلاع ثورة 17 فبراير) قال أنه يملك أدلة على أن معمر القذافي هو من "أعطى الأمر" بتفجير طائرة الركاب الأميركية "بان آم" فوق قرية لوكربي بأسكتلندا عام 1988 م والذي أودى بحياة 270 شخصا.
غير أن الصحيفة لم تذكر شيئا عن تلك الأدلة في المقابلة التي نشرتها على موقعها الإلكتروني يوم الأربعاء 23/2/2011 م. واكتفت الصحيفة بأنها نقلت عن عبد الجليل قوله أن معمر القذافي فعل كل ما في وسعه لإعادة "عميل المخابرات السري السابق عبد الباسط المقرحي إلى ليبيا، لإخفاء دوره في إصدار الأمر بالتفجير".
الافراج عن المقـرحي
أفرجت الحكومة الأسكتلندية يوم 20 أغسطس 2009 عن الليبي عبد الباسط المقرحي المدان في تفجير لوكربي العام 1988 لأسباب إنسانية ولقد تم استقبال المقرحي استقبال الأبطال عند وصوله لمطار طرابلس العالمي
المبحث الثاني: دور الوساطة الدولية في التقريب بين المواقف المتباينة
أمام وصول مشكل ضمانات المحاكمة إلى الباب المسدود نشطت الدبلوماسية الدولية بشكل مكثف في هذا الشأن فالأمين العام الأممي صرح في هذه الأثناء بأنه: " إذا لم تجد الأمم المتحدة حلا فإن العقوبات الاقتصادية ستفقد قانونيتها" ( ). وقد تحرك الأمين العام بشكل مكثف لتذليل صعوبات الأزمة حيث اجتمع بالقذافي وحصل على تعهد بالوساطة من الزعيم الإفريقي نيلسون مانديلا والأمير عبد الله ولي عهد المملكة العربية السعودية وممثليهما، وبالفعل فقد كان للوساطة السعودية والجنوب - إفريقية دور مهم ومحوري في تقريب مواقف الدول المعنية بالأزمة بخصوص مشكل الضمانات, حيث تم التوصل في الأخير إلى اتفاق بموجبه سيتم امتثال المتهمين أمام المحكمة الاسكتلندية في هولندا وتجميد العقوبات فور وصولهما إلى هناك وحضور ممثلين أمميين في هذه المحاكمة ..
1- نتائج وأبعاد تسليم المتهمين
بعد حوالي عشر سنوات من تفجير الطائرة الأمريكية وثماني سنوات من توجيه الاتهام إلى ليبيا, وزهاء سنة من الجهود الديبلوماسية المكثفة، تم التوصل إلى اتفاق, بموجبه تسلم ليبيا المتهمين إلى هولندا قصد المحاكمة أمام قضاة اسكتلنديين, بعد حصولها على ضمانات مطمئنة.
2-تسليم المتهمين, هل هو بداية سليمة لطي ملف الأزمة ؟
في صباح يوم الخامس من شهر أبريل 1999 أقدمت ليبيا على تسليم المتهمين في حـادث "لوكربي" إلى مساعد الأمين العام الأممي للشؤون القانونية, وذلك قبل نقلهما إلى هولندا, ورغم أن هذا التسليم جاء عقب ضمانات ارتضتها ليبيا, فإنه شكل في نفس الوقت مغامرة فقدت بها ليبيا آخر ورقة كانت تمتلكها وهي وجود المتهمين على أرضها، وتظل هناك مجموعة من المخاوف حاضرة لدى هذه الأخيرة خصوصا في ظل العداء الذي تكنه بريطانيا والولايات المتحدة لها، فهذه المحاكمة يمكن أن تطال النظام الليبي في أية لحظة بالنظر إلى سجل هذين البلدين في خرق القانون والعهود و الاتفاقيات الدولية ( ).
3- نتائج وأبعاد تسليم المتهمين
من النتائج المباشرة الرئيسية لتسليم المتهمين، هناك العقوبات المفروضة على ليبيا وإن كانت هذه الأخيرة تصر على رفعها كليا، كما شكل ذلك منطلقا لعودة الجماهيرية بقوة إلى الساحة الدولية حيث نشطت ديبلوماستها في تسوية مجموعة من الخلافات الدولية خاصة بكل من إفريقيا ( السودان, الكونغو الديموقراطية, سيراليون..) وآسيا ( خاصة مشكل الرهائن الغربيين في جنوب الفيليبين والأزمة الأفغانية..).
ومن جهة ثانية انطلقت محاكمة المتهمين بقاعدة "زايست " الهولندية التي استمرت زهاء 22 شهرا, وانتهت باتخاذ حكمها بالإجماع الذي يقضي بإدانة المقرحي لارتكابه جريمة القتل, والحكم عليه بالسجن المؤبد وببراءة المتهم الثاني الأمين خليفة فحيمة.
ويظهر أن القضاة لم يستطيعوا إثبات كل التهم التي تقدم بها الادعاء كما أن هذا الحكم صدر بناء على أدلة غير دامغة مما أثار ردود فعل دولية واسعة.
وعموما جاء الحكم مرضيا - إلى حد كبير - لجميع الأطراف, فهو لم يحمل الجهات الرسمية الليبية مسؤولية الحادث, وبرأ أحد المتهمين, كما أنه جنب الولايات المتحدة وبريطانيا ومجلس الأمن حرج فرض العقوبات على دولة بريئة من المسؤولية عن الحادث، ومعلوم أن دفاع المقرحي تقدم باستئناف الحكم, ويمكن أن ينتهي هذا الاستئناف إلى ثلاث نتائج: تأكيد الحكم وحصر على عاتق المسؤولية على المقرحي, أو رفع درجة المسؤولية إلى الدولة برمتها وتصعيد الأزمة, أو رفض الحكم ورفع التهمة عن المتهم وعن ليبيا، وهنا سنطرح مجموعة من الإشكاليات أهمها: من سيتحمل حينئذ مسؤولية تعويض ليبيا عن أضرار العقوبات التي فرضت عليها لسنوات عديدة؟ هل المجلس الذي فرض العقوبات أم الدول الغربية الثلاث التي افتعلت الأزمة؟
ومن ناحية أخرى نشير إلى أن موافقة الأطراف المعنية بالأزمة على إجراء محاكمة المتهمين في هولندا, كان وراءه مجموعة من الأبعاد والأهداف، فليبيا كانت في حاجة لتنشيط اقتصادها والانفتاح على السوق الغربية وإصلاح ما دمرته العقوبات خاصة في مجال الطيران والعودة إلى الساحة الدولية بقوة, أما الدول الغربية الثلاث وخاصة فرنسا وبريطانيا, فقد تحمست لهذا الحل طمعا في اختراق السوق الليبية المربحة لشركاتها.
وعموما فقد تميزت إدارة مجلس الأمن لأزمة "لوكيربي" بالسيطرة الأمريكية سواء على مستوى جمع المعلومات المتعلقة بها أو اختيار الآلية اللازمة لإدارتها أو على مستوى فرض العقوبات وتعليقها.
ورغم أن المجلس قد نجح إلى حد ما في منع تطور الأزمة إلى مواجهة عسكرية كانت ستضر حتما بليبيا, فان سيناريو الأحداث أبرز أن إجراءات المجلس تمت بإرادة أمريكية وعلى حساب الشرعية الدولية، فالمجلس ترامى على اختصاص محكمة العدل الدولية بالنظر إلى الطابع القانوني لهذه الأزمة, وتخاذل في اتخاذ تدابير ضرورية في العديد من الحالات الدولية والعربية المستوفية لشروطها القانونية.
النتائج:-
الخلاصة: الوساطة هي أحد البدائل وليست البديل الوحيد كما ونحث على حل جميع النزاعات عن طريق الوساطة حيث أن الحل يكون عادلا ومرضيا للأطراف لانه لا يوجد تغليب طرف على الآخر كما هو الحال في القضاء أو التحكيم
النتائج وهي كالآتي:
1. أن ممارسة الوساطة تحتاج إلى التدريب الخاص ؛ والذي يشمل الممارسة الحقيقية والتعامل مع أطراف حقيقية ؛ بالإضافة إلى المهارات والقدرات الشخصية الملائمة.
2.الوساطة مستمدة من المفاهيم السائدة في الدين الإسلامي وليست اختراع العولمة السائدة في هذا الزمن ؛ والوساطة ممكن أن تتم في قضايا عديدة منها :
3.الوساطة الأسرية والوساطة المدرسية والوساطة المجتمعية ووساطة المتنازعين حول المصادر وسلطة قضائية والوساطة المؤسساتية إضافة إلى وساطة شائعة وسائدة في زماننا هذا وهي الوساطة السياسية الدولية وآخرها الوساطة المصرية لتقريب الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي لحل وسط القضية الفلسطينية .
4.لا تعتبر الوساطة الحل الأمثل لجميع الصراعات والقضايا ؛ إضافة لذلك فان للمحكمة تحديد القضايا المحولة للوساطة .
5.ان الوساطة هي أحد الحلول البديلة للنظام القضائي وتعتبر ملحقا وتابعا للجهاز القضائي الذي لا يمكن أن نهمش دوره خاصة وانه أحد ركائز الدولة الثلاث .
.إن الوساطة أفضل الوسائل السلمية أفض النزاع وأجدرها على الأقل .
6-لجوء إلى السائل السلمية في حل النزاعات الدولية هي عملية مفيدة لطرفي النزاع فهي الأسرع من حيث الوقت ، بينما الدعوى القضائية تستمر لسنوات طويلة.
7-ا أنها الأوفر من حيث التكاليف بحيث لاتتطلب عقد مؤتمرات أو إرسال بعثات دبلوماسية متكررة مقارنة بالوسائل الأخرى التي تتطلب النفقات العالية ، أما الوساطة كوسيلة بديلة لحسم النزاعات الدولية تبدو خفيفة الظل .
8-ما إنها أسلم من حيث تحقيق الضرر الذي قد يلحق بالمتنازعين .
9-ما من حيث تطبيقها من قبل المنظمات الدولية تبدو أفضل من تطبيق الدول وأسرع .
10-ا المنظمات الإقليمية أقرب لحل المنازعات بين الدول من المنظمات الدولية ونسبة نجاحها أفضل .
11-دور الذي لعبته المملكة العربية السعودية في الوساطة بقضية لوكربي استطاعت بتوجيه من خادم الحرمين الشريفين في تحويل المستعصي إلى الممكن فقد قامت بدور مفصلي في معالجة أزمة الثقة بين طرفي المشكلة وفي تذليل العقبات وتقريب وجهات النظر بين الطرفين، وبالتالي أوجدت البيئة المناسبة لحل قضية لوكربي بشكل يرفع الظلم الواقع بحق الشعب الليبي، ويعيد إلى ليبيا موقعها العربي والإفريقي والدولي.
وحاولنا وضعه ولو بشكل بسيط يتناسب مع أهميته الفعالة لحل النزاع بطرق سلمية ، وتفادي شرك الوقوع في الحرب وويلاته ، مع التركيز عليه من خلال إعطاء فكرة عامة عن الوساطة وكذلك استقصاء التطبيقات العلمية للوساطة ومنها دور الوساطة الدولية في قضية لوكربي(دور الوساطة السعودية والجنوب إفريقية بزعامة نيلسون مانديلا) ،كما انه يكتسي أهمية بالغة على الصعيد النظري والتطبيقي .
12-استطاعت الدبلوماسية السعودية أن تحقق خمسة أهداف عربية ودولية وبشهادة الجامعة العربية والمجتمع الدولي.
1-عادة اللحمة للصف العربي الذي كادت أن تعصف به أزمة لوكريي.
2-ى المستوى القومي أعادت الوساطة السعودية تأهيل ليبيا عربياَ ودولياَ، وفي الوقت ذاته إعادة تأهيل دور جامعة الدول العربية ليس فقط على مستوى القطيعة ن وإنما بتفعيل حضورها واتصالها مع الأمم المتحدة بشأن تسوية النزاعات الإقليمية والدولية.
3-عميق العلاقات والمصير المشترك بين الدول العربية والأفريقية.
4-ادة صياغة العلاقات الدولية في إطار النظام العالمي الجديد .
5-م ماأسفرت عنه وحققته الوساطة السعودية الجنوب أفريقية انها طوت صفحة دامية من تاريخ الشعب الليبي وعملت على نزع فتيل التوتر الذي ظل يخيم على المنطقة اكثر من 7 سنوات.
المصادر
أولاً : الكتب :
1- د.أحمد أبو ناجي ، مدى فاعلية الوسائل البديلة لحل النزاعات الدولية وعلاقتها بالقضاء، ط1، القاهرة ،( دار النهضة الطبعة الاولي )، سنة 1997 .
2- د. أيمن السيد ، التدخل الاقليمي في الصراعات الداخلية الأفريقية ، مهد الدراسات الأفريقية (الطبعة الاولي) ، سنة 2003 ف .
3- د.صالح يحي الشاعري ، تسوية المنازعات الدولية سلمياً ، الطبعة1 ، القاهرة ، مكتبة مدبولي،(الطبعة الاولي) سنة 2006 .
4- علي صادق أبو هيف ، القانون الدولي العام ، الطبعة 5 ، منشورات الحلني (الطبعة الخامسة) سنة 2004 .
5- محمد المجدوب ، القانون الدولي العام ، الاسكندرية ادارة المطبوعات سنة 1984 ف .
6- مصطفى سلامة حسين ، العلاقات الدولية ، الطبعة12 ، سنة 1993 .
ثانياً :الرسائل الجامعية :
1-رضوان محمد ميلود ، آليات فض النزاعات الدولية بالطرق السلمية ، رسالة ماجستير أكاديمية الدراسات العليا ، طرابلس ، 1999 .
2-محمد فرج ،دور الجامعة العربية في تسوية النزاعات الأفريقية ، رسالة ماجستير ، أكاديمية الدراسات العليا ، طرابلس.
جرائد:
1-جريدة الشرق الأوسط بتاريخ 22/12/1998
2-جريدة الشرق الأوسط عدد 7436 بتاريخ 08/04/1999 ص 1
مقالات:
1-أحمد الصاوي: الأبعاد غير المعلنة للحملة الغربية ضد الجماهيرية, السياسة الليبية في إفريقيا نموذجا, المرجع: قضية لوكيربي ومستقبل النظام الدولي, مؤلف جماعي - سلسلة الدراسات السياسية والاستراتيجية - الطبعة الأولى شتاء 1992, مركز دراسات العالم الإسلامي (مالطا ) من ص 157 إلى ص 189
2-تقرير محكمة العدل الدولية, غشت 1997 يوليوز 1998 -الأمم المتحدة نيويورك 1998 ملحق رقم 4 (4 / A53 ) من ص 9 إلى ص 16.
3-مصطفى كركوتي: أزمة لوكربي في فصلها الأخير.., أوهكذا يبدو - جريدة الحياة ( لندن ) عدد 13155 بتاريخ 14 مارس 1999
4- محمد عبد الحكم دياب: تطورات قضية لوكربي واستحالة تسليم المتهمين - جريدة القدس العربي - عدد 2899 بتاريخ 5و6 شتنبر 1998 ص 17
مواقع اليكترونية:
http://pulpit.alwatanvoice.com/content-50371.html
http://www.google.ps/url?sa
http// w.w.w.ys.p.ory./tuleoflow/property/cont
http://www.google.ps/url?sa=t&source=web&cd=8&
http://www.google.ps/url?sa=t&source=web&cd=3&ved=0CCgQFjAC&url=http%3A%2F%2Fpulpit.alwatanvoice.com%2F
http://www.google.ps/url?sa=t&source=web&cd=1&ved=0CB8QFjAA&url=http%3A%2F%2Fwww.a
http://www.google.ps/url?sa=t&source=web&cd=2&ved
جميع الحقوق محفوظة لدنيا الوطن © 2003
- 2016
تاريخ النشر : 2011-06-01
الوساطة لحل المنازعات الدولية
قضية لوكربي دراسة حالة
أ:سمرأبوركبة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق