الأربعاء، 13 أبريل 2016

الإرادة السياسية الصينية للانتشار على مستوى العالم

الإرادة السياسية الصينية للانتشار على مستوى العالم
الإرادة هي سر النجاح وهي الحد الفاصل بين النجاح والفشل.
أصبحت الصين بفضل التنامي المستمر لمكانتها على الساحة الدولية، من السمات الرئيسية المميزة لفترة ما بعد نهاية القطبية الثنائية.
    فالصين بمعدلات نموها الأعلى من نوعها في العالم، و وزنها الاستراتيجي على المستوى الإقليمي و الدولي، و مؤسستها العسكرية المتجهة نحو التحديث، و كثافتها السـكانية العاليـة، و إرثها الحضاري و التاريخي و الثقافي الكبير، أصبحت محل اهتمام مختلف مؤسسات الفكر و المعاهد الأكاديمية المتـخصصة عبر أنحاء العالم، لمـحاولة معرفة السـر الكـامن وراء الصعـود الصيني المتميز، و لاستشراف مستقبل هذه القوة الصاعدة، ذات الطموحات الإقليمية و العالمية.
إن معرفة توجهات أية قوة صاعدة تمر عبر تتبع مسار سياستها الخارجية

المحددات الجغرافية و البشرية
      يلعب العامل لجغرافي دورا هاما في تحديد التوجهات العامة للسياسة الخارجية لأيـة دولة، و هو الأمر الذي أكدت عليه دراسات " ماكيندر" و " مارشال ماكلوهان".
تتربع الصين على مساحة   اكثر من  9كم²، و تعد ثالث أكبر دول العالم مساحة بعد كل من روسيا و كندا. تقع الصين بين دائرتي عرض18° و 54°، و بيـن خطـي طـول 74° و 135°، و هي بذلك تعد حقا دولة قارة. و تتميز بموقع ذو أهمية إستراتيجية في منطقة شرق آسيا، إذ تجاور 14 دولة منها: روسيا، الهند، باكستان، فيتنام، كوريا الشمالية...الخ، و للصين عمق استراتيجي كـبير، و هو عامل مهم في تدعيم وزن الدولة الاستراتيجي الدفاعي خصوصا، خاصة في حالة التعرض لهجوم نووي، إذ يبلغ أقصى اتساع لها من الشمال إلى الجنوب 4023 كم، و من الشرق إلى الغرب6468 كم.
   و تشرف الصين على طرق هامة للمواصلات و التجارة في العالم سواء البرية، كطريق الحرير، أو البحرية بإطلالها على المحيط الهادي، و بحر الصين الجنوبي، و بحر الصين الشرقي، و البحر الأصفر، و مضيق فرموزا. و بالنظر للامتداد الجغرافي للصين يمكن تفسير السبب في تنوع المناخ، و تنـوع الأقالـيم و تعدد الثروات الطبيعية، مما يؤثر إيجابا على الاقتصاد الصيني.
    و من الجانب البشري تعد الصين أكثر بلدان العالم سكانا، بتعداد يفوق  المليار
نسمة، حسب إحصائيات. و هذه الأعداد الهائلة تؤهل الصين لأن تكون سوقا واسعة، تستوعب السلع المحلية و العالمية.
المحددات الاقتصادية و العسكرية
*المحددات الاقتصادية:  يعد الاقتصاد الصيني من الاقتصاديات الصاعدة و الواعدة، بفضل السوق الاستهلاكية الواسعة التي تحصي ما يفوق المليار مستهلك، خاصة بعد الإصلاحات الاقتصادية المتبعة منذ العام 1979، و الخروج من الاقتصاد الموجه إلى " اقتصاد السوق الاشتراكي"، الذي يزاوج بين القطاع العام و القطاع الخاص، و هو ما يعرف في الصين "بسياسة المشي على ساقين"
* المحددات العسكرية: تعد المؤسسة العسكرية الصينية من أكبر المؤسسات العسكرية في العالم، بفضل ما تتميز به من تفوق عددي و من حيث التسلح (سواء الاستراتيجي أو التقليدي)
و كذا التقنية و الكفاءة التكنولوجية.
المحددات المجتمعية و الثقافية
    يقصد بالمحددات المجتمعية و الثقافية، العناصر المتعلقة بالجانب الاجتماعي من تركيبة عرقية، و درجة التماسك الاجتماعي و قيم المجتمع السائدة،
 أما الجانب الثقافي فهو تعبير عن الأنماط الثقافية المنتشرة في المجتمع و التي تشكل هيكله القيمي و معتقداته المحددة لتوجهاته الحضارية و القيمية.
    يتشـكل المجتـمع الصيني من 56 قومية مختلفة، أكبرها قومية "الهان"  التي تمثل 93%
     توجهات السياسة الصينية
فتنعكس توجهات السياسة الصينية من خلال جملة من المبادئ و هي:
   * تهدف السياسة الخارجية الصينية للحفاظ على الأمن و السلم الدوليين، و خلق بيئة أمنية آمنة، و تسعى لتطوير علاقاتها مع كل الدول بناء على خمسة مبادئ:
- الاحترام المتبادل للسيادة و وحدة الأراضي.
- عدم الاعتداء.
- عدم التدخل في الشؤون الداخلية.
- التعايش السلمي.
- المساواة الدولية.
* تقوية التضامن مع الدول النامية، و تقوية علاقات الصداقة و حسن الجوار مع الدول المجاورة المشكلة لحجر الزاوية في سياسة الصين الخارجية.
* تسعى الصين لاستقرار العلاقات الدولية، و وضع نظام عالمي سياسي و اقتصادي جديد.
* تكريس العدالة الدولية، حيث لا تدخر الصين جهدا في الحفاظ على السلم العالمي، وتسوية النزاعات الدولية.
   وقد حددت الوثيقة التي وضعها الرئيس الصيني الأسبق" جيانغ زيمين" المبادئ الرئيسية لسياسة الصين الخارجية في عالم متحول من خلال:
* مراقبة الوضع الدولي بثبات و رزانة.
* التشبث بالموقع الدولي للصين و هو ما يتضح في التركيز على فكرة السيادة و إصرار الصين على تعريف المصالح القومية أنها داخل الحدود.
* هدوء رد الفعل.
* إخفاء القدرات المتوفرة.
* كسب الوقت.
   إذا فمتغيرات البيئة الداخلية الصينية تتحكم إلى حد كبير في صنع القرار في الصين، و الذي يعمل وفقا لجملة من الأهداف الرئيسية:
* الهدف الأول: تدعيم التنمية الاقتصادية و التحديث، فمنذ تبني برنامج الإصلاح الاقتصادي، بدأت الصين في التأكيد على أن التنمية هدف رئيسي للسياسة الخارجية، و حاليا أعطت الصين الأولوية لهدا الهدف و هو ما سيتضح أكثر من خلال الفصل القادم.
* الهدف الثاني: هو النماء العسكري، للمحافظة على السيادة و الاستقلال، و قد جعلت القوة الاقتصادية من الممكن تحديث المؤسسة العسكرية، و تم الإسراع في هذه العملية نتيجة للنزاعات الإقليمية.
* الهدف الثالث: تدعيم وضعها القومي بتحسين علاقاتها الخارجية، حيث حاولت الصين إحداث تقارب مع مختلف الدول، و تجسد ذلك في علاقاتها مع الدول الأوربية و الشرق أوسطية.
* انتهاج سياسة الباب المفتوح، حتى تبرز على أنها لاعب هام في الأسواق العالمية، و هذا ما تجلى في زيادة المبادلات التجارية الصينية، و تدفق الاستثمارات الخارجية.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الترويكا بين المفهوم والمصطلح

  الترويكا بين المفهوم والمصطلح     الترويكا ثالوث الرأي السياسي، والمفهوم     الدال على اجماع الرأي الواحد، وفي وقتنا الحاضر، لم تع...