منظمة التجارة العالمية
تعد منظمة التجارة العالمية
جهازا دائماً للتفاوض على خلاف دورات التفاوض السابقة التي كانت تجتمع وتنفض بعد
أن تسفر عن اتفاقيات مرحلية لتبادل بعض التخفيضات الجمركية أو الاتفاق على بعض
قواعد لإدارة شئون التجارة العالمية ومن ثم فإن الجهاز الجديد له سكرتارية دائمة
وإدارة ومقر ولجان تجتمع دوريا وتعد المنظمة الجهاز المسئول عن الإشراف على تنفيذ
جميع الاتفاقيات متعددة الأطراف وعديدة الأطراف التي أسفرت عنها مفاوضات أورجواى
فضلاً عن مسئوليتها عن إتمام المفاوضات المستقبلية في عدد من المجالات تم تضمينها
في الاتفاقيات المبرمة فيما يعرف باسم جدول العمل المستقبلي أو حرفيا جدول العمل
المتضمن في الاتفاقيات
وظائف المنظمة: ولقد تضمنت المادة
الثالثة من اتفاقية إنشاء المنظمة المعروفة باسم اتفاق مراكش الذي
تم توقيعه في 15 أبريل 1994م بالمغرب ودخل
حيز النفاذ
في أول يناير 1995م أربع وظائف رئيسية للمنظمة هي:
أولاً: الإشراف على تنفيذ الاتفاقيات
التي أسفرت عنها جولة أورجواي وأي اتفاقيات أخري يتفق عليها
مستقبلاً.
ثانياً: أن تعمل المنظمة كمحفل أو جهاز
دائم للتفاوض بين الدول الأعضاء حول الأمور التي تغطيها الاتفاقيات وأي قضايا
جديدة تدخل تحت ولايتها ويتفق على إجراء مفاوضات حولها.
ثالثاً: تسوية الخلافات والمنازعات
التي قد تنشأ بين الدول الأعضاء.
رابعاً: مراجعة السياسات التجارية
للدول الأعضاء في المنظمة دوريا.
الهيكل التنظيمي للمنظمة: يتكون الهيكل التنظيمي لمنظمة التجارة العالمية من الآتي:
1 - المؤتمر الوزاري: وفقا للمادة
الرابعة من الاتفاقية يعتبر المؤتمر الوزارى
أعلى أجهزة المنظمة المسئول عن اتخاذ القرارات ويضم ممثلين عن جميع الدول الأعضاء
ويجتمع مرة على الأقل كل سنتين وقد عقد بالفعل مؤتمرين وزاريين الأول في سنغافورة
من 6 / 13 ديسمبر 1996م والثاني
في حنيف يومي 18 /20 مايو 1998م ويرأس وفود هذه الدول المشاركة
في هذه المؤتمرات عادة وزراء تجارة هذه الدول وقد صاحب انعقاد المؤتمر الوزاري
الثاني المذكور الاحتفالات بالعيد الخمسين للنظام التجاري متعدد الأطراف.
2- المجلس العام: يمارس مهام المؤتمر
الوازرى فيما بين فترات انعقاد المؤتمر ويجتمع دورياً وكلما دعت الحاجة
إلى ذلك ويضم بالإضافة إلى اجتماعاته العامة التي تناقش
كافة شئون المنظمة بصفته هيئة لتسوية المنازعات وكذلك
بصفته مسئولا عن القيام بمراجعة السياسات التجارية للدول
الأعضاء كل على حدة.
3 - المجالس النوعية الثلاثة المعاونة:
يساعد المجلس العام في أعماله ثلاث مجالس رئيسية هي:
- مجلس التجارة في
السلع: ويشرف على تنفيذه وإدارة اتفاقية جات 1994م والاتفاقيات
الملحقة بها فيما يتعلق بالسلع.
- مجلس التجارة في الخدمات: ويشرف على تنفيذ وإدارة اتفاقية تجارة الخدمات.
- مجلس الجوانب
التجارية لحقوق الملكية الفكرية: ويشرف على تنفيذ اتفاقية الجوانب المتصلة
بالتجارة في حقوق الملكية الفكرية.
4 - اللجان النوعية: يتفرغ عن
المجالس الثلاث السابقة العديد من اللجان الفرعية عهدت
الاتفاقية إلى كل منها باختصاصات محددة لتنفيذ الاتفاقيات الفرعية المتعلقة بنشاط
كل منها وذلك على النحو التالي:
أولاً: اللجان التابعة لمجلس التجارة في السلع ويتبع هذا المجلس
اللجان التالية:
لجنة الوصول إلى الأسواق/ لجنة الزراعة/لجنة الصحة والصحة النباتية/ لجنة الجوانب التجارية المتصلة
بإجراءات الاستثمار/
لجنة قواعد المنشأ /
لجنة الدعم والإجراءات التعويضية/
لجنة التقييم الجمركي/
لجنة العوائق الفنية على التجارة/
لجنة الممارسات المضاءة للإغراق/
لجنة تراخيص الاستيراد/
لجنة إجراءات الوقاية فضلا عن جهاز مستقل هو جهاز الرقابة على المنسوجات ويتقدم
بتقاريره إلى مجلس التجارة في السلع. كما شكلت
مجموعتين تعملان تحت إشراف مجلس التجارة في السلع هما:
-
مجموعة الأطراف المعنية بمشروعات الاتجار الحكومي و مجموعة الأطراف المعنية بالفحص قبل الشحن.
-
وكلف المؤتمر الوزاري
الأول للمنظمة بسنغافورة 1996م إلى مجلس التجارة في السلع القيام بدراسات
استكشافية تحليلية لتبسيط إجراءات التجارة.
ثانياً: اللجان التابعة لمجلس
التجارة في الخدمات ويتبع هذا المجلس اللجان التالية:
لجنة التجارة في الخدمات المالية/لجنة
الالتزام المحددة/مجموعة الأطراف المعنية بالخدمات المهنية/مجموعة
الأطراف المعنية بقواعد الاتفاقية العامة للتجارة في الخدمات.
كما تم تشكيل مجموعات للتفاوض على الاتصالات الأساسية وخدمات النقل البحري
وحركة الأشخاص الطبيعية وأن كانت مجموعات التفاوض الأخيرة لم تمارس نشاط يذكر منذ
تكوينها.
ثالثاً: مجلس الجوانب
المتصلة بالتجارة من حقوق الملكية الفكرية: وهذا المجلس لا يتبعه أي لجان بل يقوم
هو منفرد بالوظائف الموكولة إليه.
رابعا: لجان تحت الإشراف المباشر للمجلس العام:
-
لجنة التجارة والبيئة/
لجنة التجارة والتنمية وتتبعها اللجنة الفرعية للدول الأقل نموا/
لجنة ترتيبات التجارة الإقليمية/ لجنة قيود موازين المدفوعات/
لجنة الجغرافيا والتمويل والإدارة/ مجموعة الأطراف
المعنية ببحث العضوية
كما أتخذ المؤتمر الوزاري الأول
للمنظمة والمنعقد في سنغافورة في ديسمبر عام 1996م قرار بإنشاء ثلاث مجموعات تعمل
تحت إشراف المجلس العام هم: مجموعة العمل المكلفة بدراسة العلاقة بين التجارة
والاستثمار/ مجموعة العمل المكلفة بدراسة التداخلات بين التجارة
وسياسات المنافسة/ مجموعة العمل المكلفة بدراسة الشفافية في
المشتريات الحكومية
خامساً: اللجان عديدة الأطراف: تعد
اللجان السابقة جمعيا لجان متعددة الأطراف حيث أنها تشرف على تنفيذ اتفاقيات وقعت
عليها جمعية الدول الأعضاء في المنظمة ولا يستخدم هنا اصطلاح عالمي حيث أن هناك
دولا لم تنضم بعد لعضوية المنظمة وهناك عدد من
الاتفاقيات لم يوقع عليها سوى عدد محدود فقط من الدول
الأعضاء في منظمة التجارة العالمية وهذه الاتفاقيات المعروفة
باسم عديدة الأطراف وتشرف على تنفيذها لجان عديدة الأطراف أيضاً تضم
فقط الدول الموقعة على الاتفاقية وهذه اللجان هي: لجنة التجارة في الطائرات
المدنية/ لجان المشتريات الحكومية وهناك مجلسان آخران
عديدا الأطراف هما مجلس الألبان العالمي ومجلس اللحوم العالمي
وقد أنهى العمل بالاتفاقيتين المتعلقتين في نهاية عام 1997م.
سادساً: الجهاز الإدارى للمنظمة: يرأس
المنظمة مدير عام وله أربع نواب يقوم بتعينهم بالتشاور مع الأعضاء كما تضم الأمانة العامة للمنظمة
حوالي(500 موظف) من مختلف الجنسيات ولا يقبل المدير العام ولا نوابه أو موظفي المنظمة أي تعليمات من
أي حكومات أو أي جهة خارجية حافظا على الصفة الدولية للأمانة.
نظام العمل بمنظمة التجارة العالمية وشروط
عضويتها وأهم الفروق بينها وبين اتفاقية الجات
أولاً: أسلوب اتخاذ القرارات في
لجان ومجالس المنظمة: استمرت
منظمة التجارة العالمية على نفس منهج
الجات في
اتخاذ القرارات عن طريق توافق الآراء وهذا الأسلوب معناه أنه عند طرح موضوع لاتخاذ
رأى بشأنه يكون هناك موافقين عليه ومعارضين له بدرجات متفاوته فيتم التفاوض وأجراء
المشاورات حتي يتم تقريب
الآراء وتضييق الفجوة
بينهما تدريجيا إلى أن يصبح الاقتراح المعدل مقبولا من الجميع، ويعتبر الإجماع متحققا عندما يتم
اتخاذ القرار دون معارضة
من قبل أي من الدول
الأعضاء وفي حالة تعذر اتخاذ قرار بالإجماع يتم اللجوء للتصويب ويتم اتخاذ القرار
بالأغلبية البسيطة ويكون لكل بلد صوت واحد وهناك قواعد خاصة بحالات محددة يلزم
التصويب بأغلبية خاصة هي: أغلبية ثلاثة أرباع الأعضاء عند التصويت على قرار يتطلب
تفسير إحكام أي من الاتفاقيات (م/ 9/2)
من اتفاقية منظمة التجارة
العالمية:.
1)
أغلبية ثلثي الأعضاء عند التصويت
على قرار يتعلق بإجراء تعديلات على نصوص الاتفاقيات فيما عدا التعديلات المتعلقة
بالأحكام الواردة في اتفاقية تأسيس المنظمة والمتعلقة بتعديل أحكامها أو اتخاذ
القرارات وكذلك الأحكام المتعلقة بمبدأ الدولة الأكثر رعاية في اتفاقية جات 1994م،
والاتفاقية العامة لتجارة الخدمات والاتفاقية الخاصة بالجوانب المتصلة بالتجارة في
حقوق الملكية الفكرية فأنها يلزم لسريانها موافقة جميع الدول الأعضاء (م/10/1/2) من اتفاقية منظمة التجارة العالمية.
2)
أغلبية ثلاث أرباع الأعضاء لأعفاء
عضو من أعضاء المنظمة من التزاماته بشكل مؤقت (م/9/2) من اتفاقية منظمة
التجارة العالمية.
3)
الموافقة على انضمام أي عضو جديد
إلى المنظمة يتم بأغلبية ثلثي أعضاء المؤتمر الوزاري أو المجلس العام فيما بين
دورات انعقاد المؤتمر.
ثانياً: عضوية
المنظمة: ضمت منظمة التجارة العالمية في عضويتها منذ اليوم الأول
لقيامها (76)دولة وتوالت
بعد ذلك انضمام الدول بعد إنهاء الإجراءات الشريعية أو بعد التفاوض
على الانضمام ليصبح عدد الدول الأعضاء في المنظمة في أبريل 1999م(134)
دولة وهناك(29) دولة أخرى تقدمة لعضوية المنظمة
ولازالت المفاوضات دائرة بين ممثليها ولجان بحث العضوية بالمنظمة لاستكمال شروط
عضويتها والشروط التي وضعتها منظمة التجارة العالمية لانضمام الأعضاء الجدد هي:
- أن يتم الانضمام عن طريق التفاوض.
-
أن توافق الدول على اتخاذ
الخطوات اللازمة لتعديل تشريعاتها الوطنية لتتفق مع قواعد الاتفاقيات
متعددة الأطراف.
-
أن تتعهد بإجراء تخفيضات في
التعريفة الجمركية المطبقة لديها وتعديل أنظمتها لتسهيل دخول السلع والخدمات
الأجنبية إلى أسواقها.
ويقوم المجلس العام للمنظمة
بتشكيل مجموعة عمل لبحث العضوية يفتح باب المشاركة فيها للراغبين من ممثلي الدول
الأعضاء وترفع مجموعات العمل تقريرها إلى المجلس العام أو إلى المؤتمر الوزاري
مصحوبا بمشروع بروتوكول الانضمام الذي يرفق به جداول
التزامات الدول المقترح انضمامها للمنظمة ويتم قبول انضمام الدول بأغلبية ثلثي
الأعضاء.
ثالثاً: ميزانية
المنظمة: تساهم الدول الأعضاء في ميزانية المنظمة بنسبة مساهمة كل
دولة في التجارة العالمية وتبلغ قيمة ميزانية المنظمة حالياً حوالي 93 مليون دولار
أمريكي ويوجه جانب من الميزانية لتمويل نفقات مركز التجارة العالمي
رابعاً: الفرق بين
الجات ومنظمة التجارة العالمية:
كانت الاتفاقية العامة للتعريفات والتجارة (الجات) تمثل اتفاقية قانونية مرحلية
متعددة الأطراف ولم يكن مقصوداً منها أن تعمل كمنظمة بل تشكلت لها سكرتارية محدودة
تنظم دعوة الممثلين الحكوميين إلى الاجتماعات لمناقشة المسائل المتعلقة بالاتفاقية
ولعقد دورات المفاوضات التجارية الهادفة إلى تنظيم التجارة العالمية في السلع..
أما منظمة
التجارة العالمية فهي أوسع من ذلك
بكثير فهي مجموعة من الاتفاقيات الدائمة وهى منظمة عالمية وجهاز دائم لفض
المنازعات، وبقيام منظمة التجارة العالمية تم إلغاء وتعديل وتحديث العديد من نصوص
اتفاقية جات 1947م التي لم يعد لها وجود بشكلها السابق، وأصبحت مجموعة القواعد التي استمرت من اتفاقية جات 1994 بعد
تعديها وتحديثها تشكل
جانبا من القواعد الجديدة المعنية بتنظيم تجارة السلع وأطلق عليها اسم (جات 1994م)
وأضيفت إليها اتفاقيات وقرارات
تكميلية أخرى لتنظيم التجارة العالمية في السلع والخدمات والملكية الفكرية.
ولعل أهم
أوجه الفروق بين اتفاقية الجات واتفاقيات منظمة التجارة العالمية هي الآتي:
(1) أن
قواعد الجات كانت تطبق على أساس مؤقت في حين أن قواعد اتفاقية منظمة التجارة
العالمية شاملة ودائمة.
(2) أن
الاتفاقيات التي كانت تتم في إطار الجات لم تكن تستلزم أي إجراءات تشريعية
لإقرارها في حين أن اتفاقية منظمة التجارة العالمية تم إقرارها في المجالس
التشريعية للدول الأعضاء مما يعطيها أساساً قانونياً راسخاً.
(3) أن
الدول المتفاوضة في إطار الجات كانت تسمى بالإطراف المتعاقدة على أساس أنها كانت
مجرد نص قانوني في حين أن الدول المنضمة إلى منظمة التجارة العالمية يلقبون
بالأعضاء على اعتبار أنها منظمة متكاملة.
(4) أن
الجات كانت تقتصر على التعامل مع التجارة في الخدمات في حين أن منظمة التجارة
العالمية تغطى السلع والخدمات والملكية الفكرية.
(5) أن
نظام تسوية المنازعات في إطار منظمة التجارة العالمية هو جهاز يعمل بشكل تلقائي
وبصورة أسرع بالمقارنة بالنظام المطبق في إطار اتفاقية الجات،
كما أن اتفاقية منظمة التجارة العالمية توفر سبل التنفيذ الفوري لقرارات جهاز
تسوية المنازعات بشكل أكثر فعالية.
مزايا منظمة التجارة
العالمية:
أصدرت المنظمة مؤخرا مطبوعا
عددت فيه المزايا التي تحققت من قيام المنظمة وهى:
أولاً: أن تحرير التجارة يعطى
المستهلك فرصة اختيار أوسع بين درجات متفاوتة
من الجودة بعكس الحال في ظل تقييد التجارة وحصر الاختيار أمام
المستهلك في الإنتاج المحلى دون منافسة وتحرير التجارة بقدر ما يفتحه السوق المحلى
لاستيراد السلع فهو يفتح الباب للتصدير أيضا إلى الدول الأخرى في المقابل.
ثانياً:
أن التجارة ترفع مستويات الدخول لدى الشعوب وتقدر منظمة التجارة العالمية أن زيادة
الدخل العالمي الناشئ عن إبرام اتفاقيات أور جواى يقدر بما تتراوح قيمته بين(109 – 510) بليون دولار نتيجة لتحرير التجارة
العالمية وإذا كان تحرير التجارة سوف يفيد قطاعات ويضر بأخرى فإن الدخل الإضافي الناشئ يمكن الحكومات من إعادة
توزيع المنافع.
ثالثاً: أن التجارة تحقق النمو
الاقتصادي وتزيد من العمالة وإذا كان هذا غير صحيح على إطلاقه حيث قد تسفر زيادة
الواردات واستقدام تكنولوجيا أعلى للإنتاج المزيد من البطالة ألا أن تبنى الدول لسياسات
فعالة للموائمة الهيكلية يمكنها من التغلب على هذه المشاكل
في وقت قصير فضلا عن أن هناك دلائل على أن استخدام قواعد الحماية للحفاظ على
الإنتاج المحلى يترتب عليها ارتفاع التكلفة ومن ثم انخفاض المبيعات ثم المزيد من
البطالة كما حدث بالنسبة لقواعد الحماية التي طبقتها الولايات المتحدة الأمريكية
على صناعة السيارات ضد السيارات اليابانية أدت لارتفاع التكلفة والفشل
في الحفاظ على العمالة وانخفاض المبيعات.
رابعاً: أن وضوح المبادئ الأساسية
للتعامل التجاري في إطار المنظمة يجعل النظام أكثر فعالية واقتصادا ويؤدى إلى خفض
التكلفة بالمقارنة بحالة انفراد كل دولة ويوضع قواعد خاصة
للتفاعل التجاري تختلف من دولة لأخرى وحاجة الشركات التجارية إلى التعرف على كل
هذه الأنشطة والقواعد المتباينة في الأسواق الجديدة التي تضطر
للتعامل معها ولعل أبرز تلك القواعد العامة التي تلتزم
جميع الدول الأعضاء بالمنظمة باستخدامها هي مبدأ عدم التمييز والشفافية
وزيادة التأكد من استمرارية الالتزام بالقواعد
السابقة في إطار القواعد المتفق عليها لتسهيل التجارة.
خامساً: أن النظام يحمى الحكومات من
المصالح الضيقة إذ يعاونها في تبنى سياسات تجارية أكثر توازناً في مواجهة ضغوط
جماعات الضغط ذات النظرة المقصورة علي مصالحها وتجعل
القرارات الحكومية في مصلحة الجميع.
سادساً: أن النظام التجاري متعدد
الأطراف يشجع على قيام الحكومات الصالحة فبمجرد إقرار الحكومة لقواعد النظام تصبح
ملتزمة به دون رجعة ومن ثم فإن القواعد لا تشجع السياسات المضادة مما يشيع
الثقة والاستقرار في النظام أمام رجال الأعمال كما أن وجود القواعد والحرية
التجارية والشفافية تساعد على عدم انتشار الفساد. أما الدول
الكبرى فقد كان لها رأى غير ذلك
وهو:
1 -
أن القواعد التي تم إقرارها نتاج مفاوضات شاركت فيها الدول
المتقدمة والدول النامية على قدم المساواة وتم التوصل لقواعدها بتوافق الأرأء
لا عن طريق التصويت بالأغلبية.
2 -
أن الدول النامية قد نجحت في فرض العديد من شروطها والقواعد التي تيسر لها الاندماج في النظام التجاري متعدد
الأطراف فيما يعرف باسم (قواعد
المعاملة الخاصة والتمييز للدول النامية في اتفاقيات المنظمة) والتي تتمثل في فترات انتقالية أطول
لتنفيذ قواعد الاتفاقية ومعدلات خفض الالتزامات
من تعريفه جمركية ودعم وخلافه بمعدلات أكثر انخفاضا من المعدلات التي تقررت للدول
المتقدمة وحق إيقاف تنفيذ بعض الالتزامات في حالات محددة مثل العجز في موازين
المدفوعات أو الظروف القهرية وغيرها وتوفير
المساعدات الفنية والمالية لمساعدة
الدول النامية الأعضاء على تفهم النظام وتطوير تنظيماتها الداخلية للتعامل معه
بكفاءة.
3 - أن النظام أناح
للدول النامية أن تعمل متكاتفة وفي أطار من التشاور والتعاون فيما بينها عند
مناقشة أي موضوع تجارى في إطار المنظمة.
4 - أن الفرص لازالت
متاحة لهذه الدول لتعبر عن رأيها ومطالبها في إطار المنظمة باعتبارها جهاز دائم
للتفاوض أو في إطار المفاوضات المقبلة وبرامج مراجعة الاتفاقيات الحالية المنصوص
عليها في صلب الاتفاقيات الحالية للمنظمة.
5 - نظام فض
المنازعات في إطار المنظمة يكفل لهذه الدول سبل الوصول إلى حلول لمنازعاتها
التجارية مع الدول الأخرى مبنية على القواعد العدالة.
6 - أن نظام المساعدات
الفنية والمالية المقرر في إطار اتفاقيات المنظمة من شأنه أن
يزيد من قدرات الدول النامية على التعامل مع النظام بيسر وتفهم
قواعده وأن تطور تنظيماتها وأجهزتها لتتعامل مع قواعده بكفاءة،
الأمر الذي سيزيد باستمرار من فرص اندماجها بالكامل في النظام
وتمتعها بمزاياه الكاملة ولا شك أن كل ذلك صحيح في مجملة وأن كان تطبيقه
على صعيد الحياة العملية يشوبه الكثير من القصور ولعل هذا القصور
راجع في معظمه لتقاعس الدول الكبرى عن تنفيذ
التزاماتها في إطار روح النصوص وليس مجرد الالتزام بألفاظها.
فالواضح
أن الكثير من الدول الكبرى تلتزم بحرفية النص دون روحه أو بالحد الأدنى
المطلوب منها كما هو حادث في برامج دمج المنسوجات والملابس في النظام التجاري
متعدد الأطراف، أو في تنفيذ التزاماتها فيما يتعلق بتحرير التجارة في السلع
الزراعية أو تقديم المساعدات الفنية والمالية المطلوبة للدول النامية لمعاونتها في
الاندماج في النظام التجاري متعدد الأطراف وتجنب ما تعانيه من تهميش
فضلا عن النظرة القصيرة أحيانا من جانب بعض الدول الكبرى في الدفاع عن المصالح
الضيقة لصناعاتها الوطنية أو إساءة استخدام قواعد تحرير التجارة لتحقيق أهداف
حمائية بحق مثل إجراءات مكافحة الأعراق وآليات إجراءات الوقاية وأساليب الدعم
وقواعد المنشأ وغيرها.
وعلى الجانب الأخر فإن الدول النامية مطالبة بالمزيد
من الجهود لفهم قواعد النظام التجاري متعدد الأطراف ومحاولة الاستفادة مما تضمنته
من مزايا وكذلك القواعد المقررة لصالح هذه الدول والمعروفة باسم قواعد المعاملة
الخاصة والتمييزية
للدول النامية فضلا عن أهمية تحقيق التعاون بين الدول النامية لتحقيق مصالحها ومواجهة التحديات التي يفرضها النظام
عليها بشكل جماعي وليس فرادى، وأن تكتل في الدفاع عن مصالحها عند عقد أي مفاوضات جديدة حول موضوعات
وأنشطة منظمة التجارة العالمية ورفض الموضوعيات التي تخفى تحت أستارها إجراءات
حمائية مثل معايير العمل ومعايير البيئة وغيرها فضلا عن أهمية إيجاد وسيلة فعالة لدعم الدول النامية فنيا
وماليا للاستفادة من نظام فض
المنازعات في إطار منظمة التجارة العالمية للدفاع عن مصالحها وحقوقها بشكل فعلى وعملي.
كما أن الدول النامية مطالبة أيضا بالعمل بشكل جاد
لتطوير أوضاعها الداخلية وإعادة هيكله صناعاتها وبرامجها الاقتصادية وسياساتها المالية وقوانينها
ولوائحها لتوافق
التزاماتها في إطار اتفاقيات أورجواي التي لا مفر من تنفيذها بشكل كامل في نهاية الفترات الانتقالية التي
أمكن للدول الناحية للحصول عليها في إطار المفاوضات.
كما
يتطلب الأمر قيام الدول المتقدمة بإعادة صياغة برامجها للمساعدات الفنية والمالية
للتمكن من تقديم عون فعلى للدول النامية لمساعدتها على الوفاء بالتزاماتها في
إطار هذا النظام والدفاع عن مصالحها والمشاركة الفعالة من جانبها
في صياغة هذا النظام وتنفيذه بالشكل المرغوب والذي يحقق مصالح الجميع وليس الدول
المتقدمة وحدها كما أن منظمة التجارة العالمية يجب أن تعمل على توسيع عضويتها
لتشمل كل الدول الراغبة في لعضوية المنظمة وتيسر عملية
انضمامها وعدم مطالبتها بالتزامات تفوق ما تلتزم به بالفعل الدول المماثلة الأعضاء
في المنظمة وأن تعمل المنظمة لتحسين صورتها الخارجية وأن تثبت بحق أنها منظمة تهدف
لتحقيق مصالح جميع أعضائها سواء منها الدول المتقدمة أو النامية وليست للضغط على
الدول النامية لحساب الدول المتقدمة.
وأنه
لمن دواعي فخرنا سرورنا أن يقوم تكتل إقليمي اقتصادي بين دول جامعة الدول العربية
أو حتى أخذ الترتيبات اللازمة لوضع السوق العربية
المشتركة موضح التنفيذ وهذه السوق التي ظهرت قبل السوق الأوروبية المشتركة.
تعتبر منظمة التجارة العالمية من أهم وسائل
فرض التبعية والهيمنة والسيطرة علي العالم فهي تمثل الضلع الثالث في ثالوث الخراب
والدمار بعد صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، فهذا المثلث الخطير بمثابة العمود
الفقري في عملية فرض الهيمنة علي العالم خاصة اقتصاديا وهذا هو الأهم، وتتبع في
ذلك أساليب ماكرة فهدف منظمة التجارة العالمية إلغاء الرسوم الجمركية علي الواردات
بدعوى دعم المنافسة وحرية السوق وذلك له نتائج خطيرة علي الدول نجملها فيما يلي:
1 – حرمان الدول النامية من مبالغ كبيرة حصيلة الرسوم الجمركية علي
الواردات.
2 -
تحطيم الصناعات الوطنية التي لا تملك المنافسة مع الواردات المتقدمة جدا مما يؤدي
إلي عدم قيام أي تنمية اقتصادية أو تقدم إلا من خلال هذه الدول المتقدمة..
3 –
الإبقاء علي الدول سوقا رائجة للبضائع الواردة من الدول المتقدمة حيث لا تملك
الدول النامية أي ميزة تنافسية مما بقضي عليها اقتصاديا ويجعلها تابعة ذليلة عبارة
عن سوق لعرض منتجات الدول المتقدمة تتحكم فيه الدول الكبرى سياسيا واقتصاديا.
4 –
الدليل علي أن مبدأ حرية التجارة قول بلا عمل ولم تلتزم به الولايات المتحدة إلا
في حالة تحقيق مصالحها كما حدث في حرب الموز بين أوربا والولايات المتحدة فقد
أعلنت الأخيرة حقها في فرض عقوبات علي الواردات تطبيقا للأمر الرئاسي رقم(301)
الذي يسمح بفرض عقوبات من جانب واحد علي الدول التي لها ممارسات تجارية(غير منصفة)
أي لا تتفق مع مصالح الولايات المتحدة، وقد أعلنت ذلك قبل أن تصدر منظمة التجارة
الدولية قرارها في النزاع. وردت أوربا وكندا بإصدار قوانين مكافحة الإغراق التي
تنص علي منع الواردات رخيصة الثمن القادمة من الدول النامية من الدخول إليها أي
فرض إجراءات حمائية لحماية الصناعات الوطنية وفي حالة الدول النامية فلا بد من
الإسراع في عملية الخصخصة وتسريح العمال وفتح الأسواق والمطالبة بإلغاء كافة
الوسائل الحمائية([1])،
مما يؤكد ما نقوله من أن حرية التجارة وفتح الأسواق للمنافسة لا تطبق إلا علي
الدول النامية لذلك ينبغي علي الدول النامية أن تفرض ما تشاء من إجراءات حمائية
حماية لصناعاتها الوطنية ولا تصدق ما تردده الدول الكبرى، وإن أرادت خيرا كثير لا
تنضم إلي منظمة التجارة العالمية الجات وإذا كانت انضمت تنسحب فورا.
وقد قامت الولايات المتحدة التي تتزعم حرية
التجارة بتهديد منظمة الأوبك عام2000م وقامت بإصدار قوانين ضد حرية التجارة
والاستثمار علي الصعيد العالمي منها قانون (هلمز/برتون) لدعم الحصار علي كوبا وقانون(دماتو/كنيدي) بفرض
عقوبات علي الشركات الأمريكية التي تستثمر في إيران أو ليبيا.، لذلك يجب علي الدول
النامية أن توحد جهودها في فرض قيود حمائية علي الواردات من الدول الكبرى حماية
لسلعها الوطنية واقتصادها القومي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق