الأحد، 14 يناير 2018

مصادر الطاقة المتجددة: التطورات التقنية والاقتصادية (عربيا وعالمياً)

مصادر الطاقة المتجددة: التطورات التقنية والاقتصادية

(عربيا وعالمياً)

مقدمة


تشكل كل من الطاقة المتجددة والطاقة النووية المصادر الرئيسية للطاقة العالمية خارج الطاقة الأحفورية وهناك اهتمام عالمي كبير بهذين المصدرين (وخاصة الطاقة الجديدة والمتجددة) كمصادر مستقبلية للطاقة بحيث تكون بديلا للطاقة الأحفورية والتي تسعى عديد من الدول وخاصة الدول الصناعية استبدالها بهذه المصادر الجديدة. إن الدافع الرئيسي الأول للاهتمام بالطاقة المتجددة هو الدافع البيئي للحد من الغازات المنبعثة وخاصة غاز ثاني أكسيد الكربون. كما أنه كان الدافع الأول لإقرار اتفاقية كيوتو وأيضاً السير في اتجاهات تشريعية في السوق الأوروبية المشتركة تستهدف أن تلعب الطاقة المتجددة دوراً متزايداً في تزويد الطاقة في الدول الأوروبية بحيث لا تقل مساهمتها عن 12% من مصادر الطاقة الأولية في عام 2012 (وهو أمر مستحيل التحقيق الآن). ونتيجة لذلك فقد كان هناك تأثير واضح على استعمال الطاقة الأحفورية وخاصة في الدول الأوروبية. إلا أنه كما سيتبين من هذه الورقة فإن هذه اعتبارات مبالغ بها.

تستعرض هذه الورقة بشكل سريع أمور الطاقة الجديدة والمتجددة (وتسمى فيما يلي بالطاقة المتجددة) ومستقبلها في منظور الطاقة العالمية وإمكانياتهما العربية وربط كل ذلك باحتياجات التنمية المستدامة في الدول العربية . والانتقال من ذلك كله إلى كل ما يتعلق بما تم من أساليب لتشجيعها ضرائبياً وبيئياً.

الطاقة المتجددة

من الضروري البدء بتعريف ماذا تعني "الطاقة المتجددة" إذ إن لها العديد من التفسيرات، إلا أنه يمكن تحديد ذلك بثلاثة مكونات :

(1)  الطاقة المتجددة التقليدية (غير التجارية)
وهو من مصادر الطاقة التي كانت شائعة في القرون الماضية خاصة قبل ظهور النفط وتعتمد على استعمال مواد الكتلة الحية biomass التي تنتج وتجمع محليا (مثل مخلفات المحاصيل، والخشب، وروث الحيوانات... الخ) وعلى الرغم من أن معظم دول العالم قد انتقلت بسرعة من استعمال هذا المصدر إلى استعمالات الطاقة الأحفورية منذ بدء استعمال الفحم في القرن التاسع عشر وانتشار استعمال النفط في القرن العشرين، إلا أن الطاقة المتجددة التقليدية القائمة على الكتلة الحية لا تزال مصدرا وحيدا للطاقة لأكثر من 2 بليون نسمة يعيش معظمهم في جنوب آسيا وفي أواسط إفريقيا. وتصل كمياتها المستعملة إلى أكثر من 1110 مليون طن مكافئ نفط (م.ط.م.ن) سنويا (أنظر الجدول 1) وبالتالي فإنها تشكل حوالي 10% من المصادر الأولية للطاقة العالمية والتي تقدر بحوالي 11500 م.ط.م.ن. علماً بأنه من الصعب جداً تقدير كميات الكتلة الحية عالمياً، وهذه الأرقام هي الأرقام العالمية التقديرية فقط.

(2)   مصادر الطاقة المتجددة الجديدة  New Renewables
وتشمل هذه ما طوّر حديثا من الوقود الحيوي biofuels ، وطاقة الرياح والطاقة الشمسية، وطاقة المحيطات والطاقة الجوفية .

(3)  الطاقة المائية (الكهرومائية) من السدود وانسياب الأنهار.


الطاقة المتجددة في المنطقة العربية

بشأن البند الأول وهو الطاقة المتجددة التقليدية (الكتلة الحية) فإن استعمالاتها محدودة في الوطن العربي وتقتصر على الطبقات الريفية الفقيرة في بعض الدول العربية محدودة الدخل وخاصة في إفريقيا (الريف السوداني، والصومال وموريتانيا وكذلك الريف المغربي) وهي قليلة الاستعمال في الدول العربية في آسيا (باستثناء الريف اليمني) لانتشار الوقود الأحفوري. وتستعمل الطاقة المتجددة التقليدية في الريف العربي لغايات الطبخ والتدفئة. إلا أن قيمتها في هذا المجال آخذة بالتراجع      للتقدم السريع المستمر في استعمال غاز النفط المسال Liquefied Petroleum Gas (LPG)  لغايات الطبخ (وأيضاً التدفئة في بعض الحالات) في معظم أنحاء العالم العربي بما في ذلك المناطق الريفية. وبالتالي فإن قيمة الطاقة المتجددة التقليدية كمصدر رئيسي للطاقة في الدول العربية (كما كان الأمر في النصف الأول من القرن العشرين) قد تراجعت جدا وهي حاليا لا تشكل إلا نسبة ضئيلة ومتناقصة من مصادر الطاقة في البلاد العربية. وحسب تقديرات الأمم المتحدة فإن نسبة استعمالها في البلاد العربية تشكل 18%[1] من الطاقة العربية المستهلكة معظمها في بعض الدول العربية الإفريقية (السودان، الصومال، موريتانيا، المغرب). إن إجمالي استهلاك الطاقة في العالم العربي عام 2005 تقدر بحوالي 400 م.ط.م.ن. إذا اعتبرنا هذه النسبة فإن الكتلة الحية في المنطقة العربية تشكل حوالي 72 م.ط.م.ن. أن الأرقام الحقيقية قد تكون أقل من ذلك. 

إن البلاد العربية غنية جدا بمصادر الطاقة الشمسية وبعض الدول العربية غنية أيضا بمصادر طاقة الرياح، إلا أن استعمالات الطاقة الشمسية لا تزال محدودة في العالم العربي نتيجة لبطء تطوير التكنولوجيا المتعلقة بها واستعمالاتها ومحدودية اقتصاديات الطاقة الشمسية. ولا تزال استعمالات الطاقة الشمسية كمصدر للطاقة في العالم العربي محصورة في تدفئة المياه في بعض الدول (مثل الأردن) وأيضا في الخلية الفولطية photo-voltaic (PV) . أن هذا ناتج بصورة رئيسية عن توفر الوقود الأحفوري بكميات كبيرة وبأسعار مدعومة في كثير من الحالات في جميع الدول العربية (وكذلك غاز البترول المسال LPG)  مما لا يدع إلا مجالا محدودا لأي تطوير جدي اقتصادي للطاقة الشمسية، ولقد جرت محاولات عديدة لإنشاء محطات لتوليد الطاقة الكهربائية تعمل على الطاقة الشمسية بواسطة التسخين عن طريق المرايا العاكسة، إلا أن هذه التكنولوجيات لا تزال في مراحلها الأولى كما أن جدواها الاقتصادية مشكوك بها (عربياً وعالمياً).

ونظرا لغنى المنطقة العربية بالنفط والغاز فلا يتوقع أن تجد مصادر الطاقة الشمسية استعمالات جدية كثيفة خلال المستقبل المنظور (حتى عام 2020). وينطبق الشئ نفسه على طاقة المحيطات والطاقة الجوفية ذات المصادر المحدودة جدا في البلاد العربية. كما أن تطوير استعمالات الوقود الحيوي biofuels  محدود نتيجة لمحدودية الزراعة والمياه في البلاد العربية، إلا أنه بدأ تدريجيا إنتاج الغاز الحيوي biogas  من مكبات النفايات بكميات متواضعة إلا أنها متزايدة .

أيضاً بدأ العديد من الدول العربية (مصر، المغرب، وسورية، والأردن) في استغلال طاقة الرياح بصورة تجارية، وتم إنشاء مزارع كبيرة لطاقة الرياح في كل من مصر وسورية وأيضا في المغرب. وبصورة عامة فإن تكاليف إنتاج الكهرباء من طاقة الرياح عالميا منافسة تجاريا لتكاليف إنتاج الكهرباء من مصادر الوقود الأحفوري والنووي، إلا أن فرص طاقة الرياح في الدول العربية لن تكون كبيرة في المستقبل المنظور لتوفر الغاز الطبيعي في معظم الدول العربية وبكميات كبيرة وأسعار رخيصة وكلفة بديلة متدنية  low opportunity cost  مما يجعل إنتاج الكهرباء من وقود الغاز الطبيعي العربي أرخص أساليب إنتاج الكهرباء، وخاصة أن مصادر الرياح تعاني من تقطعها وعدم استمراريتها وبعض تأثيراتها البيئية السلبية (مثل الصوت والحاجة لأراضي) وبالتالي فإن طاقة الرياح ولو أنها في مرحلة انتشار في العالم وفي البلاد العربية أيضا إلا أن مساهمتها في إنتاج الطاقة في البلاد العربية ستظل محدودة .

الطاقة المائية – الطاقة الكهرومائية Hydroelectric

إن الطاقة الكهرومائية مصدر رئيسي لإنتاج الطاقة على المستوى العالمي حيث يصل إنتاجها إلى حوالي 3000 تيرواط ساعة (TWh) عام 2002  وبالتالي فهي تشكل حوالي 18% من إنتاج الكهرباء في العالم، كما أن نموها خلال السنوات الأخيرة كان أعلى قليلا من معدل نمو الطلب على الطاقة عالميا. وتوجد في العالم مصادر واسعة جدا لزيادة استغلال الطاقة المائية إلا أن تكاليفها وبعدها عن مصادر الاستهلاك يحول بينها وبين الاستثمار. كذلك فإن الطاقة المائية تعاني من مشاكل بيئية كبيرة ناتجة من غمرها لمناطق واسعة مما يتطلب تحريك وإعادة إسكان أعداد كبيرة من الناس بعد تنفيذ السدود.

تشكل الطاقة المائية مصدرا محدودا للطاقة في البلاد العربية لمحدودية المياه والأنهار في المنطقة ويقدّر إنتاج الطاقة المائية العربية بحوالي 28 ألف جيجاواط ساعة (GWh) ولا يشكل إلا 12% من إنتاج الكهرباء في العالم العربي (AUPTDE 2004)، وهي نسبة آخذة في التراجع نتيجة تزايد الإنتاج من مصادر الطاقة الأحفورية، وينحصر إنتاج الطاقة الكهرومائية في بعض الدول العربية ذات الأنهار كما هو مبين في الجدول رقم (1).

جدول رقم (1)
إنتاج الطاقة الكهرومائية العربية (2004)
الدولة
إنتاج الطاقة الكهرومائية
(جيجاواط ساعة)
النسبة إلى إنتاج الكهرباء
سورية
4247
13.5 %
لبنان
1122
11.0 %
مصر
13019
13.7 %
السودان
1107
29.5 %
المغرب
1600
9.7 %
العراق
5723
19.0 %
تونس
154
1.3 %
الجزائر
251
0.8 %
الأردن
53
0.6 %
مجموع الدول العربية
27276
12 %
__________
المصدر : إحصائيات الاتحاد العربي لمنتجي وناقلي وموزعي الكهرباء (2004) .

إنتاج الكهرباء من الطاقة المتجددة في العالم العربي

إن إنتاج الكهرباء من الطاقة المتجددة (غير المائية) في العالم العربي محدود للغاية نتيجة لاقتصاديات هذا المصدر المشكوك فيها ولانتشار الوقود الأحفوري واستعمال الغاز الطبيعي في إنتاج الكهرباء. إن القدرة المركبة (م. و. MW) والطاقة المنتجة (ج. و. س. GWH) من مصادر الطاقة المتجددة بجميع أشكالها موضحة في الجدول التفصيلي في الملحق رقم (1) والذي يمكن تلخيصه كالتالي:


جدول (2)
قدرة وإنتاج الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة العربية عام 2004

قدرة (م. و)
إنتاج (ج. و. س)
مائية
رياح وشمسية
مائية
رياح وشمسية
الطاقة المتجددة
9120
214
27276
614
إنتاج الكهرباء العربي
122829
526785
الطاقة المتجددة في الإنتاج الكلي للكهرباء
7.6 %
5.3 %
المصدر: WEO 2004

من هذه الأرقام يتضح بأن إنتاج الطاقة الكهربائية من مصادر متجددة لا يتجاوز 5.3% من مجمل إنتاج الطاقة الكهربائية في العالم العربي عام 2004 وهو إنتاج متواضع للغاية وأقل من المعدلات العالمية والتي تبلغ حوالي 16%. ولا يتوقع أن يزيد هذا الإنتاج في المستقبل بل يتوقع أن يتراجع نتيجة لمحدودية مصادر المياه وإمكانيات الطاقة الكهربائية في العالم العربي وأيضاً للاستثمار المحدود في إنتاج الكهرباء من المصادر الأخرى (الرياح، الطاقة الشمسية، ... الخ) لانتشار استعمال الغاز الطبيعي لإنتاج الكهرباء في العالم العربي.

الطاقة المتجددة عالمياً

إن الطاقة المتجددة بجميع مصادرها وأشكالها (الطاقة المائية [الكهرومائية]، والكتلة الحية، والطاقة الشمسية بما في ذلك طاقة الرياح، والجوفية geothermal)  تشكل نسبة متزايدة من إنتاج الطاقة في العالم، وحاليا تمثل الطاقة المائية والكتلة الحية حوالي 15.2% من إنتاج الطاقة العالمية (IEA-Renewable Information 2003).

أن الإنتاج الكهربائي للطاقة المائية يبلغ حوالي 3000 تيراواط ساعة عام 2003، وهو أكثر قليلا من إنتاج الطاقة النووية ، ويعتبر هذا الإنتاج (حرارياً) مساويا لحوالي 250 م.ط.م. ن من الوقود سنوياً، إلا أنه يوفر حوالي 640-680 م.ط.م.ن.  

تبلغ إمكانيات إنتاج الطاقة المائية عالميا نظريا حوالي 14000 تيراواط ساعة من الكهرباء سنويا وهو ما يقارب إنتاج الطاقة الكهربائية في العالم حاليا(WEC 1998) . إلا أنه لأسباب اقتصادية وبيئية فإن معظم هذه الطاقة لن يستغل. مع ذلك فإن الطاقة المائية ستستمر في التطور فهي أهم مصادر الطاقة المتجددة إذ إنها نظيفة ورخيصة نسبيا وتتطلب كُلفاً بسيطة للتشغيل وكفاءة إنتاجها تقارب حوالي 100 % (معدل كفاءة الإنتاج من الوقود الأحفوري والنووي هي حوالي 33 %  فقط)، وبالتالي وفي السنوات القليلة القادمة فإن مساهمة الطاقة المائية في مصادر الطاقة العالمية قد ينمو بصورة أسرع من نمو إنتاج الطاقة العالمية .

إن مصادر الطاقة المتجددة غير الطاقة المائية كثيرة وأهمها الكتلة الحية biomass. إن الكتلة الحية التقليدية تشمل الخشب كوقود (وهو المصدر الرئيسي) وروث الحيوانات وفضلات الإنتاج الزراعي والغابات. إن نقص الإحصاءات الموثوقة كما ذكر سابقاً تجعل من الصعب التقدير الدقيق لمساهمة الكتلة الحية في الإنتاج العالمي للطاقة. لكنه يقدر بأن العالم قد استهلك حوالي 1110- 1250 م.ط.م.ن سنويا من الكتلة الحية في نهاية القرن العشرين، ثلثي ذلك من وقود الخشب والباقي من مخلفات الحيوانات والزراعة. إن معظم هذا الإنتاج مستدام ومستمر، إلا أن هناك مجالاً واسعاً لتحسين كفاءة الاستعمال والتي هي حاليا منخفضة للغاية.[2]

لا يتوقع أن تتزايد مساهمة الكتلة الحية في تزويد الطاقة العالمية، إلا أنه ستبقى تستعمل كمصدر رئيسي للطاقة في الدول النامية المنخفضة الدخل. إلا أنه مع تزايد الطلب على الطاقة في هذه الدول فإنه يتوقع أن يحدث أيضا تحول تدريجي من الكتلة الحية إلى الطاقة التجارية في عديد من الدول النامية ذات الدخل المحدود.

أن تكنولوجيات الكتلة الحية واستعمالاتها تتطور حاليا بسرعة. فبجانب الحرق المباشر فإن أساليب تحويل المخلفات الحضرية إلى غاز الميثان والتخمير وغيرها من التكنولوجيات تساهم جميعها في تمكين استخدام الكتلة الحية كمصدر مستدام للطاقة. كذلك فإن إمكانيات طاقة الرياح واستعمالاتها تتزايد بسرعة.

إن طاقة الرياح ودورها في توليد الكهرباء عالمياً يتزايد سنوياً بمعدل 13%  إلا أنه نظراً لأن حجم هذا التوليد حالياً متواضع ولا يتجاوز حوالي 65 تيراوات ساعة عام 2005، فإن مساهمة طاقة الرياح في توليد الكهرباء ستظل محدودة في المستقبل ويتوقع أن تصل هذه المساهمة إلى 930 تيراوات ساعة عام 2030 أي حوالي 3% من إنتاج الكهرباء عندئذٍ. وتبلغ الاستثمارات السنوية حالياً في توسيع طاقة الرياح حوالي 7 بليون دولار سنوياً، ومعظم هذه الاستثمارات ستتم في ألمانيا حيث تبلغ قدرة المحطات الحالية حوالي 17 ألف ميجاوات وهي تشكل حوالي 4% من قدرة التوليد الكهربائي في ألمانيا. والاتجاه حالياً هو لوضع محطات التوليد من الرياح في المياه خارج الشاطئ off-Shore وذلك لسرعة الرياح العالية هناك ولتجنب التلوث الصوتي ومناظر المراوح. إلا أن الكلف المتأتية على ذلك مرتفعة وتؤثر سلباً على اقتصاديات طاقة الرياح كما هو موضح في القسم التالي.

السياسات والتقدم في مجال الطاقة المتجددة

          أن الاهتمام بأمور الطاقة المتجددة بدأ فعلياً وبصورة جدية على أثر تصحيح أسعار النفط في نهاية عام 2003. ولقد كان الاهتمام حتى أواخر الثمانينات على أمور البحث والتطوير وخاصة في الولايات المتحدة، إلا أن الاهتمام الأمريكي تراجع ومنذ التسعينات فإن الدول الأوروبية بدأت تركز على تنفيذ التكنولوجيات أكثر من تركيزها على الأبحاث. إلا أن إنتاج الدول الصناعية OECD من الطاقة المتجددة (كهرباء، حرارة، ...الخ) هو حوالي TWH 2500 (أي حوالي 6% من الطاقة الكلية) أكثر من نصفها من الطاقة المائية. مع ذلك فإن التقدم في دول الاتحاد الأوروبي كان واضحاً حيث حددت هذه الدول أهدافاً لها، أهمها أن الطاقة المتجددة يجب أن تشكل حوالي 22% من استهلاك الكهرباء وأن الوقود الحيوي bio fuel  يجب أن يشكل 5.75% من وقود السيارات عام 2010. إن هذه أهداف طموحة وقد اتضح الآن صعوبة تحقيقها.

          أن الأساليب الأوروبية لتحقيق هذه الأهداف تتمثل في أسلوبين "نظام الكوتا" و "نظام الدعم". ولقد طبقت كل من بريطانيا وبولندا وبلجيكا نظام الكوتا الذي يلزم مؤسسات الكهرباء على أن يكون هناك جزء معين من مبيعاتها للجمهور من مصادر الطاقة المتجددة. بينما طبقت ألمانيا وغيرها نظام الدعم للأسعار مما يغري في الاستثمار فيها، والطاقة المتجددة حالياً في ألمانيا تشغل حوالي 150 ألف عامل، إلا أن نجاحها مرهون بالدعم أكثر من النجاعة الاقتصادية. وعلى الرغم من كل الجهد الأوروبي فإن الأهداف الموجودة لن تتحقق ولا يتوقع أن تبلغ مساهمة الطاقة المتجددة في الطاقة أكثر من 8% عام 2010 على الرغم من كل هذا التركيز (بينما الهدف هو 12%). 

كلف الاستثمار وكلف الإنتاج للطاقة المتجددة

          إن كلف الاستثمار في مجال إنتاج الطاقة المتجددة (وجميعها تنتج  على شكل كهرباء) تختلف من تكنولوجيا إلى أخرى وهي أقل مما هي عليه في حالة طاقة الرياح (حوالي 1000$ لكل كيلووات) وأعلى ما يمكن في حالة الخلية الضوئية الشمسية PV Solar  حيث تصل حالياً إلى أكثر من حوالي 5000$ لكل كيلووات. إن هذه كلف مرتفعة جداً عند مقارنتها مع الكلف الاقتصادية للاستثمار في أساليب توليد الكهرباء بالطرق التقليدية وهي التوربينات الغازية ذات الدورة المفردة (حوالي 350$ لكل كيلووات) أو الدورة المزدوجة ذات الكفاءة العالية (وهي حوالي 550$ لكل كيلووات) كما أن تكاليف محطات الفحم التقليدية لا تتجاوز حالياً حوالي 1200$ لكل كيلووات بعد إضافة جميع المعدات والاحتياجات البيئية.

بطبيعة الحال فإن كلف التشغيل في حالة الطاقة المتجددة هي زهيدة للغاية لعدم وجود تكلفة للوقود إلا أنه وحتى بعد إدخال هذه الاعتبارات في الكلف للإنتاج فإن الطاقة المتجددة لا تزال مكلفة عند مقارنة كلفتها لإنتاج الكهرباء مع الأساليب التقليدية، وإن كان هناك صعوبة في المقارنات المباشرة للطبيعة المتقطعة في إنتاج الكهرباء من الطاقة المتجددة. إن كلف إنتاج الكهرباء من طاقة الرياح (وهي أقل الكلف للطاقة المتجددة تتراوح من 4-5 سنتات للكيلووات ساعة، بينما هي لا تتجاوز حوالي 3 سنتات في حالة الإنتاج من التوربينات الغازية ذات الدورة المفردة أو 2 سنت في حالة الدورة المزدوجة {ثمن الغاز حوالي 5$ لكل مليون BTU}). وتصل الكلف للكيلووات الساعي إلى مستويات عالية جداً حوالي 30 سنت في حالة استخدام الخلية الضوئية، وبالتالي فإن استعمال مثل هذا النوع من التكنولوجيا يقتصر على الاستعمالات الصغيرة.

إن هذه الاستعمالات الصغيرة ذات أهمية كبيرة في تزويد الكهرباء للمناطق الريفية والمعزولة والمناطق الفقيرة في إفريقيا وجنوب آسيا. حيث يمكن استعمال تكنولوجيا الخلية الضوئية PV  لإنتاج الكهرباء للأكواخ والمناطق الريفية في هذه الدول الفقيرة نسبياً. إن خلية ضوئية ذات قدرة حوالي 50 وات يمكنها أن تزود كوخاً أو منزلاً ريفياً صغيراً بالكهرباء لتلبية الحاجات الأساسية وأهمها الإنارة (وأيضاً تلفزيون صغير أو ثلاجة صغيرة في بعض الحالات). وبالتالي فإن هذا الاستعمال للطاقة المتجددة ولو أنه غير عملي أو اقتصادي لتزويدات الكهرباء الكبيرة، إلا أنه قد يكون الأسلوب الأفضل والأمثل لتزويد الكهرباء في المناطق الريفية والصغيرة في الدول ذات الدخل المنخفض جداً، وبالتالي فإنه يشكل دوراً هاماً للطاقة المتجددة في حالات خاصة.

إن الشكلين التاليين يوضحان كلف الاستثمار وكلف الإنتاج من الطاقة المتجددة بمختلف التكنولوجيات كما هي حالياً وكما يتوقع أن تكون عليه عام 2030. ويتضح من هذين الشكلين الانخفاض الكبير في الكلف المتوقع خلال الخمسة وعشرون عاماً القادمة، إلا أنه ومع كل هذا التقدم فإن الطاقة المتجددة ستظل تعاني من كلفتها المرتفعة وطبيعتها المتقطعة مما سيحد من مساهمتها في مصادر الطاقة حتى على المستقبل المتوسط والبعيد.
شكل (1)
كلف الاستثمار في تكنولوجيات الطاقة المتجددة (2002 و2030)
Capital Costs of Renewable Energy Technologies, 2002 and 2030
المصدر: WEO 2004
شكل (2)
نطاق كلف الإنتاج من مصادر الطاقة المتجددة (2002 و2030)
Electricity-Generating Costs of Renewable Energy Technologies, 2002 and 2030
المصدر: WEO 2004

الطاقة في العالم والطاقة المتجددة

في عام 2005 كان استهلاك العالم من الطاقة حوالي 11500 مليون طن مكافئ نفط  (م.ط.م. ن) منها 9120 م. ط. م. ن من الوقود الأحفوري و630 م. ط. م. ن من الطاقة النووية و640 م .ط. م. ن من الطاقة المائية يضاف إلى ذلك أكثر من 1110 م. ط. م. ن
من الطاقة غير التجارية معظمها من الكتلة الحية
(UNDP– World Energy Assessment 2003)، أنظر جدول رقم (3). إن قاعدة المصادر الضخمة المتوفرة من الوقود الأحفوري والنووي قادرة على تلبية الطلب على الطاقة العالمية لعقود عديدة قادمة.

جدول رقم (3)
استهلاك الطاقة في العالم (2005)
مقدّر – (م.ط.م.ن)
النفط الخام
3840
الغاز الطبيعي
2480
الفحم
2800
الطاقة النووية
630
الطاقة المائية
640
المجموع
10390
الكتلة الحية وغيرها
1110
الإجمالي
11500
استهلاك الطاقة في العالم العربي
400
العالم العربي % للعالم
3.5 %
مجموع الطاقة المتجددة (الكتلة الحية والطاقة المائية... الخ) هي 1750 م.ط.م.ن وتشكل 15.2% من مصادر الطاقة الأولية.
المصادر: BP Statistical Review (June 2005)
 World Energy Outlook (2004)             
   World Energy Assessment – UNDP (2002)             


بصورة تقريبية وعامة فان استهلاك الطاقة الأولية في بداية القرن الحالي توزعت كما في الجدول (4) الذي يبين أن الطاقة الأحفورية شكلت حوالي 80% من مصادر الطاقة العالمية.
جدول (4)
مساهمة مصادر الطاقة في تلبية الطلب العالمي (في مطلع القرن الحالي)
مصدر الطاقة
نسبة المساهمة
النفط
32.9 %
الفحم
24.3 %
الغاز
21.1 %
النووية
5.4 %
المائية
5.5 %
الجوفية
0.4 %
الكتلة الحية
10.4 %
المصدر: UNDP – World Energy Assessment (2003) .
إمكانيات المصادر والعرض العالمي للطاقة ودور الطاقة المتجددة – الملخص

لا يتوقع أن يكون هناك نقص في مصادر الطاقة في العالم خلال النصف الأول من القرن الحالي. إن الاحتياطيات المؤكدة من الوقود التجاري الأحفوري (النفط والغاز والفحم) تكفي احتياجات العالم لعقود عديدة قادمة، وعندما تستنفد الاحتياطيات المؤكدة للنفط فإنه يمكن اللجوء إلى الإمكانيات الهائلة من قاعدة المصادر غير التقليدية للنفط والغاز    non-conventional oil and gas   وخاصة بعد تطوير أساليب إنتاجها وتوليد الكهرباء مباشرة منها. كذلك فإن احتياطيات الفحم كبيرة جدا وتتجاوز قاعدة المصادر ضعف ما هو معروف من النفط والغاز التقليدي وغير التقليدي. ستسمح التكنولوجيات النظيفة للفحم باستخراج وإنتاج أفضل من هذه المصادر الكبيرة وخاصة لإنتاج الكهرباء، لكن أيضا عن طريق تحويلها إلى نفط وغاز مما يخفف من الغازات الضارة المنبعثة من الفحم عادة.

كذلك فإن قاعدة المصادر لليورانيوم كبيرة جدا، ولكن لا يتوقع أن يتزايد الطلب عليها خلال السنوات القليلة القادمة. إن كميات اليورانيوم المعروفة حاليا تكفي احتياجات العالم حتى نهاية القرن الحالي. كما أن قاعدة المصادر للطاقة المتجددة جيدة، إذ إن قسما محدودا من إمكانيات الطاقة المائية فقط قد تم استغلالها وبالتالي فإنه مع تزايد الطلب على الكهرباء سيستمر بناء محطات توليد الكهرباء المائية وستساعد تحسن تكنولوجيات الفولطية العالية على نقل الكهرباء من محطات التوليد المائية النائية إلى مسافات بعيدة. ويوجد للكتلة الحية إمكانيات استخدام جيدة في المستقبل ليس فقط بالحرق المباشر كوقود تقليدي وإنما بأساليب أكثر تطورا عن طريق التفاعل الكيميائي والبيولوجي. ومع مرور الوقت، فإنه يتوقع أن تتزايد بصورة بطيئة مساهمة مصادر الطاقة الجديدة المتجددة وخاصة طاقة الرياح التي تمر حاليا بتطوير مستمر لتكنولوجياتها وذلك لقيمتها البيئية، إلا أنها لن تشكل مصدرا رئيسيا للطاقة حتى عام 2030 على أفضل تقدير. 

باختصار فإن مصادر تزويد الطاقة المعروفة حاليا توفر إمكانيات جيدة لتوفير الطاقة لعالمنا خلال القرن الحادي والعشرين. وتتجاوز احتياطيات الوقود الأحفوري المؤكدة حاليا 1300 الف م. ط. م. ن  كما تتجاوز قاعدة المصادر 5000 الف م. ط. م. ن resource base (جدول 6) وهي كميات تكفي العالم لنهاية القرن الحالي حتى باستعمال أسلوب التنبؤات المتفائلة لنمو الطلب العالمي. إن هذا لا يعني أنه قد يكون هناك بعض الاضطراب أو النقص المؤقت في التزويد إقليميا وعالميا، ولكن ذلك لن يكون نتيجة لنقص المصادر.

مستقبل الطاقة المتجددة

إن مستقبل الطاقة المتجددة، للعقود القليلة القادمة على الأقل، لن يكون مشرقاً نتيجة توافر الطاقة الأحفورية بكميات كبيرة تكفي العالم لعقود عديدة قادمة (وربما حتى نهاية القرن) والإشكاليات الكبيرة التي ترافق تطوير الطاقة المتجددة والمبينة أدناه. نتيجة لذلك كله فإن التوقعات العالمية لمستقبل الطاقة المتجددة هي كالتالي:
جدول (5)
توقعات استهلاك الطاقة المتجددة عالمياً

2002
2030
م. ط. م. ن
النسبة للطاقة الكلية
م. ط. م. ن
النسبة للطاقة الكلية
الكتلة الحية
1119
11 %
1605
10 %
الطاقة المائية
224
2 %
365
2 %
الطاقة المتجددة (الجديدة)
55
1 %
256
2 %
المجموع
1398
14 %
2226
14 %
المصدر: WEO 2004

من هذه الأرقام يتضح بأن الطاقة الجديدة والمتجددة لن تزيد مساهمتها في مصادر واستعمالات الطاقة خلال العقود الثلاث القادمة وأنها بالكاد ستتمكن من المحافظة على مساهمتها الحالية والتي تبلغ حالياً حوالي 14- 16% من مصادر واستعمالات الطاقة العالمية.

إن الوضع في العالم العربي لن يختلف كثيراً إذ أن هناك تحول مستمر من الطاقة التقليدية في الريف العربي إلى استعمال مصادر الطاقة التجارية LPG  لغايات الطبخ والتدفئة، كذلك فإن الاستعمالات الأخرى مثل الطاقة المائية فإن معظم إمكانياتها قد استنفذ وبالتالي فإنه لا يتوقع أن تزيد مساهمة الطاقة المتجددة في استعمالات الطاقة العربية عن مساهمتها الحالية. وبالتالي فإن التوقعات هي أن مساهمة الطاقة المتجددة في تزويد الطاقة في العالم العربي، وهي مساهمة متواضعة حالياً، ستزداد تواضعاً في المستقبل.
إشكاليات الطاقة المتجددة

إن أهم إشكاليات الطاقة المتجددة المتمثلة أساساً بالطاقة الشمسية (ومنها طاقة الرياح) أنها متقطعة وغير مستمرة intermittent وبالتالي فهي تحتاج إلى تخزين storage مما يجعلها مكلفة وهي أيضاً منتشرة ومبعثرة disbursed وبالتالي فإن تجميعها مكلف وهي غير كفؤة. كما أنها تصلح فقط لإنتاج الكهرباء (وأيضاً التسخين في بعض الحالات) وبالتالي فإن من الصعب المتاجرة بها. إن كل هذا يجعلها طاقة غير كفؤة عند مقارنتها بالطاقة الأحفورية (النفط والغاز والفحم) والتي هي مصادر مركزة للطاقة وكفؤة وصالحة لمختلف وجوه استعمالات الطاقة (النقل، الحرق المباشر، التسخين، توليد الكهرباء... الخ) وأيضاً هي طاقة قابلة للتجارة الدولية وعبر البحار. كما أن مصادر الطاقة الأحفورية وافرة للغاية (جدول 6). إن توفر هذه الكميات الكبيرة وخاصة المصادر من النفط الخام والتي يمكن استخراجها (جدول 7) تحد جداً من إمكانيات الطاقة المتجددة وتحول بين هذه الطاقة وأخذ حجم أكبر في المستقبل المنظور. إذ أن مصادر الطاقة الأحفورية وخاصة النفط الخام (التقليدية وغير التقليدية) تكفي الاحتياجات العالمية حتى نهاية القرن الحادي والعشرين على الأقل. وبالتالي فإن الاتجاه نحو الطاقة المتجددة سيظل محدوداً جداً في المستقبل المنظور. كما أن التحضر حد من إمكانيات استعمال الكتلة الحية إذ أن مزيداً من الناس المحرومون أصلاً من مصادر الطاقة التجارية أخذوا نتيجة للتحضر في الانتقال للمدينة وانتشر استعمال الوقود التجاري الحديث نسبياً مثل LPG لغايات (الطبخ والتدفئة) وهي استعمالات كانت مقتصرة على الكتلة الحية في الماضي. إلا أن التركيز الأوروبي على الطاقة المتجددة للوفاء باتفاقيات السوق الأوروبية واتفاقية كيوتو ساعد على إيجاد استعمالات جديدة للكتلة الحية لغايات إنتاج الطاقة المتجددة.
جدول رقم (6)
قاعدة المصادر للطاقة الأحفورية في العالم (ألف م.ط.م.ن)
مصدر الطاقة
تقديرات مجلس الطاقة العالمي
تقديرات مركز تحليل النظم IIASA
الاستهلاك العالمي 2003
الاحتياطيات المؤكدة
كميات ممكن استخراجها
الاحتياطيات
المصادر
قاعدة المصادر
النفط التقليدي
150
200
150
145
295
3,56
النفط غير التقليدي
-
550
195
330
525
-
الغاز التقليدي
133
220
141
279
420
3,32
الغاز غير التقليدي
-
-
192
258
450
-
الفحم
430
3400
606
2794
3400
2,40
اليورانيوم
3.4
بليون طن
17
بليون طن
57
203
260
70
الف طن
المصدر: IIASA (1998), WEC (1998) WEA (2002),

جدول رقم (7)
المصادر من النفط التي يمكن استخراجها
Oil Ultimately Recoverable Resources
التصورات
المصادر (بليون برميل)
المصادر (ألف م.ط.م.ن)
المنخفضة
2250
300
المتوسطة
3000
400
العالية
3900
530
المصدر: USGS – World Petroleum Assessment (2000)


كما أن الكتلة الحية تحتاج إلى كميات كبيرة نسبياً من الوقود التجاري الأحفوري لغايات جمعها ونقلها مما يخفض جداً من إمكانياتها وكفاءتها كمصدر رخيص للطاقة ويحد من اقتصادياتها وهو أمر يجب أن يؤخذ بالاعتبار عند تقييم الطاقة المتجددة، إذ أن استهلاك الطاقة الأحفورية اللازمة لإنتاج ونقل واستعمال الطاقة المتجددة (وخاصة الكتلة الحية) قد تفوق الفوائد البيئية والاقتصادية من الطاقة المتجددة، وهذا أمر يغفل عنه في كثير من الحالات.

بعد عام 1973 وفي الفترات الأخيرة فقد كان هناك اهتمام متزايد بإنتاج الكحول والتخمير وإنتاج الاثينول ethanol كبديل (أو خليط مع النفط). إن هذا البديل ينتج عادة تخمير قصب السكر أو بعض المنتجات الزراعية وخاصة الذرة أو تخمير الكحول. إن هذا يشكل مصدراً جديراً بالاهتمام وإن كان محدوداً. وينطبق نفس الأمر على الطاقة من الهيدروجين وخلية الوقود كما هو موضح بالبنود التالية.

إن إنتاج الاثينول من المنتجات الزراعية وخلطه بالبنزين (أو استعماله كبديل للبنزين) أخذ في الازدياد في بعض الدول حيث يتواجد أساساً في البرازيل ولكن بعض الدول الأوروبية تتوجه حالياً (بواسطة التشريعات في السوق الأوروبية المشتركة) على أن يشكل الاثينول 10% من وقود السيارات. إن هذا ممكن التحقيق إلا أنه من الصعب أن يتوسع إنتاج الاثينول أكثر من ذلك لمحدودية الأراضي القابلة للزراعة واحتياجات المياه وللكلف الكبيرة وأيضاً لأنه يحتاج إلى استهلاك كبير للطاقة التقليدية لإنتاجه ونقله.

الطاقة من الهيدروجين

هناك اهتمام متزايد بإنتاج الطاقة عن طريق الهيدروجين وخاصة بواسطة خلية الوقود   Fuel Cell  لغاية استخدامها في وسائل النقل. إن خلية الوقود تحول الهيدروجين إلى كهرباء ولا تنتج أي تلوث وبالتالي فإنها تبدو مثالية لغايات الطاقة التي تستخدم للنقل. إلا أن الأمر في الحقيقة ليس بهذه البساطة. وهناك خلط بين طاقة الهيدروجين وخلية الوقود من ناحية وبين الطاقة المتجددة من ناحية أخرى وهذا الخلط يؤدي إلى اعتقاد سائد بأن الهيدروجين وخلية الوقود هي أحد أشكال الطاقة المتجددة، وهو أمر غير صحيح.

إن الحصول على الهيدروجين ليس سهلاً وهو مكلف أيضاً. إن المصدر الرئيس للهيدروجين هو الغاز الطبيعي (أي الوقود الأحفوري)، وسيؤدي الغاز الطبيعي إلى انبعاثات عند استخدامه لإنتاج الهيدروجين، كما أن الغاز مكلف وليس من الاقتصاد تحويله إلى هيدروجين في هذه المرحلة. وقد يكون من الأفضل استخدام الفحم لهذه الغاية ولكن الأمر في حاجة إلى سنوات عديدة من التطوير والاستثمار.

يؤمل في المستقبل استخدام الطاقة المتجددة (خاصة طاقة الرياح والطاقة الشمسية) لإنتاج الهيدروجين وذلك بأن تقوم الطاقة المتجددة بإنتاج الكهرباء واستخدام التيار الكهربائي لغاية فصل الماء إلى مكوناته الهيدروجين والأوكسجين عن طريق محلل كهربائي electrolyzer والذي هو خلية معكوسة ولكن هذا الأسلوب أيضاً مكلف للغاية وكفاءته منخفضة، ويحتاج إلى جهد وسنوات عديدة لتنفيذه، إلا أنه يظل أحد الأساليب القليلة المجدية في المستقبل لاستعمال الطاقة المتجددة.

إنه من الممكن استخدام الشبكة الكهربائية لغايات عمل المحلل الكهربائي، إلا أن هذا يعني حالياً استخدام الوقود الأحفوري (وخاصة الفحم) لإنتاج الهيدروجين. ومن الضروري أن نلاحظ بأن السيارة العادية التي تستخدم الكيروسين تنتج انبعاثات حوالي 200-220 جرام من ثاني أكسيد الكربون لكل كيلومتر تقطعه. إذا استخدمت هذه السيارة الهيدروجين بواسطة خلية الوقود فإن الانبعاثات ستكون صفرا، لكن الحصول على الهيدروجين نفسه (في حالة استعمال الشبكة الكهربائية لإنتاجه) يتسبب في انبعاثات تصل على 280 جرام من ثاني أكسيد الكربون لكل كيلومتر تقطعه.

إن هذا كله يوضح أنه لا تزال هناك هوة واسعة فنية واقتصادية بين الواقع والآمال المتعلقة بطاقة الهيدروجين وخلية الوقود. والتي لا تزال في مراحلها الأولى واقتصادياتها محدودة جداً وتحدياتها التكنولوجية الكبيرة وبالتالي فإن إمكانياتها المستقبلية وقدرتها على استبدال الطاقة الأحفورية لا تزال غير متوفرة في المستقبل المنظور على الأقل.

إنه وفي ظل توافر كميات كبيرة ورخيصة نسبياً من النفط والغاز في المنطقة العربية فإن إمكانيات الطاقة البديلة والمتجددة وأيضاً الطاقة النووية كمصادر للطاقة في العالم العربي ستظل محدودة للغاية في المستقبل المتوسط والبعيد وحتى عام 2030 على الأقل.

أساليب نشر وتشجيع الطاقة المتجددة

تحاول عديد من الدول وخاصة الدول الأعضاء في السوق الأوروبية تشجيع الطاقة البديلة وخاصة الطاقة المتجددة بأساليب متعددة والدافع إلى ذلك عادة عدة أهداف منها:
·        أمن الطاقة.
·        الدافع البيئي لتخفيض انبعاثات غازات البيئة الدفيئة وخاصة غاز ثاني أكسيد الكربون.
·        تنويع مصادر الطاقة.

لغايات ذلك فإن بعض الدول أخذت تلجأ إلى أساليب ضريبية وتسعيرية لغايات تشجيع ونشر الطاقة المتجددة كما هو موضح أدناه. إن هذه الأساليب والدوافع هي التي تبقي الطاقة المتجددة كمركز للاهتمام في عديد من الدول.

الإجراءات الضريبية المتخذة لتشجيع الطاقة المتجددة

قام العديد من الدول الأوروبية الأعضاء في الاتحاد الأوروبي باتخاذ إجراءات عدّة لتخفيض الغازات الدفيئة المنبعثة منها وذلك عن طريق فرض ضرائب وتقديم دعم وإغراءات مالية لشركاتها الصناعية وكذلك عن طريق تشجيع استعمال الطاقة البديلة. إن من أكثر الدول نشاطا في هذا المجال الدول الاسكندنافية وبريطانيا وألمانيا. لا تزال هذه السياسات والإجراءات في بدايتها وتقوم الدول الأوروبية بالاستفادة من تجاربها وتجارب الآخرين، وفيما يلي بعض الإجراءات البريطانية التي يمكن ذكرها كنموذج لما يجري والتي يمكن أن تتبعها دول أخرى بإجراءات مماثلة في المستقبل.

إن هذه الإجراءات تتمثل في عديد من الأساليب الضريبية منها :
·        ضرائب التغير المناخي .
·        ضرائب الكربون .
·        ضرائب الطاقة وتسعير المشتقات النفطية .

ضرائب التغير المناخي وتشجيع الطاقة المتجددة (التجربة البريطانية)

جرت زيادة كلفة الطاقة في بريطانيا على المستعملين وذلك من أجل الحد وترشيد استعمالها (وكذلك لغايات الأمن الوطني للطاقة). وقد فرضت الحكومة ضريبة خاصة على القطاع العام والشركات كثيفة الاستعمال للطاقة وأعفي منها قطاع الطاقة المتجددة وسميت هذه الضريبة بضريبة التغير المناخي Climate Change Levy (CCL).

أعلن رسميا عن هذه الخطة في ابريل 2002 إلا أن الترتيبات الأولية لتطبيقها بدأت من سبتمبر 2001 بأسعار متاجرة بين 4-6$ للطن الواحد من غاز ثاني أكسيد الكربون. إن أسعار المتاجرة الحالية لثاني أكسيد الكربون في الأسواق الأوروبية تصل إلى 22.5 يورو (25$) للطن الواحد من ثاني أكسيد الكربون. إن المشاركة في هذه الخطة مفتوح لمعظم الشركات البريطانية وهو اختياري، والخطة حاليا لا تشمل محطات توليد الكهرباء ولا قطاع النقل أو القطاع المنزلي إلا أنه سيتم شمولها بعد فترة. ولقد قامت الحكومة بتقديم مغريات عديدة للشركات للمساهمة بإعادة الضريبة لها في ظروف خاصة منها التقيد بشروط معينة (أنظر أدناه). ويوجد حاليا حوالي 6000  شركة في بريطانيا قادرة على المتاجرة .

إن هذه الخطة البريطانية هي خطة تجريبية خلال الفترة 2002- 2006 والتي يتوقع خلالها أن تكون خطة ريادية للبدء بخطة مماثلة تشمل جميع دول الاتحاد الأوروبي. ويتوقع أن يكون السجل البريطاني للمتاجرة وطنيا هو نفس السجل المتوقع أن يطبق للمتاجرة عالميا بالغازات المنبعثة في عام 2008. كذلك فإن الحكومة قد أبدت استعدادها لإعادة 80% من قيمة ضريبة التغير المناخي (CCL)  للشركات التي تحقق نتائج مرضية في تحسين كفاءة استعمالها للطاقة أو في تخفيض الغازات المنبعثة منها   (E COAL, June 2002)  .

في الوثيقة البريطانية البيضاء للطاقة  Energy White Paper 2003  التزمت الحكومة البريطانية بتخفيض غازات ثاني أكسيد الكربون المنبعثة منها في عام 2050 بحوالي 60% من مستواها في عام 1990 ومحاولة تخفيض 20% من هذه الانبعاثات في عام 2020.  وبحسب توجيهات الاتحاد الأوروبي للطاقة المتجددة EU Renewables Direction  فإن الحكومة البريطانية التزمت بإتباع أساليب تؤدي إلى أن تساهم الطاقة المتجددة بما لا يقل عن 10%  من إنتاج الكهرباء في عام 2010 وبـ 20% عام 2020. هذا بجانب ضريبة التغير المناخي (CCL) والتي تبلغ حاليا (عام 2003) مبلغ 4.30 جنيها إسترلينيا على كل ألف كيلوواط ساعة من الاستهلاك الصناعي. كل ذلك لتخفيض غازات الكربون المنبعثة وتحضير المستهلكين الصناعيين البريطانيين للمشاركة في الخطة الأوروبية للمتاجرة بالغازات المنبعثة EU Emissions Trading Scheme (EUETS)  والتي بدأ تطبيقها في عام 2005.  إن كل هذا يلقي عبئا ثقيلا على محطات توليد الكهرباء التي تستخدم الوقود الأحفوري وخاصة الفحم.

تشجيع الاستثمار في الطاقة المتجددة

لغايات التغلب على ضعف اقتصاديات التوليد من الطاقة المتجددة فإن الحكومة البريطانية أعطت حوافز مادية منذ أول ابريل 2002 عن طريق التزامات الطاقة المتجددة  Renewable Obligations (RO)  إن هذه تتطلب أن تساهم الطاقة المتجددة بنسب معينة ومتزايدة من الكهرباء المولدة ولقد كانت هذه النسبة في عام 2002- 2003  حوالي 3% وستصل إلى 10.4% عام 2010- 2011 ، (فصلت هذه الإجراءات في الفقرة السابقة). 

يتم تحقيق هذا الالتزام عن طريق قيام الشركات التقليدية لتوليد الكهرباء بشراء شهادات التزام بالطاقة المتجددة من شركات متخصصة تقوم بإنتاج الكهرباء من الطاقة المتجددة، ويقوم بتنسيق ذلك هيئة تنظيم قطاع الكهرباء البريطاني Ofgem. وفي حالة عدم التزام الشركات التقليدية بهذا الترتيب فإن عليها دفع غرامة تبلغ 30 جنيها إسترلينيا لكل 1000 كيلووات ساعة. إن التزامات الطاقة المتجددة RO  مضمونة حتى عام 2025 وذلك لمساعدة شركات الطاقة المتجددة على الاستثمار على المدى البعيد. إن كل هذا يقصد به تشجيع الاستثمار في إنتاج الطاقة المتجددة وتخفيض الاعتماد على الطاقة الأحفورية (وخاصة الفحم) لغايات تقليل الغازات المنبعثة.

الضرائب على الكربون

إن ضريبة الكربون هي إضافة على سعر الوقود الأحفوري وتتناسب مع كمية الكربون المنبعثة عند حرق هذا الوقود. ولقد اعتبرت مثل هذه الضرائب بأنها أداة كفؤة في الحد من الانبعاثات وبالتالي هي ضريبة تشجيعية لاستعمال الطاقة المتجددة.

إن ضرائب الكربون أدوات مالية لها علاقة مباشرة بالسوق؛ إذ إنه عندما تفرض الضريبة فإن البضائع التي يحتاج إنتاجها لاستهلاك كثيف من الطاقة (وبالتالي كثيرا من الانبعاثات) سيرتفع سعرها ويقل ربحها. ونتيجة لذلك فإن قوى السوق ستعمل بصورة كفؤة للحد من استعمالها وبالتالي الحد من الانبعاثات. ولهذه الضرائب تأثيران أحدهما مباشر ناتج من زيادة الأسعار مما يؤدي إلى الاستثمارات الكفؤة والمحافظة على الطاقة والتغير في أنواع الوقود وكيفية استعماله والتأثير الآخر غير مباشر عن طريق إعادة تدوير حصيلة الضرائب المقتطعة مما يؤدي إلى تغيرات في هيكلية الاستثمار والاستهلاك وفوائد أفضل للجمهور.
بالإضافة إلى الضرائب على الكربون والغازات المنبعثة فإن هناك ضرائب أخرى لها انعكاسات مباشرة على استعمالات الطاقة وتشجيع الطاقة المتجددة. إن الضرائب على الطاقة بصورة عامة وضرائب المبيعات للطاقة هي في الواقع ضرائب على الكربون وإن كان من غير الممكن اعتبارها ضرائب مباشرة لأنه لا تقرر حسب محتويات الطاقة من الكربون. إن هناك مشاكل ثلاث متعلقة بضرائب الكربون: تأثيرها على المنافسة، وفي العبء الضريبي، وفي البيئة.

من الضروري أن نفرق بين ضريبة الكربون وضريبة الطاقة. إن ضريبة الطاقة تفرض على الإنتاج أو الاستهلاك من الطاقة مثلا دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية $/BTU أو لكل كيلوواط ساعة من استهلاك الكهرباء بغض النظر عن محتواها من الكربون. بينما ضريبة الكربون تتناسب مع محتوى الكربون في الوقود الأحفوري وبالتالي فهي متعلقة بالوقود الذي يحتوي على كربون فقط ويقع عبؤها على الفحم أكثر من غيره من أنواع الوقود الأحفوري ولا تتعرض للطاقة النووية. لذلك إذا كان القصد تخفيض الغازات المنبعثة وخاصة الكربون فإن ضريبة الكربون هي أشد وقعا وأفضل للتنفيذ. ولما كان الفحم هو الوقود المتوفر بكثرة في معظم الدول الصناعية (وهو مدعوم في كثير من الحالات) فقد كان هناك اتجاه لدى السوق الأوروبية لفرض ضريبة مشتركة ناجمة من الطاقة ومن الكربون وسميت ضريبة الطاقة/ كربون carbon/energy tax  بحيث تكون نصف قيمتها مبينة على محتوى الوقود من الكربون والنصف الآخر على محتواه من الطاقة Zhang 2004)).
إن التأثير في المنافسة هو العائق الأول في تطبيق ضرائب الكربون؛ إذ إن الدول التي تجبي مثل هذه الضرائب ترفع كلفة إنتاجها وتقلل من قدرتها على التنافس وإن كانت الدراسات الأولية قد أوضحت بأن تأثير هذه الضرائب لا يؤثر مباشرة في الربح والخسارة. بالنسبة لتوزيع الدخل فإن الدلائل الأولية تشير إلى أن هذه الضرائب لها تأثيرات سلبية وتؤثر في الفقراء أكثر من تأثيرها في أصحاب الدخول العالية، إلا أن الموضوع لا يزال خلافيا. ونتيجة للتأثيرات السلبية لضريبة الكربون فقد جرت عدة دراسات للتنبؤ بنتائجها الاقتصادية. يوضح الجدول (8) نتائج هذه الدراسة على بعض دول منظمة التعاون والإنماء الاقتصادي OECD.

جدول رقم (8)
الزيادة في تكاليف الإنتاج نتيجة فرض ضريبة كربون مقدارها 100 $
لكل طن كربون على الصناعات الكثيفة الاستعمال للطاقة
الدولة
الزيادة %  في تكاليف الإنتاج
الولايات المتحدة
2.8
اليابان
1.2
استراليا
5.2
ألمانيا
1.6
بريطانيا
1.6
المصدر: Baron and ECON-Energy (1997) .

يتضح من هذا الجدول أن الدول الكثيفة الاستعمال للفحم مثل استراليا تتأثر من حيث الكلفة أكثر من الدول الأخرى. وقد وجد أنه حتى لا يكون هناك تأثيرات كبيرة مباشرة في الاقتصاد فإنه يفضل أن يكون تنفيذ ضرائب الكربون تدريجيا بحيث يعطي وقتا للمستهلكين لخيارات جديدة مما يخفف التأثير السلبي في الاقتصاد.

بالنسبة للطاقة المتجددة فإن مثل هذه الضرائب تقلل الاعتماد على الوقود الأحفوري وبالتالي تقلل غاز ثاني أكسيد الكربون الناتج للجو وتحسن من إمكانيات الطاقة المتجددة، إلا أنه تجب ملاحظة أن الدفيئة العالمية ليست فقط ناتجة من الكربون ويجب من أجل البيئة أن يكون هناك اهتمام مماثل بالغازات الأخرى التي قد تؤدي إلى حدوث الدفيئة العالمية .

إن ضرائب الكربون أمر مثير للجدل وتأثيراتها غير واضحة ولو أن بعض ذلك تمكن معالجته بالأسلوب الضريبي واستعمالات الحصيلة. ومن التأثيرات المثيرة للجدل أن هذه الضرائب يمكن أن تعاقب المنتجين بدل أن تقع على كاهل المستهلكين (Baranzini & Goldemberg).

إن الاستراتيجيات لفرض ضريبة على الكربون في كل من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة لم تحقق غرضها وربما يكون ذلك ناتجا من تأثيرها السيء في إنتاج الفحم وهو الوقود الرئيسي لإنتاج الكهرباء في الولايات المتحدة وبعض دول الاتحاد الأوروبي. ولقد حاول الرئيس كلينتون في عام 1992 فرض ضريبة على أساس المحتوى الحراري للوقود ويسمى ذلك "Clinton BTU Tax" ، ولكنه فشل في ذلك، كما أن اقتراح ضريبة على الكربون الذي قدمه الاتحاد الأوروبي في عام 1990  وقد رفضته بريطانيا عام 1993 وبقيت بعض الدول الأوروبية مترددة بشأنه حتى تم هجره نهائيا منذ سنوات قليلة. ولقد لقيت المحاولات الأخرى المماثلة في عديد من الدول قبولا محدودا فقط .

لقد قامت النرويج منذ عام 1991 بتطبيق ضريبة كربون عالية هي من الأعلى في العالم بلغت قيمتها 51 دولار لطن ثاني أكسيد الكربون المنبعث من الجازولين و24 دولار لطن ثاني أكسيد الكربون من الفحم. والآن بعد أكثر من عشر سنوات من التطبيق وجدت النرويج أن تأثير فرض ضريبة الكربون في انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون كانت ضئيلة. وقد تمكنت النرويج في فترة العشر سنوات حتى عام 2000 من تخفيض انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون بنسبة 14% ، إلا أن معظم التخفيض كان نتيجة لتراجع كثافة استعمال الطاقة في الاقتصاد وتغير مكونات الاستعمال ولم تساعد ضريبة الكربون إلا بـ 2% من التخفيض الذي حصل (Zhang, 2004) .



الخلاصة

على الرغم من كل الاهتمام العالمي الكبير بالطاقة المتجددة (خارج الطاقة التقليدية – الكتلة الحية) كطاقة نظيفة وبديلة في المستقبل للطاقة الأحفورية، فإن جميع الدلائل توضح بأن الطاقة المتجددة لن تستطيع أن تلعب هذا الدور حتى في المستقبل البعيد نتيجة لتوافر الطاقة الأحفورية بكميات كبيرة تكفي احتياجات عالمنا حتى نهاية القرن الحالي والصعوبات الكبيرة التي تواجه تكنولوجيا الطاقة المتجددة والناتجة عن تبعثرها وكونها متقطعة وغير مستمرة ومحدودية كفاءتها وبالتالي الكلف العالية للاستثمار فيها. إلا أن هناك استعمالات معينة تستطيع الطاقة المتجددة أن تلعب فيها دوراً رئيسياً في تزويد الكهرباء للمناطق الريفية والفقيرة والنائية، كما أن كلف إنتاج الكهرباء من طاقة الرياح في انخفاض مستمر مما يجعلها أكثر قدرة على المنافسة إلا أن طبيعتها المتقطعة ستحول بينها وبين لعب الدور الرئيسي لإنتاج الكهرباء حتى على المستقبل البعيد.

إن الطاقة التقليدية – الكتلة الحية كانت وستظل تلعب دوراً هاماً من مصادر الطاقة في عالمنا وستساهم بحوالي 10-12% من مصادر الطاقة وتشكل هذه الطاقة مصدراً رئيسياً لتزويد الطاقة في الدول محدودة الدخل وخاصة في أواسط إفريقيا وجنوب آسيا، إلا أن نسبة مساهمتها في مصادر الطاقة العالمية ستتراجع تدريجياً وإنما ببطء نتيجة للانتشار المتزايد لمصادر الطاقة التجارية في جميع أنحاء العالم. في نفس الوقت فإن الوقود السائل الناتج عن التخمير (الإثينول) ستزداد مساهمته كخليط وبديل للمنتجات النفطية وخاصة في البرازيل والاتحاد الأوروبي، إلا أن دوره سيظل محدوداً لكلفته العالية ومحدودية الأراضي الزراعية وكذلك حاجته إلى طاقة تجارية كبيرة نسبياً لنقله وإنتاجه.

إن مستقبل الطاقة المتجددة ومساهمتها في مصادر الطاقة يتوقف على عاملين رئيسين أحدهما التقدم في تكنولوجيات هذه الطاقة وتخفيض كلفها وهو تقدم بطئ والأمر الآخر متعلق بالأمور البيئية والضرائب المتزايدة التي تفرض على الوقود الأحفوري والدعم المالي والتشريعي للطاقة المتجددة. إلا أن هذه العوامل ولو أنها مؤثرة وستزيد قليلاً من مساهمة الطاقة المتجددة، إلا أنها لن تغير كثيراً من مزيج الطاقة العالمي حتى في المدى البعيد.













ملحق
مشاركة الطاقة المتجددة في إنتاج الكهرباء في العالم العربي
البلد
القدرة المركبة (م. و)
الطاقة الكهربائية المنتجة (ج. و. س)
مولدات مائية
رياح وشمسية
مولدات مائية
رياح وشمسية
الأردن
12
1
53
3
الإمارات
-
-
-
-
البحرين
-
-
-
-
تونس
621
19
154
44
الجزائر
275
-
251
-
السعودية

-
-
-
السودان
308
-
1,107
-
سورية
1,528
-
4,247
-
العراق
1864
-
5,723
-
عُمان
-
-
-
-
فلسطين
-
-
-
-
قطر
-
-
-
-
الكويت
-
-
-
-
لبنان
272
-
1,122
-
ليبيا
-
-
-
-
مصر
2,742
140
13,019
368
المغرب
1,498
54
1,600
199
موريتانيا
-
-
-
-
اليمن
-
-
-
-
المجموع العام
9,120
214
27,276
614
المصدر: النشرة الإحصائية 2004 – 6  إتحاد منتجي وناقلي وموزعي الكهرباء. 

ملاحظات:       م.و = ميجاوات (MW)
                   ج. و. س = جيجاوات ساعة (GW) = مليون كيلووات ساعة
المـراجــع

Baranzini, A., Goldemberg, J., Speck, S., 2000. "A future for carbon taxes". Ecological Economics 32 (3), 395 – 412.

Baron, R., ECON-Energy, 1997. Economic/fiscal instruments: competitiveness issues related to carbon/energy taxation. Policies and Measures for Common Action, Working Paper 14, Annex I Expert Group on the UNFCCC, OECD/IEA, Paris.

British Petroleum. 2005. "BP Statistical Review of World Energy 2005", London.

E Coal. 2002. "The News Letter of the World Coal Institute" June, 2002. PP 4-6

IEA (International Energy Agency). 2004. World Energy Outlook (WEO 2004). Paris.

IEA (International Energy Agency). 2003. Renewable Energy Information. Paris.

IEA (International Energy Agency) 2003. World Energy Investment Outlook. Paris
IIASA (International Institute for Applied Systems Analysis) and WEC (World Energy Council). 1998. Global Energy Perspectives. Edited by: Nebojša Nakićenović, Arnulf Grübler, and Alan McDonald. Cambridge: Cambridge University Press.

Khatib, H. 1997. "Financial and Economic Evaluation of Projects". UK: Institution of Electrical Engineers, London.

Khatib, H. 2003 "Economic Evaluation of Projects". UK: Institution of Electrical Engineers, London.

MEES. 2003-2005. Middle East Economic Survey. Various Issues Cyprus.

UNDP. 2005. Human Development Report. UNDP-New York.

UNDP/UNDESA/WEC. 2003 "Energy and the Challenge of sustainability", 2003. UNDP – NY.

US Department of Energy (US DOE). 2005. International Energy Outlook.

Zhang, "Energy Policy". 2004



الاتحاد العربي لمنتجي وناقلي وموزعي الكهرباء. الإحصاءات السنوية لعام 2001 حتى   عام 2004.

الأوابك. التقرير الإحصائي السنوي 2004 .

الأوابك. تقرير الأمين العام السنوي 2004 .

تقرير التنمية الإنسانية العربية لعام 2003 . برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي .

صندوق النقد العربي. التقرير الاقتصادي العربي الموحد 2004 .






[1] إن هذه هي الأرقام الرسمية للأمم المتحدة (أنظر UNDP – HDR 2005) إلا أن خبرة الكاتب هي أن هذا الرقم مبالغ به كثيراً.
2  على سبيل المثال فإن كفاءة الأفران لتحضير الطعام والتي تستعمل في الريف وتحرق الخشب لا تتجاوز 5%. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الترويكا بين المفهوم والمصطلح

  الترويكا بين المفهوم والمصطلح     الترويكا ثالوث الرأي السياسي، والمفهوم     الدال على اجماع الرأي الواحد، وفي وقتنا الحاضر، لم تع...